آخرهم 400 مشمول بالعفو الخاص.. "قوانين العفو" بين المفهوم والتشريع والتطبيق والابتزاز.. تعرف على تفاصيلها خلال العقدين الأخيرين
انفوبلس..
منذ عام 2004، يكاد لا يخلو عام من الحديث عن "عفو" حكومي، ابتداءً من محاولات إيجاد وسائل قانونية للصفح عن بعثيين وإشراكهم في العملية السياسية، مرورا بمحاولات تبرئة من تلطخت أيديهم بدماء العراقيين خلال الحرب الطائفية، وصولاً إلى محاولات إعادة تعريف مفهوم "الإرهاب" لتقليل عدد المحكومين بسببه في سجون البلاد، فما هي تفاصيل العفو بحكومات ما بعد 2003؟
العفو الأول
في شهر تشرين الأول من عام 2004، وبعد 15 شهراً على تأسيس جيش المهدي بقيادة السيد مقتدى الصدر وقتاله الأمريكان وقوى الأمن العراقية وعمل بعض مفاصله عمل العصابات في البلاد، وعلى الضفة الأخرى ظهور أبو مصعب الزرقاوي وعصابته الإرهابية وبدء عملياته في العراق وانخراط العديد من العراقيين في تنظيمه، أصدر رئيس الوزراء المؤقت آنذاك، أياد علاوي، عفواً عاماً مدته شهر شمل المتورطين في جرائم غير خطيرة ولم تصدر بحقهم اتهامات، والمنتمين إلى جماعات شاركت في شن هجمات مسلحة.
كان عفو علاوي يمثل صورة بدائية لمفهوم العفو العام غير المنظم حيث كان العراق بلا دستور وبلا مجلس نيابي.
قانون مشرّع
وفي إطار ذروة الصراع عام 2007، وخلال سعي الحكومة لـ"المصالحة الوطنية"، جرى التركيز على حلّ قضية آلاف المعتقلين، عبر الإفراج عمن لم يثبت تورطه بأعمال إجرامية، وفي أواخر ذلك العام أقرت الحكومة العراقية عفوا عاما عن ثمانية آلاف معتقل في المعتقلات الأميركية والعراقية، في خطوة تصب في مسار المصالحة.
وذكر المتحدث باسم الحكومة علي الدباغ أن مجلس الوزراء أقر قانون العفو العام الذي يحدد من الذين يمكن الإفراج عنهم من كل السجون سواء العراقية أو الأميركية، ومن المفترض أن يقرّ مجلس النواب بدوره، هذا العفو، لكي يصبح نافذاً.
وقال صادق الركابي، أحد مستشاري المالكي، إن "العفو سيشمل المعتقلين بقضايا الفساد الاداري والمالي والحق العام"، مشيراً الى "وجود فقرات دستورية لا يمكن تجاوزها، تؤكد عدم شمول المحكومين بجرائم الإبادة الجماعية او جرائم قتل جماعي".
وبحسب التقديرات، كان هناك نحو 26 ألف معتقل، معظمهم في معسكر بوكا (جنوب العراق) وكروبر (غرب بغداد)، فضلا عن آلاف المعتقلين في السجون العراقية، ومعظمهم من دون توجيه تهم لهم، وبينهم معتقلون للاشتباه في مساندتهم أعمال عنف في البلاد.
وبعد المصادقة عليه من قبل الحكومة، وصل قانون العفو العام إلى مجلس النواب مطلع عام 2008، وكان بشكل عام مطلوباً من القوى السنية، ومرفوضا من القوى الشيعية، فيما اتخذت القوى الكردية موقف الحياد لكنها استعملته للمساومة، وفي حينها جرت أولى المساومات السياسية في مجلس النواب بملف العفو العام، حيث جرى إدراجه للتصويت في سلة واحدة مع قانونين مهمين آخرَين وهما قانونا الموازنة العامة (المهم للأكراد بسبب حصولهم على نسبة 17% من الموازنة)، وقانون مجالس المحافظات غير المنتظمة بإقليم (المهم بالنسبة للقوى الشيعية).
وصوت عليه مجلس النواب، وفي الثالث من آذار عام 2008 نشرت جريدة الوقائع العراقية قانون العفو العام رقم 19، والذي استثنى المحكومين بالإعدام بموجب قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969، والمحكومين في الجرائم الآتية:
أ- الجرائم المنصوص عليها في الفقرة (ثانياً) من المادة (1) من قانون المحكمة الجنائية العراقية العليا رقم (10) لسنة 2005.
