حكومة كردستان تواجه انتهاكاتها.. أُسرة بارزاني تقطع رواتب جهاز مكافحة الإرهاب.. وبغداد تتحرك لمحاصرة ديكتاتور أربيل
انفوبلس..
بتخبطات مستمرة، تسير سلطة إقليم كردستان بمحافظاتها الثلاث تجاه أزمات متفاقمة وأوضاع متوترة قد تنفجر في أي لحظة، فبعد عشرات الخلافات مع الحكومة الاتحادية، تبرز الخلافات الكردية الداخلية إلى السطح بين الحين والآخر لتهدد بشكل مباشر أوضاع المواطنين القابعين تحت تلك السلطة.
يوم أمس الثلاثاء، قررت حكومة كردستان التي يسيطر عليها الحزب الديمقراطي الكردستاني إيقاف صرف رواتب قوات جهاز مكافحة الإرهاب التابع للاتحاد الوطني الكردستاني (دزه تيرور)، في خطوة من شأنها أن تفاقم الوضع المتوتر بين الحزبين الرئيسيين في الإقليم الواقع شمالي العراق، وفق مصدر مطلع في الإقليم.
وتأتي الخطوة بعد أيام من إصدار محكمة أربيل حكما قضائيا يقضي بـ”إعدام” قائد الجهاز وهاب حلبجي وخمسة آخرين على خلفية حادثة اغتيال العقيد هاوكار رسول جاف في عاصمة الإقليم في أكتوبر 2022.
ويرى متابعون أن إيقاف صرف رواتب عناصر جهاز مكافحة الإرهاب يستهدف الضغط على قيادة الاتحاد الوطني من أجل تسليم المدانين، لكن من غير المرجح أن يستجيب الحزب الذي يتزعمه بافل طالباني لهذه الضغوط، حيث يعتبر أن القضية مسيّسة وتستهدف النيل منه.
وأضاف المصدر، أن “حكومة الإقليم أوقفت صرف رواتب قوات مكافحة الإرهاب، وذلك بعد رفض تسليم رئيسها حلبجي المحكوم بالإعدام من قبل محكمة أربيل”.
وأضاف المصدر، أنه “سيجري في الأيام المقبلة اتخاذ قرارات عديدة للتضييق على قوات مكافحة الإرهاب في السليمانية، كجزء من الضغط بهدف تسليم حلبجي المطلوب للقضاء”.
الاتحاد يرفض أحكام الديمقراطي
وكان المكتب السياسي للاتحاد الوطني قد أعلن في وقت سابق عن رفضه تسليم رئيس جهاز مكافحة الإرهاب في السليمانية.
وقال عضو المكتب سعدي أحمد بيرة في مؤتمر صحفي “هذه الأحكام والمحاكمات مسيّسة ووصمة عار في المسيرة القضائية وسبق أن صدرت أحكام مماثلة على قادة في الاتحاد تسلموا مناصب رفيعة في الإقليم”.
ويرى متابعون للشأن الكردي أن قرار إيقاف رواتب الجهاز من شأنه أن يعزز الفجوة القائمة بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي، والتي اتسع نطاقها لاسيما بعد نجاح حزب طالباني مؤخرا في فرض شروطه في الموازنة الاتحادية، ومنها إمكانية تدخل بغداد لحسم الخلافات المالية في الإقليم.
ويستند الاتحاد الوطني على دعم سياسي واضح من قبل بغداد، وهذا الأمر يشكل مصدر قلق للحزب الديمقراطي الذي يتزعمه مسعود بارزاني الذي يبدو أنه يسعى لتوظيف حادثة اغتيال جاف كورقة سياسية في عمليات مساومة مع غريمه.
ويعتقد المتابعون أن الأمور بين الطرفين ماضية نحو المزيد من التصعيد، الأمر الذي يصعب معه التكهن بمآلاته. ويشير المتابعون إلى أن الأزمة بين الحزبين تتعلق بصراع نفوذ على إدارة الإقليم، خاصة مع اقتراب الاستحقاق التشريعي المفترض أن يجري قبل نهاية العام الجاري.
وكرّمَ مؤخراً زعيم الاتحاد الوطني قادة جهاز مكافحة الإرهاب، وعلى رأسهم حلبجي، وذلك بعد أقل من يوم على إصدار محكمة أربيل حكمها، في رسالة من طالباني بأنه لن يعترف بهذا الحكم أو يسلّم قادته.
