سلسلة تغييرات "مرتقبة" في وزارتي الداخلية والدفاع.. انفوبلس تفصّل ذلك بالأسماء وتستعرض البدلاء
انفوبلس/ تقرير
سلسلة مرتقبة من التغييرات الأمنية والعسكرية ستشهدها وزارتا الداخلية والدفاع قريبا، للحد من استمرار ضباط وقادة لفترة أكثر من المدة القانونية لبقائهم، في وقت يحذر خبراء أمنيون من دخول المحاصصة والمحسوبية في إسناد تلك المناصب لضباط آخرين، ولهذا يسلط تقرير شبكة "انفوبلس"، الضوء على أبرز الأسماء البديلة.
وبحسب خبراء أمنيين، فإن تغييرات المناصب الأمنية، لا تخضع للمعايير الحقيقية والتدرج الوظيفي، مشيرين إلى أن هذه القضية انعكست على أداء القيادات بظهور العديد من الثغرات المهنية والسلوكية مؤخرا.
وبحسب تسريبات أمنية اطلعت عليها شبكة "انفوبلس"، فإن التغييرات الأمنية في وزارتي الداخلية والدفاع هي إجراء ليس بالجديد، ولكن تم تأجيل التغيير في بعض المناصب، بسبب الضغوط السياسية التي تم تبريرها بالحاجة إلى خدمات هؤلاء الضباط لأطول فترة ممكنة، لكن توجه مكتب القائد العام للقوات المسلحة، هو ضخ دماء جديدة، وعدم إبقاء من أكمل السقف الزمني بالمنصب.
وأهم المناصب المشمولة بالتغيير في وزارة الداخلية حسب الاتفاق، يأتي أولا وكيل وزارة الداخلية لشؤون الشرطة عادل الخالدي، لبلوغه السن القانونية للتقاعد، وقائد فرقة الرد السريع أبو تراب الذي تسلم منصبه منذ عام 2015 حتى الآن، والمدير العام للدائرة القانونية في الوزارة مهدي سعودي، الذي مضى على تسلمه المنصب 16 سنة، ومدير عام الشؤون المالية في الوزارة الفريق حليم الفرهود، وقائد قوات الشرطة الاتحادية الفريق صالح العامري، لإكماله السقف الزمني، وقائد شرطة بغداد الرصافة شعلان علي صالح، وقائد شرطة ذي قار اللواء مكي الخيكاني.
كما يشمل التغيير أيضا قائد شرطة كربلاء اللواء أحمد علي زويني، لتجاوزه السن القانونية الذي تسلم المنصب منذ 2010، ومن المشمولين بالتغيير الوظيفي أيضا قائد شرطة صلاح الدين اللواء قنديل الجبوري، الذي يشغل منصبه منذ 2014.
وتشهد المؤسسة الأمنية والعسكرية خروقا كبيرة، في ما يخص بقاء الضباط بمناصبهم العليا لسنوات طويلة، متجاوزين السقف الزمني المحدد لكل منصب، وأرجع متخصصون بالأمن ذلك إلى الفساد وهيمنة القوى السياسية على وزارتي الداخلية والدفاع.
أما التغييرات في وزارة الدفاع، فتشير التسريبات الأمنية إلى أن "هناك ضغوطا سياسية تمارس حول تعيين بعض القيادات أو قد تؤجل المحسوبية السياسية تغيير قيادات أخرى، لكن الأسماء المشمولة بالتغيير المرتقب هي كل من قائد الفرقة 16 وقائد الفرقة الخامسة، وقائد عمليات صلاح الدين، ورئيس دائرة الإسناد الهندسي العسكري، وأمين السر الأقدم لرئاسة أركان الجيش لإكماله السقف الزمني في المنصب، وقائد طيران الجيش الذي يتبوأ المنصب منذ أربع سنوات، وقادة عمليات ومديري مديريات آخرين مضى على تسلمهم المنصب فترة طويلة.
