قرار 13303 يضمن لواشنطن الهيمنة على نفط العراق.. هل بقاء أموال بغداد في الفيدرالي الأمريكي يخالف قرار مجلس الأمن؟
بايدن جدده قبل عام
قرار 13303 يضمن لواشنطن الهيمنة على نفط العراق.. هل بقاء أموال بغداد في الفيدرالي الأمريكي يخالف قرار مجلس الأمن؟
انفوبلس/..
20 عاماً مضت وما يزال العراق خاضعا للوصايا الأمريكية، فالولايات المتحدة تبسط كامل سيطرتها على مقدرات الشعب العراقي فهي تهيمن على واردات النفط العراقية في وقت يعتبر "الذهب الأسود" الممول الأول لموازنة بلاد الرافدين، بل إنها تُبقي أموال العراق في بنكها الفيدرالي، كل ذلك سببه القرار المعروف بـ"الأمر التنفيذي رقم 13303".
وبعد غزو العراق واحتلاله من قبل الولايات المتحدة، في عام 2003، أصدر الرئيس الأميركي الأسبق جورج دبليو بوش الأمر التنفيذي 13303، الخاص بإعلان حالة الطوارئ الوطنية من أجل حماية الأمن القومي الأميركي، بالاستناد إلى قانون أميركي تمّ تشريعه في عام 1977، والمتمثّل بقانون سلطات الطوارئ الاقتصادية والدولية الذي يخوّل الرئيس الأميركي تنظيم التجارة الدولية بعد إعلان حالة الطوارئ.
*تجديد
في 16 أيار من العام الماضي، وقع الرئيس الأميركي، جو بايدن، مرسوما يمدد من خلاله حالة الطوارئ الوطنية، المتعلقة بالأوضاع في العراق.
وقال بيان لبايدن نشره موقع البيت الأبيض،"لا تزال هناك عقبات تعترض إعادة الإعمار المنظم للعراق، واستعادة السلام والأمن في البلاد والحفاظ عليهما، وتطوير المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية في العراق".
وأضاف، إن هذه العقبات "تشكل تهديدا غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للعراق والولايات المتحدة الأمريكية أيضا. لذلك، قررت أنه من الضروري استمرار حالة الطوارئ الوطنية المعلنة بموجب الأمر التنفيذي 13303 فيما يخص استقرار العراق".
جاء ذلك بعد أن قالت السفيرة الأمريكية في بغداد ألينا رومانوسكي، إن العراقيين لا يريدون دولة تسيطر عليها "ميليشيات" وأن الولايات المتحدة "لن ترحل عن المنطقة"، كما أشارت إلى أن" العراق يمثل أهمية استراتيجية كبيرة لدى واشنطن".
*مخالفة لقرار مجلس الأمن
وبخلاف ما يتم ترويجه من قبل بعض السياسيين ووسائل الإعلام في العراق، لا يوجد قرار من مجلس الأمن الدولي يلزم العراق بوضع إيراداته من صادرات النفط في “صندوق تنمية العراق” في البنك الفدرالي الأمريكي، كما تم القيام به منذ عام 2003. هذا الفعل يمثل مخالفة لقرار مجلس الأمن رقم 1956 الصادر في عام 2010، الذي يفرض إغلاق “صندوق تنمية العراق” وتحويل الودائع الموجودة فيه إلى البنك المركزي العراقي.
قرار وضع إيرادات صادرات العراق من النفط في حساب بنك الاحتياط الفدرالي جاء بواسطة الحاكم الأمريكي للعراق بول بريمر بعد الغزو في عام 2003، وتم تدعيمه بمرسوم رئاسي من الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش في نفس العام. ويعتبر هذا القرار قرارًا أمريكيًا فقط، وليس له علاقة بالقرارات الدولية، ولا يتعلق بالبند السابع الذي يتم استخدامه كوسيلة لتخويف الشعب العراقي من عواقب عدم الامتثال لرغبات الولايات المتحدة كقوة محتلة.
وخرج العراق من أسر البند السابع عام 2013 قبل إكمال دفع التعويضات للكويت، ما يعني أن إكمال دفع التعويضات لم يعد مرتبطا بالبند السابع منذ إصدار قرار مجلس الأمن رقم 2107 الذي قد أخرج العراق من البند السابع في 27 حزيران 2013، أي قبل تسع سنين من إكمال دفع التعويضات للكويت.
وقد خرج العراق من البند بسبب تعاونه التام في كل الملفات المتعلقة وتم إلغاء كل المقررات في القرارات السابقة وأهمها 661 و 687 و 692 وكلها كانت تندرج تحت البند السابع.
وصدر القرار 2621 في 22 شباط / فبراير عام 2022 من مجلس الأمن الذي أكد فيه إكمال العراق لدفع جميع التعويضات للكويت وبقية المتضررين من غزو العراق للكويت، وتقرر إغلاق لجنة التعويضات وصندوق التعويضات.
