سليل "بوتو" و"زرداري" في العراق.. وزير خارجية اسلام آباد يوطد العلاقات مع بغداد ويروي حضوره الأثر الشيعي في باكستان
انفوبلس..
وصل وزير الخارجية الباكستاني بيلاول بوتو زرداري، أمس الإثنين، إلى العاصمة العراقية بغداد بزيارة رسمية، التقى خلالها رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني ووزير الخارجية فؤاد حسين، وعلى وقع زيارته يكشف موقع "INFOPLUS" تفاصيل عن الوزير الشيعي وعائلتي بوتو وزرداري الكبيرتين وأدوارهما في باكستان الحديثة، والأوضاع التي يعيشها الشيعة هناك.
الناطق باسم وزارة الخارجية العراقية أحمد الصحاف، قال إن "مذكرتي تفاهم بين العراق وباكستان ستوقعان اليوم، الأولى في مجال إعفاء حملة الجوازات الدبلوماسية والخدمة من تأشيرة السفر والثانية في مجال التعاون الثقافي". مضيفاً: "سنشهد اليوم افتتاح ملتقى رجال الأعمال العراقي الباكستاني".
كما بحث السوداني مع زرداري والوفد المرافق له، جملة ملفات وأعلن استئناف عمل اللجنة الوزارية المشتركة بين البلدين.
وذكر مكتب السوداني في بيان، أنه "جرى خلال اللقاء بحث العلاقات الثنائية بين البلدين، وتعزيز التعاون المشترك في المجالات الاقتصادية والعسكرية والاستخبارية، والاتفاق على استئناف عمل اللجنة الوزارية المشتركة بين العراق وباكستان".
كما تناول اللقاء ملف النقل الذي يندرج ضمن مشروع (طريق التنمية) الاستراتيجي، الذي يربط الشرق بالغرب، وسبل التعاون بين بغداد وإسلام آباد في هذا الإطار، واستثمار الفرص المعلنة ضمن المشروع، بما يعزز مصالح البلدين وجهود التنمية في المنطقة.
وشهد اللقاء مناقشة ملف الزائرين للعتبات المقدسة والمراقد الدينية في العراق، والتسهيلات المقدَّمة من قبل الحكومة للزائرين الوافدين من جميع دول العالم، ومنها دولة باكستان الصديقة، فضلاً عن مناقشة ملف العمالة الباكستانية في العراق.
الوزير وعائلته
وبيلاول بوتو زارداري (21 سبتمبر 1988)، سياسي باكستاني ورئيس حزب الشعب الباكستاني ووزير الخارجية منذ 27 أبريل 2022، وهو نجل رئيسة وزراء باكستان السابقة بينظير بوتو ورئيس باكستان آصف علي زرداري. وهو أيضا حفيد ذو الفقار علي بوتو، أول رئيس وزراء شعبي منتخب في باكستان.
عُيّن بيلاوال رئيساً لحزب الشعب الباكستاني في 30 ديسمبر 2007، كان والده آصف علي زرداري المرشح الأول في وصية السيدة بينظير، ولكنه تنازل لابنه بدلا منه ليقود الحزب، ويكون آصف وصياً عليه، وفي نفس المؤتمر الصحفي الذي أعلن فيه عن تولي ابنه رئاسة الحزب أعلن أن اسم ابنه من الآن فصاعدا سيكون «بيلاوال بوتو زرداري»، سيكمل بيلاوال دراسته في التاريخ وعلوم السياسة بجامعة أوكسفورد ثم يعود لقيادة الحزب حيال تخرّجه.
وتجدر الإشارة إلى أن جدة الوزير (والدة أمه بينظير) امرأة عراقية ولدت في محافظة كربلاء المقدسة، وهذا ما أكده وزير الخارجية فور وصوله إلى الهاصمة بغداد حيث قال: أنا من أصول عراقية.
