أربيل تتحدّى سلطة القضاء بتحريض أمريكي وبارزاني يراهن على آخر أوراقه
أنفوبلس/..
في تحدٍ صارخ لقرارات المحكمة الاتحادية، صوّت برلمان إقليم كردستان، أمس الأربعاء، على التعديل الأول لقانون النفط والغاز في الإقليم رقم 22 لسنة 2007.
وجاء ذلك بعدما صوّت 79 عضواً في البرلمان لصالح التعديل الذي يخص المادة الرابعة من القانون والموجّه من قبل رئاسة مجلس الوزراء إلى برلمان كردستان. ويتضمن التعديل إضافة رئيس ديوان مجلس الوزراء إلى عضوية المجلس الإقليمي لشؤون النفط والغاز.
وكان برلمان كردستان قد أجرى يوم الإثنين الماضي، القراءة الثانية لمشروع تعديل قانون النفط والغاز في إقليم كردستان.
وكانت المادة الرابعة من القانون، تنص على تشكيل مجلس إقليمي من “رئيس مجلس الوزراء ـ رئيساً، نائب رئيس مجلس الوزراء ـ نائباً للرئيس، وزير الثروات الطبيعية ـ عضواً، وزير المالية والاقتصاد ـ عضواً، وزير التخطيط ـ عضواً”، قبل إضافة رئيس ديوان مجلس الوزراء إلى عضوية المجلس بموجب التعديل المقر يوم أمس الأربعاء.
ويتولّى المجلس الاقليمي وضع المبادئ العامة للسياسة النفطية وخطط التنقيب وتطوير الحقول وتعديلاتها في الإقليم، والموافقة على العقود الخاصة بالعمليات النفطية، وتحديد مستوى الإنتاج بما ينسجم مع الفقرة ثانياً من المادة (112) من الدستور الاتحادي.
ويأتي ذلك في إطار مجازفة سياسية وتحدٍ صارخ، للقرار الذي أصدرته المحكمة الاتحادية العليا في منتصف شباط الماضي، الذي يقضي بعدم دستورية قانون النفط والغاز لحكومة كردستان، مع إلزامها بتسليم كامل إنتاج النفط من الحقول النفطية في الإقليم والمناطق الأخرى إلى الحكومة الاتحادية، لكن الحزب الديمقراطي الكردستاني وقياداته هاجمت في حينها القرار، واعتبرته “سياسياً” وغير دستوري وغير قابل للتطبيق”.
وعلى وفق ذلك، يقول المحلل السياسي صباح العكيلي إن التجاوز على قرارات المحكمة الاتحادية يعد سابقة خطيرة في النظام الديمقراطي، لا ينبغي السكوت أو التغاضي عنه، معتبرًا استمرار إقليم كردستان بالتمسّك بقانون النفط والغاز الذي ألغته المحكمة الاتحادية، تجاوزًا على الدستور والقانون.
ويرى العكيلي، أن أربيل كررت على مدى السنوات الماضية الانتهاكات القانونية، ضاربة عرض الحائط كل البنود التي نص عليها الدستور العراقي، داعيًا إلى إيجاد صيغة جديدة لوقف هذه المهازل وإلزام كردستان بالامتثال لسلطة القضاء العراقي.
وفي هذا الإطار، يُحرّض معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، الولايات المتحدة على التدخل في النزاع بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان، للحفاظ على المصالح الأمريكية في تجاوز على قرارات المحكمة الاتحادية والتحكيم الدولي .
وبحسب تقرير، فإن “هذا التدخل الأمريكي في قضية ذات شأن داخلي ليس الغرض منها محاولة ايجاد حل على وفق الدستور والقانون العراقي والتحكيم الدولي الذي أيّد حجج الحكومة المركزية في بغداد، بل من أجل الحفاظ على المصالح الأمريكية المتمثلة بمنع ارتفاع أسعار النفط والمحاولة المستميتة من قبل الولايات المتحدة لإيجاد بديل عن النفط والغاز الروسي والايراني.
وبعد صدور قرار المحكمة الاتحادية بعدم دستورية عقود النفط والغاز الكردية تدهورت العلاقات بين بغداد واربيل، وحرّكت بغداد محامييها على مستثمري النفط والغاز الدوليين في الإقليم، وهددت بوقف التحويل الشهري من وزارة المالية الى الاقليم والبالغة 138 مليون دولار.
وهذا التصعيد الأخير، يمكن ان يحمل الكثير من الضرر لمصالح الولايات المتحدة في العراق، إذ انه إذا نجح محامو بغداد في منع تصدير النفط عبر كردستان، ستخسر السوق العالمية نحو 500 ألف برميل، وفي ظل هذا السيناريو هناك احتمال ان تتصاعد أسعار النفط.
وفي سياق متصل، قد يتسبب انهيار العلاقات بين بغداد واربيل وربما ايضا بين بغداد وأنقرة، بإشعال أزمة اقتصادية في كردستان، وتؤثر على جعل تركيا ممراً بديلاً لتدفق النفط والغاز الى اوروبا في خضم الأزمة الروسية، لذا فان التدخل الأمريكي يمكن أن يوجّه نزاع الطاقة بين بغداد وأربيل، ممّا يساعد بشكل كبير المصالح الأمريكية ومحاولة إيجاد بديل للنفط والغاز الروسي والإيراني، وفقًا للتقرير.
وسبق أن أعلن مجلس قضاء كردستان، عدم امتثاله لقرار المحكمة الاتحادية العليا الذي ألزم حكومة الإقليم بتسليم كامل النفط المنتج للحكومة المركزية. وزعم المجلس، أن المحكمة الاتحادية ليست لها صلاحيات اصدار قرار بإلغاء قانون النفط والغاز في إقليم كردستان الصادر عام 2007.
وفي تحدٍ صارخ لقرارات القضاء العراقي، قال المجلس، إن قانون النفط والغاز لحكومة الإقليم سيبقى ساري المفعول. وجاء قرار المحكمة الاتحادية العليا بعد شكويين قُدمتا عامي 2012 و2019، قدم إحداها وزير نفط سابق في الحكومة المركزية. وخلال السنوات الأخيرة، عاد هذا الملف الشائك بشكل متكرر إلى الواجهة.
وتطلب بغداد أن تمر كل صادرات النفط الذي يُستخرج على الأراضي العراقية عبر الحكومة الاتحادية. وفي عامي 2012 و2014، انتقد العراق الدور الذي تلعبه تركيا المجاورة. إذ كان إقليم كردستان يصدر نفطه الخام إليها لتكريره. وبعد ذلك، أعلنت أنقرة أنها تسلّم للأسواق العالمية نفطاً مصدره كردستان.
وفي مناسبات مختلفة تعهد إقليم كردستان بتسليم 250 ألف برميل من إنتاجه اليومي الذي يتجاوز 400 ألف برميل للحكومة المركزية عبر وزارة النفط، في مقابل حصوله على رواتب المسؤولين الأكراد ومقاتلي البيشمركة، إلا أنه لم ينفذ التزاماته وتعهداته، في محاولة للاستحواذ على الثروة النفطية.