مع قرب إغلاق مخيمات النازحين.. بارزاني يخسر أصوات الإيزيديين والأقليات في الموصل وأربيل ودهوك.. هل ينهار "القچقچي" بمواجهة القرارات الملزمة؟
انفوبلس/..
يشهد إقليم كردستان العراق تصاعدًا في التوتر بين الحزبين الرئيسيين من جهة، بين حكومة الإقليم والحكومة المركزية في بغداد من جهة أخرى، حيث تصاعد التوتر بين الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود بارزاني والاتحاد الوطني الكردستاني بقيادة بافل طالباني، حول ملفين رئيسيين وهما الانتخابات وملف رواتب الموظفين.
ويُعدّ ملف الانتخابات من أبرز الملفات التي تُثير الخلاف بين الحزبين. ففي نوفمبر 2023، ألغت المحكمة الاتحادية العليا في العراق 11 مقعدًا مخصصًا للمكونات (المسيحيين والتركمان والأرمن) من قانون انتخابات برلمان إقليم كردستان. ورفض الحزب الديمقراطي الكردستاني القرار، مُطالبًا بتعديله، مع مقاطعة الانتخابات في حال عدم تلبية مطالبه. بينما أيد الاتحاد الوطني الكردستاني القرار، معتبراً إياه خطوة نحو انتخابات أكثر عدلاً.
ويُشكل ملف رواتب موظفي الإقليم ملفًا آخر يُثير الخلاف بين الحزبين. ففي ظلّ الخلاف حول حصّة الإقليم من موازنة الدولة العراقية، وآليات إحصاء موظفي الإقليم، يتهم الحزب الديمقراطي الكردستاني الحكومة الاتحادية بـ “التقاعس” عن دفع رواتب موظفي الإقليم. بينما تتهم الحكومة الاتحادية حكومة الإقليم بـ “المبالغة” في عدد موظفيها.
وسارع الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة بارزاني، بصعيد خلافه مع بغداد، معلناً مقاطعة الانتخابات المحلية في إقليم كردستان، المقرر إجراؤها في حزيران المقبل، وملوّحاً بالانسحاب من مجمل العملية السياسية.
وأعلن الحزب قراره المفاجئ بعد القرارات الأخيرة التي اعتبرها “قرارات غير دستورية ضد الإقليم" على حد وصفه، منها القرار الأخير للمحكمة الاتحادية، الذي قضى بإلغاء "كوتا" الأقليات الدينية والقومية في كردستان.
استغلال النازحين انتخابيا
وفي الوقت الذي تعمل فيه الحكومة المركزية في بغداد على غلق المخيمات التي تؤوي عشرات الآلاف من نازحي حقبة هجوم داعش الإرهابي، والتحديات الجمّة التي تواجهها من تردد ورفض النازحين إلى العودة لمناطقهم الأصلية، كشفت مصادر مطلعة، عن تصاعد الخلاف بين بغداد وأربيل بسبب تمسك الحزب الديمقراطي الكردستاني بملف النازحين، والسعي للإبقاء عليهم في الخيام لأسباب سياسية ومادية، وهو ما ترفضه بغداد التي تعتزم إغلاق جميع المخيمات في 30 تموز المقبل.
إذ قالت المصادر، إن "الجهات السياسية في كردستان لا تريد إنهاء ملف النازحين، حيث تسعى إلى إبقائه لإشعار آخر لكونها مستفيدة من بقاء التغذية والأمور اللوجستية الأخرى، من المعونات الدولية، بالإضافة إلى استغلاله سياسيا كصوت انتخابي".
ويتعامل حزب مسعود بارزاني، مع النازحين كأصوات انتخابية، وليس كمواطنين لديهم الحق في أن يعودوا الى منازلهم لبدء حياة تحقق لهم آفاقا مستقبلية تتجاوز محنة وتداعيات أحداث حزيران 2014، في الوقت الذي تسعى الحكومة المركزية في بغداد، لإغلاق المخيمات وهو ما صعَّد الخلاف بين المركز والإقليم مؤخرا.
الهجرة تحدد موعد إغلاق المخيمات
وحددت وزارة الهجرة والمهجرين، الـ 30 من شهر تموز المقبل، موعداً لإغلاق مخيمات النزوح، بحسب توجيهات رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، فيما أكدت وزارة الهجرة والمهجرين، الأحد الماضي، أن منحة الـ 4 ملايين دينار ستشمل جميع العائدين من المخيمات.
إذ قال المتحدث باسم الوزارة، علي عباس، إن "الدعم سيتوقف عن مخيمات النازحين بعد تاريخ 30 تموز، حيث سيكون التوجه إلى العوائل العائدة، كما ستتوقف المنحة بعد هذا التاريخ"، عاداً ذلك "فرصة للعوائل النازحة لتسلم المنحة والعودة إلى مناطقهم أو الاستقرار خارج المخيمات".
وأضاف، إن "منحة الـ4 ملايين دينار ستشمل كل العائدين حديثاً من المخيمات، ولكل المناطق، حيث سيتم التوزيع في محافظة نينوى، وكذلك العائدين من مخيمات السليمانية إلى صلاح الدين”، مؤكداً أن "المنحة ستشمل جميع العوائل العائدة".
وأعلنت وزارة الهجرة والمهجرين، الجمعة الماضية، المباشرة بتوزيع 4 ملايين دينار لكل أسرة عائدة حديثاً إلى قضاء سنجار.
