اجتماع حاسم بين حزبي كردستان يعزز تقاسم السلطة على حساب مصالح المواطنين

انفوبلس/..
في ظل تعقيدات المشهد السياسي في إقليم كردستان العراق، تزداد حدة الانتقادات الموجهة لاجتماعات الحزبين الحاكمين، الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، بشأن تشكيل الحكومة الجديدة، حيث وصفت أطراف سياسية هذه اللقاءات بأنها امتداد لسياسات تقاسم النفوذ والمكاسب الحزبية، بعيداً عن أولويات المواطن الكردي.
وتأتي هذه التصريحات في وقت يستعد فيه الطرفان لعقد اجتماع حاسم يوم السبت المقبل، وسط استمرار الجمود السياسي بعد مرور أكثر من سبعة أشهر على الانتخابات التشريعية.
وفي موازاة ذلك، يحذر مراقبون من أن الانقسام الحاد في المؤسسات الأمنية والعسكرية بين الحزبين، وخاصة حول وزارة الداخلية، قد يُفجر صراعاً جديداً على السلطة.
وبينما تتحدث الأطراف السياسية عن تقارب نسبي قد يسرّع تشكيل الحكومة، تبقى المخاوف قائمة من إعادة إنتاج تجربة حكومية سابقة افتقرت إلى الشفافية والحكم الرشيد، ما يعزز القلق الشعبي من استمرار تدهور الأوضاع المعيشية والخدمية في الإقليم.
تقاسم نفوذ لا إصلاح
وفي هذا الإطار، أعرب النائب السابق عن كتلة التغيير، غالب محمد، عن استيائه من طبيعة الاجتماعات الجارية بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني، معتبراً أنها لا تحمل أي بعد إصلاحي أو نية حقيقية لخدمة المواطن، بل تتركز بشكل واضح على تقاسم النفوذ والمكاسب الحزبية.
وأكد محمد، في تصريح تابعته INFOPLUS، أن التجارب الحكومية المتعاقبة لم تقدم نموذجاً يُحتذى به في الحكم الرشيد، مشيراً إلى أن اللقاءات الحالية لا تختلف عن سابقاتها من حيث المضمون، حيث تُكرَّس مجدداً لمبدأ المحاصصة على حساب الصالح العام.
وأضاف أن "الحكومة المقبلة، إن تشكلت على الأسس ذاتها، ستكون استمراراً لنهج الحكومات السابقة التي فشلت في تلبية احتياجات المواطنين، وافتقرت إلى العدالة والشفافية في إدارة الشأن العام".
واعتبر، أن احتكار القرار السياسي من قبل الحزبين الرئيسيين، إلى جانب غياب الشفافية، يشكل تهديداً مباشراً لاستقرار الأوضاع المعيشية والخدمية في الإقليم.
ويأتي ذلك قبيل الاجتماع المرتقب بين الحزبين يوم السبت المقبل، والذي من المزمع أن يناقش توزيع المناصب الوزارية في التشكيلة الحكومية المنتظرة.
انقسام المؤسسات الأمنية والعسكرية
وفي موازاة الخلافات السياسية حول تشكيل الحكومة، يلوح في الأفق صراع جديد بين الحزبين الرئيسيين في إقليم كردستان، يتمحور حول المناصب الأمنية والعسكرية الحساسة، وسط استمرار الانقسام الواضح في المؤسسات الأمنية.
المحلل السياسي نوزاد لطيف حذّر في تصريحات صحفية تابعتها INFOPLUS من تعقيدات قادمة في حال لم يتم التوصل إلى تفاهم حقيقي بشأن هذه المناصب، خصوصاً وزارة الداخلية، التي يراها الحزب الديمقراطي الكردستاني خطاً أحمر غير قابل للتفاوض.
لطيف أشار إلى أن الواقع الأمني في الإقليم لا يستند إلى مركزية موحدة، بل هو قائم على انقسام فعلي بين أربيل والسليمانية، حيث تتبع الأجهزة الأمنية في الأولى للحزب الديمقراطي، بينما تخضع في الثانية لسيطرة الاتحاد الوطني الكردستاني.
هذا الانقسام أفرز مؤسسات أمنية موازية لكل طرف، بدءاً من الآسايش والاستخبارات، مروراً بقوات البيشمركة، وصولاً إلى وحدات مكافحة الإرهاب، ما يعمّق من هشاشة المنظومة الأمنية ويعقّد فرص بناء مؤسسات موحدة.
وأشار لطيف إلى أن مجلس أمن الإقليم ووزارة الداخلية يشكلان أبرز بؤرتين للتنافس، مرجحاً أن يحتفظ الحزب الديمقراطي بهذه الوزارة نظراً لارتباطها المباشر برئيس الحكومة مسرور بارزاني، ورفضه التخلي عنها حتى في إطار تفاهمات أوسع.
ويرى مراقبون أن هذا الانقسام ليس وليد اللحظة، بل هو نتاج لصراعات تاريخية طويلة بين الطرفين، لا تزال تلقي بظلالها على كل مفصل من مفاصل السلطة، وتمنع قيام مؤسسات موحدة قادرة على مواجهة التحديات الأمنية والسياسية المقبلة في الإقليم.
