جبال مخمور.. آخر مكامن "داعش" وأخطرها.. تعرف على أبرز العمليات
انفوبلس/ تقرير
مخمور، مدينة عراقية ومركز قضاء في محافظة نينوى شمال العراق، تقع بين قضاء الحويجة والشرقاط والموصل وتبعد عن مركز محافظة نينوى وعن مدينة الموصل بنحو 105 كيلومترا، ومن مدينة زراعية تنتج القمح الشعير، تحولت إلى وكر لعصابات داعش وآخر معاقله.
*جبال مخمور.. وداعش
تُعد جبال مخمور آخر مكامن عصابات داعش وأخطرها، لجأ اليها التنظيم الإرهابي بعد انكساره في الموصل والحويجة وغيرها من المناطق التي حاول بسط نفوذه عليها، لتصبح المأوى الرئيسي له، ومركز عملياته الإرهابية التي تستهدف المدنيين والقوات الأمنية في داخل المدينة وخارجها.
شن التنظيم الإرهابي العشرات، بل المئات من عملياته الإرهابية من داخل هذه المدينة ليحوّل جبالها إلى هدف مباشر للقوات الأمنية، حتى باتت العمليات تنطلق واحدة تلو الأخرى. وسنستعرض أدناه أبرز تلك العمليات التي استهدفت عصابات داعش في هذه السلسلة الجبلية.
*الإرادة الصلبة
عملية عسكرية كبرى انطلقت مرحلتها الاولى في آذار 2022، وامتدت لأكثر من عشرة أشهر، شاركت فيها قوات مختلفة من الحشد الشعبي والجيش والشرطة وحتى البيشمركة، العملية انطلقت كالسلسلة وامتدت لثمان مراحل، استهدفت عصابات داعش في مخمور ومناطق جنوب الحضر وصحراء الجزيرة في شمال الفرات ومناطق غرب وادي الثرثار وكركوك واجزاء من ديالى بإسناد من القوة الجوية وطيران الجيش.
العملية أسفرت عن نتائج نوعية، منها قتل مئات العناصر الإرهابية وضبط آلاف الأسلحة فضلا عن تدمير العديد من مخابئ وأنفاق التنظيم، حتى عُدّت هذه العملية من أهم وأبرز العمليات ضد العصابات الإرهابية منذ بدء عمليات التحرير.
*الأسد المتأهب
هذه العملية استهدفت خلايا داعش في مخمور، وشهدت أسلوباً تكتيكياً مُتقدماً من خلال نشر مفارز قناصين على مسافةٍ من مداخل ومخارج الكهوف والمضافات في المناطق الشاهقة.
أنطلقت هذه العملية في التاسع من آذار 2021، وأكد جهاز مكافحة الإرهاب الذي نفذ هذه العملية أنها (العملية) شهدت أسلوباً تكتيكياً مُتقدماً من خلال نشر مفارز قناصين على مسافةٍ من مداخل ومخارج الكهوف والمضافات في المناطق الشاهقة من جبال مخمور والتي لا يُمكن الوصول اليها بالعجلات العسكرية والذي مكّن بقايا داعـش من التخفي عن أنظار الأجهزة الأمنية.
استمرت عملية الأسد المُتأهب 14 يوماً قُتل فيها 27 إرهابياً من عصابات داعـش تم رصد قتلهم بشكل مُباشر فيما لم يتسنَّ معرفة عدد القتلى الذين طُمرت جُثثهم تحت الصخور الجبيلة.
*عمليات الحشد الشعبي
نفذ الحشد الشعبي المئات من العمليات العسكرية ضد عصابات داعش في مخمور منذ بدء عمليات التحرير عام 2014، كان أبرزها مشاركته بأكثر من 12 ألف عنصر في عملية الإرادة الصلبة التي حجّمت من نفوذ التنظيم في المنطقة.
توالت العمليات ضد عصابات داعش في مخمور وشاركت فيها جميع الأصناف الأمنية لاسيما بعد لجوء التنظيم الإرهابي إلى عمليات الكر والفر والكمائن على القوات الأمنية، فضلا عن لجوئه لاختطاف الفلاحين ورعاة الأغنام بهدف سحب القوات الامنية نحوه. وسنذكر أبرز ما فعلته "داعش" في هذه المنطقة.
