3 سنوات تشريعية و131 جلسة فقط.. كل ما تريد معرفته عن الدورة النيابية الخامسة في العراق
انفوبلس/ تقرير
منذ إجراء الانتخابات في 10 أكتوبر/ تشرين الأول 2021،واجه مجلس النواب الجديد (الدورة البرلمانية الحالية "الخامسة")، أزمات سياسية لم تنقطع حتى الآن، بدأت بخلافات واعتراضات وطعن بنتائج الانتخابات، وتجري شبكة "انفوبلس"، جردة حساب لجلسات البرلمان التي أُقيمت، والعدد المفترض من الجلسات الذي كان يجب أن تقام، وتوزيعها على "الحقب الثلاث"، بين الحلبوسي والمندلاوي والمشهداني.
وصف محللون وباحثون سياسيون، الدورة البرلمانية الخامسة لمجلس النواب العراقي، بأنها "الأسوأ منذ العهد الملكي"، كونها رسّخت مفهوم المحاصصة، بحسب تعبيرهم.
بدأ البرلمان بخلافات واعتراضات وطعن بنتائج الانتخابات التي كانت مفاجئة بصعود قوى مدنية وتصدر التيار الصدري بـ73 مقعداً، وخسارة مدوية للكثير من الأحزاب الشيعية المعروفة التي تشكل الآن "الإطار التنسيقي"، الأمر الذي أخّر المصادقة على النتائج حوالي شهرين، ليعقد البرلمان جلسته الأولى والافتتاحية في 9 كانون الثاني 2022، أي بعد 3 أشهر على إجراء الانتخابات.
عامه الأول أزمة.. وعامه الأخير مهدد بـ"الإنهاء المبكر"
دخل البرلمان بعدها، والعراق عموماً، بأزمة سياسية خطيرة كادت أن تودي بالنظام السياسي قبل أن تودي بالبرلمان وإنهاء عمره نتيجة تبني زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مشروع "التحالف الثلاثي" وحكومة الأغلبية التي أرادت عزل قوى الإطار التنسيقي بالكامل عن الحكومة، حتى وصل الأمر ذروته في ليلة اشتباكات الخضراء في نهاية آب 2022، لينعزل بعدها التيار الصدري العمل السياسي واستقالة جميع نوابه من البرلمان، وصولًا إلى تشكيل حكومة محمد شياع السوداني في تشرين الأول 2022، أي بعد عام كامل على الانتخابات.
خلال تلك الفترة، طرحت العديد من المقترحات والعروض على حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، وبالرغم من أن البرلمان يقترب من إنهاء عامه الأخير، إلا أن مقترح حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة، عاد ليطرح مجدداً، في سياق ثابت لـ"تهديد حياة الدورة الخامسة" منذ أن ولدت وحتى الآن.
وجاء المقترح من قبل بعض النواب الذين يستعدون لجمع تواقيع فور بدء الفصل التشريعي الجديد بعد انتهاء العطلة التشريعية التي ستنتهي في 9 كانون الثاني2025، وفقاً للنائب محمد الزيادي الذي برر هذا التوجه بأن البرلمان الحالي "الذي بات لا يستطيع تقديم خدمة للمواطن ولا للبلاد"، بسبب تعطّله كثيراً وفشله في حسم القوانين الجدلية.
ويقضي البرلمان الآن عطلة تشريعية لمدة شهر تنتهي في 9 كانون الثاني 2025، وهي عطلة "يطلبها البرلمان" ويريد يقضيها قبل أن ينتهي العام دون الاستفادة منها، حيث أن موعد العطل التشريعية للبرلمان هي في أشهر كانون الثاني وشباط، وفي تموز وآب، إلا أن البرلمان اضطر لتأجيل عطلته التشريعية وتمديد فصله التشريعي أكثر من مرة بسبب القوانين الجدلية وكذلك المصادقة على جداول الموازنة.
جردة حساب لعمر البرلمان
بناءً على ذلك، وفي هذا التقرير نجري جردة حساب لجلسات البرلمان التي أُقيمت، والعدد المفترض من الجلسات الذي كان يجب أن تقام، وتوزيعها على "الحقب الثلاث"، بين محمد الحلبوسي ومحسن المندلاوي ومحمود المشهداني، ونشاط كل منهم حسب عدد الجلسات والقوانين المشرعة والقوانين المقروءة.
يمتلك عمر البرلمان، 4 سنوات تشريعية، تحتوي كل سنة تشريعية على فصلين تشريعيين أمدهما 8 أشهر، مقابل عطلة تشريعية 4 أشهر، ما يعني أن عمر البرلمان الدستوري يبلغ 32 شهراً والعطلة تبلغ 16 شهراً، فيما ينص النظام الداخلي لمجلس النواب على أن يعقد البرلمان 8 جلسات شهرياً على الأقل، ما يشير إلى أن البرلمان يجب أن يعقد 256 جلسة على الأقل كحد أدنى.
