جلسة انتخاب رئيس البرلمان تنتهي بـ"دم".. مطرقة الرئاسة باقية بيد المندلاوي ولا موعد جديد للحسم
شجار وعراك واشتباك
جلسة انتخاب رئيس البرلمان تنتهي بـ"دم".. مطرقة الرئاسة باقية بيد المندلاوي ولا موعد جديد للحسم
انفوبلس/..
لم تمر الجلسة الثانية لانتخاب رئيس مجلس النواب العراقي، مرور الكرام، فالصِدام والعراك تسيَّدا المشهد الذي أظهر بما لا يقبل الشك أن الأزمة ستبقى مستمرة ما لم تخرج القوى السنية بمرشح توافقي واحد، وإلا فإن ما حدث في الجلسة الأولى وما أعقبه في الجلسة الثانية سيتكرر بالجلسات المقبلة المحددة لهذا الغرض.
ربما دأب المتابع العراقي على مشاهد العراك في مجلس النواب، خاصة في مثل هكذا قضايا حساسة وحاسمة، لكن الأمر الأكثر غرابة في جلسة الأمس هي التطورات التي شهدت صراعاً حتى سيلان الدماء!
*النتائج والتطورات
أسفرت نتائج الجلسة الثانية لانتخاب رئيس جديد لمجلس النواب، عن حصول النائب سالم العيساوي على 158 صوتاً، والنائب محمود المشهداني على 137، والنائب عامر عبد الجبار 3 أصوات، بينما بلغت الأصوات الباطلة 13 صوتاً.
ويحتاج أحد المرشحين إلى الحصول على النصف زائد واحد أي 166 صوتاً من أجل الظفر بدفّة رئاسة البرلمان، وهو ما لم يحققه أي مرشح خلال الجلستين المخصصتين لانتخاب الرئيس.
الشاب الانباري سالم العيساوي وهو مرشح التحالف السني الثلاثي (العزم، الحسم، والسيادة) فجّر صدمة لعناصر كتلة تقدم التي يرأسها محمد الحلبوسي والداعمة بشكل مباشر لمرشح كتلة الصدارة الذي حل ثانياً محمود المشهداني، في وقت كان فيه عناصر "الحزب البرتقالي" يتحدثون بثقة في اللقاءات الإعلامية والتصريحات الصحافية عن فوز مرشحهم المشهداني وبفارق كبير عن جميع المرشحين الآخرين.
دفعت هذه الصدمة عناصر الحلبوسي، إلى افتعال المشكلات (كما حدث وفعلوا في الجلسة الأولى) في محاولة للدفع نحو تأجيل الجلسة الثانية، وهو ما تحقق عندما وصلت الأمور إلى التصادم وسيلان دم داخل قبة البرلمان.
في السياق، كشف مصدر نيابي، عن انقسامات داخل الكتل السياسية في البرلمان، فالبعض منها يدفع نحو استكمال الجلسة وآخرون يدفعون نحو التأجيل.
وبين المصدر، أن "كتلا سياسية بينها العزم وكتل ونواب آخرون يدعمون تولي سالم العيساوي دفة الرئاسة، يدفعون نحو استكمال الجلسة، والبدء مجدداً بانتخاب رئيس جديد للمجلس".
وأشار المصدر، إلى أن "كتلاً أخرى من بينها تقدم والصدارة التي تدعم تولي محمود المشهداني لمنصب رئيس البرلمان يدفعون إلى تأجيل الجلسة إلى إشعار آخر، لحين الاتفاق وحسم منصب الرئيس".
بلغت هذه المطالب ذروتها، فتطور الأمر إلى اندلاع مشادة كلامية وتضارب بالأيدي، بين نواب من تقدم وزملاء من كتل أخرى على خلفية انتخاب رئيس للبرلمان.
*ماذا فعل نواب تقدم؟
وفي سيناريو مستنسخ، رفع مجلس النواب، جلسة انتخاب رئيسه، مساء أمس السبت، إلى إشعار آخر، بعد أن أخفق في عقد جولة ثالثة "حاسمة" لترجيح كفة أحد المرشحين سالم العيساوي، ومحمود المشهداني.
