"أبو تقوى" و"أبو سجاد" رفقاء الشهادة.. تاريخ عبق من العمل العسكري ضد الاحتلال والإرهاب
الثاني نجله شهيد والآخر جريح حرب
"أبو تقوى" و"أبو سجاد" رفقاء الشهادة.. تاريخ عبق من العمل العسكري ضد الاحتلال والإرهاب
انفوبلس/..
في ضربة غادرة، نفذتها طائرة مسيرة أمريكية يوم الخميس 4 كانون الثاني 2024، استُشهد القائد مشتاق السعيدي "أبو تقوى" تاركاً خلفه تأريخاً من المقاومة والجهاد ضد المحتل الأمريكي وحتى تنظيم داعش الإجرامي، كما أسفرت الضربة عن استشهاد مرافقه "أبو سجاد".
في هذا التقرير، تستعرض شبكة انفو بلس، تاريخ الشهيد القائد "أبو تقوى" من ظل النضال إلى ضوء الشهادة، كما تسلط الضوء على الشهيد "أبو سجاد" الذي سبقه ابنه بالشهادة خلال الحرب على داعش فيما ابنه الثاني يعاني من عدم القدرة على الحركة بعد إصابة بليغة تعرّض لها خلال الحرب ذاتها.
*أبو تقوى
بحسب قيادة عمليات حزام بغداد، فإن مشتاق طالب السعيدي "أبو تقوى" يشغل منصب نائب قائد عمليات حزام بغداد، حيث قالت القيادة في بيان، إن "قيادة عمليات حزام بغداد للحشد الشعبي تزف الشهيد المجاهد الحاج "أبو تقوى" السعيدي نائب قائد عمليات حزام بغداد الذي ارتقى شهيدا إثر عدوان أمريكي غاشم".
ويعني الحزام الذي يرتبط بمنصبه، المناطق المحيطة بمركز العاصمة العراقية بغداد، وعلى مسافة إلى حدود 40 كيلومترا، ويشمل حزام بغداد الشمالي الطارمية والمشاهدة والراشدية، ويشمل الحزام الجنوبي اليوسفية، الإسكندرية، والمحمودية واللطيفية، والغربي أبو غريب والشرقي منطقة المدائن.
واسمه الكامل مشتاق طالب السعيدي، الملقب في نطاق حركة النجباء باسم "أبو تقوى"، وهو من عائلة فقيرة تسكن حي الكمالية، أحد الأحياء الشعبية شرقيّ العاصمة، لكنّ عائلته تنحدر من محافظة ديالى، شرقي البلاد.
والسعيدي البالغ من العمر 43 عاماً، يُعرف أيضاً على أنه أحد المقربين من الشهيد أبو مهدي المهندس، الذي استُشهد بغارة أميركية مع قائد فيلق القدس الايراني السابق الشهيد قاسم سليماني مطلع يناير/ كانون الثاني من عام 2020.
وكان لـ"أبو تقوى" دوراً أمنياً فاعلاً في مناطق الطارمية ومحيطها، حيث وخلال المعارك ضد تنظيم "داعش" الارهابي، كان السعيدي قائداً ميدانياً في مناطق الطارمية شمالي بغداد، قبل أن يرتقي إلى منصب أمني رفيع في عمليات حزام بغداد التابع للحشد الشعبي.
وتولى الشهيد السعيدي مناصب محورية على صلة مباشرة بإدارة وتخطيط العمليات العسكرية، لاسيما استهداف القواعد العسكرية التي تشغلها قوات أمريكية محتلة في العراق وسوريا.
تولى إدارة "كتيبة الصواريخ" منذ بدء "طوفان الأقصى" في قطاع غزة، وكان من أكثر الشخصيات الميدانية التي تنقلت بين العراق وسوريا خلال الشهر الماضي، لترتيب العمليات العسكرية ضد الاحتلال، وفق ما تقول مصادر.
وتتزامن الضربة التي أدت إلى استشهاد "أبو تقوى" مع حلول الذكرى الرابعة لاستشهاد القائدَين المهندس وسليماني، وبنفس الآلية الغادرة قرب مطار بغداد، عام 2020.
*عمليات حزام بغداد تنعاه
وكتب قائد عمليات حزام بغداد، نصر الشمري، "أبو تقوى.. وقد عهدتُ قلمي طيعاً سلس القياد كلما أردته للكتابة طاوعني منساباً، لكنه اليوم كان متردداً صعب قيادهُ، وكيف لا يكون كذلك وأنا أجرَّه لمرتقى صعب وجبل أشم كأبي تقوى الأخ والصديق والقائد الهمام الذي لا أعلم منه إلا خيراً".
وأضاف، "لكني وأنا بين يدي ارتقائك شهيـ..ـداً تكشّفت لي عنك منازل وكرامات حريٌّ بمن هو مثلي أن يغبطك عليها، فإن ترتقي شهـ..ـيداً في ذكرى قادتك اللذَين طلبت بدـ..مهم وأن يستـ..هدفك نفس العـ~~دو الغــ~~ادر بنفس الطريقة ونفس السـ..لاح وأن تستـ~~شهد بنفس الكيفية مقطع الأوصال وأن تُقطع يمينك فتلتحق بقافلة أبي الفضل العباس عليه السلام".
