ملفات بذمة الحلبوسي سيُعاد فتحها بقوة.. أراضي الوفاء واللواء الثامن وفساد مؤسسة الشهداء بالأنبار.. هل يشهد ناصر الغنام ضد رئيس تقدُّم؟
انفوبلس..
فور صدور قرار المحكمة الاتحادية بإنهاء عضوية رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي بفضيحة التزوير، صرّح الفريق الركن ناصر الغنام بأن الوقت قد حان لفتح ملفات فساد عملاقة كانت تتم بواسطة الحلبوسي وأعوانه.
الغنام قال: حان الوقت، وبعد قرار المحكمة الاتحادية بفتح ملف أراضي اللواء الثامن ومؤسسة الشهداء في محافظة الأنبار والوقوف على حقيقة المعلومات القيّمة التي ذُكرت في تقرير لجنتين لإنصاف عوائل الشهداء وإحقاق الحق ومحاسبة من سرق المليارات من أموال العراق.
أراضي ناحية الوفاء
في شهر أيار/مايو الماضي، اكتُشف موظف خدمة، يعمل بصفة "جايجي" في دائرة بلدية ناحية الوفاء غربي مدينة الرمادي، أنه يتملك نحو 160 قطعة أرض سكنية في ناحية الوفاء بمحافظة الانبار، تمت بطريقة غير قانونية خلال عمليات استحواذ على الأراضي من قبل متنفّذين في الحكومة المحلية للمحافظة.
مصدر أمني في محافظة الأنبار، أفاد حينها باعتقال موظف خدمة في دائرة بلدية الوفاء بعد امتلاكه نحو 160 قطعة أرض مسجَّلة باسمه في الناحية.
وقال المصدر، إن " قوة أمنية اعتقلت عاملا يعمل بصفة "جايجي" في دائرة بلدية ناحية الوفاء غربي مدينة الرمادي، على خلفية معلومات توفرت لدى الجهات المعنية تفيد بأن المستهدف يملك نحو 160 قطعة أرض سكنية في ناحية الوفاء".
وأضاف المصدر، إن "عملية اعتقال المستهدَف جاءت بعد قيام قوة أمنية قادمة من بغداد باعتقال مدير دائرة بلدية الوفاء على خلفية توزيع أراضٍ تعود للدولة بطريقة غير قانونية فضلا على عمليات استحواذ على الأراضي من قبل متنفذين في الحكومة المحلية".
وأشار إلى أن "الجايجي فوجئ بامتلاكه مئات من قطع الأراضي باسمه ويبدوا أن العملية قام بها أحد موظفي الدائرة المعنية وتسجيلها باسم المستهدف خشية ملاحقته قانونياً".
ولفت إلى، أن "لجنة النزاهة الاتحادية تحقق بموضوع ملف أراضي ناحية الوفاء" المثيرة للجدل "حيث تفيد معلومات بأن آلاف قطع الأراضي تم الاستحواذ عليها من الحزب الحاكم في الانبار بطريقة غير قانونية"، مبينا أن "رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي وعائلته أبرز المتورطين في القضية".
وكانت قوة أمنية قادمة من بغداد اعتقلت عدد من موظفي دوائر البلدية والضريبة والتسجيل العقاري على خلفية وجود عمليات تلاعب في آلية توزيع قطع أراض تعود للدولة، وتفيد مصادر مطلعة، أن رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي وعائلته أبرز المتورطين في القضية.
في 04 نيسان/أبريل 2023، حيث أعلنت هيئة النزاهة الاتحادية، تنفيذها عملية "كبرى واستثنائية" بمديرية التسجيل العقاري في محافظة الأنبار أسفرت عن القبض على مديرها و5 مسؤولين فيها بتهمة التلاعب والتزوير في أضابير تمليك عشرات الآلاف من الأراضي، مشيرة الى التحرُّز على ما يقارب سبعين ألف إضبارة عقار تمّ تمليكها بصورةٍ مخالفة للقانون، وضبط أربعمائة هـوية مزوّرة تعـود إلى إحـدى النقابات ومخشّلات ذهبيَّـة ثمينة، فيما بيّنت أن مجموع الأموال المضبوطة ناهز مليوناً وستمئة ألف دولار وقرابة ستمئة مليون دينار.
