رسالة السيد السيستاني كانت سبباً في ذلك.. قرار أممي يتبنى مكافحة الكراهية الدينية بعد جريمة موميكا
انفوبلس/..
على خلفية قيام لاجئ عراقي في السويد، يدعى "سلوان موميكا"، بحرق صفحات من المصحف أمام أكبر مسجد في ستوكهولم وخلال يوم عيد الأضحى المبارك، وبعد رسالة من المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني، تبنى مجلس حقوق الإنسان التابع لمنظمة الأمم المتحدة مشروع قرار "التصدي للكراهيَّة الدينيَّة التي تشكل تحريضًا على التمييز أو العداء أو العنف".
*موافقة بعد جدال
ووافق مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، يوم الأربعاء الماضي، على قرار يدعو الدول إلى محاربة الكراهية الدينية، بعد جدال كبير شهدته المناقشات بشأن مشروع القرار.
واعتمدت الهيئة الدولية مشروع القرار الذي يحمل عنوان: "مكافحة الكراهية الدينية التي تشكل تحريضا على التمييز أو العداء أو العنف".
وصوتت 28 دولة لصالح القرار، فيما عارضته 12، وامتنعت 7 دول عن التصويت، وفقا لحساب المجلس على تويتر.
وعارضت الولايات المتحدة، ودول أخرى، القرار معتبرين بأنه يتعارض مع رؤيتهما لحقوق الإنسان وحرية التعبير.
وجاء في نص القرار المنشور على الموقع الرسمي للمنظمة الدولية أن "المجلس يرفض بشدة أي دعوة أو إظهار للكراهية الدينية، بما في ذلك أعمال التدنيس العلنية والمتعمدة الأخيرة للقرآن".
ويؤكد القرار على "الحاجة إلى محاسبة المسؤولين بطريقة تتفق مع التزامات الدول بالقانون الدولي لحقوق الإنسان، ويدعو الدول إلى اعتماد قوانين وسياسات وطنية وأطر إنفاذ القانون التي تعالج وتمنع وتقاضي الأفعال والدعوات إلى الكراهية الدينية التي تشكل تحريضا على التمييز أو العداء أو العنف، واتخاذ خطوات فورية لضمان المساءلة".
ويحث المجلس "مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان وجميع الإجراءات الخاصة ذات الصلة التابعة لمجلس حقوق الإنسان، والهيئات المنشأة بموجب معاهدات في إطار ولايات كل منها، على التحدث علناً ضد الدعوة إلى الكراهية الدينية وصياغة توصيات بشأن معالجة هذه الظاهرة".
وطلب المجلس من المفوض السامي أن يقدم في دورته الـ54 "تحديثا شفويا عن الدوافع المختلفة والأسباب الجذرية وتأثيرات الكراهية الدينية التي تشكل تحريضا على التمييز أو العداء أو العنف، مع تسليط الضوء على الثغرات الموجودة في القانونين الوطنية".
وناقس المجلس هذه القضية ضمن فعاليات الدورة الـ53 العادية لمجلس حقوق الإنسان. وخصصت الجلسة النقاش بشأن "الزيادة المقلقة في أعمال الكراهية الدينية العلنية والمتعمدة والتي تجلت في التدنيس المتكرر للمصحف في بعض الدول الأوروبية ودول أخرى".
*توترات بالغة
وقال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، في الجلسة إن "الإساءة لمظاهر معتقداتنا العميقة وتدميرها، يمكن أن يفضي إلى الاستقطاب في المجتمعات ويسبب توترات بالغة".
واعتبر أن "الخطاب والأعمال الاستفزازية ضد المسلمين وكراهية الإسلام ومعاداة السامية والأعمال والخطاب الذي يستهدف المسيحيين أو الأقليات مثل الأحمديين والبهائيين والأيزيديين، هي مظاهر تجسد عدم الاحترام القاطع".
