فقرات مسودة قانون التبغ الجديد تتكشف وقرارات جديدة عن الأركيلة.. هل سيرى النور أخيرا؟

انفوبلس/ تقرير
تكشفت، اليوم الأحد 13 نيسان/ أبريل 2025، تفاصيل جديدة عن مسودة قانون التبغ الجديد المعروض أمام لجنة الصحة والبيئة في مجلس النواب وأبرز فقراته، في وقت تشير الإحصائيات إلى أن العراقيين ينفقون أكثر من 3 مليارات دينار (نحو مليونين و272 ألف دولار) يوميا على شراء منتجات التبغ، فهل سيرى النور أخيرا بعد تزايد نسبة المدخنين بين الشباب بشكل كبير؟
يحتفي العراق في الثاني من شهر فبراير/شباط من كل عام باليوم الوطني للامتناع عن التدخين، وهو ذكرى يوم التصويت على قانون مكافحة التدخين رقم 19 لسنة 2012، وحملت الاحتفالية لهذا العام شعار "التدخين يخدش جمال المرأة وأنوثتها".
*أبرز فقرات مسودة القانون
بحسب حديث لجنة لجنة الصحة والبيئة في مجلس النواب، اليوم الأحد، فإن القانون سينظم آلية استيراد واستهلاك التبغ وسيفرض غرامة فورية على المخالفين. إذ قال رئيس اللجنة، ماجد شنكالي، إن "قانون التبغ المعروض أمام اللجنة يتضمن منع تدخين الأركيلة لمن هم دون سن 18 عاماً، إضافة إلى حظرها في الأماكن المغلقة، وسيمنع تدخين الأركيلة من قبل الرجال أو النساء بالقرب من الأطفال".
وأشار إلى، أن "القانون يمنع تدخين السجائر أو الأركيلة، بما في ذلك الإلكترونية، داخل المؤسسات الحكومية"، مؤكداً أن "القانون يتضمن فرض غرامة فورية قدرها 50 ألف دينار عن كل مخالفة"، مضيفا: "أدرجنا مادة في القانون تلزم بوضع لاصق على جميع منتجات السجائر والتبغ المستوردة، بما في ذلك الإلكترونية، للتأكد من دخولها البلاد بشكل رسمي، كما تفرض عليها ضريبة مبيعات".
وأوضح شنكالي، أن "القانون سينظم استخدام التبغ وفرض الضرائب عليه، كما سينظم آلية استيراد واستهلاك التبغ في العراق، إلى جانب تحصيل الضرائب من السجائر المستوردة"، منوهاً بأن "الضريبة المفروضة حالياً على السجائر المستوردة تساوي صفراً".
وفي أيلول 2024، أعلنت وزارة الصحَّة في الحكومة العراقية إقرار قانون "الحماية من أضرار التبغ" خلال الأسابيع المقبلة، مبينة أنها بالتعاون مع لجنة الصحَّة والبيئة في مجلس النواب، وصلت إلى اللمسات النهائيَّة لقانون الحماية من أضرار التبغ، وهو تحديث لقانون مكافحة التبغ ذي الرقم 19 لسنة 2012.
وسيم كيلان معاون مدير برنامج مكافحة التبغ بوزارة الصحة أشار مؤخراً وتحديدا في شهر شباط الماضي 2025، إلى أن العراقيين ينفقون أكثر من 3 مليارات دينار (نحو مليونين و272 ألف دولار) يوميا على شراء منتجات التبغ، وأن هذه الأموال تخرج من البلاد كعملة صعبة، لأن معظم شركات التبغ أجنبية.
وعلل كيلان الأسباب بقوله إن العراق، كغيره من الدول النامية، يعاني من صعوبات مادية واقتصادية واجتماعية وبيئية مثل الفقر والبطالة والجهل، بالإضافة إلى ضعف تطبيق قانون مكافحة التدخين، وعدم وجود آليات واضحة لفرض الضرائب على منتجات التبغ، ودخول هذه المنتجات بصورة غير مشروعة.
وأوضح، إن هذه الأسباب تركت لشركات التبغ مساحة كافية لتطبيق سياسات تسويقية وترويجية مرنة لمنتجاتها بأشكال محببة وألوان جذابة ونكهات مختلفة، مثل السجائر والأرجيلة (النارجيلة) العادية والإلكترونية والتبغ المسخن، مما أدى إلى استدراج صغار السن من الأطفال والمراهقين والفتيات.
