بروز ثلاثية "شايع والصدر والإمارات".. القبض على مسؤول حسابات بيت شايع في مصرف إماراتي يفتح الملفات المتشابكة.. تعرف على التفاصيل
انفوبلس..
أفادت أنباء عاجلة نُشرت، مساء أمس الثلاثاء، بتمكن القوات الأمنية من إلقاء القبض على مسؤول حسابات العائلة الأكثر جدلاً في المحافظة "بيت شايع" أثناء محاولته استلام مبلغ 7 ملايين دولار من مصرف أبو ظبي الإسلامي الإماراتي في البصرة، ما فتح باب الحديث عن دور الإمارات في العراق وربط الخيوط بين بيت شايع والتيار الصدري ودولة الإمارات بميناء الفاو.
*تفاصيل محدودة*
ونقلت وسائل إعلام وصفحات بمواقع التواصل الاجتماعي خبراً عن مصدر أمني يفيد القبض على شخص يُدعى عبد الله، ويعمل مديراً لحسابات بيت شايع أثناء استلامه 7 ملايين دولار من مصرف أبو ظبي في البصرة، دون ذكر المزيد من التفاصيل.
الخبر لاقى رواجاً كبيراً على مواقع التواصل الاجتماعي، قابله تكتيم أكبر من قبل الجهات ذات الصلة لعدة أسباب، أولها وبحسب مراقبين يعود إلى تشابك خيوط القضية حيث تبين تورط دولة الإمارات عبر المصرف التابع لها في المحافظة، وثانيها توتر وضع البصرة وتورط سرايا السلام بالقضية مع وجود أنباء تفيد بأن المتهم الرئيسي الهارب أحمد شايع لا يزال حتى الآن في قضاء الفاو بحماية التيار الصدري.
*طمأنة "الجمهور"*
وآخرها هو قيام شايع، صباح اليوم الأربعاء، بنشر مقطع صوتي له وهو يطمئن "جمهوره" بأنه بخير وسيعود قريباً، كما تهجّم بشكل صريح على عضوين بصريين في مجلس النواب، وهما النائب المستقل مصطفى سند، والنائب عن كتلة الصادقون عدي عواد.
وفي حساب على منصة "الانستغرام" يحمل اسم (أحمد شايع الصفحة الرسمية) ويحتوي على 115 ألف متابع، نشر صباح اليوم مقطعا صوتيا مدمجا مع صورة لأحمد شايع وهو يرسل فيه "رسالة اطمئنان"، وقال: هذه رسالة لأهلي وناسي وجمهوري في البصرة والفاو، أنا بخير وبصحة جيدة، والله والإمام الحسين خلصوني من سجون بني العباس.
وطالب جمهوره بعدم الانزعاج مما وصفه بـ"التسقيط الإعلامي من قبل عدة قوات مغرضة، وكم نائب من أولاد الرفيقات وأولاد البعثيات وهم (مصطفى أبو ذيل وعدي عواد وغيرهم)، أنا بخير وأنا أكبر منهم وهؤلاء لا يزالون صغاراً ويحاولون الظهور.
وأضاف، إن عودته لقضاء الفاو قريبة جداً.
مراقبون أكدوا أن شايع لن يفلت من قبضة العدالة مهما طال الزمن، وأن رسالته لمن يصفهم بأنهم جمهوره لا تتعدى كونها محاولة بائسة للظهور بمظهر المسيطر، ولكن ما تورط فيه ليس منه خلاص إطلاقاً. مضيفين، أن إصراره على خلق صراع مُشخصن مع نواب البصرة الذين يتابعون قضيته، وخصوصاً النائب مصطفى سند، يهدف إلى تشتيت الرأي العام وجرّه إلى منطقة الصراعات الشخصية وإشغاله عن القضية الأساس.
مؤكدين في الوقت ذاته أن القبض على مسؤول الحسابات وورود اسم الإمارات بالقضية ضيّق الخناق عليه أكثر ما دفعه الى محاولة تهدئة أتباعه عبر المقطع المنشور.
*آخر المعلومات المتوفرة*
وفي لقاء عُرض على قناة السومرية الفضائية، الشهر الماضي، ضمن برنامج "بالمختزل" تحدث النائب المستقل مصطفى سند عن تفاصيل جديدة خاصة بقضية المجرم الهارب أحمد شايع، وقال سند: إن أحمد شايع كان مسجونا بسجن القناة في بغداد ويمتلك هاتفاً محمولاً وهو في السجن حيث يقوم بالنشر على صفحاته بمواقع التواصل الاجتماعي ويقوم بتهديد بعض الأشخاص تارة، ونشر "لطميات" تارة أخرى، كما أن له العديد من الخَدَم في السجن فضلاً عن طبيب خاص.
