طعن "مُربِك" في تعديل قانون مفوضية الانتخابات ربما يُفضي لاحتمالات معقدة.. السلامي يقدّم طلباً للاتحادية
انفوبلس/ تقرير
في الوقت الذي تستعد فيه مفوضية الانتخابات لإجراء المحاكاة الرابعة لاختبار الأجهزة الإلكترونية والسيرفرات في جميع المحطات الانتخابية، يبدو أن هناك طارئًا جديدًا ربما يعطّل إجراء الانتخابات في موعدها.
"امتداد" تطعن بعدم قانونية الجلسات الاستثنائية لتعديل قانون مفوضية الانتخابات
فقد أعلنت كتلة امتداد النيابية عن تقديمها طعنًا في قانونية جلسة مجلس النواب الخاصة بالتصويت على تعديل قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أمام المحكمة الاتحادية، الأمر الذي يمكن أن يفتح الباب واسعًا أمام خيارات عديدة سوف يحددها القرار الصادر عن المحكمة.
ويقول رئيس الكتلة حيدر السلامي في بيان تلقته "انفوبلس"، إنه "انسجاماً مع وظيفة واختصاص المحكمة الاتحادية العليا وتطبيقاً لأحكام الدستور وقانون مجلس النواب وتشكيلاته، وعملاً بما جاء في النظام الداخلي لمجلس النواب، ولضمان دستورية أعمال مجلس النواب، وعدم التعدي الكيفي على النصوص الحاكمة والمنظمة لعمله واختصاص هيأته ومكوناته، بادرنا للطعن في مخرجات الجلسات الاستثنائية للدورة الخامسة والمنعقدة أيام 18 و22 /11/ 2023".
وعدَّ السلامي "الجلسة، باطلةً، ومنها تعديل قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات رقم 31 لسنة 2019، لمخالفتها القانون والنظام الداخلي مما يشكل انتهاكاً دستورياً واضحاً".
وكان مجلس النواب، قد عقد في 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، جلسة استثنائية برئاسة النائب الأول لرئيس البرلمان محسن المندلاوي، أنهى خلالها قراءة تقرير ومناقشة مقترح قانون تعديل قانون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات رقم (31) لسنة 2019.
وكانت الجلسة الاستثنائية للبرلمان قد أثارت جدلا نيابيا، إذ عدَّها برلمانيون ومنهم النائب عامر عبد الجبار، غير قانونية لانعقاد الجلسة الأولى بعد إعفاء رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، وأنها يتعين أن تُخصص لاختيار بديل عنه وليس لإقرار مقترح قانون تعديل مفوضية الانتخابات.
كما ردت اللجنة القانونية النيابية، في وقت سابق، على النواب المعترضين بشأن قانونية انعقاد الجلسة الاستثنائية لمجلس النواب وإقرار تعديل قانون المفوضية العليا للانتخابات، داعيةً أولئك المعترضين إلى اللجوء للمحكمة الاتحادية للطعن فيها.
يؤكد عضو اللجنة أوميد محمد، أنه "لا توجد أي إشكالية قانونية في انعقاد جلسة التصويت على تعديل قانون المفوضية العليا للانتخابات، وأي شخص يرى خلاف ذلك يستطيع تقديم طعن في المحكمة الاتحادية بشأن قانونية الجلسة".
ويبين، أن "اللجنة القانونية النيابية تجد أن الجلسات الاستثنائية يتم تحديدها بعد جمع 50 توقيعا من أعضاء مجلس النواب لانعقادها، وبهذا لا يوجد أي خلل قانوني بانعقاد الجلسة وإقرار القانون".
وحول ما يمكن أن يصدر عن المحكمة بعد طلب حيدر السلامي، يؤكد الخبير القانوني أمير الدعمي، أنه "وفقًا للمادة 55 من الدستور والمادة 12 من النظام الداخلي لمجلس النواب، فإن المحكمة ستصدر قرارًا بعدم شرعية الجلسة إلا إذا كان لها اجتهاد أو تفسير آخر". مبينًا، أن "المواد المذكورة تلزم المجلس بانتخاب رئيس للبرلمان في أول جلسة بعد خلوّ المنصب".
ويرجح الدعمي، "إمكانية تأجيل الانتخابات لغاية حسم وضع رئاسة مجلس النواب".
وفي الاتجاه ذاته، يقول الخبير القانوني أحمد العبادي، إن "صدور قرار من قبل المحكمة الاتحادية بعدم شرعية جلسة تعديل قانون المفوضية يعني عدم وجود مجلس للمفوضين وبالتالي لا يمكن حينها إجراء انتخابات مجالس المحافظات في موعدها المحدد".
ويضيف، إن "صدور قرار بعدم قانونية الجلسة يعني أن مجلس النواب لن يكون بمقدوره فعل أي شيء إلا بعد اختيار رئيس جديد للبرلمان".