ب- جرائم الإرهاب أذا نشأ عنها قتل أو عاهة مستديمة .
ج- جرائم القتل العمد.
د- جرائم القتل الخطأ التي لم يتنازل ذوو العلاقة فيها عن حقوقهم الشخصية.
هـ- جرائم خطف الأشخاص.
و- جرائم السرقة المقترنة بظرف مشدد.
ز- جرائم اختلاس أموال الدولة أو تخريبها عمداً.
ح- جرائم الاغتصاب و اللواط.
ط – جرائم الزنا بالمحارم.
ي- جرائم تزييف العملة العراقية أو الأجنبية و جرائم تزوير المحررات الرسمية.
ك- جرائم المخدرات.
ل- جرائم تهريب الآثار .
م – الجنايات المنصوص عليها في قانون العقوبات العسكري رقم (19) لسنة 2007.
وبعد مرور عام على تشريع القانون، لم ينفذ بشكل كامل بسبب تأخير في الإجراءات الرسمية وسيطرة الاحتلال الأمريكي على العديد من مفاصل الدولة العراقية، وبحسب معلومات أوردتها لجنة حقوق الإنسان النيابية عام 2009، فقد بلغ عدد المعتقلين لدى القوات الأميركية 14.400 معتقل ولدى القوات العراقية بلغ عدد المشمولين بالعفو 128 ألف معتقل.
ولكن وبحسب مجلس القضاء الأعلى، فإن الرقم 128 ألفا "لا يكشف عن عدد المعتقلين، وهؤلاء متهمون ومشمولون بالعفو، بينهم 15.500 معتقل مازالوا موقوفين لأغراض تحقيقية وضمن هؤلاء 8.440 معتقلا صدرت بحقهم أحكام إدانة، أما بقية العدد فليسوا معتقلين فهم إما متهمون أو أُطلقوا بكفالة".
محاولة تبرئة إرهابي
في عام 2012 بدأ الحديث عن قانون جديد للعفو العام حمل بين طياته الكثير من اللغط حيث كان من المقترح أن يشمل حتى الممولين والمحرضين على الإرهاب، وكان من أبرز الشخصيات المراد شمولها في القانون من قبل الجانب السني، ومرفوضة من قبل الجانب الشيعي، هو الإرهابي المحكوم بالإعدام الهارب طارق الهاشمي.
ورغم المطالبات السنية في حينها، إلا أن مشروع القانون لم يرَ النور حينها وانتهى في غرف التفاوض السياسية.
عفو مثير للجدل
بعد مرور ثماني سنوات على قانون العفو، وتحديدا في 25/8/2016، صوّت مجلس النواب على قانون العفو العام رقم 27 لسنة 2016، والذي يتيح للسجناء والمحكومين تقديم طلبات بإعادة محاكمتهم.
وقانون العفو هو واحد من مجموعة قوانين ضمن الاتفاق الحكومي الذي كان قد اتفقت عليه الكتل السياسية في أغسطس/آب عام 2014، والذي أفضى إلى تشكيل الحكومة.
تفاصيل القانون
وبشرح مبسط لقانون العفو العام رقم 27 لسنة 2016، فإنه:
اولا: شمل هذا القانون العراقيين فقط دون العرب والاجانب.
ثانيا: جاء هذا القانون باستثناءين فقط لإطلاق سراح المشمولين بأحكامه وهي شرط التنازل من قبل المجني عليه او المدعين بالحق الشخصي وشرط دفع أي مبالغ مالية تترتب لصالح الدولة او الاشخاص.
ثالثا: جاء القانون بإعفاء مرتكبي كافة الجرائم سواء الجرائم التي لم تحرك الدعوى فيها او في طور التحقيق او في طور المحاكمة او التي صدرت فيها احكام سواء كانت حضورية او غيابية وسواء كانت الاحكام جزائية مدنية او عسكرية.
رابعا: لم يشمل هذا القانون العقوبات الانضباطية كالعزل او الفصل من الوظيفة او أي عقوبة تأديبية اخرى بالإضافة الى المطالبة بالتعويض المدني.
