ملامح حملة تضليل ممنهجة ظهرت عبر "زينب جواد" و"قمر السامرائي" تثير ردود فعل بالرأي العام بعد تجاوزات على معتقدات الأغلبية
رصد نشاط الجيوش الإلكترونية
انفوبلس/..
في حوارات متلفزة تخللها الكثير من المغالطات والأكاذيب والإساءات المتعمدة للتشريعات السماوية والمعتقدات الدينية لطوائف عراقية، ظهرت المحاميتان (قمر السامرائي، وزينب جواد) في حلقة من برنامج "البشير شو" الذي يوحده معهما مشروع الانحلال الأخلاقي، بغية الوقوف بوجه تعديل قانون الأحوال الشخصية المقترح، والتحشيد لرفض تعديل قانون الأحوال الشخصية الذي يتجه مجلس النواب الى إقراره.
وعلى إثر أكثر من ظهور بطريقة غير لائقة وأكاذيب أطلقتها المحاميتان؛ طالبت نقابة المحامين، هيئة الإعلام والاتصالات بمنع ظهور المحامين في وسائل الإعلام، دون أخذ موافقة النقابة، في حين أظهرت وثيقة صادرة عن نقابة المحامين، في 7 آب 2024، مطالبة هيئة الإعلام والاتصالات باتخاذ الإجراءات القانونية بحق قنوات تلفزيونية استضافت محامين غير مخولين إعلامياً.
خروج أحمد البشير في حوار مع المحاميتين، جاء بعد فشله بمحاولة بائسة لإنقاذ ما تبقى من أصداء برنامجه، وبُغضاً بأتباع مذهب أهل البيت في العراق، لأنهم وقفوا ضد الانحلال وتفكيك الأسرة العراقية المتمسكة بقيمها الأصيلة.
فكانت الخطوة الأخيرة في البرنامج، هي تبنّي أفكار تستهدف عقيدة أتباع أهل البيت، وما ينبثق عنها من قوانين تتعلق بالأحوال الشخصية والأسرة، وتشريع تلك القوانين كخيار ثانوي بشكل دستوري وديمقراطي وعبر مجلس النواب العراقي.
هذه الحملة تقودها إعلامياً، قنوات فضائية تموّلها أطراف سياسية معينة متمثلة بشخصيات إعلامية فشلت أكثر من مرة في تبرير وقوفها ضد القانون خلال حوارات مع متخصصين في الشأن القانوني والديني، ويتبعهم بذلك بعض السياسيين، ومنظمات المجتمع المدني، ذات الأجندات المشبوهة والممولة خارجيا.
وبعد ساعات من عرض البرنامج، تصاعدت في مواقع التواصل الاجتماعي، دعوات لمقاطعة برنامج البشير شو الذي يقدمه أحمد البشير، لما يقدمه من محتوى لا يتناسب مع القيم والمبادئ المجتمعية والأخلاقية، حيث طالب مدونون، العوائل العراقية بمقاطعة البرنامج نظرًا لما يحتويه من كلمات وعبارات وأفكار لا تتناسب مع القيم والمبادئ والأخلاق، ولما فيه من تأثير سلبي على ثقافتنا وهويتنا.
وتضمنت الدعوة، "حثّ المجتمع على مقاطعة البرنامج، حفاظاً على التماسك الأُسري والمحافظة على القيم الأخلاقية، وهي الركيزة الأساسية لبناء مجتمع قوي ومتماسك، ولا يمكننا السماح لأية جهة كانت بتشويه هذه القيم أو التأثير سلبًا على أبنائنا وبناتنا".
مقترح التعديل دستوري
ومن الجدير بالذكر، أنه تم تقديم مقترح للبرلمان العراقي من أجل تعديل قانون الأحوال الشخصية استنادًا إلى المادة 42 من الدستور، والتي تنص على أن "العراقيين لديهم الحرية فيما يتعلق بأحوالهم الشخصية من أجل الالتزام وفقًا لمعتقداتهم أو مذهبهم أو ديانتهم أو حتى اختياراتهم"، وهو المقترح الذي واجه هجمة غير مبررة خلال الأيام الماضية، وعلى منصات التواصل الاجتماعي.