لم يختلف المشهد كثيراً عن جلسة 3 كانون الثاني 2024، المشاهد التي سرّبها النواب عن جلسة اليوم، من مشادات كلامية وتشابك والأيدي، شهدها وخبرها قبل خمسة أشهر، بسيناريو مكرر من قبل نواب حزب تقدم الذي يرأسه محمد الحلبوسي.
وتعليقاً على ما جرى، كتب القيادي في حزب السيادة، مشعان الجبوري، على منصة إكس، "حدث ما حذرنا منه.. فعندما بلغ النصاب 190 نائباً، تأكد تقدم أن الأمر قد قُضي فعملوا حاجزاً بين المقاعد ومنصة الرئاسة".
وأضاف الجبوري، أن "النائب عن تقدم هيبت الحلبوسي اعتدى على رئيس كتلة العزم مثنى السامرائي، ما دفع النائب أحمد الجبوري إلى ضرب هيبت".
وأظهرت صور تداولتها مواقع التواصل الاجتماعي إصابة هيبت الحلبوسي في رأسه وسيلان الدم منه.
وبينما كان النصاب مكتملاً داخل قاعة التصويت على رئيس البرلمان، انبرى عدد من نواب تقدم، ورفضوا المضي بالتصويت ما لم يتم تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب.
هذه المطالب، تسببت بحدوث فوضى داخل المجلس النيابي، تطورت لاحقاً إلى عراك بالأيدي، وسب وشتم بين عدد من نواب تقدم، وآخرين من كتل أخرى، بحسب ما أظهرته مشاهد مسربة من الجلسة.
وبعد قرابة نصف عام على تنحية رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي بتهمة "التزوير"، لم يفلح المجلس النيابي في إسناد المنصب لأي مرشح، حيث أخفق وللمرة الخامسة في حسم الملف، الذي عطّل بدوره تشريع قوانين مهمة.
*تقدم يتهم الحكومة
وما إن رأى حزب الحلبوسي أن الأمور خرجت عن سيطرته، حتى بدأ نوابه يهاجمون رئيس الحكومة محمد شياع السوداني ويتهمونه بالتدخل في عملية انتخاب رئيس البرلمان.
وقال المتحدث باسم تقدم، النائب يحيى المحمدي، في منشور على منصة "أكس"، إن "الدستور نص على مبدأ الفصل بين السلطات؛ والأعراف السياسية تنص على احترام مبدأ الاغلبية، هل هذه (الثوابت) أصبحت غير ملزمة؟".
وأضاف: "نلمس تدخلا واضحا من الحكومة باختيار رئيس مجلس النواب وهذا يسجل خرقا صارخا للدستور ومبادئه".
*ما التعبات القانونية؟
وأكد الباحث بالشأن القانوني علي التميمي أن ذهاب البرلمان إلى جولة ثالثة لا يعتبر مخالفة قانونية ولا يحتاج إلى تعديل النظام الداخلي.
وقال التميمي، إن "المعيار الأساسي في عقد جلسات انتخاب رئيس البرلمان هو أن يحظى أحد المرشحين على 166 صوتا سواء بأي جولة"، لافتاً إلى أنه "سبق وأن حاول البرلمان تفسير المادة 55 من الدستور المتعلقة بانتخاب رئيس مجلس النواب".
وأضاف، أن "المحكمة الاتحادية وضعت عددا من النقاط ضمنها وجوب انتخاب رئيس البرلمان بوقت قصير وعدم إضافة مرشحين جدد"، مشيراً إلى أن "المحكمة الاتحادية اشترطت فوز المرشح بأن يحصل على نصف عدد النواب +1".
وتابع التميمي، أن "الجولة الثالثة لا تعتبر مخالفة قانونية كون أن المحكمة لم تفسر المادة أعلاه في حال عدم نجاح الجلستين"، مستدركاً بالقول: إن "قرارات المحكمة الاتحادية ستكون باتة وملزمة وفق المادة 94 من الدستور في حال تقديم الطعن بجلسة الأمس".
