عبد الكريم قاسم.. هل كان سنيا أم شيعيا؟ وما تأثير أمّه عليه؟.. إليك ما لا تعرفه عن "الزعيم"
انفوبلس/ تقارير
والده كان "نجارا" في محلة شعبية فقيرة، اسمها (المهدية)، رُزِق بثلاثة بنين: هو، وحامد وعبد اللطيف. تنقلت العائلة الفقيرة في بيوت طين الفقراء في الصويرة ومن ثم في بغداد مرة ثانية في محلة "قنبر علي" التي تقع بين أحياء شعبية معروفة لأهل بغداد: المهدية وإبراهيم عرب والفضل.
وُلِد هذا الرجل عام 1914 وأكمل دراسته في الثانوية المركزية، حيث كان متفوقا على أقرانه، ومن ثم عُيِّن مدرسا في أرياف "الشامية" في الديوانية لأقل من سنة، وكانت مدن العراق تغلي ضد الإنكليز، ومعاهدة 1930، وإضرابات الطلبة تعمّ بغداد والجنوب، فقرر ترك مهنة التدريس والالتحاق بالكلية العسكرية في منتصف أيلول عام 1932، ووضع النجمة الأولى على كتفه في منتصف نيسان 1934، ليخدم كضابط في المعسكرات خارج العاصمة، حيث اتسمت حياته بالصرامة والجرأة منذ أن خدم في صفوف الجيش، ويتدرج في الخدمة العسكرية بعد أن مُنِح رتبة "أركان" عام 1941، حتى إذا ما وقعت الحرب العربية – الصهيونية بعد إعلان ما يسمى بـ"دولة إسرائيل" في 15 أيار 1946، شارك فيها كآمر الفوج الثاني في جحفل اللواء الأول وهو يحمل رتبة "مقدَّم ركن"، لتبدأ لاحقا مسيرة عبد الكريم قاسم الوطنية من مدينة "كفر قاسم" في غرب نهر الأردن، إلى وزارة الدفاع ببغداد صبيحة الرابع عشر من تموز 1958.
*هل كان سنيا أم شيعيا؟
لقد تربّى عبد الكريم قاسم في بيئة غير طائفية، ويمكن القول إن بيئته العائلية كانت محايدة وبدون أي تمييز بين المذاهب الإسلامية، فوالده كان سُنياً من عشيرة الزبيد، ووالدته شيعية من بني تميم وتدعى بالسيدة كيفية. لذا نشأ عبد الكريم محايداً يمقت التمييز بين العراقيين على أساس العِرق، أو الدين، أو المذهب. ويبدو أنه كانت هناك في العائلة حيادية وحرية في المعتقد الديني وزوال الحدود المذهبية، بحيث سلك كل من الإخوة الثلاثة (حامد وعبداللطيف وعبدالكريم) طريقه الخاص من هذين المذهبين السني والشيعي. فالمرحوم حامد قاسم تبنى مذهب والدته الجعفرية، بينما بقى المرحوم عبد اللطيف على مذهب والده السني. أما عبد الكريم فبقي محايداً ولم يتخذ موقفاً معروفاً متميزاً من هذا وذاك.
*ما تأثير أمه السيدة "كيفية" عليه؟
كان عبد الكريم قاسم قد ولع بعذوبة طيبة أمه كيفية حسن الساكني التميمي، وكانت أمه من النساء الفاضلات في محلة المهدية، وقد تأثر عبد الكريم بأسلوب أمّه عندما كانت تبعثه إلى جيرانه وهو يحمل الطعام.
تنتمي "كيفية حسن يعقوب" إلى عائلة شيعية المذهب، من عشيرة السواكن (السواجن) التي يرجع نسبها إلى عشيرة تميم العدنانية.
وكانت سريعة البديهة وسلسة المفردات اللغوية، حافظة للقرآن وفي المحلة كان لها سلطان.
وكانت لها شخصية قوية وحازمة، من منظور علم النفس الاجتماعي، ولها أسلوبها الخاص في التعامل الاجتماعي مما جعل لها تأثيراً عميقاً على أفراد العائلة وأبناء المحلة المحيطين بهم..
وكانت عندما ترغب بالشيء الذي تنوي إنجازه، فتعمل على تحقيقه بكل طاقاتها. وكان حزمها السلوكي هذا، يقترن بالحنان الذي تُفضيه على أفراد العائلة والعوائل المجاورة في المحلة.
