ماذا يعني تمديد الرئيس الأمريكي جو بايدن حالة الطوارئ بالعراق؟.. تعرّف على القصة كاملةً
انفوبلس/ تقرير
وقّع الرئيس الأميركي جو بايدن مؤخراً، مرسوماً مدّد بموجبه حالة الطوارئ الوطنية المتعلقة بشأن الأوضاع في العراق، وذلك بموجب القرار رقم 13303 الذي أصدره الرئيس الأسبق جورج بوش الابن في عام 2003.
ويقضي المرسوم بحظر تصدير بعض السلع الخاصة، بالإضافة إلى معاقبة الشخصيات والكيانات التي تشكّل تهديداً للأمن القومي والسياسة الخارجية للعراق والولايات المتحدة الأميركية. وسبق أن قام رؤساء الولايات المتحدة المتعاقبون بتمديد حالة الطوارئ لنحو 20 مرّة منذ عام 2003.
وذكر بيان لبايدن نشره موقع البيت الأبيض: "لا تزال هناك عقبات تعترض إعادة الإعمار المنظّم للعراق، واستعادة السلام والأمن في البلاد والحفاظ عليهما، وتطوير المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية في العراق". مضيفا، أن هذه العقبات "تشكل تهديدا غير عادي للأمن القومي والسياسة الخارجية للعراق والولايات المتحدة الأميركية أيضا. لذلك، قررت أنه من الضروري استمرار حالة الطوارئ الوطنية المُعلَنة بموجب الأمر التنفيذي 13303 فيما يخص استقرار العراق".
يأتي ذلك بعد أن زعمت السفيرة الأميركية في بغداد ألينا رومانوسكي، أمس الثلاثاء، أن العراقيين لا يريدون دولة تسيطر عليها "ميليشيات" وأن الولايات المتحدة "لن ترحل عن المنطقة، كما أشارت إلى أن العراق يمثل أهمية استراتيجية كبيرة لدى واشنطن
وأضافت رومانوسكي في مقابلة مع قناة "سكاي نيوز عربية"، واطلعت عليها "انفوبلس": "قبل نحو عام، وبالضبط في يوليو الماضي، زار الرئيس الأميركي جو بايدن السعودية، والتقى بزعماء المنطقة، وأوضح بشكل جليّ أن الولايات المتحدة لن ترحل عن المنطقة، فهي تعتبرها ذات أهمية استراتيجية، وتربطنا علاقات قديمة وطويلة في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة والتعليم".
وتابعت: "عملنا مع شركائنا في المنطقة لوقت طويل من أجل مواجهة عدد من التحديات، خصوصا لوضع حد لمختلف الأزمات في المنطقة. وهو الأمر الذي يدل على أن الولايات المتحدة ستظل موجودة بالمنطقة وستبقى مهتمة بتعميق شراكاتها مع دولها، خصوصا مع العراق".
وفيما يتعلق بالوضع في العراق، ورغبة الشعب في الاستقرار، ذكرت: أنه "عندما أخرج وأتحدث إلى العراقيين، يتبيّن لي بوضوح شديد أنهم لا يريدون دولة تسيطر عليها الميليشيات، بل يريدون نزع السلاح من أيدي الميليشيات وإعادتها للدولة".
وشددت على أنه "لذلك، مهما تكن طبيعة علاقة رئيس الوزراء مع هذه الجماعات المسلحة والفصائل، فإن الهدف يجب أن يبقى مُنصبّاً على ضمان تمتع العراق بالاستقرار والأمن، وهو هدف منوط تحقيقه برئيس الوزراء". وبيّنت، أن "هذا الاستقرار ستستفيد منه حتماً الولايات المتحدة والمجتمع الدولي.. جميعنا لا يمكننا جلب الأعمال والانخراط على نطاق أوسع إذا لم يكن هناك استقرار وأمن في العراق".
وأوضحت، أن "كل ما عليَّ فعله هو النظر عبر نوافذ مبنى مجمع سفارتنا لنرى الحجم الضخم للمباني التي يجري تشييدها.. وأرى أن شركاتنا تزدهر، وهناك الكثير من رجال وسيدات الأعمال العراقيين الذين يرغبون في رؤية المزيد من الشركات تستثمر في العراق".
*العراق يدخل منعطفاً صعباً
وفيما يرى رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، أن "العراق يدخل منعطفاً صعباً مع توقيع الرئيس الأميركي للمرسوم الذي مدّد من خلاله حالة الطوارئ الوطنية المتعلقة بالأوضاع في العراق"، من دون أن يُدلي بمزيد من التفاصيل.
وفي السياق نفسه قال الباحث السياسي عقيل عباس، إنه "لا دلالة جديدة أو مهمة في مسألة التجديد، فهو تجديد روتيني للعمل بقرارات رئاسية صادرة في عام 2003، وقد تكرر لنحو 20 مرة منذ ذلك التاريخ".
