هل سحبت أمريكا ألينا رومانوسكي من بغداد؟.. حديث سياسي عن سفير جديد في العراق
انفوبلس/ تقرير
لا تمثّل شؤون سفراء الدول الأجنبية، قضية جديرة بالاهتمام بالنسبة لمعظم شعوب العالم، باستثناء العراق، الذي يعلم مواطنوه مدى تأثير سلوك السفراء على أوضاع البلاد الداخلية، وخاصة حين يكون الحديث عن سفراء الدول الأكثر تدخلاً أو تأثيراً بالمفردة الأخف في الشأن العراقي، كالولايات المتحدة.
في الثالث والعشرين من آذار/ مارس 2022، وافق مجلس الشيوخ على مهمّة الدبلوماسية ألينا رومانوسكي، سفيرةً فوق العادة لبلادها في العراق.
منتصف نيسان/أبريل 2022، كتبت رومانوسكي رسالة وداع للكويت، التي شغلت فيها منصب السفير منذ مطلع العام 2020، وقالت إنها متحمسة لاستلام مهامها في العراق.
وفي الوقت الحالي، اختفت الينا رومانوسكي عن الساحة السياسية العراقية بصورة "مفاجئة"، بعد تغريدتها الأخيرة بخصوص العقوبات الأمريكية المفروضة على 14 مصرفاً عراقياً، وتأكيدها أن واشنطن لم تفرض أي عقوبة على المصارف العراقية، وسط حديث سياسي عن مغادرتها بغداد وذهابها إلى العاصمة الأمريكية واشنطن.
ائتلاف دولة القانون، حسم مصير سفيرة الولايات المتحدة الامريكية في العراق، حيث قال القيادي بالائتلاف، جاسم البياتي، إن "هناك مشكلة بين الحكومة الأمريكية وسفيرة واشنطن في العراق الينا رومانوسكي، وليس للعراق أي شأن بها"، مشيراً الى أن "أمريكا بدأت تشعر بأن حركة السفيرة خارجة عن الأُطر الطبيعية".
وأضاف، أن "إدارة واشنطن قررت سحب سفيرتها في بغداد، بعدما شعرت بخطر وخوف من ارتكاب خطاً جديد"، لافتاً إلى "وجود حديث عن بديل للسفيرة، وسيكون هناك سفيراً أمريكياً جديداً في العراق".
وأوضح القيادي بائتلاف المالكي، أن "العراقيين ينظرون الى تعيين السفير لدى بغداد، عبر مجموعة من المواصفات، والتي ترضى بها مقدّماً وزارة الخارجية العراقية، إلا أننا لا يهمنا من يكون الشخص الجديد أو اسمه".
ويبين البياتي، أن "عودة السفيرة الى واشنطن وسحبها لا علاقة له بالشأن العراقي"، مبيناً أن "أمريكا تحاول بعث رسالة مفادها أنها لا تزال غير راضية عن حكومة محمد شياع السوداني".
المحلل السياسي المقرّب من السفارة الأميركية في بغداد أحمد الأبيض، أن "الينا رومانوسكي غادرت العاصمة العراقية بغداد".
أما المحلل السياسي سعد الزبيدي، قال إن "السفيرة الأمريكية ضربت كل المواثيق عرض الحائط، وتسعى لإشاعة الفوضى في العراق"، مرجحاً: "اختفاءها في هذه الفترة بأن يكون الهدوء الذي يسبق العاصفة".
وتختلف السيناريوهات والآراء السياسية حول أسباب اختفاء السفيرة الأمريكية في العراق، وسط قلق سياسي من بداية قصة مأساوية جديدة بحق الشعب العراقي وحكومته من قبل الإدارة الأمريكية، إلا أن الأيام هي وحدها من ستكشف "المستور".
وتتوالى التحذيرات من تحركات السفيرة الأميركية في بغداد الينا رومانوسكي، وغاياتها من تزايد اللقاءات بالمسؤولين في الدولة من سياسيين وأمنيين، وسط انتقادات لاستمرار هذه التحركات التي اعتبرتها بعض الأطراف بأنها بعيدة ومخالفة للأعراف الدولية.
من هي ألينا رومانوسكي؟
وحسب ما جاء في سيرتها بموقع وزارة الخارجية الأمريكية، رومانوسكي، من مواليد عام 1955، قضت العقد الأول من حياتها المهنية في العمل لصالح وكالة المخابرات الأميركية “سي آي إيه”، ثم شقّت طريقها نحو العمل الدبلوماسي، وهي تجيد الفرنسية والعربية والعبرية.
تنتمي رومانوسكي إلى عائلة متعددة الثقافات، جاء والدها من بولندا إلى الولايات المتحدة، فيما تنحدر والدتها من كندا، ويبدو أن أصول والدة السفيرة، وعملها في تدريس الفرنسية، لعبا دورا في إتقان رومانوسكي للغة التي ينطق بها أكثر من 13 بالمئة من الشعب الكندي.