يقول عبد الكريم قاسم بحقها، "لقد واجهت أمي الكثير من الضنك في سعيها لكي أحصل على تعليمي المدرسي، لذلك أستطيع أن أتصور ماذا تعني المدرسة في حياة الأطفال".
*علاقته بـ"محمد علي جواد"
محمد علي جواد جعفر الربيعين هو عسكري عراقي برتبة عقيد طيار، أحد أقطاب انقلاب بكر صدقي عام 1936 يوم كان قائداً للقوة الجوية العراقية الملكية. وهو في أول مجموعة من الضباط الطيارين نواة القوة الجوية العراقية الذين تدربوا في بريطانيا، وعادوا ليؤسسوا القوة الجوية العراقية، وأصبح أول قائد لها. كما كان طياراً خاصاً للملك غازي. اُغتيل مع الفريق بكر صدقي في نفس العملية في مدينة الموصل في 11 آب/ أغسطس 1937 ودُفِن في مقبرة باب المعظم.
وُلِد محمد علي (اسمه مركب) لعائلة عربية من أبوين عراقيَين فوالده جواد محمد جعفر الربيعي كان ضابطاً في الجيش العثماني ووالدته زهراء محمد علي الطيار ابنة عمة عبد الكريم قاسم رئيس الوزراء العراقي الأسبق، وقد قاتل والده في الجيش العثماني ضد الاحتلال البريطاني للعراق، وسافر إلى تركيا بعد سقوط مدينة بغداد في 1917 والتي رجع إليها بعد تأسيس الدولة العراقية وأحال نفسه على التقاعد وعمل بعدها في أملاكهم في منطقة أبو صيدا في محافظة ديالى .
*هل نجحت الجمهورية؟
يتحدث الباحث في الشؤون السياسية وليد محمود النجّو عن طبيعة الصفة الغالبة على الحالة المجتمعية العراقية التي كانت تفرض سطوتها على شكل وطبيعة التوجه السياسي للنظام الجمهوري في تباين واضح عما كانت عليه الحال في المملكة العراقية، رغم أنها كانت هي الأخرى رهينة للاتجاهات السياسية الدولية التي كانت مشروطة فيها توجهات النظام الملكي العراقي المرتبط اقتصاديا وسياسيا ببريطانيا آنذاك.
وبحسب النجّو لا يمكن لأي نظام سياسي سواء أكان ملكيا أم جمهوريا بلوغ نقطة النجاح والاستمرارية من دون جذر اجتماعي يغذي حيوية المجتمعات الساندة له، وهذا ما افتقدته حالة النظام السياسي العراقي بشقَّيه الملكي والجمهوري.
ويسرد النجو ـ للجزيرة نت ـ كيف كان النظام الملكي العراقي يتجاذبه استقطابان أحدهما داخلي، والآخر خارجي، وكلاهما لا يتوافر بالضرورة على حالة متوافقة في الرؤى والتصورات الخاصة بشؤون البلاد داخليا وخارجيا، الأمر الذي اضطر معه النظام الملكي إلى إبداء مرونة في التعاطي مع الحراك السياسي الاجتماعي وبما يُبقي البلاد بحالة قريبة من الاستقرار المجتمعي.
*مستقبل الجمهورية
نظرات الشعب العراقي تتجه نحو المنصب ولا يهمها طبيعة النظام وشكله، حيث كان المجتمع قبل الغزو الأميركي للبلاد عام 2003 ينظر فقط إلى رئيس الجمهورية، أما بعدها فبدأت الأنظار تتجه إلى رئيس الوزراء لأن صلاحياته باتت أكبر وفق الدستور، كما يقول المحلل السياسي نجم القصاب.
ورجح القصاب، صعوبة تغيير النظام الجمهوري الحالي، بسبب ضبابية طبيعة الدولة اليوم وشكل النظام القائم هل هو كونفدرالي، أو فدرالي مركزي، إذ إن الانقسامات التي وقعت بعد عام 2003 شتَّتت اسم النظام.
وحذر من أن العراق ربما يتجه إلى التقسيم في المرحلة المقبلة، وكل محافظة تصبح دولة، وهذا يحدث في توزيع الكهرباء والمياه والوظائف والصلاحيات، حيث إن كل محافظ اليوم يعتقد نفسه الرئيس الأعلى في المدينة، وهذا يسبب الانقسام والانشطار، ومن الصعب أن يعود العراق إلى نظام مركزي قوي مثلما كان قبل 2003 أو حتى في العهد الملكي.