*دول معترضة
وقالت السفيرة الأميركية ميشيل تايلور: "نأسف لاضطرارنا للتصويت ضد هذا النص غير المتوازن، لكنه يتعارض مع مواقف اتخذناها منذ فترة طويلة بشأن حرية التعبير".
أما نظيرها الفرنسي جيروم بونافون، فقد أشار إلى أن حقوق الإنسان تحمي "الأشخاص وليس الأديان أو المذاهب أو المعتقدات أو رموزها".
وتحدث السفير البلجيكي، مارك بيكستين دو بويتسويرف، باسم الكتلة الأوروبية معتبرا أن "مسألة تحديد الخط الفاصل بين حرية التعبير والتحريض على الكراهية معقدة".
*ترحيب عراقي
ويوم أمس الجمعة، رحبت وزارة الخارجيَّة العراقية، باعتماد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مشروع قرار "التصدي للكراهيَّة الدينيَّة التي تشكل تحريضًا على التمييز أو العداء أو العنف".
وقالت الوزارة في بيان، إن "مشروعَ القرار جاء بعد مطالبة العراق بعدم تكرار ظاهرة حرق وتدنيس القرآن الكريم، وكان لرسالة المرجع الديني الأعلى سماحة السيِّد علي السيستانيّ، التي وجهها إلى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش دورًا مهمًا وإيجابيًا في محاربةِ هذا الفكرِ المُتطرِّف الذي يؤدّي للإساءة للمقدسات ورموزها وحرق الكتب السماويَّة ومنها القرآن الكريم، ودعوة نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجيَّة فؤاد حسين، لعقد جلسة طارئة لمنظمة التعاون الإسلاميّ لبحث أهم الإجراءات بشأن الاساءة التي وِجِهَت للمُصحَف الشريف، وأعتمد مجلس حقوق الإنسان القرار المذكور استجابةً لطلب مجموعة منظمة التعاون الإسلاميّ، لبحث موضوع التدنيس المتكرر للقرآن الكريم في بعض الدول الأوروبيَّة".
وأشارت إلى أنَّ "الحكومة العراقيَّة أعربت عن إدانتها واستنكارها الشديدين، لتكرار ظاهرة حرق وتدنيس القرآن الكريم، وأكَّدت على أنَّ هذه الأعمال تتنافى مع قيم التسامح وقبول الآخر والتعايش السلميّ والقيَم الديمقراطيَّة، وتمثل تحريضاً على الكراهيَّة والعنصريَّة، وتعيق الجُهُود الدوليَّة الراميَّة لنشر قيم التسامح والاعتدال ونبذ التطرف والإرهاب، وتقوّض الاحترام المتبادل بين الشعوب والدول".
وأكدت "دعوة العراق لمجلس حقوق الإنسان في الجلسة التي عقدت في جنيف، إلى تحمل مسؤولياته القانونيَّة والأخلاقيَّة من خلال وضع الأطر القانونيَّة لتجريم هذه الأفعال ومعاقبة مرتكبيها بغض النظر عن مكان حدوثها أو هويَّة مرتكبيها".
*رسالة السيد السيستاني
وكان المرجع الديني الأعلى السيد علي السيستاني، قد بعث في 29 حزيران الماضي، رسالة الى الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بشأن الاعتداء على نسخة من القرآن الكريم بترخيص من الشرطة السويدية.
وجاء في رسالة السيد السيستاني، ما نصه: "سعادة السيد انطونيو غوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة المحترم، تحية طيبة مع الاحترام والتقدير.. وبعد: فقد تناقلت وسائل الإعلام أن أحدهم قام في مملكة السويد بالاعتداء على نسخة من القرآن الكريم وحرق بعض أوراقها، بهدف الإساءة الى الدين الإسلامي الحنيف".
