غليان ما قبل الانتخابات.. خلافات حول موعدها وقانونها وطريقة إدارة ملفها.. هل تتأجل؟

انفوبلس..
قبل 7 أشهر على موعد الانتخابات المعلن من قبل الحكومة، دخلت القوى السياسية مرحلة التوتر الانتخابي، وكانت أولى نقاطها الخلافية هو موعد الانتخابات ومن ثم القانون الذي سيتم إجراؤها على أساسها، فنشطت "كروبات الواتساب" وتصاعدت التصريحات والاتهامات، وكان لـ"الدعوة" نصيب الأسد من تلك الخلافات والمشاحنات.
المالكي والسوداني
ويوم أمس، انتقد مستشار رئيس ائتلاف دولة القانون، عباس الموسوي، طريقة تعامل رئيس الوزراء مع ملف الانتخابات والتي وصفها بـ "السلطوية والمتعالية" بعد إعلان عدم تعديل القانون رغم كونه خارج صلاحياته، مع تحديد موعد الاقتراع بطريقة مخالفة للدستور، مشيراً الى وجود إرادة برلمانية لتعديل قانون الانتخابات بعد توقيع 200 نائب على المشروع المقدم من النائب رائد المالكي، بحسب معلوماته.
وقال الموسوي في حوار متلفز، إن " المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء استعجل حين نشر بيان حول عدم تعديل قانون الانتخابات الحالي، فهو خارج صلاحياته لأنه مسؤولية البرلمان، وهناك سلطوية وتعالي من قبل الحكومة، وتحديد موعد الانتخابات بهذه الطريقة غير صحيح، وإذا أحسنا النية فمن الممكن القول إن بعض المستشارين أوقعوا السوداني بفخ".
وأضاف: "لم ندفع النائب رائد المالكي بشأن مشروع تعديل قانون الانتخابات، فهو نائب نشط وتبنى قبل فترة مشروع قانون الأحوال، ومعلوماتي تقول إن المقترح المقدم للجنة القانونية النيابية موقع من 200 نائباً، وهناك رغبة برلمانية لتعديل القانون ربما تكون بعيدة عن رغبة بعض الأحزاب، لأن النواب يلاحظون كيفية توظيف الأموال انتخابياً في محافظاتهم، وإذا ما طرح القانون للتصويت سيمر".
وبين إن "من يشكل على المالكي حول إنفاقه خلال ولايته الثانية عليه أن يعرف حجم الميزانيات وحجم الإنفاق، حيث كنا نبيع 20 مليون دولار في اليوم، وخلال فترة الكاظمي الذي حرقناه كان يبيع 80 مليوناً، أما في زمن السوداني فصرنا نبيع 250 مليوناً، وصار الجسر الذي سعره 5 ملايين دولار بـ 30 مليوناً، وإذا كان الخير “جثير” فمن المفترض أن يصل الى أهله".
وأشار إلى أن "الحديث عن إعلان حالة الطوارئ كانت محاولة لجس النبض ورد فعل القادة السياسيين كان بالمستوى، فنحن نظام برلماني وحالة الطوارئ تعلن عبر البرلمان ولمدة شهر واحد فقط قابلة للتمديد".
وتابع: "أتمنى عودة التيار الصدري للعملية السياسية، ومشاركته في الانتخابات تزيد من الإقبال عليها، وأعتقد أنهم سيشاركون والمؤشرات تدل على ذلك كتغريدة السيد الصدر الأخيرة عن تحديث بطاقات الناخب".
حزب بارزاني
والثلاثاء الماضي، استعرض النائب البارز عن الحزب الديمقراطي الكردستاني ماجد شنكالي، ما يدور في صالونات السياسة البغدادية حول أفكار من قبيل تأجيل الانتخابات وتشكيل حكومة طوارئ، قائلاً إن الساسة يسمعون بوجود طلب من التيار الصدري بالتأجيل لمدة سنة.
وقال شنكالي بحوار متلفز: "لم يتبق لدينا من العملية الديمقراطية سوى شيئين، الانتخابات النيابية وتوقيتاتها الدستورية، فإذا ذهبنا الى تأجيلها فسنفقد كل ما تبقى من الديمقراطية، وهذا أخطر ما قد ينادى به، فتأجيل الانتخابات أمر صعب خاصة وأن البلاد لا تمر بمرحلة صعبة كما حدث حين فقد العراق ثلث أراضيه عام 2014، أو حين كانت بغداد تواجه العنف الشديد عام 2010".
وأضاف، إن "الذهاب نحو حكومة الطوارئ أمر صعب جداً جداً، فجمع ثلثي البرلمان غير متيسر، وهذا هو الشرط الأهم، وأما الظروف الصعبة التي نمر بها فهي من صنع أيدينا، فنحن من عين مئات الآلاف ونحن من اعتمدنا على النفط فقط، وهذا لا يتحمله المواطن أو الجهات الخارجية، وهو مسؤولية الحكومات المتعاقبة، والحكومة الحالية لديها الكثير من الرؤى ولكن لم ينفذ شيء منها على الإطلاق".