وأضاف سند، إن شايع كان محكوماً بـ3 سنوات، انقضت منها سنة وإن سنة السجن تبلغ 9 أشهر، ما يعني أن المتبقي من محكوميته عدة أشهر لا تستحق أن يهرب بسببها، لافتاً إلى أنه نُقل إلى البصرة بسبب رفع دعوى قضائية ضده بسبب مشاجرة في المحافظة الجنوبية.
وتابع: عند نقله إلى البصرة كان أحمد يخرج من السجن بين الحين والآخر لمشاهدة زوجته وبعض معارفه ثم يعود مرة أخرى إلى السجن.
وعن السبب الحقيقي الذي دفع شايع للهروب، قال سند: عند تواجده في البصرة وانتظار انتهاء مدة محكوميته، فُتحت ضده دعوة سرية في بغداد كان لا يعلم بها، وبسببها قرر الهروب من السجن.
وبيّن، إن الدعوى كانت خطرة جداً ومرتبطة بأخيه عامر وإسماعيل الوائلي (شقيق محافظ البصرة الأسبق والمتهم الهارب المحكوم غيابياً بالسجن لمدة 7 سنوات) وشبكة خارجية، حيث قامت القوات الأمنية بالتنصت على مكالماته وهو داخل السجن واكتشفت شبكة اتصالاته، فذهبت قوة من بغداد لاعتقال شقيقه محمد (المتهم بأنه المورّد الأول في العراق للمخدرات)، فضلاً عن وجود اسم أحمد في القضية نفسها، فقام "نور زهير" (المتهم الأول بسرقة القرن) بالاتصال بأحمد شايع لإبلاغه بالأمر.
وأوضح سند، إن نور زهير مديون لـ"بيت شايع" بمبلغ 30 مليون دولار، وإن الطرفين على خلاف منذ نحو سنتين، ولكن بعد إبلاغ زهير لشايع بقدوم القوة الأمنة أسقط الأخير نصف ديون الأول.
وأكد، إن أحمد شايع اتصل بفصيل مسلح (لم يسمِّه) يستند عليه شايع بجميع جرائمه وطلب منهم أن يهرّبوه من السجن وهو ما حدث فعلا.
وعلى الرغم من عدم ذكر اسم الفصيل المسلح، إلا أن مقدم البرنامج سأله ما إذا كان مشاركاً بالحكومة أم لا، فأجاب سند بـ"لا"، وهو ما يؤكد أن سرايا السلام، الجناح المسلح للتيار الصدري، هي المسؤولة عن تهريب شايع من السجن، وهي المسؤولة أيضا عن جميع أعماله السابقة قبل القبض عليه، وفقاً لاعترافات الضابط المسؤول عن التهريب.
وأضاف سند، إن أحمد شايع موجود في قضاء الفاو لحد قبل 3 أسابيع وهو بحماية سرايا السلام.
وبحسب تصريحات النائب المستقل فإن عائلة شايع بدأت عملها وكوّنت ثروتها عبر تهريب "الكاز" والآن ينقسم أبناؤها بين مهربين للكاز ومتاجرين بالمخدرات ومتخابرين.
وكشف، إن العائلة تتستر بالدين والشعائر الحسينية للتغطية على نشاطاتها، حيث لديها حسينية كبيرة، وتقوم باستقدام رواديد وخطباء منبر مشهورين (أغلبهم لا يعلمون بحقيقة عمل العائلة) في كل عام، لدرجة أن قائد عمليات البصرة السابق كان يحضر للمجالس في حسينيتهم رغم ورود أوامر إلقاء قبض بحقهم.
وفي ذات السياق تطرق النائب مصطفى سند لباخرتَين تمتلكهما عائلة شياع وتستخدمهما للتهريب، الأولى تحمل اسم "أم الحسن" في إشارة إلى السيدة فاطمة الزهراء (عليها السلام)، والثانية تحمل اسم "البقيع".
*التغلغل الإماراتي*
وضمن تشابك خيوط القضية ببعضها، فقد ذكر النائب المستقل مصطفى سند، مصرف أبو ظبي الإسلامي، في منشور له بتاريخ 20/11/2023، وجاء فيه: "مكتب رئيس الوزراء يعطي استثناء لشركة دايو باستلام حصتهم من الدولار بالكامل وعن طريق (مصرف ابو ظبي الاسلامي)، وبالتالي جاء التوجيه للبنك المركزي فرع البصرة بأن يوزع معظم الدولار النقدي (الكاش) لهذه الشركة منذ قرابة الثلاثة أشهر، الأمر الذي سبب شحة الدولار لباقي الشركات والمقاولين المحليين وخسارتهم 20% من مستحقاتهم كون الاستلام بالعراقي وبالسعر الرسمي".
وأضاف، "كذلك الامر بالنسبة للعراقيين العاملين بالشركات الأجنبية ممن كانوا يتقاضون راتبهم بالدولار والآن بالعراقي وبالسعر الرسمي مما سبب انخفاض رواتبهم 20%، وجهنا سؤالنا للبنك المركزي عن اسباب هذا التعامل غير العادل".