سبعة أشهر على انتخابات كردستان
ورغم مرور ما يقارب سبعة أشهر على إجراء الانتخابات التشريعية في إقليم كردستان العراق، ما زال استحقاق تشكيل الحكومة الجديدة في أربيل يراوح مكانه، بسبب خلافات قائمة ما بين الحزبين الرئيسيين في الإقليم (الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل الطالباني)، ومن المقرر أن يعقد الحزبان اجتماعاً حاسماً يوم السبت المقبل من أجل تقاسم الحقائب الوزارية والمناصب السيادية.
وخلال الأشهر الماضية، عقد الحزبان الرئيسيان في إقليم كردستان اجتماعات عدة، لكنها لم تسفر عن أي تفاهمات بشأن تشكيل الحكومة الجديدة وكيفية تقاسم الحقائب الوزارية والمناصب السيادية، إلا أن الأيام الأخيرة شهدت تقارباً سياسياً بين الديمقراطي والاتحاد، بحسب تصريحات لمسؤولين في الحزبين.
معادلة سياسية صعبة
وفي ظل تعقيدات المشهد السياسي والأمني، تبرز المعادلة السياسية الناتجة عن الانتخابات الأخيرة بوصفها عائقاً إضافياً أمام تشكيل الحكومة الجديدة.
عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني وفاء محمد كريم أكد في تصريح صحفي أن اجتماعاً مرتقباً سيعقد يوم السبت المقبل بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني لحسم ملف توزيع الحقائب الوزارية والمناصب السيادية، معرباً عن أمله في أن يكون هذا الاجتماع حاسماً ومثمراً بعد التقارب الحاصل بين الطرفين في الفترة الأخيرة.
وأشار كريم إلى أن الطرفين اتفقا مبدئياً على تشكيل حكومة شراكة، تقوم على مبدأ التفاهم والتوازن في توزيع المناصب السيادية والوزارية، مؤكداً أن تأخير تشكيل الحكومة لم يعد في مصلحة أي طرف سياسي في الإقليم، نظراً للتحديات الداخلية والإقليمية المتزايدة.
وأوضح أن الحزب الديمقراطي منفتح على الحوار مع جميع القوى السياسية الفائزة في الانتخابات البرلمانية، دون استثناء، وأن الهدف المشترك هو تشكيل حكومة قادرة على مواجهة الأزمات القادمة، سواء على صعيد الإقليم أو العراق بشكل عام، في ظل المتغيرات المتسارعة في المنطقة.
وتُظهر نتائج الانتخابات التي جرت قبل عدة أشهر واقعاً سياسياً معقداً، إذ لم يتمكن أي من الحزبين الرئيسيين من حصد أغلبية مريحة تمكنه من تشكيل الحكومة بمفرده، في ظل معادلة النصف +1 داخل برلمان الإقليم، ما يفرض ضرورة التحالف والتوافق لتجاوز الجمود السياسي الحالي وتجنب الدخول في فراغ دستوري أو أزمة حكم جديدة.
تفاصيل دقيقة تحسم التفاوض
في السياق ذاته، عبّر عضو الاتحاد الوطني الكردستاني، برهان الشيخ رؤوف، عن تفاؤله إزاء التقارب السياسي الأخير بين الحزبين الرئيسيين في الإقليم، مشيراً إلى أن هذا الانفراج النسبي في العلاقات قد يسهم في تسريع عملية تشكيل الحكومة الجديدة.
وقال الشيخ رؤوف إن الاجتماع المرتقب يوم السبت المقبل سيحمل أهمية خاصة، إذ من المنتظر أن يُناقش تفاصيل دقيقة تتعلق بتوزيع المناصب الوزارية والسيادية، بناءً على تفاهمات مبدئية سابقة بين الطرفين.
وأكد أن الاتحاد الوطني يصرّ على الحصول على أحد المناصب السيادية البارزة في الحكومة المقبلة، باعتباره استحقاقاً انتخابياً لا يمكن التنازل عنه، مشدداً على أن حزبه يدخل الاجتماع بنظرة إيجابية وبأمل التوصل إلى حلول ترضي جميع الأطراف.
وبحسب نتائج الانتخابات الأخيرة، حصل الحزب الديمقراطي الكردستاني، بقيادة مسعود البارزاني، على 39 مقعداً من أصل 100، تضاف إليها ثلاثة مقاعد من حصص الأقليات المتحالفة معه، بينما يمتلك الاتحاد الوطني الكردستاني، بزعامة بافل طالباني، 23 مقعداً بالإضافة إلى مقعدين آخرين من مقاعد الأقليات.
أما قوى المعارضة، فتوزعت مقاعدها بين عدة أطراف، أبرزها حراك "الجيل الجديد" الذي حصد 15 مقعداً، في حين حصل الاتحاد الإسلامي على 7 مقاعد، تلاه حزب الموقف الوطني بـ4 مقاعد، ثم جماعة العدل بثلاثة مقاعد، فيما نال كل من حزب جبهة الشعب، حركة التغيير، والحزب الاشتراكي مقعداً واحداً فقط، في مشهد برلماني يعكس تشتت القوى ويزيد من تعقيد مهمة تشكيل الحكومة المقبلة.