ضحية جديدة في ديالى تنذر بتصاعد مسلسل الاغتيالات.. ما قصة الصراع على منصب قائد الشرطة؟
إنفو بلس/ تقارير
في أحدث حلقة من العنف الذي أخذ يتصاعد يوما بعد يوم في محافظة ديالى، فجّرت جريمة جديدة غضب الشارع العراقي بعد اغتيال الضابط الكبير في الجيش السابق عامر المجمعي بواسطة أسلحة كاتمة للصوت قرب منطقة "عليبات" شمالي بعقوبة.
لم يكُن تنوّع القوميات والمذاهب في ديالى نقمةً في يوم، فتلك المحافظة كانت تتسع للجميع على اختلاف مشاربهم، فسلّة "غذاء العراق" كما يطلق عليها البعض بسبب غنى بساتينها بالحمضيات وأشجار النخيل، تصدّعت أمنياً واجتماعياً تحت سطوة السلاح المنفلت وخطابات التحريض الطائفي.
*اغتيال المجمعي
ذكرت مصادر أمنية أمس الجمعة، أن مسلحين مجهولين اغتالوا ضابطاً كبيراً في الجيش العراقي السابق شمالي محافظة ديالى، وتُعد هذه أحدث حلقة من العنف الذي أخذ يتصاعد بعد أيام من اغتيال الطبيب المدفعي، وسبق ذلك بأيام تصفية عائلة بالكامل في المحافظة الواقعة شمال شرق بغداد.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر أمنية قولها، إن مسلحين فتحوا النار على العميد في الجيش السابق عامر إسماعيل المجمعي مما أسفر عن مقتله قرب منطقة "عليبات" شمالي بعقوبة، في حادثة جديدة أعادت إلى الأذهان أيام العنف التي عصفت بمناطق عديدة من البلاد في السنوات الماضية والتي أزهقت فيها أرواح آلاف المدنيين.
*منصب قائد الشرطة
يشغل اللواء علاء غريب منصب قائد شرطة ديالى، والذي تم تكليفه خلفا للواء عباس الجبوري، حيث يشهد هذا المنصب صراعا أزليا في المحافظة لدرجة أن العديد من أبنائها ربطوا الحوادث الإرهبية والإجرامية المتكررة بهذا الصراع، كونه يأتي على حساب أمنهم وإسناد المنصب إلى أشخاص وفق المحاصصة والمحسوبية، لا الخبرات والكفاءة العسكرية.
*قصة الصراع على المنصب
قبل أيام قليلة، شهدت محافظة ديالى تظاهرات كبيرة مندّدةً بقائد الشرطة الحالي، مطالبة بتعيين قائد للشرطة من سكان المحافظة.
المتظاهرون طالبوا القائد العام للقوات المسلحة محمد شياع السوداني بإقالة قائد الشرطة الحالي اللواء علاء غريب الزبيدي وتعيين قائد للشرطة من أبناء ديالى أُسوةً بالمحافظات الأخرى، حيث أكدوا أن ديالى لا تخلوا من الكفاءات الأمنية وهي الأقدر على إدارة المنظومة الأمنية وإنهاء الحوادث الإرهابية المستمرة، معتبرين تعيين قائد للشرطة من سكان المحافظة "إنصاف الدماء وتضحيات الشهداء"، وفق قولهم.
ووفق أبناء المحافظة، فإن الصراع حول هذا المنصب أزلي ويصل أحيانا إلى أن يُباع بملايين الدولارات، حيث تعمد بعض القيادات السُنّية في المحافظة على تمرير أسماء تابعة لها لغرض شغل المنصب والمتاجرة بدماء المواطنين كون هذه الأسماء لا تملك أي مؤهلات لتبوّء هذا المنصب الحسّاس.
*تغييرات متكررة
شهد منصب قائد شرطة ديالى العديد من التذبذب والتغيير وعدم الاستقرار، ففي عام 2018، تم إصدار قرار من رئاسة الوزراء يقضي بنقل قائد شرطة ديالى اللواء الركن جاسم السعدي إلى البصرة رغم الأوضاع الأمنية المتردّية التي كانت تشهدها المحافظة، ووفق مصادر محلية فإن أمر نقل السعدي جاء بضغط من سياسيين وزعماء سُنّة في المحافظة.