وأعلنت وزيرة الهجرة والمهجرين العراقية إيڨان فائق جابرو، أمس الأول الثلاثاء، إغلاق مخيم (تازه دي) في محافظة السليمانية، بعد إعادة آخر وجبة من النازحين إلى مناطقهم الأصلية في محافظتي ديالى وصلاح الدين.
وأوضحت الوزيرة، في بيان أن جميع الأسر العائدة قد تسلمت مبالغ المنحة المالية البالغة أربعة ملايين دينار بشكل مباشر، بالإضافة إلى شمولها بالمساعدات الإغاثية.
إلغاء مقاعد الكوتا
وتواجه حكومة الإقليم، قرارات قضائية "ملزمة" على مسار الانتخابات البرلمانية الكردية المنتظرة، عقب إعلان قوى الأقليات المقاطعة وانسحاب قاضٍ كردي من عضوية المحكمة الاتحادية، فيما حذر مراقبون وسياسيون من انحدار الأزمة نحو إرغام الحزب "الديمقراطي" الحاكم على الذهاب إلى تأجيل رابع للانتخابات.
وتخيم على الإقليم تطورات متسارعة، حيث أعلن العضو الكردي في المحكمة الاتحادية العليا عبد الرحمن زيباري، الانسحاب من المحكمة احتجاجاً على حزم قرارات "غير قابلة للطعن" كانت أصدرتها المحكمة في الـ21 شباط الماضي، نصَّت على إلغاء المقاعد المخصصة للأقليات في الإقليم والبالغة 11 مقعداً وفق نظام "الكوتا"، وتوطين مرتبات الموظفين الأكراد في المصارف الاتحادية، فضلاً عن التأكيد على إلزام حكومة أربيل تسليم الإيرادات النفطية وغيرها إلى نظيرتها الاتحادية.
وكانت المحكمة الاتحادية، قد أصدرت في شباط الماضي، قرارات بشأن قانون الانتخابات البرلمانية في كردستان، تضمنت إلغاء "الكوتا"، وحلول المفوضية العليا للانتخابات الاتحادية بدلاً من سلطات الانتخابات في الإقليم، بالإضافة إلى تقسيم الإقليم انتخابياً إلى أربع دوائر، بدلاً من الدائرة الواحدة. غير أن تلك القرارات قوبلت برفض زعيم الحزب الديموقراطي مسعود بارزاني، الذي اعتبر ذلك "ضرباً للشراكة والتعايش الوطني" في حين جاء قرار مقاطعة الانتخابات كرد فعل على خسارة الحزب 11 مقعداً من مقاعد "الكوتا"، وأيضاً قرابة نصف مليون صوت انتخابي من النازحين والعرب، كان يستخدمها للتزوير والحصول عليها بطريقة غير شرعية في المناطق المختلطة وسهل نينوى وخانقين.
بارزاني في مواجهة قرارات ملزمة
الحزب "الديمقراطي" الحاكم في الإقليم بزعامة مسعود بارزاني، بات يجد نفسه منفرداً في مواجهة القرارات الأخيرة التي صدر بعضها بناءً على شكاوى وطعون تقدم بها شريكه الرئيسي في الحكم "الاتحاد الوطني" بزعامة بافل طالباني، وفسرت خطوة "الديمقراطي" على أنها محاولة لتعطيل مسار الانتخابات والتنصل من تنفيذ قرارات المحكمة التي يرى أنها "مخطط سياسي" يستهدف حصراً نفوذه في الإقليم لأن مقاعد الأقليات كانت ضمن نطاقه.
ورافق هذا التوتر إعلان وزارة المالية الاتحادية إرسال مرتبات موظفي الإقليم لشهر شباط وفق آلية "قوائم الأسماء"، لكنها رهنت استمرار التمويل لشهر آذار المقبل بتوطين المرتبات في البنوك الاتحادية.
ويرى مراقبون للشأن السياسي، أن "انسحاب القاضي الكردي، مؤشر على سعي حزب بارزاني إلى التهرب من الإقرار بقرارات المحكمة في ملفين ملحين وهما المرتبات والانتخابات، وهذا يضع الإقليم في نفق مظلم، لأن انسحاب القاضي لن يغير شيئاً في قرار المحكمة".
وتساءل المراقبون، عن "الخطوة التالية لحزب بارزاني، وما الذي سيفعله في شأن مستحقات الموظفين ما دام أنه لا يريد أن تُرسل المرتبات مباشرة إلى الموظف"، محذرين من أن "التهرب من إجراء الانتخابات سيلحق مزيداً من الضرر بالحكم في الإقليم".
سرقة أصوات المسيح
ومن الجدير بالذكر، أن الامين العام للحركة الديمقراطية الآشورية، ورئيس تحالف الرافدين، يونادم يوسف كنا، قد أكد في وقت سابق رفضه لآلية انتخاب ممثلي المكونات (الكوتا) في إقليم كردستان.
وقال يونادم يوسف كنا، إن "شعبنا لا ينتخب ممثليه بكل شفافية، في إقليم كردستان، والإخوة في أربيل يأخذون حصصنا من الكوتا ويرشحون الاشخاص القريبين منهم لعضوية برلمان كردستان، وهذه مشكلة وأمر مرفوض من قبلنا".
وتابع: يجب أن يقوم أبناء شعبنا المسيحي بانتخاب ممثليهم الحقيقيين، وليس الذين ترشحهم الاحزاب، المسيحيين في آكري لا يستطيعون التصويت لمرشح مسيحي في دهوك، وأبناء دهوك لا يحق لهم التصويت لمرشح آخر من زاخو، لماذا يقوم مقترع بالتصويت لمرشح لا يعرفه لكي يصبح ممثلاً للكلدوآشوريين؟، هذا إجحاف كبير".