بسبب "عليها السلام".. صراع بين نائبة بحزب السوداني وناشط ينتهي بحبس الأخير 4 أشهر

انفوبلس..
أفاد مصدر من داخل محكمة الحسينية (الزهور)، بإصدار حكم بحبس الشاب محمد عاشور 4 أشهر بتهمة الإساءة للنائبة عن تيار الفراتين سهيلة الساعدي، على خلفية منشور فيسبوك كتب فيه "عليها السلام" بعد اسمها وصفتها.
وتوقع محامون في الحسينية قبل جلسة المحاكمة، أن يكتفي القاضي بفرض غرامة مالية على عاشور تصل إلى مليون دينار، مؤكدين أن أسوأ الاحتمالات أن يصل الحكم إلى الحبس شهرين فقط، لكنهم تفاجؤوا بقرار المحكمة وحكم القاضي.
وكان عاشور علّل سبب كتابته منشور "إلى النائبة عليها السلام" بسيطرتها على كروبات الفيسبوك الفاعلة في منطقة الحسينية ومنع مُشرفي تلك الكروبات من كتابة أو نشر أي شيء يتعلق بتلكؤ الخدمات أو أداء الساعدي.
وخلال الفترة الأخيرة، وقبل صدور الحكم، كان الموظف المتعاقد في بلدية بغداد محمد عاشور ينتظر اليوم الأربعاء ليحدد القضاء مصيره بناءً على دعاوى النائبة عن تيار الفراتين سهيلة الساعدي، التي كان قد انتقدها في منشور وألحق اسمها بعبارة "عليها السلام" وهو ما أثار استياءها الشديد، لتبدأ بملاحقته في القضاء وحتى في دائرته كما يقول، إذ يروي تفاصيل تعرضه لهجوم داخل الدائرة، شنته النائبة مع زوجها الذي هدد بعبارة "أكسر ظهرك".
وتبدأ القصة -والحديث كله وفقاً لعاشور- حين حاول الموظف كتابة منشورات تنتقد الخدمات في الحسينية وأداء النائبة والحكومة، لكنه يقول إن النائبة تسيطر بالفعل على معظم كروبات فيسبوك الفاعلة في الحسينية، ما دفعه لكتابة مناشدة ساخرة بدأها بعبارة "إلى السيدة النائبة عليها السلام.. أرجو الموافقة على نشر منشوراتي"، وخاض عاشور والنائبة الساعدي سلسلة مواجهات قانونية ودعاوى متبادلة، انتهت بأن تلقّى عاشور طلباً من دائرته بالتوقف عن الدوام مؤقتاً "تجنباً لإحراجنا مع النائبة وريثما ينتهي الأمر قضائياً أو بالتراضي"، وحصل عاشور بالفعل على قرار قضائي بسجن زوج النائبة، لكنها ميّزت القرار وقرر القضاء تخفيض الحكم.
وعاشور موظف متعاقد وفق قرار 315، ويخشى أن يفقد وظيفته بسبب الضغوطات الكبيرة، وأثارت الحادثة غضب شباب وناشطي الحسينية إذ ناشدوا رئيس الوزراء محمد شياع السوداني للتدخل وحل القضية، سيما أن الساعدي تتبع لتيار الفراتين، كما توعدوا في حال المساس بعاشور فإن ذلك سيقابل بحراك جماهيري وتظاهرات أمام مقر النائبة، وأصدر رئيس منظمة "وهج" لحقوق الإنسان، سعد المالكي، بياناً غاضباً استنكر فيه استخدام السلطة والنفوذ وانتهاك قيم الدولة وحرية التعبير التي كفلها الدستور.
القصة على لسان عاشور
"أنا موظف بدائرة البلدية في بغداد بصفة عقد، نشرت منشوراً قلت فيه إلى الست النائبة عليها السلام، وهو انتقاد لأن النائب سهيلة الساعدي، تمنع نشر أي منشورات تتنقد أي تلكؤ حكومي أو نقد لعملها، وبعد أن رأت المنشور جاءت إلى الدائرة رفقة زوجها وحمايتها ورفعت السلاح وهددوني ثم قال لي زوجها “أكسر ظهرك”، وكل ذلك داخل دائرتي لكن تصوير الكاميرات حُذف بضغط منها".