وأعلنت المحكمة الاتحادية العليا "أعلى سلطة قضائية في العراق"، يوم الثلاثاء 14 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي 2023، إنهاء عضوية رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، على خلفية دعوى قضائية رفعها ضده النائب ليث الدليمي اتهمه فيها بتزوير استقالة له (الدليمي) من عضوية مجلس النواب، وعلى إثره قضت المحكمة الاتحادية بإنهاء عضويتهما (الحلبوسي والدليمي).
وتأتي هذه التطورات في وقت يستعد فيه العراق لإجراء الانتخابات المحلية المقررة في نهاية العام الحالي، وهي أول انتخابات محلية تُجرى في العراق منذ إبريل/ نيسان 2013، حين تصدّرت القوائم التابعة لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي النتائج، وقبل ذلك أُجريت انتخابات مجالس المحافظات في عام 2009.
*هيئة مستقلة
وتُعد مفوضية الانتخابات العراقية، هيئة مستقلة، وتُعرِّف نفسها بكونها "محايدة"، فيما تخضع لرقابة مجلس النواب العراقي. لكن تركيبة المفوضية شابها الكثير من اللغط، عبر اختيار المسؤولين فيها وأعضاء مجلس المفوضين، وصولاً إلى الموظفين في مكاتب المفوضية في المحافظات العراقية. وسبق أن خرجت للعلن خلافات سياسية أبرزها ما يتعلق بمجلس المفوضين وتقسيم أعضائه.
ويتكوّن مجلس المفوضين من تسعة أعضاء، بينهم رئيس المفوضية، وهم من القضاة، ونائب الرئيس ومقرر المجلس من أعضائه الآخرين، إضافة إلى شخص يتم تعيينه من قبل مجلس المفوضين رئيساً للإدارة الانتخابية. وتكون ولاية أعضاء مجلس المفوضين أربع سنوات غير قابلة للتمديد، لكن سبق أن مُدِّد عمل المفوضية مرّةً.
ويتم اختيار مجلس المفوضين في مفوضية الانتخابات من قبل مجلس القضاء الأعلى في العراق من خلال قرعة تُجرى بشكل علني، وهو إجراء جديد بدأ اتّباعه في العراق عقب تظاهرات أكتوبر/ تشرين الأول 2019، لتلبية مطالب المتظاهرين الذين أصرّوا على إنهاء المحاصصة داخل مفوضية الانتخابات.
ورغم الأحاديث المتداوَلة والمشككة بإمكانية إجراء الانتخابات المحلية في 18 ديسمبر (كانون الأول)، فإن معظم الإشارات الصادرة عن قادة قوى "الإطار التنسيقي" تؤكد أنها مصممة على إجرائها في موعدها، لكن قد يكون للمحكمة الاتحادية رأي أخر.
ومازالت التوقعات متضاربة وغير واضحة بشأن نسبة المشاركة المتوقعة في الانتخابات القادمة، إلا أن مراقبين يتوقعون مشاركة كبيرة هذه المرة، بسبب أن انتخابات مجالس المحافظات تختلف عن الانتخابات البرلمانية، لاسيما وأن المرشحين في الانتخابات المحلية كثيرا ما يعتمدون على الجماهير المحيطة بهم الذين بدورهم يحرصون على خوض هذه التجربة.
وأُلغيت مجالس المحافظات عام 2020، حين صوَّت البرلمان العراقي على إنهاء عملها استجابةً لمطالب الحراك الاحتجاجي الذي انطلق في أكتوبر (تشرين الأول) 2019، قبل أن تقر الكتل السياسية إعادتها عبر انتخابات محلية، وفقاً للاتفاق السياسي الذي شكل حكومة محمد شياع السوداني عام 2022.
ومن المقرّر أن يُجري العراق الانتخابات المحلية في 18 ديسمبر المقبل، وستكون هذه أول انتخابات محلية تُجرى في العراق منذ إبريل/ نيسان 2013، وتتولى مجالس المحافظات المُنتخبة مهمة اختيار المحافظ ومسؤولي المحافظة التنفيذيين، ولهم صلاحيات الإقالة والتعيين، وإقرار خطة المشاريع بحسب الموازنة المالية المخصصة للمحافظة من الحكومة المركزية في بغداد، وفقاً للدستور العراقي.
وستُجرى انتخابات مجالس المحافظات العراقية، وفقاً لطريقة "سانت ليغو" التي تعتمد على تقسيم أصوات التحالفات على القاسم الانتخابي 1.7، ما يجعل حظوظ الكيانات السياسية الكبيرة تتصاعد على حساب المرشحين المستقلين والمدنيين، وكذلك الكيانات الناشئة والصغيرة.
وكانت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق أكدت أن قرابة 70 حزباً وتحالفاً سياسياً، وأكثر من 6 آلاف مرشح يتنافسون على مقاعد مجالس المحافظات في الانتخابات المحلية، المقرر إجراؤها في 18 ديسمبر/ كانون الأول الحالي.