وكان عضو اللجنة القانونية النيابية رائد المالكي، قد أعلن في وقت سابق، تقديم مقترح قانون لتعديل قانون الأحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959، حيث ذكر المالكي في حديث صحفي، أن "الصيغة المقترحة لتعديل المادة (2) من قانون الاحوال الشخصية ستمنح العراقي حق اختيار تطبيق أحكام القانون او أحكام المذهب الذي يختاره على جميع مسائل الأحوال الشخصية".
وأضاف، إن "الصيغة ستحافظ على وحدة الجهاز القضائي والمحاكم وتتضمن تطبيقا حرفيا لنص المادة (41) من الدستور".
جيوش إلكترونية وحملات مشبوهة
وشنَّت جيوش إلكترونية، حملات إعلامية ضد تعديل القانون الأحوال الشخصية، ويقودها أبواق تتبع منظمات اجنبية وسفارات دول غربية، من خلال البرامج التلفزيونية ومنصات التواصل الإعلامي المدعومة من دول غربية وخليجية.
ويأتي تجنيد بعض عناصر المنظمات "النسوية" من المحسوبات على سلك القانون والحقوق في العراق (مثل قمر السامرائي، وزينب جواد) لبث أفكار مغلوطة عن تعديل قانون الأحوال المدنية وسياق أمثلة عاطفية بعيدة عن أصل القانون ودواعي تشريعه.
وشنت هذه الجهات، حملات تسقيطية ضد كل من يتبنى فكرة التعديل او الدفاع عن التعديل وخصوصا من الشخصيات الدينية المؤثرة مثل السيد مرتضى المدرسي، والسيد رشيد الحسيني وغيرهم من رجال الدين والمشايخ والأستاذة الحوزويين الذين ظهروا لتوضيح تلك القوانين بشكل دقيق بعيداً عن الشبهات والاكاذيب التي تناولتها حملات التسقيط المشبوهة في الفضائيات والانترنت.
ورافق تلك الحملات الإعلامية، إشارات بفرض عقوبات دولية وقطع العلاقات الدبلوماسية مع الاتحاد الأوروبي في حال تعديل القانون، مع التحرك السياسي للضغط على أعضاء البرلمان لعدم تمرير القانون ومنع التصويت عليه.
وتضمنت الحملات الإلكترونية، شن حملات سخرية واستهزاء بتعديل القانون وفقراته والاستهزاء بمبادئ الدين الاسلامي وتعالميه، ومحاولة نسفها تاريخيا ونسبها الى الجاهلية واعتبارها أنها غير صالحة لهذا الزمان عبر تسويق إعلامي وهجوم مُعَد له ومنتظم.
مخالفات قانونية
مراقبون للشأن المحلي، اعتبروا ظهور المحاميتين (زينب جواد وقمر السامرائي) مع أحمد البشير، وإهانة معتقدات أتباع المذهب الجعفري، ينطبق عليه أحكام المادة (٣٧٢) من قانون العقوبات، والتي تنص على: "يعاقب بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات او بغرامة لا تزيد على ثلاثمئة دينار من اعتدى بإحدى طرق العلانية على معتقد لإحدى الطوائف الدينية او حقَّر من شعائرها".
ويؤكد المراقبون، أن "أغلب الحقوقيين والمحامين لا يتأثرون بخطابات المنظمات المشبوهة، كانت لديهم مواقف مع تعديل القانون، وهذه المواقف تبدد مساعي المنظمات المدعومة من ألمانيا معهد جوتا ومؤسسة DW وهولندا وغيرها من الدول التي ترعى منظمات ذات أنشطة مشبوهة في العراق".
تنظيم الهجمات الالكترونية
ومع الحملة التي تشنها جيوش إلكترونية ضد تعديل قانون الأحوال الشخصية المقترح، رصد مراقبون في مواقع التواصل الاجتماعي، منشورات تدل على تنظيم الهجمات الالكترونية وتوجيهها من مصادر موحدة، حيث تم نشر منشورات متشابهة بالعناوين والمضمون في وقت واحد.
