edition
إنفوبلاس
  • الرئيسي
  • كل الأخبار
    • سياسة
    • أمن
    • اقتصاد
    • رياضة
    • صحة
    • محليات
    • دوليات
    • منوعات
  • اقرأ
  • شاهد
  • انظر
  • انفوغراف
  • كاريكاتور
  • بودكاست
  • بلغتنا
  • من نحن
  1. الرئيسية
  2. الأخبار
  3. امن
  4. سلاح منفلت وتدقيق منعدم.. حادثة الحسينية نموذجًا لانهيار منظومة الضبط الاجتماعي والأمني.....

سلاح منفلت وتدقيق منعدم.. حادثة الحسينية نموذجًا لانهيار منظومة الضبط الاجتماعي والأمني.. "بوزرچي" يقتل شاب بسبب 3 آلاف دينار

  • 13 تموز
سلاح منفلت وتدقيق منعدم.. حادثة الحسينية نموذجًا لانهيار منظومة الضبط الاجتماعي والأمني.. "بوزرچي" يقتل شاب بسبب 3 آلاف دينار

انفوبلس..

في بلدٍ أثقلته الحروب، وأُنهكت فيه مؤسسات الدولة بفعل الانقسامات السياسية والتراخي الأمني، لم يعد العنف سلوكاً طارئاً أو استثناءً نادراً، بل تحول إلى نمط تفاعلي مألوف في حياة العراقيين اليومية. حادثة مروعة في محطة تعبئة وقود بمنطقة الحسينية، أُزهقت فيها روح شاب لأسباب تافهة، أعادت إلى الواجهة سؤالاً مريراً: كيف أصبحت مشادة عابرة مدخلاً للقتل العمد؟ تقف خلف هذا السؤال منظومة معقّدة من السلاح المنفلت، وتآكل الردع، وتراجع الوعي المجتمعي، يقابلها عجز رسمي عن ضبط الانفلات وفرض هيبة القانون.

 

المجتمع العراقي الذي كان يتصف بالشفافية والعدالة في التعايش وحب الآخر، أصبح اليوم وبعد مخاضات ومخلفات الحروب التي عاشها ومرّ بها البلد ساحة مفتوحة للنزاعات العشائرية والشخصية ولأسباب تافهة لا تمت لأخلاقية المواطن العراقي بصلة، والجريمة التي كانت في أدنى مستوياتها ولا تحدث إلا في حالات نادرة كالدفاع عن النفس أو حوادث تتعلق بشرف العائلة وكرامتها نراها اليوم تصل الى نسب عالية في مستوياتها ولأسباب غير منطقية تذهل السامع بها أو من يشاهدها، ولعل آخرها وأحدثها ما جرى في محطة تعبئة الوقود التابعة لمنطقة الحسينية، وذهب ضحيتها شاب في مقتبل العمر.

 

حادثة الحسينية

وتداولت وسائل إعلام محلية ومواقع التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو تُظهر تفاصيل مؤسفة للحظة وقوع الجريمة، وسط ذهول المارة، في حين أفادت مصادر أمنية بأن الجاني هو أحد العاملين في المحطة، وقد استخدم سلاحاً شخصياً إثر مشادة كلامية تطوّرت بشكل مأساوي، وهذا ما أعاد للواجهة مجددا ملف السلاح خارج إطار الدولة، وسط مطالبات شعبية ورسمية بضرورة حصر السلاح بيد المؤسسات الأمنية، الحادثة التي هزّت الرأي العام، سلطت الضوء على خطورة انتشار السلاح بين المدنيين واستخدامه في الخلافات اليومية، وهو ما اعتبره مراقبون مؤشراً على هشاشة تطبيق القانون في بعض المناطق، وغياب الردع الكافي.

 

وبحسب مصدر محلي فإن الضحية كان سائق تكتك واختلف مع عامل المحطة بسبب مبلغ "3 آلاف دينار" وتطور الأمر لقيام الأخير بسحب مسدسه وقتل الشاب وإصابة آخر والفرار من موقع الجريمة.

وأضاف إن القاتل ليس من أهل المنطقة، فقد قدم إليها هو وعائلته من محافظة ميسان قبل فترة بسيطة، وذلك بسبب قيامهم بقتل 6 أشخاص بنزاع عشائري بينهم وبين طرف آخر في المحافظة، انتهى بقرار طردهم منها.

