رسالة استنجاد من بارزاني لـ بايدن.. تطور جديد في تآمر الإقليم ومحاولات لإسقاط حكومة السوداني عبر واشنطن
انفوبلس/..
تحذير من انهيار الإقليم، أرسله رئيس وزراء حكومة أربيل مسرور بارزاني، موجهة إلى الرئيس الأميركي جو بايدن، مطالباً إياه بالوساطة في الأزمة مع بغداد، بحسب ما نقله موقع "المونيتور" الأمريكي.
موقع "المونيتور" الأميركي ذكر أنّ رئيس وزراء حكومة إقليم كردستان العراق مسرور بارزاني، حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن، في 3 أيلول 2023، من انهيار الإقليم في حال بقاء الأزمة مع الحكومة العراقية "من دون رادع".
وحثّ بارزاني بايدن على تأدية الوساطة بين أربيل وبغداد، ودفع إدارته إلى التحرك مع تصاعد التوترات بين البلدين.
وأشار الموقع إلى رسالة وجّهها بارزاني إلى بايدن منذ 3 أيلول الحالي، إلا أنّ البيت الأبيض تسلّمها يوم الأحد الماضي.
وفي الرسالة، أبدى رئيس الحكومة في أربيل خشيته من إيجاد صعوبة في التغلّب على هذا "المنعطف الحرج من تاريخنا".
بارزاني أبلغ واشنطن أنه |للمرة الأولى في فترة ولايته رئيساً للوزراء، قلق من انهيار نموذج العراق الفيدرالي الذي رعته الولايات المتحدة عام 2003، زاعمةً أنّها تقف إلى جانبه منذ ذلك الحين".
وأضاف بارزاني أنّه، وللمرة الأولى في فترة ولايته رئيساً للوزراء، قلق من "انهيار نموذج العراق الفيدرالي الذي رعته الولايات المتحدة عام 2003، زاعمةً أنّها تقف إلى جانبه منذ ذلك الحين".
تأتي هذه المناشدة وسط تصاعد التوترات بين أربيل وبغداد، فيما كرّر بارزاني دعواته لمزيد من المشاركة الأميركية من أجل "المساعدة في حل الخلافات"، وذلك خلال اجتماع عُقد الاثنين الماضي في أربيل مع السفيرة الأميركية لدى العراق ألينا رومانوفسكي.
كركوك آخر نقاط الخلاف
وكانت المحكمة الاتحادية العليا في العراق قد قرّرت في 3 أيلول الحالي إيقاف إجراءات تسليم مقرّ قيادة العمليات المشتركة في محافظة كركوك، شمالي البلاد، للحزب الديمقراطي الكردستاني بعد يوم واحد من سقوط قتلى وجرحى خلال تظاهرات في المحافظة.
وأفاد الناطق باسم قيادة شرطة كركوك، عامر شواني، بأنّ حصيلة ضحايا الأحداث التي شهدتها المحافظة بلغت 4 قتلى و15 مصاباً.
واندلعت أزمة بين أربيل وبغداد على خلفية طلب الحزب الديمقراطي الكردستاني إلى الجيش العراقي إخلاء مبنى العمليات المشتركة في المدينة، انطلاقاً من أنّه كان مركزاً للحزب قبل أن يتّخذه الجيش مقراً في تشرين الأول/ أكتوبر 2017.
وعقب ذلك، قام مئات المحتجين من العرب والتركمان في محافظة كركوك بقطع طريق أربيل – كركوك، رفضاً لقرار تسليم مقر قيادة عمليات كركوك للحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسرور البارزاني.
في المقابل، خرج محتجون من الكرد في كركوك في تظاهرة أخرى احتجاجاً على قطع الطريق.
تاريخ من تآمر الإقليم على المركز
تعدّ الخلافات والتقاطعات المستمرة بين بغداد وأربيل بشأن توزيع الموارد المالية وتبعية بعض المدن والمناطق والتركيبة الديموغرافية لها وحصة الكرد من المناصب والمواقع العليا، مؤشرات ودلائل واضحة على حجم التعقيدات في العلاقة بين المركز والاقليم
وأسفر حراك الشهور القلائل الماضية بين الحكومة العراقية الاتحادية والحكومة المحلية في إقليم كردستان إلى حقيقة جوهرية ومهمة، تتمثل في أن هناك واقعاً صعباً ومعقداً من النواحي السياسية والاقتصادية والأمنية يحتم على الطرفين الجلوس المستمر إلى طاولة البحث والنقاش، وطرح كلّ الملفات وتفكيكها بصورة تفصيلية، على أمل التوصل إلى حلول وسط والالتقاء عند نقاط قانونية، إن لم يكن ممكناً حسم القضايا العالقة وإغلاق الملفات الشائكة.
ولعل المسيرة الطويلة من الخلافات والصراعات والمؤامرات والحروب بين السلطة المركزية في بغداد والكرد في الشمال، والممتدة لعدة عقود، ولاسيما خلال حقبة حكم حزب البعث (1968-2003)، كرَّست حالة من انعدام الثقة بين الطرفين.
هذه الحالة بقيت راسخة ومتأصلة حتى بعد إطاحة نظام صدام في ربيع عام 2003 ودخول الكرد كطرف رئيسي في العملية السياسية الديمقراطية وإدارة شؤون الدولة بمختلف مفاصلها.