مؤسسة شهداء الأنبار
يُعد ملف مستفيدي رواتب مؤسسة الشهداء بمحافظة الأنبار، من الملفات الشائكة كثيراً، حيث باتت من غير المستغرب اكتشاف عناصر إرهابية يتقاضون راتباً من خزينة العراق ورؤية طوابير طويلة لذوي شهداء وجرحى يحاولون استحصال حقوقهم ومستحقات أبنائهم الذين قُتلوا في معارك التحرير السابقة ضد تنظيم "داعش" الإجرامي.
أفادت الحكومة المحلية في محافظة الانبار، بأن الحكومة الاتحادية قطعت رواتب أكثر من 1300 شخص، وتأخرت معاملاتهم أكثر من اللازم. وقال النائب عن محافظ الأنبار جاسم الحلبوسي في بيان صحفي، إن "هنالك أكثر من 1300 شخص حصل تشكيك بمعاملاتهم، من قبيل الاتهام بالتزوير، وتوقفت تعويضاتهم من مؤسسة الشهداء وتأخرت معاملاتهم". مبيناً، إنه "من المفترض باللجان الإسراع بحسم هذه المعاملات، لكنها أخذت أكبر من الوقت اللازم، وكان ينبغي حسمها خلال شهر واحد فقط".
ولفت الحلبوسي، إلى أن "هذه العوائل تنتظر أرزاقها بفارغ الصبر، وأكثرهم من ذوي الشهداء وضحايا العمليات الإرهابية خلال فترة احتلال "داعش" لمناطقهم في المحافظة".
ونوه إلى أن "الحكومة المحلية وأعضاء البرلمان عن محافظة الأنبار يتواصلون مع مؤسسة الشهداء بهذا الصدد، وحدث توجيه للتأكد من صحة أوراقهم، وتشكلت لجان برئاسة قُضاة". مستدركاً، إن "الموضوع أخذ وقتاً أكثر من اللازم".
لجنة الغنام
بتاريخ 14 من نيسان/ أبريل عام 2021 تم تكليف قائد عمليات الأنبار السابق الفريق الركن ناصر الغنام، برئاسة لجنة تحقيقية لتدقيق معاملات مؤسسة الشهداء ودائرة التقاعد في الأنبار، ليخرج الغنام بعدها بشهرين في مؤتمر صحفي، مؤكدا أن التحقيقات الأولية قد كشفت عن استلام 363 شخصا مطلوبا للقضاء بتهمة الإرهاب أو مقتولين رواتب تقاعدية من مؤسسة الشهداء في المحافظة بعد تدقيق نحو 5 آلاف معاملة، مؤكدا رفعه تقريرا إلى مكتب رئيس الوزراء بهذا الشأن.
عدد الملفات التي تدقق فيها اللجنة يقارب 55 ألف ملف ومعاملة، بحسب الغنام، أُنجز منها 4 آلاف و509 معاملة، إضافة إلى 980 معاملة أخرى وردت من وكالات أمنية أو مواطنين، كما تم العثور على 363 معاملة لإرهابيين تم منحهم حقوقا تقاعدية ورواتب ومخصصات بينهم أشخاص صادرة بحقهم مذكرات قبض، وبعضهم وردت بشأنهم معلومات استخبارية تثبت تورطهم بتجاوزات في الأنبار.
معلومات وردت من الشارع الأنباري تخصّ أسماء مسؤولين بدرجات وظيفية عالية، سواء من عوائل القيادات الأمنية أو الموظفين الحكوميين، وفق الغنام، قد ثبت بأن لديها معاملات غير صحيحة، وبالتالي سنرفع تقريرنا إلى مكتب القائد العام للقوات المسلحة وهناك سيتم اتخاذ القرار المناسب.
مصادر مطلعة على نتائج اللجنة التحقيقية بقيادة الفريق الركن الغنام، كشفت أن اللجنة استطاعت تدقيق 14 ألف ملف تبين وجود تزوير في 50 بالمئة من المعاملات أي بنحو 7 آلاف معاملة، حيث إن التزوير شمل إصدار شهادات وفاة مزوّرة، والتلاعب بنسب العجز بالتواطؤ مع دائرة صحة الأنبار، فضلا عن تضمين انتحاريين وآخرين إرهابيين ومطلوبين بتهم إرهابية في قوائم المشمولين بالتعويضات.
بعد التدقيق تبيّن صرف مبلغ يتراوح بين 60 إلى 100 مليون دينار دفعة واحدة لكل معاملة بعد إنجازها، بناءً على تحديد أسباب الشمول ونسب العجز، بحسب ذات المصادر، وأن راتبا شهريا يُصرف أيضا للمشمولين يتراوح بين 800 ألف دينار إلى مليون دينار.