وبعد رصد المنشورات التي تضمنت أفكارا تروج لرفض تعديل القانون، تبين أن جميع المنشورات ممولة بمبالغ طائلة وتحمل نفس العناوين وتنشر عبر صفحات مختلفة، ويعزز انتشارها شخصيات إعلامية وصفحات معروفة في الوسط العراقي.
ويؤكد مراقبون، أن "تحركات مشبوهة رافقت الحملة الرافضة لتعديل القانون، تصدى لقيادتها مجموعة من الناشطين والناشطات المدعومين من منظمات غربية وأمريكية، قاموا بإنشاء مجموعات خاصة على "واتساب" تحت اسم "لا لتعديل قانون الأحوال الشخصية"، وهؤلاء الأشخاص يستغلون منظمات المجتمع المدني كواجهة للتواصل مع النساء البسيطات والمراهقات والمطلقات، ويستدرجونهنّ للانضمام إلى هذه المجموعات بهدف تحويلهنّ إلى جيوش إلكترونية.
وبحسب المراقبين، فإن "هنالك أدلة قاطعة على وجود بصمات ولقطات الشاشة، عن تنظيم تلك الحملات الممنهجة ضد القانون الشرعي، وشن الهجمات السافرة على المرجعية الدينية والطائفة الشيعية".
وحذر المراقبون، من أن "هذه الأفعال الخبيثة تهدف إلى زعزعة الأمن والاستقرار من خلال افتعال الأزمات واستغلال النساء لتحقيق أهدافهم الدنيئة"، داعية الى "اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية أمن المجتمع من هذه التحركات الخطيرة".
عملية تضليل ممنهجة
وفي هذا الشأن، قال الكاتب والإعلامي، سالم مشكور، "إن عملية تضليل العقول تمارسها أية جماعة، لها أهداف معينة تريد تحقيقها، مستفيدة من أجواء الحرية من جهة وتفشي الجهل من جهة أخرى، وما يجري في الساحة العراقية حاليا، هو استخدام تضليل العقول من أكثر من طرف، وعادة ما تحقق أهدافها ولو بنسب متفاوتة، حسب الأساليب المستخدمة".
وقال عضو مجلس أمناء هيئة الإعلام والاتصالات السابق، سالم مشكور، في حديث صحفي، إن "الحملة الواسعة التي تشنُّها أوساطٌ معروفة، على اقتراح تعديل لقانون الأحوال الشخصية، لينسجم مع الدستور، ومع طبيعة المجتمع ومعايير حقوق الإنسان، حملة ممنهجة ومنسّقة مدعومة من منظمات خارجية، عبر وكلائها من بعض المنظمات المحلية المرتبطة فكرا وبرامجيا بها".
وأضاف، إن "المجتمع يواجه اليوم جملة أكاذيب ونسبة أمور للتعديل لا وجود لها، يستخدم هؤلاء أسلوب التكرار، من أجل ترسيخ هذه الأوهام في الاذهان وجعلها تبدو حقيقة، متبعين أثر وزير الدعاية النازي غوبلز".
وتابع، "لا تقولوا إنها تهم جاهزة، اسألوا: ما الذي كان سفير بريطانيا يفعله في مجلس النواب في اليوم المقرر للقراءة الثانية لمشروع قانون التعديل؟ وماذا دار في اجتماعه مع رئيس مجلس النواب بالإنابة قبل الجلسة؟ اقرؤوا تغريدات عدد من السفراء الأجانب في بغداد واسألوا أنفسكم: كيف يحق لسفير دولة أجنبية أن يتدخل في شأن داخلي لدولة أخرى بهذا الشكل السّافر؟
وبحسب ما ذكره مشكور، فإن "النقاشات التي تملأ البرامج الحوارية على الشاشات، ووسائل التواصل، بل وحتى في شوارع العراق وساحاته، تستغرق في تفاصيل لا وجود لها، بل هي مجرد احتمالات وافتراضات تحولت إلى حقيقة لكثرة تكرارها المتعمد، وفي المقابل يبلع مؤيدو التعديل الطعم، وينزلون إلى الرد على هذه التفاصيل المفترضة، وكأنها مسلَّمات، رغم عدم وجودها في التعديل أساساً".