أما في عام 2021 فقرر رئيس الحكومة السابق مصطفى الكاظمي إقالة قائد الشرطة حامد الشمري وإسناد المهمة إلى عباس الجبوري الذي تم تغييره أيضا لاحقا وأُسند المنصب للواء الحالي علاء غريب.
*خطأ كبير
مراقبون في الشأن الأمني، عدّوا التغييرات المتكررة التي طرأت على منصب قائد الشرطة في ديالى بالخاطئة، مؤكدين أن المحافظة تُدار من قبل شخصيات وزعامات سُنّية معروفة وهم مَن يتحكمون بالوضع الأمني فيها.
*تحذير من فِرق الموت
بعد سلسلة الأحداث الدامية في ديالى، وحلقات الاغتيالات المتصاعدة، حذّر النائب عن المحافظة رعد الدهلكي، من عودة فِرق الموت وعصابات الجريمة المنظّمة الى المحافظة، من خلال تنفيذها جريمة جديدة باغتيال أحد ضباط الجيش العراقي السابق.
وقال الدهلكي في بيان لمكتبه الاعلامي، إنه وبعد مجزرة الجيالية واغتيال الدكتور أحمد طلال واليوم المغدور عامر المجمعي، فقد أصبح الأمر ظاهرةً، ويُنبئ بتداعيات خطيرة في مخطط واضح لاستكمال مسلسل الرُّعب والقتل من خلال تنشيط فرق الموت لبثّ الرعب بين المواطنين وإجبارهم على النزوح من مناطقهم، يقابلها تراخي واضح من قبل الجهات الأمنية لأسباب لا يمكن القبول بها".
واستطرد، "ما يجري هو عدم اكتراث الميليشات الإرهابية بالإجراءات الحكومية وهو دليل استهزاء هذه الجهات بضعف الحكومة ورسالة للشارع بهيمنة تلك الجماعات على القرار الأمني مدعومة من قبل الجهات الساندة لها من داخل وخارج المحافظة".
وواصل بيانه، "ما يجعلنا والحكومة أمام خيارين لا ثالث لهما، فإما اتخاذ الحكومة لإجراءات حازمة وأكثر جدية لإنهاء تلك الفوضى وبسط سلطة القانون بالقوة، أو ترك الخيار لإبنائها للدفاع عن أنفسهم وتسليم ملف الأمن فيها لأهلها فأهل مكة أدرى بشعابها لأن هذا الحال لا يمكن استمرار الصمت عليه أكثر".
وختم بيانه قائلا: أدعو القائد العام للقوات المسلحة إلى الإيفاء بما وعد به خلال اللقاء بنا بإشرافه الشخصي والميداني على ملف الأمن في ديالى".
*دعوة للسوداني
بدوره قال النائب برهان المعموري، إن "مسلسل الاغتيالات وعمليات الخطف من قبل بعض العناصر الإجرامية هدفها واضح وهو زعزعة الأمن والاستقرار في محافظة ديالى وتهديد السلم الأهلي والدفع باتجاه خلط الأوراق لمصالح معروفه لدى الجميع".
وأضاف المعموري، إن "ما حصل من جريمة اغتيال للعميد المتقاعد عامر المجمعي في قضاء الخالص هي واحدة من سلسلة الجرائم التي ارتُكبت بحق الكفاءات والأطباء والضباط".
ودعا المعموري القائد العام للقوات المسلحة إلى "التدخل بصورة مباشرة والاطلاع المباشر على كل ما يجري في محافظة ديالى ومتابعة كل الملفات وملاحقة العصابات الإجرامية التي انتهكت حرمة الدم المسلم".
وتشهد ديالى، منذ مطلع العام 2023، أوضاعاً أمنية متردية، تمثلت بعمليات اغتيال واختطاف وهجمات مسلحة بعضها اندرجت ضمن الثارات والعائلية، وأخرى صُنِّفت جرائم إرهابية.