خامسا: الجرائم غير المشمولة بأحكام العفو العام هي:
1- جرائم النظام السابق وفق قانون المحكمة الجنائية المركزية.
2- الجرائم الارهابية.
3- جرائم أمن الدولة.
4- جرائم الاتجار بالبشر.
5- جرائم المخدرات.
6- جرائم الزنا بالمحارم والاغتصاب والواط.
7- جرائم الخطف.
8- جرائم تهريب الآثار.
9- جرائم غسيل الاموال.
10- جرائم الاختلاس.
11- جرائم تهريب المسجونين وايوائهم.
12- جرائم الاتجار وحيازة الاسلحة الكاتمة.
13- جرائم تزييف العملة او اوراق النقد والسندات المالية والمحررات الرسمية.
سادسا: على الرغم من ان المشرع قد استثنى تلك الجرائم من العفو الا انه أوجد مخرجا للمشمولين بها وقد جاء بتلك الاستثناءات منها وعلى الشكل الآتي:
1- جاء باستثناء عن بعض الجرائم الارهابية حيث لاحظنا انه استثنى الجرائم الارهابية الا انه جاء بتأويل تلك الجرائم وشمولها بالعفو حيث نص على: "إلا التي نشأ عنها قتل او عاهة مستديمة او تخريب مؤسسات الدولة ومحاربة القوات الحكومية"، ومفهوم المخالف لهذا النص يقضي بشمول الارهابين الذين ثبت بأنهم ارهابيون الا ان أفعالهم لم تكن فيها الحالات المذكورة آنفا فهم مشمولون بأحكام العفو العام الا اننا نشاهد ان القضاء العراقي من خلال تطبيقه القانون والقرار الصادر من المحكمة الجنائية المركزية لم يشمل هؤلاء وعد الانتماء للمجاميع الارهابية يعد فعلاً غير مشمول بأحكام قانون العفو, واستندت في ذلك الى ذيل المادة (4/ثانياً) والتي تنص على أنه (وكل جريمة ارهابية ساهم بارتكابها بالمساعدة أو التحريض أو الاتفاق).
2- استثنى جرائم الخطف من العفو الا انه شملها اذا لم يقترن الخطف بإحداث عاهة او موت او مجهولية المخطوف.
3- استثنى تهريب المسجونين او المتهمين اذا كان الجاني زوجا او قريبا له من الدرجة الاولى.
4- استثنى جرائم الاختلاس اذا سدد المختلس ما بذمته من اموال حكم بها عليه بموجبها.
سابعا: جاء هذا القانون ليستثني ايضا بعض الجرائم التي نص على عدم شمولها بأحكام العفو وذلك بشروط وهي دفع مبالغ مالية عن ايام التوقيف الباقية من مدة المحكومية وكذلك شرط ان المحكوم قد قضى ثلث مدة محكوميته فيها وهي كالآتي:
1- جرائم الاتجار وحيازة الاسلحة الكاتمة والمتفجرات والاسلحة المتوسطة والثقيلة.
2- جرائم الاتجار بالبشر.
3- جريمة الاتجار بالمخدرات.
4- جرائم الاغتصاب والزنا بالمحارم.
5- جرائم غسيل الاموال.
ثامنا: كذلك جاء القانون ليستثني الجرائم الارهابية حتى وان حصلت فيها عمليات قتل او اي حوادث ارهابية اخرى حيث شملهم بإعادة المحاكمة ضمن شروط وهي ان تكون إدانة الارهابي ناتجة عن اعتراف انتُزع بالإكراه منه او أن إدانته قد جاءت عن طريق شهادة متهم او مخبر سري وتختص بتدقيق تلك المحاكمات لجان خاصة يشكلها مجلس القضاء الاعلى.
تاسعا: جاء القانون بأنه لا يشمل أي متهم او محكوم اذا كان قد استفاد من قانون العفو السابق لعام 2008.
عاشرا: استثنى قانون العفو العام الجرائم الواقعة على قوات التحالف قبل عام 2011 مالم يكن مرتكبوها قد تلوثت أيديهم بدماء العراقيين.
تعديل نيابي "إجرامي"
وبعد 5 أيام على تمريره نيابياً، انتقد رئيس الوزراء آنذاك، حيدر العبادي، تعديلات أدخلها البرلمان على قانون العفو العام ووصفها بالـ"إجرامية".