ويُضيف عباس، إن "التجديد غير مرتبط بنقاشات يجريها الكونغرس حول قوانين تخص العراق، إنما مرتبط فقط بالتواريخ القانونية للأشياء، حيث يتم في العادة قبل 90 يوماً من النهاية السنوية للتجديد السابق؛ إذ لابد أن تقوم الإدارة في واشنطن بتجديد جديد يرتبط بتاريخ صدور القرارات الرئاسية في 2003".
ويشرح عباس آلية بعض قوانين الطوارئ الأميركية بالقول: "هناك قانون (National Emergencies Act) صدر في سبعينيات القرن الماضي حسب اعتقادي، أعطى صلاحيات للرئيس بتجديد الأوامر الرئاسية المتعلقة بالأمن القومي من دون العودة إلى الكونغرس، والأمر المتعلق بالعراق من هذا النوع".
وتابع: "وبضوء التجديد، للرئيس الأميركي الصلاحية بفرض عقوبات أمنية أو اقتصادية أو بتتبع الأشخاص والجماعات المتهمة بالإرهاب وتقويض الأمن أو تخريب الاقتصاد".
واستقبل العراقيون تمديد الرئيس الأميركي جو بايدن حالة الطوارئ الوطنية حول العراق بردود فعل وتعليقات اتسمت بالنقد لما وصفوه بالإخفاق الأميركي طوال السنوات الماضية.
*رسائل "مبطّنة" لإيران والسعودية
إلى ذلك، وصف الخبير الأمني عدنان الكناني، قرار الرئيس الأمريكي جو بايدن بشأن تمديد حالة الطوارئ في العراق بالرسالة المبطّنة للسعودية وإيران بعد تقاربهما. مبينا، أن القرار يعني استمرار التواجد العسكري في العراق لفترة أطول.
وقال الكناني، إن "قرار الرئيس الأمريكي بتمديد حالة الطوارئ في العراق كان متوقعاً، حيث توجد عدة أسباب تفرض تمديد حالة الطوارئ في مقدّمتها عدم رغبة الإدارة الأمريكية بسحب قواتها كون إلغاء التمديد يعني انسحاب كامل للقوات القتالية المتواجدة في قاعدتي حرير وعين الأسد وحتى بعض الشركات الأمنية، فضلا عن رفع منظومة الدفاع الجوي (السي رام) من السفارة الأمريكية في بغداد". وأضاف، إنه "من الأسباب الأخرى هي وجود مؤشرات بتطور الحرب الروسية الأوكرانية خاصة بعد أن دعمت ألمانيا القوات الأوكرانية بأسلحة تُقدّر بثلاثة مليارات دولار وأن الولايات المتحدة قد تدخل الحرب لتكون اللاعب الأساسي فيها، إلا أنها تنتظر أي كبوة للجيش الروسي".
وأشار الكناني إلى، أن " التمديد قد يكون رسالة تهديد مبطّنة لدول المنطقة خاصة بعد حدوث استقرار نسبي بالمنطقة من خلال التقارب السعودي الإيراني وعودة سوريا إلى الجامعة العربية".
وكان "الكونغرس" قد مرّر قانون الطوارئ الوطنية عام 1976، منظِّماً السلطات التي يمكن للرئيس استخدامها، عقب إعلانه بعد سنوات من الارتباك الدستوري.
ويحدد القانون مدة الطوارئ بعام واحد، لكنه يسمح بتجديدها سنوياً. وقد أعلن عدد من الرؤساء الأميركيين 58 حالة طوارئ، يعود تاريخها إلى عام 1979، من بينها 31 حالة معمول بها اليوم.
وفي 22 مايو/ أيار 2003، وبموجب الأمر التنفيذي 13303، أعلن الرئيس الأمريكي حينها، جورج دبليو بوش، حالة طوارئ وطنية للتعامل مع التهديد غير العادي للأمن القومي والسياسة الخارجية.
وفرضت الولايات المتحدة بموجب ذلك الأمر، عقبات أمام إعادة الإعمار المنظَّم للعراق، واستعادة وحفظ السلام والأمن في البلاد، وتطوير المؤسسات السياسية والإدارية والاقتصادية فيه.
وسجل العراق منذ عام 2003 وحتى الآن، العديد من الأحداث الهامة والخطيرة التي تركت أثارها على حاضره السياسي والأمني بينها التنظيمات الإرهابية بدءاً من تنظيم القاعدة واحتلال المدن من قبل تنظيم "داعش" قبل 9 سنوات إضافة إلى الحرب الطائفية التي اندلعت عام 2006، واستمرت قرابة العامين.
ويُثير قرار الرئيس الديمقراطي، جو بايدن، الخاص بإعلان حالة الطوارئ الوطنية موضوع بقاء القوات الأجنبية وقواعد ما يسمى بـ "التحالف الدولي" في العراق وجدولة انسحابها والتغييرات التي يمكن أن تطرأ على طبيعة المهام الموكلة إليها.