  • القاتل
    القاتل

وتابع، إن هنالك استياءً واسع من قبل أهالي المنطقة بسبب الإهمال المركب، حيث مختار المنطقة التي سكنوا فيها لم يدقق معلوماتهم، ومسؤولو المحطة سمحوا لأحد عامليها بحمل السلاح أثناء عمله، ما دفعهم إلى إقامة وقفة تطالب بفرض القانون ورفض العنف وإنهاء الجريمة.

 

ويرى ناشطون أن الحادث لم يكن ليقع لولا تفشي ظاهرة حيازة السلاح دون ضوابط، مطالبين الحكومة باتخاذ إجراءات صارمة لضبط السلاح المنفلت وتجريم حيازته خارج نطاق القانون، ويأتي هذا الحادث في وقت تسعى فيه الحكومة إلى فرض سيادة القانون وإنهاء مظاهر التسلح العشوائي، في إطار جهود أوسع لتعزيز الأمن المجتمعي وطمأنة المواطنين.

 

خلافات بسيطة

شهد الشارع العراقي تكرارًا لحالات النزاع والشجار في الفترات الاخيرة، غالبًا ما تتطور إلى استخدام السلاح وسفك الدماء، والسبب الرئيس ضعف الوعي وضعف في تطبيق القانون، وبينما منها تُحلّ بعض الخلافات خارج إطار الدولة عبر العشائر ومنها تحل داخل اطار الدولة .

 

العقيد عباس البهادلي الناطق باسم وزارة الداخلية بين أن مراكز الشرطة في مختلف المحافظات العراقية تُسجّل تكرار حالات النزاع أو الشجار لأسباب تُعتبر “تافهة” أو غير منطقية، منها خلافات مرورية بين اصحاب المركبات، ومواقف على وسائل التواصل الاجتماعي، وعائلية بسبب سوء تفاهم أو كلمة عابرة، ومشكلات بين أبناء المحلة على أمور بسيطة، وأن نسبة كبيرة من الجرائم تبدأ بخلاف بسيط ثم تتطور، ويضيف البهادلي، بعيدا عن لغة الارقام في العادة لا تُصنّف الجرائم علنًا حسب “مدى منطقية السبب”، لكن تصدر وزارة الداخلية تقارير دورية تُظهر أن عددًا من جرائم القتل أو الاعتداء الجسيم تعود لأسباب شخصية بسيطة، منها تقارير الشرطة المجتمعية أو أقسام مكافحة العنف الأسري قد توثق ذلك في سياق الشكاوى المتكررة.

 

ضعف الوعي المجتمعي

ويشير البهادلي الى أن دور الشرطة المحلية يتمثل في التدخل السريع لفضّ النزاع ومنع تطوره، ثم فتح محضر قانوني حسب نوع الخلاف، ويمكن للإجراءات الوقائية، تفعيل الشرطة المجتمعية للتدخل قبل تفاقم الخلاف، دعوة الأطراف إلى الصلح والتحكيم العشائري أو الاجتماعي ومتابعة المناطق التي تُعرف بتكرار الشجار فيها اضافة الى إشراك وجهاء المنطقة والمختارين في جهود التهدئة، ويذكر ان السبب مركّب من ضعف الوعي والردع، لكنه في الغالب يعود إلى ضعف الوعي المجتمعي بطرق حلّ الخلافات السلمية منها غياب ثقافة الحوار والتسامح، سهولة الانفعال واللجوء إلى العنف، ضعف الردع الاجتماعي أحيانًا، وليس القانوني فقط.

 

 كما يضيف البهادلي، أن هناك حملات أطلقتها الشرطة المجتمعية بالتعاون مع وزارات ومؤسسات مدنية، منها  “كفى نزاعًا بسبب كلمة” – حملة إعلامية مجتمعية وبرامج توعوية في المدارس والجامعات للتعريف بثقافة التسامح، وورش عمل للأسر حول إدارة الغضب والنزاعات، وايضا هناك خطط مستقبلية لتوسيع نطاق الشراكة بين الشرطة المجتمعية والمؤسسات التربوية والدينية لنشر ثقافة السلام الأهلي.

 

فرض سلطة القانون

أحد المواطنين تحدث بأنه "في أحد الأيام  وفي آخر الليل سمعنا أصوات صراخ قريب من دار سكننا، بين شقيقين يسكنان  الدار نفسها، حيث كبرت المشكلة وأصبحت صراعا بالآلات الحادة، وما يثير الاستغراب أن السبب الرئيس للمشكلة هو "قنينة بيبسي" وحدث الأمر في الوقت الذي كانت فيه والدتي تعاني من وعكة صحية حادة وتدهورت حالتها بسببهما، وقمنا بإسعافها الى المستشفى"، وأكد أن "الناس أصبحت سريعة الغضب لأبسط الاشياء، وهذه مشكلة كبيرة نتمنى من الدولة وضع قوانين رادعة لهكذا حوادث وحالات تشوه صورة المجتمع".