*السيطرة الأمريكية على واردات النفط العراقية
وبعد أن أصبحت قضية الغزو الامريكي البريطاني غير الشرعي للعراق والمخالف لميثاق الأمم المتحدة الخاص بحماية سيادة واستقلال الأمم (المادة الثانية الفقرة الرابعة من ميثاق الأمم المتحدة) أمرا واقعا وبعد انهيار نظام صدام كان على مجلس الأمن القبول بالوضعية الجديدة والتأسيس لمرحلة ما بعد الغزو، لأن الولايات المتحدة وبريطانيا أصبحتا مسؤولتَين عن الوضع في العراق باعتبارهما قوة احتلال.
صدر قرار 1483 عن مجلس الأمن الدولي في 22 أيار/ مايو، 2003 بعد أن أصبح احتلال العراق أمرا واقعا، ولأن الولايات المتحدة وبريطانيا أصبحتا مسؤولتَين عن الوضع في العراق باعتبارهما قوة احتلال.
القرار ثبت مسؤولية دول الاحتلال تحت “سلطة الائتلاف” عن جميع نواحي الحياة في العراق باعتبارها سلطة احتلال مسؤولة عن إدارة شؤون العراق البلد المحتل. هذا يعني أنها أيضا مخولة بالتصرف بموارد العراق ومن ضمنها استلام إيرادات النفط جميعها فيه.
الفقرات (12 و 13 و 14) التي أسست “لصندوق تنمية العراق” لم تذكر الاحتياطي الفدرالي الأمريكي ولا أين يكون مقره ورقم حسابه، بل يؤكد أنه يوضع في عهدة البنك المركزي للعراق. لكن موارده يتم التصرف بها من قبل سلطة الائتلاف الحاكمة بالتشاور مع الإدارة العراقية المؤقتة".
ونص المادة 12 من القرار 1483 يشير إلـى إنشاء صندوق تنمية للعـراق، يوضـع في عهــدة المصـرف المركـزي للعراق، ويقوم بمراجعة حساباته محاسبون عموميون مستقلون يقرهم المجلس الـدولي للمشـورة والمراقبة لصندوق التنمية للعـراق.
*الرئيس الأمريكي يستولي على صندوق تنمية العراق مباشرة
في ذات اليوم الذي تم فيه إصدار قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1483، أي في يوم 22 أيار/ مايو 2003، وقع الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش على المرسوم الرئاسي أو الأمر التنفيذي رقم 13303 وهو بعنوان “حماية صندوق تنمية العراق وممتلكات أخرى للعراق مصلحة فيها” وعلى هذا أصبح الرئيس الأمريكي وصياً بشكل رسمي على صندوق تنمية العراق وأموال صادرات النفط.
سلطة الائتلاف المؤقتة بقيادة بول بريمر التي اقترحت تأسيس الصندوق على الأمم المتحدة هي التي قررت وضع رقم حساب صندوق تنمية العراق في الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وليست الأمم المتحدة.
لم تقُم أي من الحكومات العراقية المتعاقبة بالمطالبة بتغيير مقر صندوق تنمية العراق الى البنك المركزي العراقي في بغداد.
لكن في يوم 15 كانون الأول/ ديسمبر 2010 أصدر مجلس الأمن الدولي بالإجماع (أي بموافقة الولايات المتحدة أيضا) القرار رقم 1956، وذلك بعد الرسالة التي وجهها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى مجلس الأمن “التي أكد فيها التزام الحكومة العراقية بعدم طلب مزيد من التمديدات لترتيبات صندوق تنمية العراق، وأن عائدات النفط ستُستخدم بشكل عادل. وأشار إلى الدور الهام لصندوق التنمية والمجلس الدولي للمشورة والمراقبة".
وينص القرار على أن الصندوق سوف يتم إلغاؤه وإنهاء إشراف الأمم المتحدة عليه في مدة أقصاها 30 حزيران/ يونيو 2011. نص قرار مجلس الأمن 1956: المادة الخامسة، أشار الى نقـــل جميـــع العائـــدات مـــن صـــندوق تنميـــة العـــراق إلى حـــساب أو حسابات الترتيبـات الخلـف الـتي تنـشئها حكومـة العـراق وإقفـال صـندوق تنميـة العـراق في موعـد لا يتجـاوز ٣٠ حزيـران/ يونيـو ٢٠١١، ويطلـب موافـاة المجلس بإثبـات خطـي بمجـرد الانتهاء من نقل العائدات وإقفال الصندوق.
ويعني ذلك إلغاء القرار رقم 1483 الصادر في عام 2003.
ومنذ تلك اللحظة، أصبحت الأمم المتحدة غير مشرفة على الصندوق ولا تستطيع التدقيق في أموره، وأصبح فقط تحت السيطرة الكاملة للولايات المتحدة. فهل كان ذلك هدف رئيس الوزراء العراقي من طلبه من مجلس الأمن أن لا يتم التجديد للصندوق؟
وعلى هذا تكون الإدارة الأمريكية وأيضا حكومة العراق مخالفتان لقرار الأمم المتحدة 1956 الصادر في عام 2010، مما يعني أنه يمكن من ناحية تقديم شكوى ضد الحكومة العراقية من قبل مواطنين أو أعضاء برلمان عراقيين حول ذلك، وأيضا تقديم شكوى ضد حكومة الولايات المتحدة لاستيلائها على صندوق تنمية العراق وواردات صادرات العراق من النفط خلافا لقرارات الأمم المتحدة.