وفي عام 2015، افتتح مصرف أبو ظبي الإسلامي الإماراتي فرعه في محافظة البصرة، وقالت الرئيس التنفيذي لمصرف أبو ظبي الإسلامي في العراق منى ياسين في تصريحات صحفية، إن "المصرف يسعى لتوسيع عمله في العراق عبر فتح فروع جديدة له في أغلب المحافظات العراقية لضمان توفير السيولة المالية للمستثمرين الإماراتيين الراغبين بالعمل في العراق".
وأضافت، إن "المصرف افتتح أول فرع له في بغداد عام 2012 من ثم افتتح فرعا ثانيا في أربيل وفرعه الثالث في محافظة البصرة".
ولفتت إلى أن "هناك خطة لافتتاح 10 فروع في 10 محافظات عراقية أخرى على مدى السنوات الثلاث القادمة".
*ميناء الفاو*
وتشغل قضية انتشار الشركات والمصارف الإماراتية في البلاد الرأي العام العراقي بشكل كبير في الآونة الأخيرة، وتُوِّج هذا التغلغل بسيطرة الإمارات على ميناء الفاو للفترة القادمة، حيث أبرمت الحكومة العراقية في الثالث من إبريل 2024 مع مجموعة موانئ أبو ظبي (ADX: ADPORTS) اتفاقية تمهيدية مع الشركة العامة لموانئ العراق، بموجبها سيتم تأسيس مشروع مشترك لتطوير ميناء الفاو الكبير وأية توسعة مستقبلية له، إلى جانب المنطقة الاقتصادية المحاذية للميناء.
وعزا الخبير الاقتصادي مصطفى حنتوش سيطرة الشركات الإماراتية على ميناء الفاو إلى ضعف المفاوض العراقي.
وقال حنتوش، إن" مشكلة الضعف في المفاوض الخارجي العراقي أنتجت تسليم ميناء الفاو بيد شركات إماراتية رغم الإنفاق الحكومي الكبير الذي قُدر بـ 10 مليارات دولار الى الآن"، لافتاً الى أنDubai World، وشركات إماراتية أخرى ستتكفل بتشغيل الميناء وتطويره وتوسعته مستقبلاً".
وتابع، إن "العراق هو الطريق الأساسي الذي سيُساهم بتشغيل موانئ الخليج بنقل البضائع الى أوروبا"، منوهاً الى أنه "من الممكن إدخال شركات استثمارية ورؤوس أموال في المشروع كجزء ولكن لا نمنحهم السيطرة الكاملة على المشروع".
وأكد: "على العراق أن يشكل الشركة العالمية لميناء الفاو وتُسجَّل دولياً وتكون مسؤولة على عقود الاتفاقيات والشراكة أسوةً بشركات العالم العاملة في هذا المجال".
*ثلاثية شايع والصدر والإمارات*
ويُعد "بيت شياع" وخصوصاً أحمد، من أبرز الشخصيات التي يتم ذكرها عند الحديث عن ميناء الفاو، حيث ساهمت هذه العائلة بالعمل برفقة عناصر مسلحة تابعة لسرايا السلام للاستحواذ على كل ما يمكن الاستحواذ عليه من المشروع العراقي الذي طال انتظاره.
وبحسب مراقبين فإن الحليف الإقليمي الأول لزعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر هو دولة الإمارات، وهذا ما ولّد رفضاً شعبياً لتولي الإمارات تشغيل الميناء.
إلى ذلك، حذر النائب عن تحالف الفتح محمد البلداوي، من إعطاء ميناء الفاو الى شركات ودول حاولت تعطي له في فترات سابقة، مشيراً الى أن "توقيع الشراكات مع مجموعة موانئ أبو ظبي الامارات تجعلنا نعيش هاجس الخوف".
وقال البلداوي، إن "توقيع اتفاقات مع دول منافسة لمشروع ميناء الفاو ومنح الامارات صلاحيات توسعة الميناء مستقبلاً، يخلق جواً من الخوف لدى المواطن العراقي والسياسيين"، منوهاً الى أن "الامارات تعتبر من الدول المنافسة على مستوى التجارة والموانئ".
وتابع، إن "بعض الشركات والدول حاولت في وقت سابق تعطيل هذا المشروع الحيوي كونه يشكل تهديداً على تجارتهم بالمنطقة"، لافتاً الى أن "العراق يمتلك الموقع الأهم في الربط بين الخليج العربي وقارة أوروبا عبر تركيا".
وأتمَّ البلداوي حديثه، بأن "ابتغاء الامارات الربح هو ما يجعل الاتفاق إيجابياً، ولكن قد تعطّل الامارات المشروع واستغلال إمكاناته لتطوير موانئها وهذا ما نخشاه".