اللجنة سلّمت تقريرها الأولي إلى رئاسة الوزراء، ليتوقف عملها بشكل مفاجئ، فيما نُقل الغنام من منصبه قائدا لعمليات الأنبار إلى بغداد بضغوطات مباشرة من قبل الحلبوسي.
ديكتاتورية الحلبوسي
تُعد محافظة الأنبار من أكثر محافظات البلاد تعرضاً للفساد والنهب الممنهج الذي عاناه أهلها على فترات متعاقبة وبظروف جميعها كانت استثنائية وصعبة، إضافة إلى ذلك تعد من أقل المحافظات بمستوى حرية التعبير وذلك بسبب مستوى الديكتاتورية المرتفع فيها وسيطرة جهات معدودة على مقدرات المحافظة وأمنها وجميع ما يخصها في السنوات الأخيرة.
يملك حزب تقدم بقيادة الحلبوسي اليد الطولى في الأنبار، كما يمتلك حصة الأسد من وارداتها وأموالها، فضلا عن سيطرته على أموال محافظات أخرى ولكن بدرجة أقل.
يعاني أهالي المناطق التي يسيطر حزب الحلبوسي من الملاحقة بشتى أشكالها عند اعتراضهم على ما يجري في محافظاتهم ولو بمنشور بسيط، كما يعاني وجهاء تلك المحافظات غير المنتمين للحلبوسي أو متحالفين معه من التسقيط المستمر عبر وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، عبر أسلوب الجيوش الإلكترونية الذي ينتهجه الحلبوسي وحزبه لمحاولة السيطرة على الرأي العام في الأنبار خصوصا، والمناطق السنية عموماً.
أما الفساد، فلدى حزب تقدم وشخوصه تاريخ طويل وحافل فيه، ولا يمر يوم واحد بدون حديث نائب من هنا أو مسؤول من هناك، أو مصدر مطلع يخشى ذكر اسمه لوسائل الإعلام عن صفقات الفساد الكبرى وأموالها الطائلة، أو عن استغلال النفوذ والتحكم بموارد المحافظة وأراضيها ومؤسساتها، أو عن ملف الدعم الخارجي والعلاقات المشبوهة لرئيس مجلس النواب مع دول مجاورة.
عضو مجلس النواب أحمد عبد الحسين كشف في تصريحات صحفية عن عدة ملفات هامة تخص الحلبوسي، وذكر إن "المصادر الرئيسة وراء ثروة الحلبوسي الطائلة عديدة أبرزها؛ الدعم الخارجي الذي تقدمه دول الخليج كالإمارات وقطر، بالإضافة الى تركيا".
وأشار الى أن "المصدر الأخر هو الصفقات السياسية والاقتصادية المشبوهة التي يعقدها ويديرها رئيس البرلمان في المحافظات الغربية ولاسيما الانبار، والتي من الممكن أن تغطي على الدعم الخارجي المقدم له".
وأضاف أن "السياسات التي يمارسها الحلبوسي كتكميم الافواه ومصادرة الحريات والترهيب، والتي كشفها وركز عليها أحد الشخصيات الوطنية في محافظة الانبار وهو سطام ابو ريشة تدل وتؤكد على وجود صفقات فساد كبرى موجودة في المحافظة وتدار من دول خارجية بوساطته".
وأوضح أن "كل الطرق أمام رئيس مجلس النواب متاحة لديه لاستغلال المال السياسي من خلال تواجده في منصب الرئاسة واستعماله لمصالحه الخاصة"، لافتا الى أن "هذه الموارد جداً كافية لبيان وتوضيح ثروة الحلبوسي الطائلة".
وفي ملف استغلال النفوذ وفرض السلطة، تحدث عضو مجلس النواب محمد البلداوي بأنه " ليس من صلاحية رئيس البرلمان فرض سطوته على محافظة الانبار، من خلال توسيع صلاحيته بتعيين المسؤولين والمدراء العامين في المحافظة ومحاسبتهم حال وجود ملفات فساد بحقهم".
واضاف، ان "محاسبة المسؤولين والمدراء العامين في المحافظات هي من صلاحية وواجبات الجهات الرقابية في العراق والمتمثلة بهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية".