وأشار إلى أن "الأخ الذي غرد حول حكومة الطوارئ يعرف السياسات العامة للخطوط القريبة من رئيس الوزراء، ويعرف المساحة التي يتحرك بها، واجتماع الإطار الأخير أعطى قيمة لها وأشار لوجود شيء ما خلفها، مع إن المصادر السياسية تقول إن التيار الصدري طلب التأجيل سنة لكي يفكر في خيارات المشاركة في الانتخابات، ولكن لا يوجد شيء رسمي حول ذلك".
وأكد، إن "قانون الانتخابات الحالي يشتمل على مشاكل كبيرة، وتسبب باختلالات في التمثيل، فمن غير المعقول أن يتم تعويض نائب منسحب من الديوانية بنائب من نينوى، وأنا مع القوانين التي تساعد الأحزاب الكبيرة لأن الأحزاب الصغيرة تخلق عدم استقرار في العملية السياسية".
ونوه إلى وجود "مناقشات وحوارات حول تعديل قانون الانتخابات، وقد يلتحق الحكمة بالمؤيدين إذا حصلت الأغلبية، وأكبر المعارضين هو السوداني وحزب تقدم"، مضيفاً "هناك حوارات حول دخول البارتي واليكتي بقائمة واحدة خارج الإقليم، والأمور إيجابية بعد لقاء مسرور بارزاني وبافل طالباني، وطبيعة قانون الانتخابات ستحدد طبيعة التحالف".
وتابع، إن "الانتخابات إذا أجريت بنسقها الحالي فتأكد أن من سيفوز هم أصحاب المال وأصحاب السلاح، ولكنها لن تجرى بهذا النسق، والأمور ستتغير، وستتحجم بعض الأطراف وستتغير الأمور"، مشيراً إلى إن "أسعار النفط انخفضت 15% وهذا معناه خسارة العراق 15 مليار دولار إذا استمر الانخفاض لمدة عام، ما يعني عدم توفير راتب لمدة شهرين، أو انخفاض الإيرادات والاضطرار للتعويض عبر الاحتياطي النقدي".
وأضاف، إن "قرار السوداني بتخفيض سعر الصرف تسبب بخسارة 12 ترليون دينار، ولا أعرف من اشار عليه بذلك، الى جانب خطوة تعيين مليون متعاقد، وتكليف الدولة نفقات كبيرة تبلغ 8.5 ترليون دينار واجبة الدفع شهرياً، وإن الإيرادات غير النفطية يتم وضعها في الموازنة ولكن لا يتم تحقيقها، فمرة حققنا منها 20% فقط، ومرة حققناها كاملة ولكنها سرقت حين سرقت الأمانات الضريبية، ناهيك عن سرقة الأمانات الكمركية التي تبلغ ضعف مبلغ الضريبية".
الإطار التنسيقي
والثلاثاء الماضي، أكد الإطار التنسيقي، أن الانتخابات ستكون في موعدها نهاية العام، مشدداً أنه لا يحق لأي جهة تأجيلها، ودعا الحكومة إلى تهيئة الأجواء الانتخابية وتوفير مستلزمات الأمن، وذلك خلال اجتماع مساء أمس في مكتب رئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي.
وذكر الإطار في بيان: "عقد الإطار التنسيقي اجتماعه الاعتيادي رقم 224 في مكتب رئيس ائتلاف دولة القانون السيد نوري المالكي مساء يوم الاثنين 7-4-2025".
وأضاف، إن "المجتمعين ناقشوا آخر التطورات السياسية والأمنية في العراق والمنطقة والعالم".
وتابع: "إيماناً منه بضرورة الحفاظ على المسار الديمقراطي في البلاد شدد الإطار التنسيقي على ضرورة إجراء الانتخابات التشريعية في موعدها المحدد نهاية هذا العام، مؤكداً عدم وجود حق لأي جهة في تأجيل الانتخابات أو إلغاء التوقيتات الزمنية التي وضعت للعملية الانتخابية، وبالمعايير والضوابط التي أُقرت لإنجاحها".
ودعا الإطار التنسيقي الحكومة إلى "تهيئة الاجواء الانتخابية وتوفير مستلزمات الأمن الانتخابي، وتقديم الدعم للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات، من أجل إنجاح العملية وضمان نزاهتها. داعياً المواطنين إلى عدم اهمال حقهم الدستوري في التصويت للأكفاء".