وقال العبادي في مؤتمر صحافي، إن "مجلس النواب أضاف على قانون العفو العام فقرات إجرامية".
وأوضح، "استثنينا كل جرائم الاختطاف من العفو، لكن مجلس النواب قيدها، بأن لا ينشئ عنه قتل أو عاهة دائمة".
وأضاف، "الأسبوع الماضي داهمت قواتنا الأمنية، مكانا عثروا فيه على أطفال مختطفين. سوف يطلق سراح الخاطفين في ضوء القانون الجديد".
وأكد، "لا نعرف إذا ارتكبوا جرائم سابقة لأنهم لن يعترفوا وأكثر التكهنات أنهم كانوا يريدون بيع الأطفال كأعضاء بشرية".
كما أقر البرلمان تعديلا على مسودة الحكومة فيما يتعلق بجرائم الإرهاب التي استثنتها الحكومة من العفو وأضاف فقرة "إذا لم يؤدِّ إلى قتل أو عاهة أو تدمير منشأة".
وقال العبادي في هذا الصدد، إنه في حال شاهد رجل أمن "إرهابيا يضع حزاما ناسفا فإنه يضحي بنفسه لتفكيك الحزام، وفي ضوء القانون يطلق سراحه لأنه لم يقتل ولم يفجر نفسه".
تعديل أول
في شهر آب من عام 2017، صوّت مجلس النواب على قانون التعديل الأول لقانون العفو العام رقم 27 لسنة 2016 وذلك بعد خلافات عميقة بين الكتل السياسية استمرت لعدة أشهر وانتهت بالوصول لصيغة توافقية مررت القانون بعد إلغاء العديد من فقراته المقترحة الرئيسية لدرجة أنه أصبح يشبه القانون الأصلي بدرجة كبيرة مع تعديلات طفيفة أضافتها القوى الشيعية في مجلس النواب.
وتضمنت أبرز التعديلات، شمول الأشخاص المعتقلين من الذين يتم إجراء تسوية بينهم وبين ذوي الحق الشخصي بالعفو، بالإضافة إلى شموله من يتم تسديد ما بذمتهم من أموال للصالح العام عن جرائم الفساد.
كما تم تعديل فقرة تمنع العفو عن جميع من أُدينوا وفقاً لقانون مكافحة الإرهاب المعمول به في البلاد، بعد العاشر من يونيو/حزيران 2016، وهو تاريخ احتلال عصابات "داعش" مدينة الموصل. كما تم تعديل الفقرة الخامسة في المادة الثالثة من القانون، والخاصة باستثناء جرائم الخطف والاغتصاب من إجراءات العفو.
كما تم منح من أمضى ثلث مدة محكوميته بجرائم التزوير إمكانية العفو، مع استبدال ما تبقى من فترة سجنه بواقع 50 ألف دينار عن اليوم الواحد.
مطالبات متجددة
في عام 2019 تجددت المطالبات السنية بتعديل قانون العفو العام، وقالت النائب عن لجنة حقوق الإنسان في البرلمان، وحدة الجميلي إن "إقرار قانون العفو العام للعام 2016 داخل البرلمان لم يلبِّ الطموح، وللأسف تم التعامل معه بانتقائية، فهناك معتقلون استفادوا منه كمعتقلي التيار الصدري، والدليل أن سجن العدالة في بغداد أُفرغ تماما من نزلائه ومعظمهم من سجناء التيار الصدري وأغلبهم مدانون بقضايا إرهابية منها الخطف والقتل، بينما المعتقلون السُنة لم يشملهم هذا القانون بحجة أنهم متهمون وفق المادة 4 إرهاب ولايزالون خلف القضبان وباتوا يواجهون مصيرا مجهولا وأحكام عدة أولها السجن المؤبد مدى الحياة وليس آخرها انتظار مقاصل الإعدام شنقا".
في عام 2021، وصلت أعداد الموقوفين والمحكومين في مواقف الاحتجاز وسجون دائرة الاصلاح في العراق أكثر من 76 ألف شخص، منهم 49 ألف محكوم، وثلاثة آلاف امرأة وألفا حدث.
ثاني التعديلات
في آذار من عام 2022، سلّم تحالف السيادة رئاسة مجلس النواب مشروع قانون التعديل الثاني لقانون العفو العام رقم 27 لسنة 2016 بسبب اعتقادهم أن القانون الأساسي قد تم تفريغه من محتواه، ولم ينجح البرلمان بقراءته ولو قراءة أولى حتى اليوم.