 

ومن جانب أمني قال الخبير الأمني سرمد البياتي:  لا يمكن القول إن هناك تقصيرًا أمنيًا بالمفهوم الواضح، لكن القصور الحقيقي يتمثّل في السماح بانتشار السلاح بشكل مفرط، ووجوده في أيدي عدد كبير من الناس دون رقابة. إضافة إلى الأوضاع الاقتصادية المتردية، ساهمت بشكل كبير في تفاقم هذه الظواهر، إلى جانب عدم تطبيق العقوبات القانونية بشكل صحيح، فلو كانت هناك عقوبات صارمة تُنفّذ بحق من يسيء استخدام السلاح، لما 

 

وصلت الأمور إلى هذا الحد. أحيانًا يُلاحظ وجود ضعف في فرض سلطة القانون، كما أن كثيرًا من النزاعات تُحل خارج إطار الدولة، عبر الفصل العشائري.

 

السلاح غير المرخص

ويضيف البياتي أن الحل الأمثل يكمن في تفعيل وتطبيق القوانين العراقية الموجودة بالفعل، والضرب بيد من حديد على كل من يحمل سلاحًا غير مرخّص، أو يستخدمه خارج إطار عمله الرسمي، كذلك يجب ضبط الأسلحة المخصصة للدولة، والتأكيد على أن المواطن يجب أن يشعر بوجود الدولة وهيبتها، ويجب أن تصله رسالة واضحة: لا فرق بين شخص وآخر، فكل من يستخدم السلاح في غير موضعه، سيُحاسب ويطبق عليه القانون.

 

اما من جانب اجتماعي فيقول الباحث الاجتماعي الدكتور عبدالمنعم الشويلي: تُعَدّ ظاهرة الشجار والعنف في الشارع العراقي نتاجًا لمجموعة من الأسباب المتداخلة. فمن العوامل البيئية: طبيعة السكن، وضيق مساحة المنازل، وقلة المناطق الخضراء، إلى جانب الكثافة السكانية العالية.

 

ويُشير بعض الباحثين إلى أن طبيعة المناخ المتطرف في العراق، سواء في ارتفاع درجات الحرارة أو انخفاضها الشديد، تسهم أيضًا في زيادة التوتر والانفعال.

 

البطالة وتأثيرها

ويذكر الشويلي، تلعب البطالة والفراغ دورًا مهمًا في التأثير على مزاج الأفراد، ما يجعلهم أكثر عرضة للانفعال السريع والتصرفات العنيفة، ولا يمكن إغفال تأثير الثقافة المجتمعية والدينية، فضلًا عن العوامل السياسية والخدمية، التي تنعكس جميعها على المزاج العام للفرد العراقي إلى جانب ذلك، هناك موروث عنيف متجذّر في تاريخنا القديم والحديث، جعل من العنف والشدة والصلابة سِماتٍ تُورَّث وتُمارس في الحياة اليومية.

 

أما من جانب قانوني قالت المحامية إيناس الاحمدي: في القانون العراقي، تختلف العقوبة بحسب جسامة الفعل المرتكب، إذا أفضى الشجار إلى القتل الخطأ، يعاقب عليه بالحبس والغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين، وقد تصل العقوبة إلى الحبس لمدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن ثلاثمئة دينار، ولا تزيد على خمسمئة أو بإحدى هاتين العقوبتين، خاصة إذا كان الحادث نتيجة إهمال جسيم أو عدم مراعاة للقوانين والأنظمة، وتضيف الاحمدي، أما إذا أفضى الشجار إلى إيذاء، فتعتبر جنحة ويعاقب عليها بالحبس أو الغرامة، وقد تشتد العقوبة إذا كان هناك اعتداء على موظف عام أثناء تأدية واجبه، فبالتالي القضاء هو من يحدد العقوبة المناسبة بناءً على ظروف كل قضية على حدة.

 

وتذكر الأحمدي، أما إذا كان بحيازته وجود سلاح وأدى الشجار إلى القتل الخطأ (دون قصد)، تكون العقوبة الحبس لمدة لا تزيد عن ثلاث سنوات أو غرامة وبالنسبة لتدخل العشائر، فهو أمر غير قانوني ويعتبر خروجًا على سلطة القانون، ويمكن أن يعرض أفراد العشيرة للمساءلة القانونية، وإذا كانت هناك صعوبات في تطبيق القانون على أرض الواقع، فقد تكون هناك حاجة لتعديل الإجراءات أو زيادة الموارد بخصوص هذه التشريعات.

