منصات طائفية تهدد السلم المجتمعي في العراق تروّج لأكذوبة إحراق مركز شرطة الأعظمية.. ما الغاية من ورائها؟
الداخلية تنفي شائعات الحريق
انفوبلس/..
في خضم الأوضاع المتوترة التي تشهدها الساحة العراقية، عادت منصات التواصل الاجتماعي لتكون ساحة خصبة لنشر الشائعات والأخبار الكاذبة، التي تهدف إلى إثارة الفتنة وتعكير صفو الاستقرار الاجتماعي. آخر تلك الأكاذيب كان الادعاء بإحراق مركز شرطة الأعظمية في بغداد، وهي رواية نفتها وزارة الداخلية بشكل قاطع، مؤكدة أن الحادث برمته مجرد إشاعة لا أساس لها من الصحة.
هذه الواقعة تفتح الباب واسعًا أمام تساؤلات مهمة: من يقف وراء صناعة هذه الأكاذيب وترويجها؟ وما هي الأهداف الحقيقية من نشر مثل هذه الأخبار المفبركة التي تحمل طابعًا طائفيًا؟ في هذا التقرير، نسلط الضوء على ملابسات هذه الحادثة، وتداعياتها على الشارع العراقي، والإجراءات القانونية اللازمة لمواجهة صنّاع الفتن الذين يعبثون بأمن البلاد واستقرارها.
وزارة الداخلية: ننفي ما تداولت بعض مواقع التواصل الاجتماعي من أنباء عن (قيام أشخاص بحرق مركز شرطة الأعظمية)
ونفت وزارة الداخلية، اليوم السبت، الأنباء عن قيام أشخاص بحرق مركز شرطة الأعظمية ببغداد، حيث قال الناطق باسم الوزارة العميد مقداد ميري في بيان، "ننفي ما تداولت بعض مواقع التواصل الاجتماعي من أنباء عن (قيام أشخاص بحرق مركز شرطة الأعظمية)".
وأكد ميري، إن "وزارة الداخلية تحتفظ بحقها القانوني بحق كل من يحاول الترويج أو نشر معلومات كاذبة".
الحادث في نفايات الكورنيش
وكان مصدر أمني، قد أفاد مساء السبت، أنّ الأنباء المتداولة عن حريق في مركز شرطة قضاء المدينة "غير صحيحة"، مشيراً إلى أنّ الحادث وقع في الكورنيش وانتهى دون إصابات.
وأضاف المصدر، إن "الحريق اندلع في نفايات في حوض نهر الفرات بقضاء المدينة، ولا صحة لما تداولته مواقع التواصل الاجتماعي حول احتراق مركز شرطة القضاء".
وتابع، أن "أشخاصا مجهولين أضرموا النار في أكوام من النفايات ثم توسعت إلى الحشائش والأشجار القريبة، وفرق الدفاع المدني تمكنت من السيطرة على الحريق وإخماده من دون تسجيل إصابات".
تحريض طائفي
شائعات تشير إلى أن مفارز الشرطة اعتقلت خمسة أشخاص كانوا يهتفون بشعارات طائفية أثناء توجههم لزيارة الإمام موسى الكاظم (عليه السلام)
تصاعدت حالة الجدل في الأوساط العراقية بعد تداول أخبار مزيفة على مواقع التواصل الاجتماعي، تفيد بوقوع حريق كبير ومفتعل في مركز شرطة الأعظمية، حيث زُعم أن النيران حاصرت المنتسبين، مع الإشارة إلى نقل أحدهم إلى المستشفى، بينما قيل إن قائد شرطة الرصافة توجه إلى مكان الحادث.
الأخبار التي وُصفت بأنها "مغرضة"، انتشرت بسرعة على منصات إلكترونية بدوافع طائفية، ورافقتها شائعات تشير إلى أن مفارز الشرطة اعتقلت خمسة أشخاص كانوا يهتفون بشعارات طائفية أثناء توجههم لزيارة الإمام موسى الكاظم (عليه السلام). ووفق المزاعم، فإن مجموعة أخرى قامت بإحراق مبنى مركز شرطة الأعظمية بهدف إطلاق سراح المعتقلين.
عقوبات صارمة لردع التحريض
في هذا السياق، أكد خبير قانوني أن التحريض الطائفي أو الترويج له يُعتبر عملاً إرهابياً وفق القوانين العراقية النافذة، ويُعاقَب عليه بالسجن. وصرّح الخبير القانوني علي التميمي قائلاً: "المادة السابعة من الدستور العراقي تحظر أي شكل من أشكال التحريض الطائفي، بينما تنص المادة 200 من قانون العقوبات على عقوبة السجن لمدة تصل إلى سبع سنوات لكل من يثير النعرات الطائفية أو المذهبية أو يروّج لها بأي وسيلة كانت".
وأضاف التميمي، أن "قانون مكافحة الإرهاب رقم 13 لعام 2005 يعامل الفتنة الطائفية كمادة إرهابية، حيث نصت المادة 4 من هذا القانون على معاقبة مرتكبيها بأشد العقوبات".
كما أشار إلى أن المادة 200 من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 المعدل تؤكد أن إثارة النعرات المذهبية أو الطائفية، أو التحريض على النزاعات بين الطوائف والأجناس، أو بث مشاعر الكراهية والبغضاء بين سكان العراق، تُعتبر جريمة يُعاقب عليها بالسجن.
في ظل هذه التطورات، دعا مسؤولون ونشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي إلى التحلي بالوعي وعدم الانجرار وراء الأخبار الكاذبة التي تهدف إلى إثارة الفتن وإشعال الخلافات الطائفية في البلاد. وأكدوا أهمية تعزيز الوحدة الوطنية وفرض القانون بحزم على مثيري الفتنة لضمان استقرار الأوضاع في العراق.
التشويش على الشعائر
كما نصت المادة ٣٧٢ من قانون العقوبات العراقي رقم ١١١ لسنة ١٩٦٩ على عقوبة الحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات او بغرامة من اعتدى بإحدى طرق العلانية على معتقد لإحدى الطوائف الدينية ومن تعمد التشويش على الشعائر الدينية ومن أهان علناً رمزاً أو شخصاً هو موضع تقديس أو تمجيد أو احترام لدى طائفة دينية.
وضمن المشرّع العراقي، حرية الأديان والمذاهب وحرص على إشاعة حرية ممارسة الشعائر الدينية حيث نصت المادة (٤٣) من الدستور العراقي النافذ لعام ٢٠٠٥ بأن أتباع كل دين أو مذهب أحرار في ممارسة الشعائر الدينية واعتبر جريمة التحريض الطائفي من الجنايات ومنع التحريض على إثارة الفتنة الطائفية ذلك لأن آفة الطائفية خطرة وتهدد كيان المجتمع كما أن قانون مكافحة الإرهاب رقم ١٣ لسنة ٢٠٠٥ قد عاقب على جريمة إثارة الفتنة الطائفية باعتبارها من الجرائم الإرهابية.
