22 ألف خرق منذ 1987 و16 ألف مذكرة احتجاج.. انفوبلس تفصل تاريخ العدوان التركي على العراق
انفوبلس/ تقرير
منذ 37 عاماً ولا تزال تركيا ـ الدولة المجاورة للعراق ـ تعتدي على الأراضي العراقية بحجج "واهية" مخلّفةً ضحايا وجرحى عراقيين "أبرياء" دون رد حازم من الحكومات العراقية المتعاقبة، ويفصّل تقرير شبكة "انفوبلس" عدد الخروقات ومذكرات الاحتجاج السابقة.
أكثر من 22 ألف خرق تركي منذ عام 1987 وأكثر من 16 ألف مذكرة احتجاج
سجل العراق، أكثر من 22 ألف خرق أمني للجانب التركي تجاه الحدود العراقية، في الوقت الذي قدّم العراق أكثر من 16 ألف مذكرة احتجاج، وذلك وفقاً للجنة الأمن والدفاع النيابية في مجلس النواب العراقي.
وتقول اللجنة، إنها "استضافت وزير الدفاع، والعديد من القادة الأمنيين، بالإضافة الى وزير الخارجية لمناقشة ملف الاعتداءات التركية على شمال العراق". مؤكدة، إن "الخروقات التركية تمارَس على العراق منذ 1987 الى يومنا الحالي".
وتضيف، إن "عدد الخروقات التركية بلغت طيلة السنوات الماضية، أكثر من 22 ألف خرق أمني للجانب التركي تجاه الحدود العراقية، في الوقت الذي قدّم العراق أكثر من 16 ألف مذكرة احتجاج، إلا أن القوات التركية مستمرة بين فترة وأخرى بممارسة تلك الاعتداءات".
وتؤكد اللجنة، "ضرورة وجود موقف عراقي صارم بحق تركيا، وحفظ الحدود المشتركة معها، باعتبار أن أغلب الحدود العراقية مع دول الجوار مؤمّنة بشكل تام".
ما كشفته لجنة الأمن والدفاع النيابية، تؤكده وزارة الخارجية العراقية، حيث بيّنت مؤخراً أنها، وثّقت أكثر من 22 ألفا و740 خرقا تركيّاً، مضيفة، "أحصَينا أعداد المذكرات والشكاوى التي قُدِّمت من الحكومة العراقية للجانب التركي والبالغ عددها 296 شكوى".
ويعتقد مراقبون أن رد فعل العراق لا يرتقي إلى المستوى الذي تجري فيه انتهاكات السيادة العراقية من قبل تركيا، ويقول الباحث في الشؤون الاستراتيجية أحمد الشريفي، إن رد الفعل الرسمي العراقي "لا يرتقي إلى حجم التدخلات التركية ولا يؤثر في مسار الأحداث".
وعلى الرغم من حديث تركيا عن أن غايتها ملاحقة حزب العمال الكردستاني، فإن متابعين يرون أن الغاية الأساسية تبتعد عن ذلك، وتمثل محاولة لإنشاء وجود دائم لأنقرة في العراق.
ويضيف الشريفي، أن هذا التوغل العسكري على حساب الأراضي العراقية يمثل محاولة لـ"إعادة إحياء العمق الاستراتيجي التركي"، ويشير الشريفي إلى أن غاية استمرار التوغل ليست السيطرة على أنشطة حزب العمال الكردستاني، انما "إعادة المطالبة بمحافظتي كركوك والموصل إلى ساحة الصراع الدولي"، ويتابع أن الأسلوب العسكري التركي المتبع في الداخل العراقي هو، "قبض الأرض والاندفاع باتجاه هدف رئيسي"، ولعلّ ما يؤكد ذلك، بحسب الشريفي، وجود "أكثر من 35 موقعاً عسكرياً بين قاعدة ونقاط تمركز تهدد سيادة العراق".