 

إن حادثة محطة تعبئة الوقود في الحسينية ليست مجرد جريمة قتل عابرة، بل تمثّل صورة مكثفة لانفجار اجتماعي وأمني يتعمّق بصمت داخل النسيج العراقي. فما جرى في تلك اللحظة التي راح ضحيتها شاب بسبب خلاف على "مبلغ زهيد" لا يُختزل فقط في مشادة كلامية تطورت إلى إطلاق نار، بل هو نتاج تراكمات معقدة من السلاح المنفلت، والهشاشة القانونية، وغياب الضوابط الاجتماعية، وتراجع حضور الدولة كمرجعية ردع وضبط.

 

أزمة أمنية مزمنة بلا حلول

لا يمكن فصل هذه الجريمة عن ظاهرة الانتشار غير المنضبط للسلاح في أيدي المدنيين، وهي ظاهرة لطالما حذر منها المراقبون والجهات الأمنية دون أي نتائج ملموسة على الأرض. وجود سلاح شخصي في موقع عمل مدني كالمحطة، بيد عامل قادم من بيئة عشائرية متوترة، يكشف هشاشة المعايير الأمنية والرقابية، ويدل على أن الدولة لا تزال عاجزة عن حصر السلاح بيدها رغم كل الشعارات والخطط التي أُعلنت منذ سنوات.

 

إن القاتل ذاته كان مطرودًا من محافظة ميسان إثر تورطه في نزاع دموي راح ضحيته ستة أشخاص، ما يعني أن النظام الأمني الرقابي المحلي فشل في تتبع حركة العناصر الخطرة، وسمح باندماجهم مجددًا في مناطق جديدة دون محاسبة، وهو ما يحوّل كل مدينة إلى قنبلة موقوتة تنتظر شرارة.

 

الفصل العشائري بديلاً عن القانون

ما يضاعف من هشاشة الواقع العراقي هو أن عددًا كبيرًا من النزاعات لا تُحسم في قاعات المحاكم، بل عبر ما يُعرف بـ"الفصل العشائري"، ما يؤدي إلى تآكل تدريجي في هيبة القانون، وتحويل المواطنين إلى قضاة ومُنفّذين لحلولهم الخاصة. الفصل العشائري في بعض الأحيان يُفضي إلى التهجير أو دفع أموال، لكنه لا يُحقق العدالة ولا يردع الجريمة، بل يُكرّس ثقافة الإفلات من العقاب، ويُشرعن الرد العنيف في المستقبل.

 

هذا ما جعل القاتل الذي طُرد من ميسان، يواصل حياته بطريقة طبيعية، ليقتل مجددًا في بغداد. إذًا نحن أمام سلسلة من الإخفاقات المؤسساتية، تبدأ من فشل الردع، وتستمر في ضعف المتابعة، وتنتهي في التكرار المأساوي للجرائم.

 

الانهيار السلوكي والتربوي

العنف لم يعد ناتجًا فقط عن وجود السلاح، بل عن ثقافة اجتماعية جديدة تُشرعن الغضب المفرط والانفعال كوسيلة لحسم الخلافات. نحن أمام جيل نشأ في بيئة سياسية مأزومة، واقتصادية ضاغطة، واجتماعية مُحطّمة، يُعبّر عن ذاته من خلال العدوان لا الحوار. أن تقتل من أجل كلمة، أو خلاف مروري، أو موقف على فيسبوك، فذلك لا يحدث في مجتمع سليم، بل في مجتمع مفكك فقد أدوات التوازن النفسي والتربوي.

 

الشارع العراقي بات مسرحًا مفتوحًا لمشاهد غير مألوفة: أشقاء يتقاتلون بالسكاكين، جيران يطلقون النار على بعضهم، شباب يخرجون مسدساتهم من جيوبهم في دقائق، وكل ذلك وسط لامبالاة شعبية وتقصير حكومي.