وقال النائب عن تحالف "السيادة"، الذي تم من خلاله تقديم مشروع تعديل القانون إلى رئاسة البرلمان، عبد الكريم عبطان، إن "مقترح تعديل قانون العفو العام يهدف إلى فتح المجال أمام إعادة التحقيق مع المعتقلين في السجون، بما يضمن محاكمات عادلة، وليس إعادة المحاكمة فقط".
وكشف، إن "مقترح التعديل الثاني لقانون العفو العام، يشمل فقرة مهمة جداً، وهي التعويض المعنوي والمادي لكل سجين يطلق سراحه، وبعضهم تم سجنه ظلماً لسنوات طويلة. وهذه الفقرة ستكون ملزمة التطبيق للحكومة العراقية، وفق القانون الجديد، والذي نعمل على تشريعه قريباً جداً". وأعلن أن "هناك دعما برلمانيا جيدا للقانون".
تعريف جديد للإرهابي
في نيسان من العام الماضي، شكّلت الحكومة العراقية برئاسة محمد شياع السوداني، لجنة لغرض إعداد مشروع قانون العفو العام وتعديل قانون مكافحة الإرهاب، الأمر الذي أثار جدلاً شعبياً وسياسياً كبيراً منذ لحظة طرحه للنقاش.
وأوضح الخبير القانوني، جمال الأسدي، أن تعديل قانون العفو يشمل تعديلاً لنص البند ثانياً من قانون العفو العام رقم 80 لسنة 2017.
وأضاف أن التعديلات تتضمن إلغاء الاستثناء من قانون العفو الذي كان يشمل المحكومين الإرهابيين قبل 10/ 6/ 2014 بشكل كامل، وكذلك شمول الإرهابيين ما بعد 10/ 6/ 2014 الذين لم ينشأ عن جرائمهم قتل أو عاهة مستديمة، وبذلك سيطلق، وفقاً للتعديل المقترح على مجلس الوزراء، أكثر من 10 آلاف مجرم إرهابي محكوم.
كما لفت إلى أن من الأمثلة على الذين يطلَق سراحهم، إرهابي فشل بتفجير السيارة المفخخة أو العبوة، وإرهابي فجر أعمدة الكهرباء أو بنايات الدولة، وإرهابي جرى القبض عليه في ساحة المعركة أو في وكر إرهابي ولم يثبت أنه قتل أو تسبَّب بإعاقة، وهو ما يرفضه عدد من القوى السياسية.
يشار إلى أن مصادر مطلعة كانت قد أكدت سابقا إلى أن هناك شبه اتفاق سياسي قد جرى على إعادة تعريف من هو "الإرهابي". وعرّفته بأنه "الشخص الذي قام بأعمال عدائية ضد القوات الأمنية من جيش أو شرطة أو باقي التشكيلات، وأيضاً ضد مواطنين".
وبشكل عام، فإن قانون العفو العام في العراق مطلبٌ فئوي عاجز عن إنصاف المظلومين الحقيقيين، وتحول إلى مجرد فرصة لوقف العقوبة ضد متهمين ومحكومين جنائيين وفاسدين كبار، لا يلتفت إلى معضلة المحاكمات غير العادلة وسبل وقفها.
ما يجري الآن
في جلسة الأربعاء الماضي، أدرجت رئاسة مجلس النواب فقرة "القراءة الأولى لمشروع قانون التعديل الثاني لقانون العفو العام رقم 27 لسنة 2016"، لكنها رفعت جلستها دون قراءته أو تمريره.
ويوم أمس الجمعة، كشف عضو مجلس النواب ثائر الجبوري، عن وجود توافق سياسي على تعديل وتمرير قانون العفو العام بصورة تمنع توتر الشارع، وقال إن "تعديل قانون العفو العام لا يمكن عرضه في البرلمان دون اتفاق سياسي بين قادة الكتل وهذه حقيقة يجب أن يعرفها الرأي العام"، لافتا الى أن "طرح هذا التعديل في الجلسة الأخيرة لمجلس النواب جاء بناءً على توافق وليس اجتهاد كتلة دون اخرى".