ومن المشمولين بالتغيير، وفقا للتسريبات، قائد عمليات بغداد الفريق الركن وليد التميمي فهو مشمول بالتدوير في حال إسناد منصب محافظ ديالى له حسب التوافق السياسي، والمرشح الأبرز لتبوء هذا المنصب هو اللواء الركن فائز المعموري، الذي كان يشغل منصب قائد عمليات الكرخ، كما أن رئيس أركان قائد العمليات المشتركة أيضا أمضى 14 سنة في موقعه وهو مشمول بالتغيير الوظيفي إن لم يستجد شيء آخر.
وبشأن مدير عام الأمن والاستخبارات، فإن هذا المنصب من حصة الكرد، ومنذ خروج الفريق قيدار محمد سعيد وإحالته إلى التقاعد بقي المنصب شاغرا على أمل أن يختار الكرد أحد الضباط لتبوء المنصب.
وشكلت مواقع التواصل الاجتماعي في الفترة الأخيرة مصيدة للكثير من الضباط، بعدما وقع الكثير منهم في فخ "السلوك" المهني، إذ انتشرت فيها الكثير من فيديوهات لنساء مشهورات يستقوين بعلاقاتهن مع الضباط في وزارة الداخلية وغيرهم.
وكان وزير الداخلية عبد الأمير الشمري، أصدر نهاية العام الماضي، أمرا بإحالة ضابطين إلى التقاعد بعد ظهورهما في مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، اعتُبرت مسيئة للرتبة والمهنة، وفقا للفقرة الأولى من قانون إحالة رجل الشرطة إلى التقاعد لسنة 2012.
وكانت "انفوبلس"، قد نشرت تقريرا مفصلا حول شبكة ابتزاز في الداخلية، كشفت فيه عن التحقيق مع ضابط في الوزارة، مشتبه بتورطهم في هذه الشبكة، فضلا عن تقارير أخرى "مماثلة".
وعن البدلاء في وزارة الداخلية، تؤكد التسريبات أن "منصب الوكالة ينحصر بين ثلاثة مرشحين والأقرب هو قائد شرطة الكرخ اللواء مشتاق الحميري، أما قائد شرطة الرصافة فقد صدر كتاب إعفائه مرتين لكن ضغطا سياسيا مورس للإبقاء عليه، والمرشح لتبوء المنصب بدلا عنه هو اللواء صباح الربيعي مدير مرور بغداد الكرخ الحالي أو اللواء محمد الربيعي مدير النجدة التخصصية أو أحد قادة فرق الشرطة الاتحادية".
ولم يستبعد خبراء أمنيون، أن تكون المحاصصة الحزبية معيارا لتعيين البدلاء، إذ يقولون إن "منصب مدير عام الدائرة القانونية هو منصب خاص بحزب الدعوة إذ يجب أن يكون البديل من الحزب نفسه، ومدير عام الشؤون المالية هو من التيار الصدري لذا يجب أن يكون البديل من الجهة نفسها، وقائد الرد السريع من كتلة بدر، لذا فالبديل يجب أن يكون من هذه الكتلة".
والمرشحون لمنصب قائد الشرطة الاتحادية بدلا عن الفريق صالح العامري المشمول بالتغيير هم اللواء ظافر عبد راضي قائد عمليات الرصافة قبل إلغاء المنصب، والفريق ثامر أبو تراب وهو الأقل حظوظا بالمنصب، وضابطان اثنان آخران، بحسب التسريبات.
وتشهد المناصب العليا في الوزارات، بما فيها الأمنية، تقاسما على أساس المكونات الرئيسية (الشيعة والسنة والكرد)، تحت مسمى "التوازن"، وهو ما تضمنه الدستور العراقي، وغالبا ما توزع الحصص حسب الثقل السياسي للكتل السياسية الممثلة لكل مكون، ومدى نفوذها وقوتها في كل دورة نيابية.
ويعاني العراق، تضخما ملحوظا في أعداد الضباط، حيث انتقد خبراء أمنيون ضخامة وكثرة الرتب العسكرية والأمنية الحالية، كونها لا تعكس خبرات حامليها ولا تناسب المؤسسات التي يعملون فيها، وفيما أكدوا أن للترقيات العسكرية الكثيرة تبعات خطيرة لأنها لم تراع القِدَم العسكري، فضلا عن الآثار المالية المترتبة عليها، أشاروا إلى أن هناك ضباطا "ارتموا بأحضان الأحزاب" لنيل الرتب والمناصب.