ويصف الشريفي ما يجري من توغل تركي وإنشاء قواعد في الأراضي العراقية من دون اتفاقات بأنه "احتلال صريح"، معبّراً عن استيائه من عدم اتخاذ الحكومة العراقية "موقفاً أكثر صرامة".
خلال الأعوام الأخيرة، تحولت تركيا إلى لاعب مؤثر داخل العملية السياسية العراقية، عبر فرض سطوتها على بعض الكتل السياسية السُنية وتحكمها بقرارهم السياسي، ما أدى إلى عرقلة أي خطوات عراقية حقيقية لوقف انتهاكات تركيا للأراضي العراقية.
وعلى الرغم من التنديد المستمر من قبل الحكومة العراقية بالهجمات التركية، فإن الأخيرة مستمرة في القيام بعمليات عسكرية واسعة ضد حزب العمال الكردستاني وإنشاء قواعد عسكرية ونقاط متحركة داخل الأراضي العراقية من دون أي تنسيق أو موافقة من الحكومة العراقي.
وتُضفي القوات التركية على هذا العدوان نوعاً من الشرعية الزائفة باستنادها على الاتفاقية العراقية – التركية المذلّة، التي منح بموجبها النظام السابق للقوات التركية "حق" التوغل حتى عمق 30 كيلومترا داخل الاراضي العراقية. كذلك استنادها الى قرار البرلمان التركي السماح لها بتنفيذ عمليات عسكرية خارج حدود تركيا، فضلاً عن ذريعة محاربة حزب العمال الكردستاني داخل الأراضي العراقية.
يثير التدخل التركي في العراق، تساؤلات ومخاوف عدة، في ظل إنشاء قواعد عسكرية كبيرة في مناطق مختلفة شمال العراق، وسط صمت حكومتي بغداد وإقليم كردستان.
*التواجد التركية في العراق
قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الخميس الماضي، إن بلاده ستعزز قواعدها الثابتة التي أقامتها حديثا في شمال العراق خلال الأشهر المقبلة بعد أن قُتل 12 جنديا تركيا في المنطقة.
وتتحدث تقارير موثقة من مصادر استخباراتية عن أن تركيا تمتلك 11 قاعدة عسكرية رئيسية في إقليم كردستان العراق، إلى جانب 19 معسكراً أساسياً تابعاً لها. وتتوزع تلك القواعد والمعسكرات على مناطق بامرني وشيلادزي وباتوفان وكاني ماسي وكيريبز وسنكي وسيري وكوبكي وكومري وكوخي سبي وسري زير ووادي زاخو والعمادية.
في العام 2015، أي بعد حوالي عام على اجتياح تنظيم "داعش" الإرهابي بعض مدن العراق، استحدثت تركيا، بحسب التقارير، معسكرات إضافية جديدة في مدن بعشيقة وصوران وقلعة جولان وزمار، وحوّلت معسكرها في منطقة حرير جنوب أربيل إلى قاعدة عسكرية، وقامت ببناء قاعدة سيدكان، وفتحت بضعة مقرات في مدينتي ديانا وجومان القريبتين من جبال قنديل، من أجل إحكام السيطرة على مناطق خنير وخاوكورك وكيلاشين، وبالتالي الاقتراب من مواقع تمركز تشكيلات حزب العمال الكردستاني.
ويُقدّر عدد العسكريين الأتراك (ضباط وجنود)، الموجودون في تلك القواعد والمعسكرات، بأكثر من 7 آلاف عنصر يتحركون بمساحات جغرافية واسعة تصل إلى حوالي 100 كلم في عمق الأراضي العراقية. وإضافةً إلى القواعد والمقرات العسكرية، ينشط جهاز الاستخبارات التركي (MIT) على نطاق واسع في إقليم كردستان. وبحسب التقارير، هناك 4 مقرات رئيسية له في كلٍّ من العمادية وماتيفا وزاخو وكاراباسي في مركز مدينة دهوك.