 

دور الدولة بين العجز والتراخي

رغم حديث وزارة الداخلية عن إجراءات وردود فعل وتحقيقات، إلا أن السؤال المركزي يبقى: أين كانت الدولة قبل أن تقع الجريمة؟ وما الذي منع السلطات المحلية من مراقبة بيئة المحطة؟ ولماذا لا تُطبق قوانين حيازة السلاح بشكل حاسم؟ إن المشكلة لا تكمن في النصوص القانونية، بل في آليات تنفيذها. حين يُسمح ببيع السلاح في الأسواق، ويُتداول دون رقابة، وتُحلّ الجرائم بالتنازل العشائري، فإن الدولة تفقد تدريجيًا مكانتها كضامنة للعدالة.

 

بل إن التعامل مع مرتكبي العنف في كثير من الأحيان ينتهي بوساطات أو تسويات اجتماعية، تُضعف هيبة القانون وتفتح المجال أمام مزيد من الجرائم. وفي غياب الضبط الوقائي، لا يمكن للمجتمع أن يشعر بالأمان، حتى في أماكن يفترض أنها آمنة كالمحطات أو المدارس أو الأحياء السكنية.

 

لا يمكن تحميل الأجهزة الأمنية المسؤولية الكاملة، فمواجهة هذا الانهيار تحتاج إلى جهد وطني شامل يبدأ من المدرسة، ويمر بالإعلام، ويُعزّز بخطاب ديني متزن. غياب التربية على التسامح، وإدارة الغضب، وحل النزاعات بالحوار، جعل المواطن العراقي أقرب إلى الانفجار في وجه أي اختلاف بسيط.

 

المبادرات المحدودة التي أطلقتها الشرطة المجتمعية، يجب أن تتحول إلى استراتيجية وطنية شاملة، تُنفّذ في كل محافظة، وتستهدف الفئات العمرية الصغيرة خصوصًا في المدارس، وتُعزز بقصص واقعية تُعرض في وسائل الإعلام لتغيير الصورة النمطية عن "القوة والعنف" بوصفها سلوكًا ذكوريًا مقبولًا.

 

إن جريمة الحسينية يجب أن لا تُنسى كما نُسيت عشرات الجرائم التي سبقتها. المطلوب اليوم إعادة رسم سياسات أمنية وقانونية واجتماعية، تبدأ من:

1. تشديد العقوبات على حيازة واستخدام السلاح غير المرخّص.

 

2. إعادة النظر في صلاحيات الوجهاء والمخاتير في استيعاب العائلات النازحة، والتدقيق في خلفياتهم.

 

 

3. تفعيل الشرطة المجتمعية بشكل مؤسسي لا شكلي، مع إشراكها في صياغة حلول طويلة المدى للنزاعات.

 

4. إطلاق برامج وطنية لتغيير الثقافة العنيفة، بإشراف وزارة التربية، ووزارة الثقافة، وهيئات الإعلام.

 

 

5. ضمان استقلال القضاء وسرعة البتّ في القضايا الجنائية، حتى لا يشعر الجاني أن الإفلات من العقاب ممكن.

 

حادثة الحسينية ليست استثناءً، بل علامة تحذير في طريق مليء بالمآسي القادمة إن لم تتغيّر القواعد. مجتمعٌ يتسلّح وينفعل ويقتل من أجل ثلاث آلاف دينار، هو مجتمع فقد توازنه، ويحتاج إلى إعادة ضبط شاملة للدولة والمجتمع معًا. فالأمن ليس فقط مسؤولية الشرطة، بل هو ناتج عقد اجتماعي جديد، يُعيد للمواطن ثقته بالدولة، ويُعيد للدولة هيبتها في الشارع.

 

أخبار مشابهة

جميع
الدرونات المهرّبة تضرب حدود العراق الصلبة.. الطائرات المسيّرة تتحول إلى أداة رئيسية في نقل المخدرات من سوريا وتحذيرات من اختراق سيادي

الدرونات المهرّبة تضرب حدود العراق الصلبة.. الطائرات المسيّرة تتحول إلى أداة رئيسية في...

  • 23 تموز
اغلاق عدد من المشاريع التجارية المخالفة لشروط السلامة في بغداد

اغلاق عدد من المشاريع التجارية المخالفة لشروط السلامة في بغداد

  • 23 تموز
جاهزة بشكل نهائي.. الداخلية: تطبيق خطة زيارة الأربعين ابتداءً من اليوم الأول من شهر صفر

جاهزة بشكل نهائي.. الداخلية: تطبيق خطة زيارة الأربعين ابتداءً من اليوم الأول من شهر صفر

  • 23 تموز

شبكة عراقية اعلامية

  • الرئيسية
  • مقالات
  • فيديو
  • كاريكاتور
  • إنفوغراف
  • سياسة الخصوصية

جميع الحقوق محفوطة