- تركزت الهجمات الأخيرة على محافظات نينوى وكركوك وديالى التي تمتلك حدودا مشتركة مع إقليم كردستان، وتشكّل هذه المحافظات الثلاثة -إضافة إلى محافظة صلاح الدين المجاورة- قاعدةً لانطلاق نشاطات تنظيم داعش في العراق.
وينفذ التنظيم بشكل متواصل هجمات في محافظة الأنبار الغربية أيضا، ولكنها أقل عددا من تلك التي وقعت في المحافظات الثلاثة المذكورة.
وبينما انخفضت بشكل عام وتيرة الهجمات التي ينفذها التنظيم في العراق في عام 2021 مقارنة بالأعوام السابقة، وخصوصا في العاصمة بغداد، ما تزال الأراضي العراقية تحتل نصيبا كبيرا من هجمات التنظيم عالميا.
لكن الهجمات الأخيرة، أي ابتداءً من السابع والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر فصاعدا من عام 2021، كانت بارزة من حيث أهدافها وطبيعتها والعدد الكبير من الخسائر التي تسببت به.
وقعت إحدى هذه الهجمات في الثاني من ديسمبر/كانون الأول في قرية خضرجيجة الواقعة في منطقة قضاء مخمور المتنازع عليها والواقعة بين محافظتي نينوى وأربيل، وأسفر الهجوم عن مقتل 10 من عناصر البيشمركة (تقول عصابات داعش إن عدد القتلى بلغ 13).
وكان هجوما قد وقع في وقت سابق (في السابع والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني) قد أسفر عن سقوط خمسة قتلى في صفوف البيشمركة.
ودفع تزايد نشاط التنظيم في المنطقة سكان قرية لهيبان التي تقع قرب مخمور إلى النزوح منها، خصوصا بعد أن تناقلت تقارير محلية أخبارا تتحدث عن سقوط القرية مؤقتا تحت سيطرة التنظيم - وهو أمر نفاه التنظيم نفسه.
وفي 2021، أعلنت عصابات داعش تنفيذ 5 هجمات على قوات البيشمركة، تقول إنها أسفرت عن مقتل ما مجموعه 33 من عناصر القوات الكردية، وقعت أربع من هذه الهجمات في الفترة بين 27 تشرين الثاني و5 كانون الأول.
مقارنة بذلك، كان داعش الإرهابي قد أعلن مسؤوليته عن تنفيذ 4 هجمات وقتل 7 من عناصر البيشمركة خلال عام 2020.
*ثغرات أمنية
وجاءت الإخفاقات الأمنية الموجودة أصلا في بعض هذه المناطق لتضاعف من أثر الاضطراب السياسي.
فقد شكل إخفاق الدولة العراقية في بسط سيطرتها على البلاد بشكل كامل وانشغال قوات الأمن في مهمات كبرى (بما فيها الانتخابات) وضعف التنسيق بل وحتى التنافس والتوتر أحيانا بين القوات الاتحادية والقوات الكردية، عوامل أسهمت في انتعاش "داعش" بعد الهزيمة التي لحقت به نهاية عام 2017.
كما وفرت المناطق الصحراوية والجبلية غير المأهولة في هذا الجزء من العراق ملاذا للتنظيم، الذي يحاول أيضا اللعب على وتر التوترات الطائفية والعِرقية في المنطقة.
*وجهة النظر الكردية
تعترف حكومة إقليم كردستان وقواتها المسلحة بوجود "فراغ أمني" في المناطق المتنازع عليها، ولكنها تلقي باللوم على القوات الاتحادية العراقية بشكل كامل.
وتعود هذه الشكاوى إلى عام 2017، عندما أخرجت القوات الاتحادية قوات كردية من مناطق في مدينة كركوك الغنية بالنفط علاوة على أجزاء من محافظات ديالى ونينوى وصلاح الدين.