والتقى طالباني بحلبجي وبعض قادة الجهاز الأمني التابع لحزبه. وحسب بيان لمكتب رئيس الاتحاد، فقد “عرض مدير عام مكافحة الإرهاب الاستراتيجية الاستخباراتية والعسكرية المستقبلية لإدارته لحماية الإقليم ومحاربة الإرهاب والتنسيق مع القوات الاتحادية وحلفائها”، مؤكدا على “استمرار العمليات والجهود المبذولة للحفاظ على الاستقرار في المنطقة”.
وقدّم طالباني “شكره لقوى مكافحة الإرهاب كأول قوة محاربة للإرهاب في كردستان وجهودها لمحاربة الإرهابيين وإحباط عدة مؤامرات لزعزعة أمن المنطقة”، قائلا “أنتم مثال للقادة المخلصين والعمل الدؤوب في كردستان وسجّلتم تاريخاً نفخر به، إن نشاطاتكم للمحافظة على استقرار المنطقة وأهلها المحبوبين تشهد على إخلاصكم وعدم الكلل”.
وتابع، “إننا سنواصل العمل مع حلفائنا لتوسيع وتقوية قوات مكافحة الإرهاب لتصبح درعًا أقوى لحماية كردستان”، وفي ختام اللقاء قدّم “هدية لمديرية مكافحة الإرهاب تقديراً لجهودهم وتضحياتهم من أجل إقليم كردستان”.
بغداد تدخل على الخط
وفي سياق آخر من شأنه أن يحاصر قيادة الإقليم بانتهاكاتها المستمرة، قدّم رئيس كتلة حقوق النيابية النائب سعود الساعدي طعناً أمام المحكمة الاتحادية بشأن سرقة رواتب موظفي الإقليم من قبل الحكومة الكردية تحت مسمى "الادخار الإجباري" وفق قانون تم تشريعه في حقبة رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي المعرف بقربه من آل بارزاني.
جاء ذلك بعد أيام من تغريدة نشرها الساعدي على حسابه الشخصي في "تويتر" ذكر فيها: الاستئثار بالسلطة ظُلماً وسرقة قوت أهلنا الكرد عدواناً وتهريب النفط تجاوزاً ونهب نفط العُراق استهتاراً والتعامل مع الصهاينة بغياً والقفز على الدستور تعدّياً. مخادعات لا تغطيها الخطابات المتطرفة ولا تنفعها دغدغة المشاعر القومية ولا الشعارات الانفصالية ولا أكاذيب المظلومية والشوفينية. ألاعيبُ خلقتها ظروف خاصة بانت نهايتها والحقّ لا يسقط بالتقادم وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.
ويوم أمس الثلاثاء، قال الساعدي في بيان: دفاعاً عن حقوق كل العراقيين وانطلاقاً من تمثيلنا لهم ورفضاً لمصادرة حقوق المستضعفين في كل شبر من أرض وطننا الحبيبة.
قدّمنا طعناً لدى المحكمة الاتحادية حول قرار حكومة أربيل بالاستقطاع الإجباري "الادخار الإجباري" لرواتب الموظفين في الشمال العراقي.
وأرفق الساعدي بيانه بوثيقة مقدَّمة إلى المحكمة الاتحادية يشتكي فيها من رئيس وزراء إقليم كردستان، ورئيس الوزراء العراقي إضافة لوظيفته (لأن قانون الادخار الإجباري تم تشريعه عبر مجلس الوزراء في حقبة الكاظمي).
الوثيقة المرفقة:
إلى ذلك أعلنت كتلة الجيل الجديد النيايبة، عزمها الذهاب نحو القضاء لإرجاع الفقرة الخاصة بالادخار الإجباري لموظفي الإقليم.
وقال ريبوار أحمد النائب في كتلة الجيل الجديد النيابية، إن "الحزبين الرئيسيين والحاكمين في إقليم كردستان اتفقا على رفع فقرة الادخار الإجباري من قانون الموازنة الاتحادية والتي تخصّ موظفي الإقليم".
وأضاف، إن "كتلة الجيل الجديد النيابية عازمة على إعادتها لقانون الموازنة وإذا تطلّبَ الأمر سوف نذهب للقضاء والمحكمة الاتحادية للطعن بالموازنة وتحديداً بالمادة 14 التي كانت تتضمن موضوع الادخار الإجباري الذي فرضه حزبا الديمقراطي والاتحاد الوطني على موظفي الإقليم منذ عام 2014".