أنهى البرلمان حتى الآن 3 سنوات تشريعية من عمره، بـ6فصول، وعقد خلال هذه الفترة 127 جلسة، بالإضافة إلى 4 جلسات استثنائية، أي ما مجموعه 131 جلسة. كما تقسمت الجلسات إلى 47 جلسة في السنة التشريعية الثالثة، و53 جلسة في السنة التشريعية الثانية، و27 جلسة في السنة التشريعية الأولى.
وبالمقارنة مع ما يفرضه النظام الداخلي بـ8 جلسات في الشهر على الأقل، فهذا يعني أن كل سنة تشريعية مكونة من 8 أشهر، يجب أن يكون فيها 64 جلسة على الأقل، وهو ما يفرض أنه خلال 3 سنوات تشريعية يجب أن يعقد البرلمان 192 جلسة على الأقل كحد أدنى، إلا أن البرلمان خلال هذه السنوات التشريعية الثلاث، عقد 131 جلسة فقط، أي أنه أنجز فقط 68% من الحد الأدنى المطلوب من الجلسات، وعجز عن 32% من الجلسات المطلوبة.
مقارنة بين الحلبوسي والمندلاوي والمشهداني
أنهى الحلبوسي تحت رئاسته سنتين تشريعيتين، حيث أنجز 27 جلسة في السنة التشريعية الأولى، و53 جلسة في السنة التشريعية الثانية، هذا يعني بالمجمل أن الحلبوسي أنجز 80 جلسة خلال ترؤسه البرلمان من 9 كانون الثاني 2022، وحتى 14 تشرين الثاني 2023، أي خلال فترة 23 شهراً.
أما المندلاوي فترأس 43 جلسة من السنة التشريعية الثانية (47 جلسة مع الجلسات الاستثنائية) خلال فترة من 15 تشرين الثاني 2023 وحتى 31 تشرين الأول 2024، أي خلال عام و15 يوماً، أما المشهداني فترأس 6 جلسات، فشلت منها 4 جلسات خلال الفترة من 1 تشرين الثاني 2024 وحتى 9 كانون الأول، أي خلال 39 يوماً، حيث تكررت الجلسة رقم 20 ثلاث مرات دون حسم القوانين على جدول الأعمال، إذ بقيت الجلسة مفتوحة لاستكمال التصويت على القوانين الجدلية، لتنتهي السنة التشريعية ولم تحسم القوانين بعد.
وبينما عقد الحلبوسي 80 جلسة في 23 شهراً، فإن المعدل الشهري للجلسات خلال حقبة الحلبوسي بلغت 3.4 جلسة لكل شهر، أما المندلاوي فعقد 43 جلسة خلال 12 شهراً، أي بمعدل 3.5 جلسة شهرياً، أما المشهداني فعقد 6 جلسات خلال شهر، لكن أكثر من نصفهن واجهن الفشل.
وإذا ما تم استبعاد السنة التشريعية الأولى بكونها سنة أزمات سياسية ولم تعقد الكثير من الجلسات، يكون المعدل الشهري لجلسات الحلبوسي خلال السنة التشريعية الثانية يبلغ 4.4 جلسة، حيث عقد 53 جلسة خلال 12 شهراً.
ويرجع الخبير الأمني والاستراتيجي، أحمد الشريفي، ضعف دورة البرلمان الحالية التي هي كما يعتبرها "الأضعف إلى الآن" إلى الانتخابات، مبيناً أن "الانتخابات لم تفرز نتائج إيجابية ولم تستنطق فيها إرادة الشعب بقدر ما كانت ظلال الأحزاب التي استطاعت بشكل أو بآخر تسويق مرشحيها بعيداً عن دور الشعب، ما يدل على افتقار المرحلة إلى النموذج السياسي الذي يقنع الرأي العام".
ويرى الشريفي، "عزوف الشارع عن الانتخابات بنسبة 80 في المائة كان صائباً، بدليل أنه فُرض على الشعب هذا البرلمان، وكان هو بالفعل البرلمان الأضعف، وأن الحكومة التي تشكلت عبر إسقاط الأغلبية لصالح الأقلية أثر في إيجاد آلية تعاون مشترك بين البرلمان والسلطة التنفيذية".
وسبق أن كشفت اللجنة القانونية في البرلمان العراقي عن وجود 170 قانوناً معطلاً من الدورات البرلمانية السابقة، ويعود هذا التعطيل من ناحية الإقرار أو التعديل لغياب التوافق السياسي بشأن الكثير منها، كقوانين الموازنة، وتعديل رواتب الموظفين، وقانون النفط والغاز، والتجنيد الإلزامي، وجرائم المعلوماتية، وغيرها، وفقاً لعضو اللجنة القانونية البرلمانية، النائب أوميد أحمد.
واعتبر مواطنون أن جميع مشاكل البلاد كانت بسبب نواب البرلمان "فهم مختلفون فيما بينهم، وانعكس ذلك على الشعب" بينما عبر آخرون عن عدم ثقتهم به ولا بنوابه "الذين لا يمثلون الشعب" ورأى آخرون أن مجلس النواب "مؤسسة غير ضرورية، ومن الأفضل أن يلغى".