أما بخصوص عائلة بوتو فهي عائلة شيعية سياسية بارزة ومن بين أقوى العائلات في باكستان تعيش في مقاطعة السند. لعبت عائلة بوتو دورًا بارزًا في السياسة والحكومة الباكستانية. تولّت الأُسرة قيادة حزب الشعب الباكستاني منذ إنشائه في عام 1967. عائلة بوتو هم سنديون راجبوت الأصل، استقرت بوتو في إقليم السند منذ أكثر من قرن.
وصل اثنان من عائلة بوتو للحكم وهما: ذو الفقار (الذي تم إعدامه بعد حدوث انقلاب في البلاد) وبينظير بوتو (واستشهدت عام 2007 بعد قيام انتحاري بتفجير نفسه في تجمع كانت تقيمه تحضيرا لانتخابات 2008)، في حين عمل آصف علي زرداري زوج بينظير كرئيس لباكستان من 2008 إلى 2013، وهو الرئيس الوحيد الذي أكمل دورته الرئاسية.
الشيعة في باكستان
باكستان من دول آسيا، تحيط بها دول أفغانستان وإيران والهند، وعاصمتها إسلام آباد، يبلغ عدد سكانها أكثر من 150 مليون نسمة وحكومتها جمهورية إسلامية، ولغات أهلها هي الأوردية والبنجاب والسندية والباشتو والبلوش، أما اللغة الرسمية فهي الانجليزية. ومعنى باكستان هو (الأرض الطاهرة) إشارة إلى طهارتها من الهندوس وذلك عند انفصالها عن الهند عام 1947م وكانت يومئذ أحد الأقاليم الهندية.
تبلغ نسبة المسلمين في باكستان 97% والباقي من الهندوس والمسيح والبوذيين وقليل من السيخ والشيوعية، وأغلب المسلمين من أهل السُنّة ونسبتهم 74% من أتباع المذهب الحنفي (بريلونان) والباقي من الشيعة، والمتفحص لأوضاع المسلمين في هذا البلد يجد أغلب المذاهب والطرق، فمن المذاهب الحنفيّة والمالكية والشافعية والشيعة والزيدية والإسماعيلية، وأما الطرق فالنقشبنديّة والقاديانية والقادريّة والميرزائيّة والبريلويّة وجكرالوي والبهرة الإسماعيلية والبهرة الأصولية والنوربخشيّة وغيرها.
يشكّل الشيعة في هذا البلد نسبة الربع تقريباً من العدد الكلي للسكان وينتشرون في كل مناطق البلاد مثل لاهور ومولتان وجهنك وفيصل آباد وكراچي وإسلام آباد وحيدر آباد وجكوال وراولبندي، وأن الأكثرية الذين يقنطون شمال البلاد هم من الشيعة حيث تبلغ نسبتهم في بالتستان وكَلكَت 80%.
تجدر الإشارة إلى قِدَم التشيّع في باكستان فيؤرخ منذ القرن الثامن الهجري وانتشر على أيدي العلماء وكان من أشهرهم نور الله التستري والسيد علي خان كبير صاحب كتاب (رياض السالكين).
وبالرغم من أن نسبة الشيعة في باكستان هي الربع ، إلا أن النفس الشيعي له أثر كبير في الحركة السياسية والثقافية الباكستانية، فقد كانت فلسفة النهضة الحسينية مترسخة في فكر الشاعر الكبير والفيلسوف الإسلامي السُنّي المذهب محمد إقبال لاهوري ـ المخطط الروحي لاستقلال باكستان من الهند ـ وكان شديد التعلق بأهل البيت (عليهم السلام) وتشهد بذلك قصيدته المشهورة في مدح الزهراء (عليها السلام)، ويذكر أنّ الأموال التي بذلها الشيعة يوم ذاك كان لها الأثر الكبير في الاستقلال وهذا الأمر مشهورٌ معروف في تاريخ باكستان.