واضاف، إن "هناك اتفاقاً بين قادة الكتل السياسية على تمريره لكن نأمل من اللجنة القانونية ان تضع ضوابط محددة تمنع بموجبها شمول الفئات التي من الممكن ان يؤدي خروجها الى ضرر وتوتر في المجتمع العراقي".
وأوضح الجبوري، إن "من تلطخت يداه بدماء الابرياء لن يشملهم القانون"، مؤكداً ان "هناك حرصاً على أن تكون النقاط المحددة في التعديل ملائمة وعادلة ومنصفة، وان الفترة القادمة ستكشف ملامح أكثر عن طبيعة التعديلات".
نافذة على العفو الخاص
وعلى الرغم من الضجة التي يسببها قانون العفو العام، إلا إن هناك نوعاً آخر العفو لا يقل أهمية ولا خطورة عن قانون العفو العام وهو قانون العفو الخاص، وهو أيضا ملف يخضع للتوافقات السياسية والخلافات والصفقات المشبوهة، لكن ضجته أقل بكثير من ضجيج العفو العام، وفي هذا التقرير تتطرق شبكة "انفوبلس" إلى آخر ما يتعلق به في الحكومة الحالية.
وفي منتصف أيار الماضي، كشفت وزارة العدل العراقية، عن أعداد المشمولين بقانون العفو الخاص المزمع إقراره، من الأحداث والنساء.
وقال المتحدث باسم وزارة العدل احمد لعيبي إن الوزارة أعدت قوائم بأسماء الموقوفين في السجون التابعة لها، مبينا أن أعداد الذين سيتم شمولهم بالعفو الخاص من الأحداث الأطفال والنساء تبلغ نحو 400 موقوف.
وبين لعيبي، أن العفو الخاص يشمل الأحداث والنساء المحكومين ثلاث سنوات فما دون، ويكون اما قد أنهى سنة او بقي سنة من مدة محكوميته.
وأشار إلى أن المتهمين بالقتل وتجارة المخدرات والأعضاء البشرية وغسيل الأموال والحق الشخصي غير مشمولين بالعفو الخاص.
وأكد أن وزارة العدل أكملت كافة القوائم بأسماء المشمولين بالعفو الخاص، ولغاية اللحظة لم يصلنا أي كتاب من رئاسة الجمهورية او رئاسة الوزراء بشأنه.
ومطلع تشرين الأول الماضي، تدارست الرئاسات الثلاث (الجمهورية، الوزراء، البرلمان)، مقترحا مقدما بشأن منح عفو خاص للنساء والأحداث مع استثناء بعض الجرائم الخطيرة.
وتشير المادة (73/أولاً) من الدستور العراقي، إلى أن من صلاحيات رئيس الجمهورية (اصدار العفو الخاص بتوصية من رئيس مجلس الوزراء، باستثناء ما يتعلق بالحق الخاص، والمحكومين بارتكاب الجرائم الدولية والارهاب والفساد المالي والاداري).
ولم يرى مقترح "العفو الخاص" النور منذ حكومة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، الذي وجه في تموز 2021، وزير العدل حينها، بمتابعة تسريع وتسهيل إجراءات العفو الخاص، سيما عن فئات من الأطفال الأحداث والنساء.
آخر الخروقات
ويوم الخميس الماضي، أصدرت هيئة المستشارين والخبراء في رئاسة الجمهورية، طلب الموافقة على إصدار عفو خاص، عن صاحب بنك الشمال "نوزاد داود فتاح" بحجج منها التخفيف من اكتظاظ السجون ولحالته الصحية وكِبَر سنّه.
ويقضي رجل الأعمال الكردي وصاحب شركة دلتا للإسمنت (نوزاد داوود فتاح الجاف)، عقوبة السجن لمدة خمسة سنوات وشهر، لإدانته بقضية اقتراض 45 مليون دولار امريكي بشكل غير قانوني، من مصرف التجارة العراقي TBI، وكذلك لهدره مبلغا ماليا قدره 180 مليارا عراقيا عائدة لمصرف الشمال للاستثمار والتمويل الذي يشغل الجاف رئاسة مجلس إدارته.
وتسبب قرار رئاسة الجمهورية بضجة كبيرة ذكّرت الشارع العراقي بقرار كارثي سابق تسبب بـ"تهريب" نجل محافظ النجف السابق لؤي الياسري الذي ألقي القبض عليها متلبسا بتجارة المخدرات.