"أقمتُ دعوى تهديد على زوجها، وصدر الحكم بسجنه 3 أشهر و10 أيام، لكنها ميّزت القرار، وعادةً قرار التمييز يأخذ على الأقل 15 يوماً، لكنها خلال يومين حصلت على تمييز القرار وتحولت العقوبة من سجن إلى غرامة 500 ألف فقط، ودفعت الغرامة وخرج زوجها من السجن".
"الشهود الذين شهدوا معي تعرضوا للتهديد من زوجها بالفصل وبكتاب رسمي، وزوجها هو مدير مكتبها، وخاطب دوائر الدولة بتشكيل لجنة تحقيقية بالموظفين الذين شهدوا معي على الحادثة وهذه إساءة استخدام للسلطة".
"بعد أن كسبتُ الدعوى ضد زوجها، قامت برفع دعوى ضدي بناءً على المنشور الذي قلت فيه “النائبة عليها السلام”، ووضحت أمام القاضي أنني لا أنوي الإساءة، وهذه القضية تحولت لنقابة الصحفيين ولم يأتِ رد، ثم تحولت إلى خبير لغوي وقال إن مضمون الكلمة لا يحمل إساءة لكن في نهاية تقرير الخبير طالب بإدانتي، والقضاء غرّمني 500 ألف بناءً على هذه الجملة، ولم تكتفِ النائبة بذلك، بل قامت بتمييز القرار، وإعادة المحاكمة وسجني، وصدر قرار بسجني ولديّ جلسة محكمة في 4 حزيران وبناءً عليها يُقرر سجني أو عدمه".
"تقدمتُ بالدعوى ضدها بصفتي موظف على رأس عملي وتهددت في دائرتي، فيما هي سعت عبر كتب رسمية مع دوائر أخرى وقالوا إنني غير موظف وغير موجود في الدائرة، فتحولت القضية من تهديد موظف إلى تهديد عام، أنا لديّ بصمة دوامي وحضوري في نفس يوم الحادثة وكل الإثباتات قدمتها للقاضي".
النائبة عملت على تشكيل لجنة تحقيق بأمر من المحافظ مضمونها “استحصلت موافقة محافظ بغداد على تشكيل لجنة تحقيقية بحق الموظف في بلدية الزهور محمد عاشور بخصوص المشاجرة الحاصلة بينه وبين مدير مكتب النائبة”.
"اللجنة عرفت أن دائرتي مقصرة ولم تستخدم سلطتها في ذلك وقالت لماذا لم تقيموا دعوى للموظف محمد عاشور طالما أنكم تمتلكون وحدة قانونية، ولم يُجِب أحد على اللجنة لأن الساعدي تضغط عليهم والدليل أن القاضي خاطبهم وطلب تصوير الكاميرات في الدائرة لكنهم قالوا إنه “تم حذفه”، بعد ذلك حين شعرت أن نتائج اللجنة لصالحي، طالبت النائبة بتغيير اللجنة".
"جاءت اللجنة الثانية وهي مكونة من زملائي الذين شهدوا لصالحي، وقامت حمايات الساعدي بتهديدهم وطلبوا منهم أن يسحبوا شهادتهم وإلا سيتعرضون لعقوبات".
ردود الأفعال
بعد قرار الحبس، نشرت صفحة "شبكة الحسينية" وهي الأشهر في القضاء ويديرها مجموعة من شباب المدينة، منشوراً قالت فيه "أحد أسوأ أشكال استغلال السلطة في العراق هو تحويل القانون إلى سيف مُسلّط على رقاب عامة الناس، وناعم كـ ريش النعامة على المسؤولين وعائلاتهم ومقرّبيهم و"لواحيگهم".
وأضافت، إن "القضاء يُصدر حكمًا بالحبس على محمد بن عاشور بسبب منشور وردت فيه عبارة "عليها السلام" على "نائبة" من حزب السوداني، بينما يكتفي بغرامة قدرها 500 ألف دينار على زوجها، رغم اقتحامه دائرة حكومية واعتدائه على محمد أثناء تأديته لواجبه.. هذا شكل العدالة بالعراق".
وبعد القرار بدأت جهات متعددة في الحسينية بمحاولة عقد صلح بين عاشور والنائبة بغرض تنازل الأخيرة الأمر الذي دفع بشقيق الناشط إلى نشر منشور قال فيه "نحن عشيرة وعائلة محمد عاشور، لم ولن نُكلّف أي جهة أو شخصية من القضاء أو من خارجه بطلب التنازل.. شكراً لمَن ساند ووقف موقف شريف، ولنا خطوات قادمة بإذن الله".