وأضاف: "وقد وقع نظير هذا التصرف المشين أكثر من مرة في بلدان مختلفة خلال السنوات الأخيرة، إلا أنّ الملاحظ أنه وقع هذه المرة بترخيص رسمي من الشرطة السويدية، بزعم أنه من مقتضيات احترام حرية التعبير عن الرأي!، ولكن من المؤكّد أن احترام حرية التعبير عن الرأي لا يبرّر أبداً الترخيص في مثل هذا التصرف المخزي الذي يمثّل اعتداءً صارخاً على مقدسات أكثر من ملياري مسلم في العالم، ويؤدي الى خلق بيئة مواتية لانتشار الأفكار المتطرفة والممارسات الخاطئة".
وأتم: "إن المرجعية الدينية العليا إذ تبدي إدانتها واستنكارها لما وقع تطالب الأمم المتحدة باتخاذ خطوات فاعلة بمنع تكرار أمثاله ودفع الدول الى إعادة النظر في التشريعات التي تسمح بوقوعها، وتدعو الى تثبيت قيم التعايش السلمي بين أتباع مختلف الأديان والمناهج الفكرية مبنياً على رعاية الحقوق والاحترام المتبادل بين الجميع".
*ترحيب واسع
وشهد اعتماد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مشروع قرار "مكافحة الكراهية الدينية التي تشكل تحريضاً على التمييز أو العداء أو العنف" ترحيباً عربياً وإسلامياً واسعاً عدّ القرار علامة فارقة ومهمة نحو تعزيز الجهود الجماعية لكبح هذه المظاهر.
من جانبها، وصفت منظمة التعاون الإسلامي اعتماد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة مشروع قرار "مكافحة الكراهية الدينية التي تشكل تحريضاً على التمييز أو العداء أو العنف" بالعلامة الفارقة والمهمة نحو تعزيز الجهود الجماعية، والعزم على رفض تدنيس نسخ من الكتب المقدسة والتعصب الديني.
وأشادت المنظمة بالقرار وشددت على إيمانها القوي بأنّ تبني المجلس هذا القرار التاريخي سيفتح عهداً جديداً في الحوار والجهود الجماعية الهادفة إلى كبح مظاهر الكراهية الدينية والتحريض على العنف.
كما رحبت جامعة الدول العربية بالقرار الصادر عن الدورة "53" لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وأشار أحمد أبو الغيط، الأمين العام للجامعة، إلى أن القرار يُعيد تأكيد المسؤولية التي تقع على جميع الأطراف في التنديد علناً بالدعوة إلى الكراهية الدينية، بما في ذلك تدنيس الكتب المقدسة وبحث سبل مقاضاة مرتكبيها.
ووجه أبو الغيط في بيان له، دعوة إلى جميع الدول لتتبنى القرار والعمل على مواجهة تصاعد موجات الكراهية بين الشعوب وأتباع الديانات المختلفة، من خلال مراجعة بعض قوانينها وسياساتها التي لا تتصدى للكراهية الدينية بالحزم الواجب، والعمل على مقاضاة مرتكبي جرائم الكراهية والتحريض واتخاذ خطوات فورية لسد الثغرات القانونية في هذا الخصوص.
*ليست المرة الأولى!
يأتي هذا بعد أنّ مزّق سويدي من أصول عراقية، يُدعى سلوان موميكا (37 عاماً)، الشهر الماضي، نسخة من المصحف، وأضرم النار فيها عند مسجد استوكهولم المركزي، بعد أن منحته الشرطة تصريحاً بتنظيم الاحتجاج إثر قرار قضائي.
وأثارت هذه الحادثة موجة كبيرة من ردود الفعل العربي والإسلامية والعالمية، الرافضة السماح الشرطة السويدية بتنظيم هذه التظاهرة.
وهذه ليست الواقعة الأولى في السويد، ففي 21 يناير/ كانون الثاني الماضي، أحرق زعيم حزب "الخط المتشدد" الدنماركي اليميني المتطرف راسموس بالودان نسخة من المصحف قرب السفارة التركية في استوكهولم وسط حماية من الشرطة، ما أثار احتجاجات عربية وإسلامية، بموازاة دعوات إلى مقاطعة المنتجات السويدية.