السعودية تحشر "أنفها" مجددا بشؤون العراق وتطالبه بإعادة اتفاقية خور عبدالله الملغاة.. لماذا لم تتحرك الحكومة والخارجية بعد قرار الاتحادية؟
انفوبلس/ تقارير
في تدخل سافر بالشأن العراقي ومحاولة لـ "ركوب" قرار أعلى سلطة قضائية في البلاد، حشرت السعودية مجددا "أنفها" بشؤون العراق بعد مطالبتها بغداد بإعادة اتفاقية خور عبد الله، بل وتأكيدها بأن حقل الدرّة كويتي، ما سبّب تنديدا نيابيا واسعا ببيان الرياض المشترك مع الكويت وسط مطالبات للحكومة ووزارة الخارجية بالتدخل واستنكار ما حدث لاسيما بعد القرار الواضح والصريح للمحكمة الاتحادية ببطلان الاتفاقية مع الكويت.
*تدخل سافر عبر بيان مشترك مع الكويت
في تدخل وُصِف بالسافر في شؤون العراق، دعت السعودية اليوم، بغداد، عبر بيان مشترك مع الكويت، إلى الالتزام باتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله.
ووفقا للبيان السعودي المشترك، فقد شدد الجانبان على "أهمية التزام العراق بسيادة الكويت ووحدة أراضيها واحترام التعهدات والاتفاقيات الثنائية والدولية وقرارات الأمم المتحدة كافة ذات الصلة، وخاصة قرار مجلس الأمن رقم 833 في عام 1993 الذي تم بموجبه تخطيط الحدود البرية والبحرية بين الكويت والعراق، وأهمية استكمال ترسيم الحدود البحرية بين البلدين لما بعد العلامة البحرية 162".
ودعا البيان السعودي الكويتي المشترك، العراق إلى "الالتزام باتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبدالله الموقَّعة بين الكويت والعراق في 29 نيسان 2012، والتي دخلت حيز النفاذ بتاريخ 5 كانون الأول 2013، بعد مصادقتها من قبل كلا البلدين، وتم إيداعها بشكل مشترك لدى الأمم المتحدة ورفض إلغاء الجانب العراقي وبشكل أُحادي لبروتوكول المبادلة الأمني الموقَّع عام 2008، وخارطته المعتمدة في الخطة المشتركة لضمان سلامة الملاحة في خور عبدالله الموقَّعة بين الجانبين في 28 كانون الأول 2014، واللتان تضمنتا آلية واضحة ومحددة للتعديل والإلغاء".
من جانب آخر، أكد مشعل الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت وولي العهد السعودي محمد بن سلمان، اليوم الأربعاء، أن حقل الدرّة يقع بأكمله في المناطق البحرية لدولة الكويت، وأن مِلكيّة الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المقسومة بما فيها حقل الدرّة مِلكيّة مشتركة بين السعودية والكويت فقط.
*تحدي المحكمة الاتحادية
استندت المحكمة الاتحادية العراقية في حكمها بإبطال اتفاقية خور عبد الله، إلى عدم دستورية تصويت البرلمان على الاتفاقية في 2013، لأنه لم يحصل على أغلبية الثلثين من أعضاء مجلس النواب كما تنص المادة 61 من الدستور.
ويرى مراقبون، أن البيان السعودي الكويتي المشترك ما هو إلا محاولة لتحدي المحكمة الاتحادية وركوب قرارها وهذا ما يمثل خرقا واضحا يستدعي تدخل الرئاسات الثلاث بل وتقديم شكوى رسمية لسفراء البلدين.
ويؤكد هؤلاء، أن المحكمة الاتحادية قضت ببطلان الاتفاقية وهذا يمنع حتى الدولة طرف النزاع بالاعتراض كون القرار باتّا وملزما وغير قابل للطعن، مبدين استغرابهم من تدخل السعودية رغم أنها ليست طرفا في القضية لكنهم علّلوا ذلك "التملّق" السعودي للكويت والعداء الداخلي الذي تُكنّه الرياض لبغداد.
*تنديد نيابي كبير
لاقى البيان المشترك تنديدا نيابيا واسعا، وفي الوقت الذي تصاعدت المطالبات بضرورة عدم صمت الحكومة والخارجية إزاء ما حدث، جرى التأكيد بأن البيان المشترك يمثل تعديا سافرا على سيادة العراق وخرقا للقوانين الدولية.
وبهذا الصدد، قال رئيس كتلة حقوق النيابية سعود الساعدي، "في الوقت الذي نستنكر فيه البيان المشترك الكويتي السعودي بشأن خور عبد الله العراقي التميمي ومطالبة الدولتين الجارتين بالالتزام بتنفيذ اتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبد الله المُلغاة سيئة الصيت والتي نجحنا بإبطالها دستوريا وقضائيا، فإننا نطالب الدولتين باحترام السيادة العراقية الكاملة على أراضيه ومياهه وفقا لميثاق الأمم المتحدة والدستور العراقي لسنة 2005 وضرورة احترام القرار الباتّ والمُلزم لجميع السلطات داخل العراق وخارجه المتعلق بعدم دستورية قانون تصديق اتفاقية خور عبد الله وفقا لأحكام المادة 94 من الدستور العراقي".