وتابع كيلان "أصبح العراق من الدول المستهلكة لهذه المنتجات التي تؤثر على الصحة العامة وتسبب العديد من الأمراض التنفسية والسرطانية والمناعية والمعوية والجلدية وضعف البصر والضعف الجنسي، منوها إلى أن ذلك يتسبب في طلب متزايد على الخدمات الصحية وضغط على المؤسسات الصحية".
وأشار إلى أنه تم تشكيل اللجنة العليا لمكافحة التدخين في العراق، برئاسة وكيل وزارة الصحة وعضوية الوزارات المعنية والجهات غير الحكومية، وتعمل على إيجاد السياسات والإجراءات لمكافحة التبغ وتنفيذ التزامات العراق الدولية ضمن الاتفاقية الإطارية لمنظمة الصحة العالمية بشأن مكافحة التبغ، بما ينسجم مع سياسات "إم بور العالمية"، وهي مجموعة من 6 سياسات وضعتها منظمة الصحة العالمية للحد من استخدام التبغ.
وأكد كيلان، إن وزارة الصحة تقوم بإعداد خطة وطنية سنوية لمكافحة التدخين وحملات توعية بالتعاون مع كل الوزارات والجهات غير الحكومية، منها:
ـ تطبيق المواصفات القياسية من قبل الجهاز المركزي للتقييس والسيطرة النوعية.
ـ منع الإعلان والترويج.
ـ إيجاد آليات واضحة لفرض الضرائب وضبط الحدود.
ـ تحديث المناهج الدراسية في التربية والتعليم.
ـ التعاون مع وسائل الإعلام في نشر الوعي بالأضرار الصحية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية لتعاطي هذه المنتجات.
وتواجه وزارة الصحة العراقية انتقادات "واسعة" لعدم قدرتها الفعلية على تطبيق القانون، خصوصاً في داخل المؤسسات والنوادي والاستراحات ووسائل النقل في عموم البلاد، وهو ما سبّب أمراضاً كثيرة. في المقابل، يرى متخصصون في الشأن المجتمعي في العراق ضرورة تنظيم حملات توعية عن مخاطر التدخين بالتوازي مع العمل على إصدار التشريعات القانونية لتحجيم انتشاره.
وكان البرلمان العراقي قد أقر في عام 2012 قانوناً يمنع التدخين في الأماكن العامة والمؤسسات الحكومية، وتضمن عقوبات وغرامات تفرض على المخالفين، إلا أن القانون لم يجد طريقه إلى التنفيذ حتى الآن.
ويحظر القانون، الترويج للتدخين بصورة مباشرة أو غير مباشرة، ويمنع الصغير والحدث من التدخين أو ممارسة مهنة بيع وشراء التبغ ومشتقاته، ويمنع صنع وتداول واستيراد شعارات منتجات التبغ ومشتقاته على منتجات أخرى كالقبعات والقمصان والأكياس والمظلات والإشارات المرورية واللافتات الدعائية بمختلف أنواعها، ويمنع طلاء أي جزء من وسائط النقل أو الجدران أو الجسور بما يرمز لأي نوع من أنواع التدخين.
وقد تضمن القانون أحكاماً موضوعية بالغة الأهمية تهدف الى التعريف بأخطار التدخين وأنواعه وأحكاماً إجرائية تهدف الى تنفيذه من قبل الجهات المختصة كما تضمن أحكاماً عامة وختامية.
لكن وزارة الصحة رأت مؤخرا ًأن تنفيذ قانون مكافحة التدخين ليس بالمستوى المطلوب، في الوقت الذي تخشى فيه استغلال السكائر الإلكترونية في نشر المخدرات بين أوساط الشباب. اذ قال مدير شعبة مكافحة التدخين في وزارة الصحة الدكتور عباس جبار، إن "القانون شُرِّع منذ عام 2012 بعد تبنّيه من قبل وزارة الصحة كجهة فنية، إلا أن تنفيذه يقع على عاتق جميع المؤسسات الحكومية، كون الوزارة لا تستطيع بمفردها منع التدخين في وسائط النقل أو في العيادات والمكاتب والأسواق".
وأضاف، إن "هذا الموضوع كبير ويهم الجميع، ويجب على الوزارات المعنية أن تأخذ دورها ومسؤوليتها في منع التدخين في المؤسسات والدوائر والهيئات"، مبيناً أنه "يجب أن تُحدَّد ضوابط للحد من التدخين بالأماكن المغلقة ووسائط النقل".