الدور الشيعي السياسي
وللشيعة دور واضح ومؤثر على جميع الأصعدة في هذا البلد، فعلى الصعيد السياسي نجد أن بعض رؤساء الجمهورية كانوا من الشيعة وأشهرهم مؤسِّس الدولة الباكستانية محمد علي جناح وكذلك الاسكندر ميرزا صدر بالإضافة إلى الكثير من الوزراء وجنرالات الجيش.
كما يعتبر النشاط الثقافي الشيعي في باكستان جيدا، حيث تصدر الكثير من الصحف والمجلات والنشرات التي تحمل ولاء أهل البيت (عليهم السلام) مثل الثقلين والمنتظر والإمام الحسين والتحريك والمعصوم ووحدت والصادق والسراج والأخبار والعارف والمشرق ورضاكار وغيرها.
ويوجد في باكستان العديد من العلماء والمثقفين الشيعة صدرت عنهم كتب قيّمة على المستويين الديني والثقافي، وهناك المئات من المدارس الدينية التي يدرس فيها طلبة العلوم الدينية الذين يربوا عددهم على الآلاف هذا إلى جانب الآلاف من الذين يدرسون في الخارج كإيران والعراق وسوريا.
كما أن النشاط الاجتماعي لهم فعّال وبارز، فقد عمل الشيعة على بناء المدارس والمراكز الخدمية والمساجد والحسينيات، والجدير بالذكر أن لشيعة باكستان نظاما خاصا في تنظيم الخُمُس فقد أنشأوا له جمعية يُشرف عليها وكلاء المراجع، ومن خلالها يتم تعمير المساجد والحسينيات وتعليم الطلبة وسدّ حاجة الفقراء والمعوزين، وقد كان لهذه الجمعية دور كبير في قضية المهاجرين من كشمير حيث استطاعت باكستان أن تستوعب كل هؤلاء المهاجرين وتعطي كل شخص جميع ما كان يملك في بلده خلال فترة ثلاثة أشهر وذلك بفضل هذه الطريقة لجمع الخُمُس.
أما الوضع الديني، فيُعرف من خلال تمسك الباكستانيين القوي والعميق بمعتقداتهم بطبقاتهم كافة، ففي كل مكان من هذا البلد سواء أكان مدينة أم قرية، إلا وفيه مسجداً وحسينية للشيعة تُقام فيها المناسبات الإسلامية والمذهبية وبالخصوص في أيام عاشوراء، حيث يقيم الشيعة مراسم عظيمة يندر وجودها في أغلب المناطق الشيعية من العالم، حيث يستعد الشيعة طوال السنة لإحياء هذه المناسبة، وليس هذا الأمر خاص بالشيعة فقط بل إن أغلب أهل السُنة يحيون هذه المراسم حتى على مستوى الحكومة حيث تعطّل الدولة يوم التاسع والعاشر من محرم وتبث برامج خاصة في الإذاعة والتلفزيون.
ولشيعة باكستان مزارات كثيرة في هذا البلد منها مزار الإمام علي (عليه السلام) في پاراجنار وآخر يُقال إنه لأخت أبي الفضل العباس.
تشهد باكستان في الوقت الحاضر حركة كبيرة للاستبصار واعتناق مذهب أهل البيت (عليهم السلام) وقد انتشرت كتب المستبصرين هناك بشكل ملحوظ
ومن أهم أسباب هذا التوجه، هو اتضاح حقّانية هذا المذهب وذلك من خلال المناظرات التي تُقام بين السُنة والشيعة، وكذلك التبليغ الذي يبحث الناس على اتباع الأدلة الصحيحة، وكذلك المجالس الحسينية التي ينجذب لها الشعب الباكستاني بكل أصنافه، وبالخصوص قضية مظلومية الزهراء (عليها السلام). بالإضافة إلى الأثر السلبي للحركة المعادية للمذهب الشيعي، حيث أخذ الناس يبحثون حول الحقائق، بعد أن انتشرت الكثير من الشبهات حول مذهب أهل البيت (عليهم السلام).