وعن البدلاء في وزارة الدفاع، تكشف التسريبات إلى أن "المرشح الأبرز لتبوء منصب قائد القوات البرية هو الفريق عبد المحسن العباسي قائد عمليات صلاح الدين، وبالنسبة لرئيس أركان الجيش الذي أكمل السقف الزمني المحدد له، فلا مرشح بديل حتى الآن بعد أن ارتأى القائد العام بقاء الضابط المرشح في لجنة التفاوض مع القوات الأمريكية".
كما أن المرشح لمنصب قائد عمليات صلاح الدين عبد الله رمضان الجبوري وكامل صالح العزاوي، أما قيادة عمليات الجزيرة والبادية فهناك مقترحان، الأول هو إلغاء هذه القيادة، والمقترح الآخر هو الإبقاء على هذه القيادة وإسناد المنصب إلى كامل العزاوي في حال أُسند منصب قائد عمليات صلاح الدين لعبد الله رمضان الجبوري، فيما أن المرشح لتبوء منصب قائد الفرقة 16 هو الفريق محمد الشجيري.
وهذه التغييرات ستمضي على شكل دفعتين لا بدفعة واحدة، إذ ستجري الدفعة الأولى خلال هذه الأيام التي تتلو عطلة عيد الأضحى، والدفعة الأخرى ما بعد جدول تموز 2024 لأن من أكملوا السقف الزمني في مناصبهم والسن القانونية يمتلكون فترة حتى آب أغسطس قبل الخروج من مواقعهم.
وكان الخبير الأمني علاء النشوع، أكد أن "التغييرات في قيادات الداخلية لا تدخل ضمن معايير الكفاءة في القيادة والإدارة، بل هي تغييرات تخضع إلى المصالح الحزبية قبل كل شيء"، لافتا إلى أن "من الأخطاء المدمرة للعراق بعد 2003 هو الابتعاد عن كل مفاهيم الجودة والكفاءة والقدرة في تشكيل النظام السياسي الذي انعكس على كل مؤسسات الدولة ومنها المؤسسة الأمنية"، مؤكدا أن "هذا العمل قد يكون مقصودا ومدبرا لجعل العراق شبه دولة".
ومنذ أولى الحكومات التي تأسست بعد الاحتلال الأميركي للبلاد، عام 2003، عمدت الكيانات السياسية والأحزاب لتقاسم السلطة الأمنية. فقد ظلت وزارة الدفاع للأحزاب السنية، فيما وزارة الداخلية للأحزاب السياسية الشيعية، في عُرف ظل سائداً بالبلاد منذ الغزو.
وغالبا ما تُثار ملفات فساد كثيرة في الوزارات الأمنية، سواء الدفاع أو الداخلية، ويجري اتهام ضباط كبار بها، لكن لم يتم اتخاذ أي إجراء بحقهم، باستثناء النقل وفي حالات "نادرة".
إلى ذلك، يبين الخبير الأمني العميد المتقاعد عدنان الكناني، أن "بقاء القيادات الأمنية في المناصب لسنوات طويلة، هو جزء من عمليات الفساد والتجارة ببيع وشراء تلك المناصب، وهذا أحد أسباب فشل العمل العسكري والأمني داخل الأجهزة الأمنية".
ويرى الكناني، أن "عملية الإبقاء على قائد عسكري أو أمني لسنوات طويلة ببعض المناصب المهمة، يأتي بسبب أن هذا القائد أو ذاك له دعم وحماية من قبل الكتل والأحزاب المتنفذة، ولهذا هي تعمل على بقائه بهذا المنصب من أجل تمرير وتمشية مصالحها السياسية والحزبية".
ويوضح، أن "إجراء تغييرات دورية في المناصب الأمنية والعسكرية أمر ضروري جداً، فهو من شأنه أن يقلل من الفساد في تلك المؤسسات الأمنية والعسكرية، إذ إن هناك قيادات بنَت إمبراطوريات مالية بسبب الهيمنة على المؤسسات الحساسة لسنوات طويلة".