وتعدّ الخلافات والتقاطعات المستمرة بين بغداد وأربيل بشأن توزيع الموارد المالية وتبعية بعض المدن والمناطق والتركيبة الديموغرافية لها وحصة الكرد من المناصب والمواقع العليا، وحتى وجودهم في هيكلية المؤسسات الأمنية والعسكرية، مؤشرات ودلائل واضحة على حجم التعقيدات في العلاقة بين الطرفين.
انعدام الثقة انسحب إلى الدستور الذي تم الاستفتاء عليه وإقراره في 15 تشرين الأول 2005، من خلال المادة 140 -المتعلقة بالمناطق المتنازع عليها، وبالدرجة الأساس محافظة كركوك- التي كانت، في نظر البعض، بمنزلة قنبلة موقوتة وعقبة أمام أي حل أو حلحلة لمشكلات الماضي وأزماته، إن لم تكن قد جاءت لتعميقها وتكريسها.
حكومة أربيل وخلط الأوراق
الحوارات والمباحثات المتواصلة بين بغداد وأربيل كانت غالباً ما تؤدي إلى خلط الأوراق وتعميق المشكلات بدرجة أكبر من قبل الإقليم، بدلاً من أن تُسهم في تقريب وجهات النظر وتجسير الهُوّة بينهما، وربما أشارت بعض أحداث النصف الثاني من عام 2017 إلى أن الطريق ما زال طويلاً لتصفير الخلافات، فبينما أقدمت حكومة الإقليم على إجراء استفتاء شعبي عام على انفصال الإقليم في 25 أيلول من العام المذكور، وجه رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي بعد نحو أسبوعين برفع العلم العراقي على كل مباني محافظة كركوك المتنازع عليها بعد إخراج الكرد منها وإغلاق كل مقارهم الحزبية.
والآن، فإن التفاعلات الحادة والساخنة بخصوص الموازنة المالية ومتعلقاتها بالنسبة إلى الإقليم، وكذلك بخصوص الوجود الكردي في محافظة كركوك، أوضحت إلى حد كبير أن الهُوّة ما زالت واسعة جداً بين بغداد وأربيل، وأن جدار الثقة يعتريه الكثير من التصدعات.
ولأن الأمور كانت على طول الخط معقدة وشائكة، ومن الصعب بمكان حسمها ومعالجتها بصورة مُرضية ومقنعة للطرفين بسبب غياب الثقة إلى حد كبير، فمن الطبيعي جداً أن يتفجر الموقف وترتفع وتيرة الأزمة بين بغداد وأربيل بعد فترة من الهدوء النسبي منذ تشكيل الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني في شهر تشرين الثاني من العام الماضي.
أزمة كركوك
وعلى خط موازٍ، زادت الاحتقانات والتشنجات الأخيرة في محافظة كركوك بين مكوناتها العربية والكردية والتركمانية الطين بلّة، ولاسيما أن الحزب الديمقراطي الكردستاني كان الطرف الكردي الرئيسي فيها، فبعدما علقت المحكمة الاتحادية العليا قرار الحكومة الاتحادية بتسليم مقر العمليات المتقدم - موضع الخلاف - للحزب الديمقراطي إلا بعد التثبت من عائديته، حدثت صدامات أدت إلى مقتل وإصابة عدد من المواطنين.
ورغم أن الحكومة الاتحادية أرسلت تعزيزات عسكرية لضمان الأمن والاستقرار في المحافظة ومنع أي مظاهر وتحركات من شأنها إرباك الأمور، فإن الأوضاع فيها ما زالت متشنجة، وإن طغى عليها الهدوء الحذر.
سرقة قوت الشعب الكردي
ويعاني الشعب الكردي من ظروف معيشية صعبة، رغم عمليات بيع النفط من قبل حكومة إقليم كردستان، والتخصيصات المالية الكبيرة من الحكومة الاتحادية في بغداد، وهو ما يثير تساؤلات عديدة حول مصير هذه الأموال.
وكشفت اللجنة المالية النيابية، الاثنين الماضي، حقيقة الأموال المستلمة من وزارة المالية لإقليم كردستان من الموازنة العامة الاتحادية، مؤكدة أن الإقليم حصل على ثلاثة أضعاف من حصته الفعلية.
وقال عضو اللجنة معين الكاظمي في تصريح صحفي، إن "ما يُرسل لإقليم كردستان بعنوان من المصروف الفعلي لا يذكر فيه تفاصيل الصرف سواء كان للرواتب او للرعاية الاجتماعية بل يُحسب من النسبة المقررة".
وأضاف الكاظمي، إن "ما حصل عليه الإقليم من موازنة 2023 من أموال هو ثلاثة أضعاف حصته المقررة والبالغة 17 تريليونا، حيث استلم الإقليم 8 تريليونا و80 مليارا بضمنها احتساب إيراداته النفطية وغير النفطية إضافة الى تريليون عن صندوق تنمية الأقاليم".
وأشار الى، أن "هذا المبلغ داخل في خزينة الإقليم فعليا". لافتاً الى أن "إقليم كردستان بإمكانه في الوقت الحالي دفع رواتب موظفيه لثمانية أشهر من السنة الجارية".