واشار البلداوي، الى ان "هناك الكثير من الفاسدين يتعكزون على المسؤولين والقيادات السياسية من خلال علاقاتهم التي يعتبرونها غطاء لأعمالهم المشبوهة".
عضو مجلس عشائر جنوب الموصل خالد الجبوري دعا، في أحد مواقفه، الحكومة الاتحادية والكتل البرلمانية لإيقاف ما يجري من فساد في محافظة نينوى بواسطة الحلبوسي وحزبه.
وقال الجبوري في تصريحات صحفية إن "ما يجري في نينوى خطير جدا، حيث هناك تخصيصات مالية كبيرة تجاوزت تريليون دينار، والمواطن لم يلمس منها سوى فتات المشاريع".
وأضاف أن "أكبر ملفات الفساد هو ملف تحويل ملكية الأراضي وأيضا ملف التقاعد والتعويضات، وكل تلك الملفات تدار بشبكة من قبل رئيس البرلمان محمد الحلبوسي وحزبه تقدم، وهم المسؤولين عن ملفات الفساد الخطيرة".
أما بملف استحواذ حزب تقدم ورئيسه على أموال مشاريع المناطق المحررة، كشف السياسي المستقل جمال عبد الكريم، حول وجود حراك شعبي في المناطق المحررة لمواجهة استحواذ تكتل الحلبوسي على المشاريع.
وقال عبد الكريم ان "صندوق الاعمار ممول من خزينة العراق وليس من حزب او تحالف سياسي لافتا الى ان المناطق المحررة في ديالى تشهد حراك منذ اسابيع لمواجهة استحواذ تكتل الحلبوسي وحلفائه على المشاريع وبشكل معلن".
واضاف، ان" نخب مجتمعية وشبابية ترفض ان تكون اموال الدولة بوابة للتسويق السياسي في ديالى وبقية المحافظات مؤكدا بان جزء ليس قليل من المشاريع به شبهات فساد مالي واداري وسيتم رفع دعاوي في القريب العاجل".
واشار الى ان "تكتل الحلبوسي فقد زخم التأييد في الاشهر الاخيرة خاصة وان اغلب وعوده لم تتحقق".
في الأنبار هنالك حراكات وشخوص يعملون بشكل مستمر لعرقلة الحلبوسي عن هدف السيطرة المطلقة على المحافظة، ولعل أبرزهم هو الشيخ سطام أبو ريشة، والذي كشف العديد من الملفات التي تدين الحلبوسي وحزبه، وعرّى الكثير من القضايا التي لا يتم تداولها عبر وسائل الإعلام.
أبو ريشة في أحد مواقفه، طالب القوى السياسية العراقية بمختلف انتماءاتها، بإيجاد بديل للحلبوسي بمنصب رئاسة البرلمان، معللاً السبب بأن الأخير "يستغل سلطته لقمع من يختلف معه، ويميل لكفة التطبيع وتقسيم العراق"، وفي موقف آخر قال أبو ريشة "صبرنا على تجاوزاته قد نفد وسنحكّم فيه سيوفنا، لن ندع القدر يبلغ مداه ليسلط علينا من تشهد له مواخير وصوامع القمار في (موناكو ومونت كارلو) ليفرض نفسه زعيما علينا".
مصدر عشائري في محافظة الأنبار كشف أن “قوة أمنية منعت اقامة مؤتمر عشائري كان من المزمع اقامته في منطقة البو ريشة شمالي مدينة الرمادي، من قبل الشيخ سطام عبد الستار ابو ريشة".
وأوضح أن “المؤتمر كان يهدف الى شجب واستنكار تصرفات رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي واستحواذه على المناصب في الانبار"، مضيفاً أن “متنفذين تابعين الى الحلبوسي يمارسون سياسة تكميم الأفواه وتصرفات غير مسؤولة في الانبار".
وحذر من أن "تلك الجهات تحاول جاهدة منع اي شخصية من انتقاد سياسة الحلبوسي في الانبار واعتقاله وايداعه السجن بتهم مختلفة كرد فعل انتقامي تحت طائلة القانون".
وفي مناسبتين سابقتين، وبعد اتساع مواقف الرفض للحلبوسي وسيطرته، صدرت بحق أبو ريشة مذكرتي قبض، وفي وقت لاحق تعرض لمحاولة اغتيال فاشلة، اعتبرها أبو ريشة استهداف شخصي من قبل الحلبوسي ضمن سلسلة عمليات ممنهجة لتكميم الأفواه وقمع المعارضين.