عندما كانت طالبة في جامعة شيكاغو، أجرت رومانوفسكي مقابلة في الحرم الجامعي مع وكالة المخابرات المركزية، وبدأت حياتها المهنية في الحكومة الأمريكية.
قضت ألينا رومانوسكي أربعين عاماً في مناصب الخدمة العامة الأمريكية، وتركز جزء كبير منها في الشرق الأدنى وجنوب آسيا. عملت في وكالة المخابرات المركزية كمحلل استخباراتي في منطقة الشرق الأدنى وجنوب آسيا لعشر سنوات. كانت مدير مكتب الشرق الأدنى وجنوب آسيا بالمخابرات الأمريكية، والمدير القطري لإسرائيل. شغلت رومانوفسكي منصب المدير المؤسس لمركز الشرق الأدنى وجنوب آسيا للدراسات الاستراتيجية في جامعة الدفاع الوطني، وكذلك نائب مساعد وزير الدفاع لشؤون الشرق الأدنى وجنوب آسيا في مكتب وزير الدفاع.
في عام 2003، انضمت إلى وزارة الخارجية لتأسيس مكتب مبادرة الشراكة الشرق أوسطية وعملت كأول مدير له. كما شغلت منصب نائب مساعد وزير في مكتب التعليم والشؤون الثقافية ونائب مساعد الأمين في مكتب شؤون الشرق الأدنى.
من 2011 حتى 2015، عملت رومانوفسكي في الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية كنائب مساعد مدير مكتب الشرق الأوسط. في مارس 2015، أصبحت منسقة المساعدة الأمريكية لأوروبا وأوراسيا بمكتب وزارة الخارجية للشؤون الأوروبية والأوراسية، وأشرفت على جميع المساعدات الفدرالية الأمريكية لثلاثين دولة في أوروبا وأوراسيا، بما في ذلك آسيا الوسطى.
عام 2017، أصبحت رومانوفسكي نائبة المنسق الرئيسي لمكافحة الإرهاب، بعد أن كانت نائبة مؤقتة.
تشمل جوائز السفيرة رومانوسكي جائزة الرتبة المتميزة الرئاسية للخدمة التنفيذية العليا، جائزتان رئاسيتان تقديريتان للخدمة التنفيذية العليا والعديد من جوائز وزارة الخارجية للرتبة العليا، اثنتان من جوائز وزير الدفاع التقديرية للخدمة المدنية، وجائزة الأداء الاستثنائي لوكالة المخابرات المركزية.
*مواقف ألينا رومانوسكي عن "إسرائيل"
درست ألينا رومانوسكي وتولت مهام رسمية لصالح بلادها في تل أبيب، لكنها تفضل تقديم نفسها بوصفها الحائزة على شهادة الماجستير من قسم إدارة الأعمال في جامعة شيكاغو.
هناك تكتم واضح حول دراستها في جامعة تل أبيب وأنها متى درست هناك وما هي المادة التي درستها، ما يسبب شكوك حول عملها الأمني في إسرائيل.
ويحتفظ كثير من العراقيين بذكريات غير سعيدة عن آخر سيدة مثّلت واشنطن في بغداد، وهي السفيرة أبريل غلاسبي، التي تتهمها أوساط مقربة من النظام السابق، بتحريض صدام حسين على غزو الكويت، أو إيهامه بأنّ ذلك "مسموح"، كذلك الجرائم الامريكية "الفظيعة" في العراق.
يشار إلى أن كتلا في البرلمان العراقي أعربت عن استيائها من تحركات السفيرة الامريكية لدى بغداد الينا رومانسكي. كما اعتبرت الكتل تحركاتها انتهاكاً للأعراف الدبلوماسية وتدخلا سافرا في الشأنِ العراقي مطالبةً الخارجيةَ العراقية بوضع حد لتحركاتها.
وتظاهر عشرات العراقيين منتصف الشهر الماضي، أمام المنطقة الخضراء، وسط العاصمة العراقية بغداد، والتي تضم مبنى السفارة الأميركية، والبعثات الدبلوماسية الأجنبية، احتجاجاً على العقوبات الأميركية على طهران، ومنع العراق من دفع مستحقات الغاز المتأخرة عن استيراد الغاز الإيراني المُشغّل لمحطات الكهرباء العراقية، وسط إجراءات أمنية مشددة.
وتُعد السفارة الأميركية في بغداد الأكبر حول العالم إذ تمثل مساحتها نفس مساحة مدينة الفاتيكان، وقد أُقيمت السفارة على مساحة 104 فدانا، حيث تعتبر مساحتها هذه أكبر من أكبر سفارة أميركية في السابق (سفارة يريفان) بنحو خمس مرات، بحسب تقرير لشبكة "فوكس نيوز".