يوم دموي في ذي قار.. تفاصيل مقتل شيخ عشيرة عتّاب وما تبعه من "حرب شوارع"
انفوبلس..
أمام أنظار القوات الأمنية، اندلعت في محافظة ذي قار معركة عشائرية كبيرة بعد مقتل شيخ عشيرة عتّاب في قضاء النصر جميل الحاتم وإصابة نجله بجروح بليغة بعد هجوم مسلح على منزلهم في القضاء.
بدأت الأحداث بعد قيام مسلحين بالهجوم على منزل الشيخ جميل الحاتم وفتح النار عليه بطريقة جنونية أدت إلى مقتل الشيخ وإصابة نجله واندلاع "حرب شوارع" في أزقة القضاء بين عشيرة المجني عليه والجاني.
مصادر من ذي قار كشفت أن الشيخ جميل فارق الحياة على الفور بينما نُقِل نجله إلى المستشفى لتلقي العلاج بعد إصابته بجروح خطيرة، فيما أعلن أبناء عشيرة عتّاب الاستنفار التام والتسلح بأتم الجهوزية لـ"أخذ الثأر".
تفاصيل الحادثة
مثنى عسكر، ابن شقيقة المجني عليه، كتب على صفحته في فيسبوك منشوراً مرفقاً بصورة خاله جاء فيه: خالي المغدور الشيخ جميل حاتم العتّابي في ذمة الله إثر اعتداء جبان في قضاء النصر/ ذي قار بعد قيام شاب مستهتر بقتله داخل منزلهِ غدراً بسبب خلاف مع ابنه.
وأضاف عسكر: من المؤسف أن يتم تداول أخبار الجريمة على السوشيال ميديا بهذه الطريقة السَّمِجَة وكأنها مجرد عركة عشائرية سخيفة.
ولفت إلى أن: المرحوم كان إنساناً متحضّراً ومثقفاً، عاش ودرس في بغداد شارع فلسطين حتّى تخرجه من جامعة بغداد/ كلية الزراعة وكان قارئا مُطّلعاً ومهتماً بالشعر والأدب، وإنساناً محترماً ولطيف المعشر، ابن خير من "شيوخ گبل" لم أجد له مثلبة واحدة ولا سقطة في تصرف أو قرار يخص القبيلة طوال حياته. وأكاد أجزم أنه لو كان حيّاً اليوم لن يرضى أبداً بما يحصل الآن من فوضى واحتراب بداعي الثأر.
لا أدرى ما الذي فعله بعض العراقيين تحت سماء الله ليسلب منهم التوفيق والدين والحياء ونقاء السريرة، ويبتليهم بغياب الوازع الديني والأخلاقي والاستهتار بحُرمة كل شيء وأولها الدم.
بعد الحادثة، اجتاحت موجة من الغضب أبناء عشيرة "عتّاب" بعد مقتل شيخهم جميل حاتم، حيث قُتِل شخص وأُصيب 6 آخرون، خلال تشييع جثمان الشيخ، حيث تم نقل المصابين إلى المستشفى، والضحية إلى دائرة الطب العدلي، فيما دمّر مسلحون تمثال شيخ عشيرة "آل حاتم" الركابي، والتي يزعمون أن القاتل هو أحد أبناء هذه العشيرة.
تبع ذلك انتشار أمني مكثف في قضاء النصر في محاولة من القوات الأمنية لبسط الأمن وفض النزاع، في حين قام أبناء عشيرة الضحية بمهاجمة بعض بيوت ومحال أبناء عشيرة الجاني.
ردود فعل
النائب عن محافظة ذي قار، عارف الحمامي قال، إن "النزاعات العشائرية تشكل خطراً جسيماً على النسيج الاجتماعي، وتضرب العلاقات الموجودة في المحافظات الجنوبية". مبيناً، إن "هناك مناطق وبؤرا فيها أسلحة ثقيلة وقاذفات صواريخ ومدافع رشاشة".
ويحمّل الحمامي الحكومة وأجهزتها الأمنية مسؤولية ما يحدث في المحافظات الجنوبية، وخاصة محافظة ذي قار، مطالباً بـ"تطبيق قوانين مكافحة الإرهاب، ومتابعة تنفيذ أوامر القبض التي تصدر بحق مرتكبي الجرائم".
ويتفق شيخ عشائر البزون، الشيخ عماد البوعوجة، مع عارف الحمامي، بأن "المسؤولية تقع على عاتق الحكومة لعدم حصرها السلاح المنتشر الذي وصل إلى مستوى الهاون من أعيرة 60 و80 و120ملم، و RBG7 وغيرها من الأسلحة المدمِّرة للمجتمع".
ويشير الشيخ البوعوجة إلى، أن "المجتمع بات عسكرياً ومسلحاً وازدادت فيه الكيانات المسلحة والأحزاب، وبدأ في بعض الحالات لا يلتجأ إلى العُرف العشائري وشيخ العشيرة لحل النزاع، وإنما يلتجأ إلى الكيان السياسي، وهذا مُحزن".
ويوضح، "مَن قام باغتيال شيخ عشيرة العتّاب في محافظة ذي قار، الشيخ جميل حاتم العتابي، هي مجموعة خارجة عن القانون، لذلك على الدولة أن تكون اليد الضاربة على هؤلاء الأشخاص حتى لا تكون الحياة أشبه بغابة، والصراع يكون من أجل البقاء".
وهذا ما يذهب إليه أيضاً أحد وجهاء وشيوخ محافظة البصرة، الشيخ محمد الزيداوي، حيث يؤكد أن "ضعف الأجهزة الأمنية المسيطرة على الأرض، وتبعية أجهزة أمنية إلى أنظمة سياسية، وانتشار سلاح قوى سياسية في المجتمع باسم العشائر، وعدم إصدار قانون يُنظّم عمل العشائر أسوة بالفترة الملكية، ونسج الواقع السياسي من قبل بعض الأحزاب مع الواقع العشائري، أدى إلى نهاية وجود العنصر العشائري الحقيقي، فضلاً عن لبس الكثير من الشخصيات السياسية العِقال العشائري لأغراض انتخابية".
ويضيف الزيداوي الذي يصف نفسه بـ"المختص الوحيد على مستوى العراق بالنزاعات العشائرية والواقع العشائري"، أنه "تم تقديم مقترح وبحث متكامل لرؤساء وزراء عراقيين سابقين لسحب الأسلحة من العشائر، يتضمن شراءها ومنع المتاجرة بها وعدم إعطاء تراخيص بحملها".
ويتابع، "لكن وجدنا أن المطالب الثلاثة أعلاه تدخل في قضية الاستحواذ على الصوت العشائري، عن طريق الهدايا أو إعطاء التراخيص أو نوعاً من المتاجرة".
ويؤكد، "كذلك طالبنا بأن تُستبدل قطعة السلاح بفرصة عمل، وشراء الأسلحة من الأهالي، وإيجاد قانون عشائري يُنظّم عمل شيخ العشيرة، وإبعاد الواقع السياسي عن العشائر، لكن لا توجد آذان صاغية".
ويكشف الزيداوي، أن "معظم الدكَّات العشائرية كيديّة، والكثير ممن اتُهِموا بالقوانين المتعلقة بها من المادة 430 والمادة 4 إرهاب، كانوا ناشطين ومن الشخصيات المؤثرة في المجتمع، لكن تم استغلال هذه الثغرة للخلاص منهم، من قبل بعض الشخصيات والكيانات السياسية".