تناقض السوداني والمندلاوي
وقبل أيام، أصدر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني بياناً مطمئناً بشأن موعد الانتخابات المثبت في 11 تشرين الثاني المقبل، بتأكيد أن اجتماع الليلة الماضية اتفق على عدم تعديل قانون الانتخابات بحضور جميع قوى ائتلاف إدارة الدولة الحاكم، لكن بيان نائب رئيس البرلمان محسن المندلاوي تجاهل تماماً فقرة النقاش حول الانتخابات وموعدها وقانونها، ما أثار استغراب الأوساط السياسية، خصوصاً مع تصريحات أدلى بها عدد من أعضاء اللجنة القانونية في البرلمان أفادت أن القانون لم يناقش بعد والخلافات لا تزال قائمة بشدة حول تعديله، مع ترجيح إمكانية أن يزحف موعد الانتخابات إلى شهور أخرى، كما حصل في حكومة مصطفى الكاظمي.
وجاء هذا وسط نقاش محموم تشهده مجموعات "الواتساب" السياسية حول بيان السوداني، يتصدره اعتراض حول الفقرة التي ادعت حصول اتفاق على إبقاء قانون الانتخابات الحالي، وذكر أعضاء في هذه المجموعات، أن قيادات دولة القانون كانت الأشد اعتراضاً على بيان السوداني، وافتراضه أن قانون الانتخابات الحالي سيبقى دون تعديل، الأمر الذي رجح أن البلاد تنتظر ظهور جدل واسع حول موعد الانتخابات وقانونها، لا سيما مع تغيرات دراماتيكية كبرى تشهدها المنطقة المحيطة بالعراق، خصوصاً المفاوضات الإيرانية الأميركية، والتي سيكون العراق أحد بنودها حسب تسريبات المقربين من البيت الأبيض وترجيحات الدبلوماسية الإيرانية.
محاولة إلهاء للبرلمان
ويوم الإثنين الماضي، قال النائب أحمد الجبوري إن التعديل المقدم لقانون الانتخابات مدفوع من كتلة دولة القانون رغم أن النائب الذي طرحه يعرف نفسه بالاستقلالية، معرباً عن اعتقاده بأن مرور صيغة التعديل سيظل صعباً، ومتمنياً وجود صيغة تعديل "تخفف الانقسام الطائفي" وحينها لما كان الرأي العام العراقي يناقش تحويل سامراء إلى محافظة منفصلة عن تكريت.
وقال الجبوري بحوار متلفز، إن "مشروع تعديل قانون الانتخابات الذي قدمه النائب رائد المالكي، جاء بمزاج وقياسات سياسية حزبية ضيقة دون الذهاب إلى جذر مشكلة العراقيين".
وأضاف، إن "النائب المالكي لو كان قدم القانون بأن يكون العراق دائرة واحدة فله سبب حتى نقضي على الخطاب الطائفي، حتى لا يقول أحد: حولوا سامراء إلى شيعية والعراق سني وشيعي"، مؤكدا إن "مشكلة عدم الاتفاق في مجلس النواب هو لكثرة النواب وتعدد الكتل، يجب أن يكون هناك تشذيب وتهذيب لوحدة القرار السياسي، وإذا مرر تعديل قانون الانتخابات سيتشتت القرار السياسي أكثر".
وتابع، إن "من يقف خلف تعديل قانون الانتخابات دولة القانون، والنائب رائد المالكي الذي يقول إنه مستقل، هو معروف بأنه دولة قانون، وإن طرح تعديل قانون الانتخابات في الوقت الحالي هو محاولة لاستمرار تعطيل البرلمان وإلهائه".
وأكد، إن "مجالس المحافظات في هذا القانون الحالي غير مستقرة، والسؤال الأهم: هل هذا القانون سيزيد من الاستقرار؟ بل على العكس سيزيد من الانقسام"، مشيراً إلى أن "هذا التعديل لن يمر في البرلمان، هناك توافقات سياسية حاكمة، ولا يوجد اتفاق، سألت النواب الكرد ورفضوه، ربما يتم تعديل المقترح وخلال السنوات المقبلة من الممكن يمرر".
دعوة صدرية للتأجيل
خلال الأيام الأخيرة، كشف مصدر سياسي عراقي أن زعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر أوصل رسالة إلى القوى السياسية مفادها أن مشاركته في الانتخابات المقبلة مشروطة بتأجيلها إلى العام 2026.
وذكر المصدر، الذي طلب حجب اسمه، أن هذه الرسائل جاءت في ظل قرب المفاوضات الإقليمية بين طهران وواشنطن، حيث يعتقد الصدر أن نتائج هذه التفاهمات ستعيد رسم الخريطة السياسية في العراق، وأنه من المبكر اتخاذ موقف نهائي من المشاركة أو المقاطعة دون معرفة شكل المرحلة المقبلة.
ورأى المصدر أن "التيار الصدري يفضّل الانتظار لحين اتضاح ملامح التوازنات الجديدة، ويخشى الدخول في استحقاق انتخابي سريع قد يُقصيه سياسياً أو يجبره على الدخول ضمن تسويات لا تتماشى مع رؤيته للمرحلة"، لافتاً إلى أن "خيار التأجيل بالنسبة للصدر ليس مناورة، بل هو شرط أساس لفتح باب العودة".