يشار إلى أن إحصائيات غير رسمية تؤكد أن نحو 40 في المائة من العراقيين هم من المدخنين، وأنّ نحو 20 في المائة من تلاميذ المدارس مدخنون كذلك، وأشارت تقديرات سابقة لوزارة الصحة العراقية، إلى وفاة شخص واحد كلّ عشرين دقيقة لأسباب تتعلق بالتدخين.
كما أن وفاة شخص كل 10 دقائق بسبب السجائر، يعني وفاة أكثر من 50 ألف عراقي سنويًا بسبب السجائر، في حين يبلغ عدد المتوفين في العراق سنويا قرابة 240 ألف شخص لمختلف الاسباب، ما يعني أن 20% من الوفيات السنوية في العراق تأتي بسبب السجائر.
وتزخر الأسواق العراقية بعشرات الأنواع من السجائر التي تدخل البلاد بشتى أنواع الطرق الرسمية وغير الرسمية، وتباع في العاصمة بغداد وغيرها من المحافظات، ويشير العديد من المراقبين إلى أن غالبية هذه السجائر غير خاضعة للفحص والسيطرة النوعية للتأكد من جودتها ودول المنشأ ومدى مطابقتها لشروط السلامية الصحية.
الباحث والمتخصص في الجانب المالي والمصرفي مصطفى حنتوش، يؤكد أن سوق السجائر في العراق يعد من القطاعات الخاسرة من الناحية الاقتصادية. وقال حنتوش إن سوق التبغ والتبوك والسجائر في العراق يتجاوز مليار دولار سنويا من إنفاق الشعب العراقي على هذه التجارة.
وأوضح أن السبب في ذلك يعود إلى ضعف الإجراءات الحكومية في الفترة السابقة، والتي تمت معالجتها مؤخرًا كإيراد ضريبي بنسبة 100%، بعكس إقليم كردستان العراق الذي كان يفرض ضريبة 20% فقط، مما خلق فجوة في المرحلة السابقة لعدم وجود أي إيرادات ضريبية لخزينة الدولة.
وأصدرت وزارة المالية العراقية في 25 أبريل/نيسان 2021 كتابا تضمن فرض الضرائب على السجائر المستوردة بنسبة 100% وعلى المشروبات الكحولية بنسبة 200%.
وأشار حنتوش إلى أن سوق السجائر يسيطر عليه بالدرجة الأولى أسواق إقليم كردستان العراق، من خلال تصنيع السجائر أو إعادة تغليف أنواع من السجائر يتم استيرادها، يضاف إلى ذلك نشاط هذه التجارة عبر الإقليم. وأكد أن العراق بحاجة إلى وضع ضوابط حقيقية لتسهيل دخول السجائر من المنافذ الرسمية مع السيطرة على إجراءاتها، لضمان ابتعاد التجار عن التهريب أو الاعتماد على السوق السوداء.
وأوضح أن فائدة الدول الاقتصادية من تجارة السجائر تكون من خلال دعم الصناعات الوطنية لتشغيل آلاف الأشخاص، وفرض ضرائب مشددة على المستورد منها. وأشار إلى أن هذا الأمر غير موجود في العراق، وذلك ما يجعله قطاعًا خاسرًا. وأكد حنتوش أن العراق لديه مصنع واحد فقط هو مصنع سومر داخل بغداد وإنتاجه متواضع ولا ينافس المنتج المستورد، كما أن لديه معمل آخر متوقف، أما البقية فجميعها تدار من قبل إقليم كردستان العراق.
وبحسب بيانات إحصائية لموقع ستاتيستا، فإن العراق جاء في المرتبة 71 عالميًا، من بين الدول الأكثر استهلاكا للسجائر خلال العام 2023.
ويُعد اليوم العالمي للامتناع عن التدخين الموافق في 31 مايو/ أيار من كلّ عام، فرصة لإبراز المخاطر الصحية المرتبطة بتعاطي التبغ والدعوة إلى وضع سياسات فعالة للحد من استهلاكه.
ويُعَدّ تعاطي التبغ أهم سبب منفرد للوفيات التي يمكن تفاديها على الصعيد العالمي، علماً بأنه يؤدي حالياً إلى إزهاق روح واحد من كل عشرة بالغين في شتى أنحاء العالم، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
ويكمن الهدف النهائي لليوم العالمي للامتناع عن التدخين في المساهمة في حماية الأجيال الحالية والمقبلة من هذه العواقب الصحية المدمرة، بل وأيضاً من المصائب الاجتماعية والبيئية والاقتصادية لتعاطي التبغ والتعرض لدخانه.