وأكمل: "اقترحنا تعديل المادة 12 من النظام الداخلي لمجلس النواب بأنه اذا لم يحصل أي من المرشحين خلال الجولة الأولى على نصف العدد الكلي من النواب +1 فينتقل البرلمان إلى جولة ثانية بين أعلى الفائزين بالجولة الأولى ومن يحصل على أعلى الأصوات سيكون هو رئيس البرلمان الجديد".
من جهته، اعتبر الخبير القانوني سالم حواس، الإطالة والتأخير في جلسات انتخاب رئيس مجلس النواب "مخالفة للدستور والنظام الداخلي ولقانون استبدال الاعضاء ولقرار المحكمة الاتحادية العليا".
وقال حواس، ان "الدستور العراقي النافذ الحالي لسنة 2005 قد نص في المادة 59 منه على: اولا: يتحقق نصاب انعقاد جلسات مجلس النواب بحضور (الاغلبية المطلقة لعدد أعضائه)، ثانياً: تتخذ القرارات في جلسات مجلس النواب (بالاغلبية البسيطة)، بعد تحقق النصاب، ما لم ينص على خلاف ذلك".
واضاف "اما النظام الداخلي لمجلس النواب رقم 1 لسنة 2022 الذي يتكون من 150 مادة وهي اكثرها من مواد الدستور ذاته ومقتبسة منه فتنص المادة 23 من هذا النظام على انه: يتحقق نصاب انعقاد المجلس بحضور (الاغلبية المطلقة لعدد أعضائه) وتتخذ قراراته (بالاغلبية البسيطة لعدد الاعضاء الحاضرين) ما لم ينص الدستور على غير ذلك، وعند تساوي الاصوات يرجح الجانب الذي صوت معه الرئيس".
وتساءل حواس "من هو الرئيس اذا كان الانتخاب على الرئيس اصلاً؟ هل هو النائب الاول الذي حل محل الرئيس واصبح الرئيس بالإنابة؟ ام الرئيس المؤقت في بداية الدورة الانتخابية؟ ام ان النص يخص بداية الدورة الانتخابية ولا يخص هذا الفراغ او الخلو اللاحق للمنصب؟".
واوضح ان "احكام المادة 24 من النظام الداخلي لمجلس النواب رقم 1 لسنة 2022 تنص على انه "لا يجوز افتتاح الجلسة الا بحصول النصاب القانوني للحضور المنصوص عليه في المادة 23 من هذا النظام، واذا تبين ان النصاب القانوني لم يكتمل اجّل الرئيس افتتاحها لمدة لا تقل عن نصف ساعة، فاذا لم يكتمل ايضاً يعلن الرئيس تأجيل الجلسة ويعين موعداً اخر لانعقادها".
وبين ان "احكام المادة 25 من النظام الداخلي اعلاه تنص على انه: يُعد وجود النصاب لازماً عند التصويت ولا يشترط لصحة استمرار الاجتماع".
ولفت حواس الى "قانون استبدال الاعضاء رقم 6 لسنة 2006 وهو عبارة عن ثلاث مواد فقط قد نص في مادته الاولى على: اولاً: تنتهي العضوية في مجلس النواب لاحد الاسباب الاتية:-وذكرت هذه المادة اربعة بنود، في حين نصت احكام المادة الثانية منه على: اذا شغر احد مقاعد مجلس النواب لاحد الاسباب المذكورة في المادة الاولى وذكرت اربع حالات ايضاً".
واكم بالقول: "احكام المادة 2 من قانون استبدال الاعضاء نصت على: اذا شُغر احد مقاعد مجلس النواب لاحد الاسباب المذكورة في المادة الاولى، فيتم استبداله بمرشح من (نفس القائمة) التي شغر المقعد المخصص لها في مجلس النواب وحسب الترتيب المبين في المادة أعلاه".
واشار حواس الى ان "احكام المادة 12 البند ثالثاً / من النظام الداخلي لمجلس النواب رقم 1 لسنة 2022 نصت على: اذا خلا منصب رئيس المجلس او اي من نائبيه لأي سبب كان ينتخب المجلس بالأغلبية المطلقة خلفاً له في (اول جلسة) يعقدها لسد الشاغر وفقاً لضوابط التوازنات السياسية بين الكتل. وقد مرت للأسف الشديد عدة جلسات ومنها جلسة اليوم وقد فشلت فشلاً ذريعاً".