وجاءت تلك الإجراءات في خطوة عقابية ضد الاستفتاء الذي أجرته السلطات الكردية من جانب واحد على استقلال المناطق الكردية، والذي فشل في تحقيق الغرض الذي أُجري من أجله.
وتربط أجهزة الاستخبارات الكردية الهجمات الأخيرة بما تقول إنه "تسلل 200 من مسلحي داعش من سوريا" ولكنها لم تدل بتفسير مفصل لذلك.
ووقع هجوم الثاني من ديسمبر/كانون الأول على قاعدة جبل قره جوغ الواقعة قرب مخمور في منطقة كان لتنظيم داعش الإرهابي وجود فيها في أعقاب خسارته لمعاقله الرئيسية في عام 2017.
وذكرت تقارير إعلامية أن تنظيم داعش كان يستخدم جبل مخمور كمخبأ بالدرجة الأولى، ولكن النشاطات الأخيرة تشير إلى أنه أصبح قاعدة انطلاق للهجمات.
ـ بعد انكسارها وهزيمتها في المواجهة الميدانية مع القوات الأمنية، لجأت عصابات داعش إلى أساليب بديلة لزعزعة الامن القومي حيث أقدمت على اختطاف المدنيين ومن ثم تخييرهم بين المساومة على كشف العناصر الأمنية المتواجدين في المنطقة أو اعدامهم، وهذا ما فعلته في نيسان 2022، عندما اختطفت اثنين من رعاة الاغنام من منطقة بير مهيدي الواقعة ضمن ناحية سركران في قضاء مخمور، مستغلة الظروف المناخية حيث اختطفوا الرعاة عندما كانوا مع قطعانهم في المنطقة المذكورة، ومن ثم اقتيادهما الى الجبل حيث انفاقهم ومضافاتهم.
وفي أيلول 2021، أقدم تنظيم داعش على خطف فلاح من أهالي جبل مخمور جنوب شرقي الموصل، بعد أن اشتبكوا مع الجيش العراقي في مخمور، حيث قامت مجموعة إرهابية بخطف فلاح مع سيارته بالقرب من قرية (كرديبور) وبقي معهم كرهينة خوفاً من ملاحقة الجيش لهم".
عناصر داعش أجبروا الفلاح على نقلهم الى اطراف جبل مخمور وبعدها تركوه في العراء واخذوا سيارته معهم الى جهة مجهولة، وبحسب مصدر أمني فإن الفلاح لديه بستان بالقرب من القرية المذكورة ولكنه بالاصل من سكنة قرية لاكجه.
وفي آذار 2020، تم قتل مدنيين اثنين على يد مسلحين من تنظيم "داعش" كانوا متنكرين بزي الجيش العراقي في قضاء مخمور، حيث تسلل المسلحون إلى قرية خرزه التابعة لناحية قراج في قضاء مخمور وقاموا بقتل مدنيين اثنين هما فتحي ابراهيم محمد، وماجد محمد حسن.
وفي ديسمبر 2021، هاجم التنظيم الإرهابي عدة منازل في قرية خدرجيجة على سفح جبل قرجوخ بقضاء مخمور، حيث تسبب الهجوم بمقتل ثلاثة من أبناء مختار القرية قبل أن يلوذوا بالفرار.
*التحالف الدولي.. حقيقة أم أكذوبة؟
عوّلت الحكومة العراقية بزمن رئيسها السابق مصطفى الكاظمي كثيراً على التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن لدحر الإرهاب، لكن الواقع صدم التوقعات، حيث يؤكد القيادي بحزب الدعوة الاسلامي عامر الكفيشي، ان الواهمين والمخدوعين ادركوا اخيرا اكذوبة التحالف الدولي، واكتشفوا بأن امريكا لن تريد الخير للعراق وانها تعمل لتحقيق مشروعها التقسيمي للعراق والمنطقة.
الآمال التي عقدها البعض على التحالف الدولي بدحر "داعش" في مخمور وغيرها من المناطق والمدن، تبددت بعد أن لوحظت طائرات التحالف الدولي وهي تمول التنظيم الإرهابي بل وتمده بالعناصر وهذا ما حدث بالفعل في غرب العراق وسوريا.