وطالب الساعدي، "رئيس مجلس الوزراء باعتباره المسؤول التنفيذي المباشر عن السياسة العامة للدولة ووزارة الخارجية ببيان موقفهم الرسمي من هذا التعدي الواضح على سيادة العراق وشعبه"، مردفا "وانطلاقا من واجبنا الوطني والتمثيلي عن الشعب العراقي بكل أطيافه فإننا نعلن بدء المرحلة الثانية من استرداد سيادة العراق على الحدود البحرية العراقية المشتركة مع الكويت ومن خلال الأدوات الدستورية الممنوحة لنا لأجل المحافظة على حدود العراق البحرية وجعلها حصينة ممن يتربصون بالحقوق الوطنية العراقية الثابتة تاريخيا وجغرافيا".
*تملّق سعودي للكويت
من جانبها، طالبت النائبة عالية نصيف، رئاسة الوزراء ووزارة الخارجية بإصدار بيان استنكار للدعوة التي وجهتها السعودية إلى العراق للالتزام باتفاقية تنظيم الملاحة في خور عبدالله، مؤكدةً أن السعودية من خلال هذه الدعوة أعلنت رسمياً تحالفها مع الكويت على قضية "باطلة" و"مرفوضة" قانونياً من أعلى سلطة قضائية في العراق.
وقالت نصيف في بيان ورد لشبكة انفوبلس، إن "السعودية والكويت أصدرتا بياناً مشتركاً في ختام زيارة أميرهم للمملكة مؤخراً، تضمن توجيه دعوة إلى العراق للالتزام بالاتفاقية التي تم الإعلان عن بطلانها من قبل المحكمة الاتحادية العراقية، ومن جانبنا لم نستغرب من هذا التملّق السعودي للكويت والتدخل في هذه القضية التي فيها غُبن كبير لحقوق الشعب العراقي، نظراً للمواقف السعودية السابقة واستعداد المملكة للاصطفاف إلى جانب أي جهة تُعادي العراق، سواء كانت عربية أو غير عربية".
وبيّنت، إن "هذا الموقف السعودي يجب ألا يمر بسهولة، وعلى رئاسة الوزراء ووزارة الخارجية العراقية إصدار بيان استنكار شديد اللهجة، وتذكير الجامعة العربية بتجاوزات الكويت على أراضي ومياه العراق والتعويضات التعسفية التي حصلت عليها الكويت من العراق".
*عدم تحرك "مخجل" بعد قرار الاتحادية
بعد قرار المحكمة الاتحادية، لم تتحرك الحكومة أو وزارة الخارجية لتطبيقه وهذا ما أثار استهجانا كبيرا وتساؤلات عن سبب تلك المواقف الخجولة لاسيما بعد الغضب الكويتي على القرار ورفض تطبيقه.
وبهذا الشأن استغربت كتلة حقوق النيابية، عدم تنفيذ رئيس الوزراء ووزارة الخارجية قرار المحكمة الاتحادية العليا بشأن اتفاقية خور عبد الله مع الكويت، مؤكدة مضيها بإجراءات توجيه إنذار رسمي إلى الخارجية العراقية لامتناعها عن تطبيق القرار.
وقال النائب سعود الساعدي، رئيس كتلة حقوق النيابية وعضو لجنة النزاهة النيابية في بيان، إنه "في الوقت الذي كنا ننتظر فيه من رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية العراقي تنفيذ قرار المحكمة الاتحادية العليا رقم 105 وموحدتها 194/ اتحادية/ 2023 الصادر في 4 -9-2023، المتضمن عدم دستورية القانون رقم (42) لسنة 2013 (قانون تصديق الاتفاقية بين حكومة جمهورية العراق وحكومة دولة الكويت بشأن تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله) فضلا عن إصدار وزارة الخارجية بيان احتجاج أو رد على قرار وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي المتخذ بتاريخ 17-9-2023 أو الرد على احتجاج دولة الكويت على قرار المحكمة الإتحادية العليا أعلاه، غير أننا تفاجئنا بقيام وزارة الخارجية العراقية إبلاغنا الاتصال الهاتفي بين مساعد وزير الخارجية الكويتي مع سفير العراق لدى الكويت متضمنا اتهامات عارية عن الصحة".
*إنذار رسمي لوزارة فؤاد حسين
وأضاف الساعدي، إنه "انطلاقا من واجبنا التمثيلي عن الشعب العراقي بكل مكوناته وفقا للمادة (49/ أولا) من الدستور، فإننا نؤكد على المضي قُدماً باستكمال الإجراءات القانونية وتوجيه إنذار رسمي ضد وزارة الخارجية التي تمتنع عن تطبيق قرار المحكمة الإتحادية العليا المذكور أعلاه على الرغم من تمتعه بالحُجيّة الباتّة والمُلزمة للسلطات كافة داخل العراق وخارجه وفقا للمادة (94) من الدستور، فضلا عن إلزام الحكومة عبر وزارة الخارجية وممثل العراق الدائم لدى الأمم المتحدة بإيداع وتسجيل قرار المحكمة الإتحادية العليا المذكور أعلاه لدى الأمانة العامة للأمم المتحدة".
وبهذا الصدد، أكد الساعدي، أن خور عبد الله العراقي (التميمي) هو جزء من السيادة العراقية الواجب حمايتها من قبل رئيس وأعضاء مجلس النواب ورئيس وأعضاء مجلس الوزراء وجميع السلطات العامة في العراق وفقا لأحكام للمواد (1)و(50) و(79) و(109) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005.