وقال الشمري، "إن تشـ..يعك كل هذه الآلاف بهذه الحرقة والمحبة ثم تُدفن في نفس البقعة الطاهرة للشـ..ـ...هيد القائد، فلعمري لقد فزت بها شهيـ...داً سعيداً صفياً نقياً صابراً محتسباً مقتدياً بالصالحين، هنيئاً لك يا نقي الروح وناصع القلب جوار ناصع الشيب ورَكبه المبارك، ومبارك لك هذه العاقبة الحميدة، وإنا على عهدك ونهجك كنا ولازلنا حتى يحكم الله بيننا وبين القوم الظـ~~المين والعاقبة للمتقين".
*ماذا عن الشهيد "أبو سجاد"
طريق الشهادة لم يكن بعيداً أو غريباً على "أبو سجاد"، طالما قدم ابنه قرباناً للمذهب والوطن، فيما يعاني ابنه الآخر من عدم القدرة على الحركة نتيجة لإصابة تعرض لها في إحدى المعارك.
"أبو سجاد" الذي استشهد أيضا إثر الجريمة الأمريكية في بغداد، كان أباً قدم كل ما يملك بإخلاص؛ إذ استشهد ابنه الأكبر في الحرب ضد داعش، وجُرح ابنه الآخر وأصبح مقعداً على الكرسي المتحرك إلى الأبد متأثراً بإصابته في الحرب مع التكفيريين.
ورغم كل هذا لم يتوقف أبو سجاد عن القتال حتى نال شرف الشهادة؛ فهذا الشهيد، على الرغم من أنه أدى واجبه لكن فضّل أن يبقى اسمه مجهولاً حتى اللحظة الأخيرة.
*البنتاغون يتبنى
أكد الجيش الأمريكي أنه نفذ غارة جوية يوم الخميس، في العراق أدت إلى مقتل القيادي مشتاق طالب السعيدي، من حركة "النجباء"، زاعماً أنه كان ضالعاً في التخطيط لشن هجمات ضد القوات الأمريكية.
وصرّح المتحدث باسم البنتاغون، باتريك رايدر، للصحفيين أن "القوات الأمريكية اتخذت عند الساعة 12 ظهرا بتوقيت العراق، إجراءً ضروريا ومتناسبا مع الفعل ضد أبو تقوى، المسؤول في حركة النجباء، والذي كان ضالعا في التخطيط لشن هجمات ضد القوات الأمريكية".
وأضاف، أن "الضربة الجوية أدت إلى مقتل أبو تقوى وعنصر آخر".
*موقف حكومي
حمّل الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية، يحيى رسول، قوات التحالف الدولي مسؤولية، الهجوم الذي وصفه بـ "غير المبرر"، الذي استهدف، مقراً للحشد الشعبي في بغداد.
وقال رسول خلال البيان: "في اعتداء سافر وتَعَدٍّ صارخ على سيادة العراق وأمنه، أقدمت طائرة مسيرة على عمل لا يختلف عن الأعمال الإرهابية، باستهداف أحد المقارّ الأمنية في العاصمة بغداد، اليوم الخميس، مما أدى إلى وقوع ضحايا في هذا الحادث المرفوض جملة وتفصيلاً".
وأضاف، "إن القوات المسلحة العراقية تحمّل قوات التحالف الدولي مسؤولية هذا الهجوم غير المبرر على جهة أمنية عراقية تعمل وفق الصلاحيات الممنوحة لها من قبل القائد العام للقوات المسلحة، الأمر الذي يقوض جميع التفاهمات ما بين القوات المسلحة العراقية وقوات التحالف الدولي".
وتابع، "إننا نعدُّ هذا الاستهداف تصعيداً خطيراً واعتداءً على العراق وبعيداً عن روح ونص التفويض والعمل الذي وُجِد من أجله التحالف الدولي في العراق".
في المقابل، انتقد رئيس الحكومة العراقي محمد شياع السوداني، بعد 24 ساعة من وقوع الهجوم، ما وصفه بـ”بتكرار الهجمات التي تستهدف مقار الحشد الشعبي” من قوات التحالف الدولي المناهضة لتنظيم “داعش”، معلناً أن موقف حكومته ثابت في “إنهاء وجود تلك القوات في البلاد”.
وقال في كلمة ألقاها خلال حضوره حفلاً تأبينياً في الذكرى الرابعة لاستشهاد القائدين المهندس وسليماني، إن “الاعتداء الذي أدى الى اغتيال المهندس، وضيف العراق قاسم سليماني، مثّل ضربة لكل الأعراف والمواثيق والقوانين التي تحكم العلاقة بين العراق والولايات المتحدة، مثلما كان جريمة نكراء غير مبررة”.
وأضاف، إن "الحكومة بصدد تحديد موعد بدء عمل اللجنة الثنائية لوضع ترتيبات إنهاء وجود قوات التحالف الدولي في العراق بصورة نهائية، مشدداً على أنه لن يكون هناك تفريط بكل ما من شأنه استكمال السيادة الوطنية على أرض العراق وسمائه".