وتتنوّع مهامّ تلك المقرات الاستخباراتية، بحيث لا تقتصر على دعم الأعمال العسكرية ضد حزب العمال الكردستاني وتعزيزها، إنما تمتد إلى العمل على ملفات سياسية وغير سياسية أخرى، مستفيدة من علاقاتها الإيجابية مع بعض القوى والأحزاب والشخصيات العراقية، الكردية والتركمانية والعربية.
وبما أنَّ أنقرة ترى أنَّ الاقتصاد يمثّل أحد أهم وأبرز مرتكزات وأسس التوسع والتمدّد، فإنها لم تكتفِ بتكريس وجودها العسكري والاستخباراتي في العراق وترسيخه، إنَّما راحت تعززه بحضور اقتصادي في مجال الاستثمارات النفطية، إذ يعمل عدد من شركات النفط التركية في 8 حقول في إقليم كردستان.
ووفقاً لمصادر إعلام كردية، تملك شركة "كنل إنيرجي" حصصاً، وبنسب مختلفة، في البلوكات النفطية في الإقليم، فهي تملك 25% في بلوك طاوكي، و40% في بلوك بيربهر، و40% في بلوك دهوك، و44% بلوك بناوي، و44% في بلوك طقطق، و75% في بلوك ميران، و60% في بلوك جيا سورخ.
وتملك شركة "بيت أويل" أيضاً حصصاً في حقول جيا سورخ وبلكانة بنسبة 20%، فضلاً عن أنَّ الجزء الأكبر من أنبوب نفط الإقليم الذي يمتدّ إلى ميناء جيهان التركي يقع داخل الأراضي التركية، إذ يبلغ طوله 896 كلم، ويبدأ من حقل خورملة جنوب أربيل، ويمتدّ داخل أراضي إقليم كردستان إلى مسافة 221 كلم، حتى منطقة فيشخابور قرب الحدود مع تركيا، ويقع 675 كلم منه داخل الأراضي التركية، ويخضع لإشراف شركة "بوتاش" التركية التي تجني عوائد مالية كبيرة منه.
لا تعمل شركات النفط التركية وحدها في إقليم كردستان، فهناك عشرات الشركات المتخصصة في قطاعات البناء والإعمار والصناعات الغذائية والدوائية والكهربائية والألبسة والتقنيات الإلكترونية، والتي تشغل حيزاً في مجمل النشاط التجاري والاقتصادي في الإقليم وعموم العراق، فضلاً عن المصارف التركية وشركات تحويل الأموال.
عضو مجلس النواب، محمد الصيهود، عدَّ، بناء القواعد التركية شمال العراق "أمراً لا يمكن السكوت عنه"، وفيما أكد قدرة الحكومة على التعامل مع المواقف التركية، أشار الى الخيارات المطروحة أمام العراق.
ويقول الصيهود، إن "الحكومة العراقية رافضة جملةً وتفصيلاً لتصريحات الرئيس التركي الأخيرة، والذي أكد من خلالها إكمال البنى التحتية للقواعد التركية شمال العراق، بحلول الربيع"، لافتاً الى أن "مواقف وتصرفات الحكومة التركية منافية وتتعارض مع كل القوانين الدولية".
ويضيف، إن "العراق لديه العديد من الخيارات، التي بإمكانه استخدامها للرد على الاتراك، وهم يتجاوزون الحدود العراقية، ويمضون ببناء قواعد عسكرية داخل أراضي البلد"، مبيناً إن "هذا الموضوع لا يمكن السكوت عنه، والحكومة العراقية قادرة على ردع هذه التصرفات عبر الكثير من المواقف".
ويوضح عضو مجلس النواب، إن "العراق قادر على التوجه نحو الأمم المتحدة لإقامة دعوى على التجاوزات التركية، وعلى وجود قواعدهم داخل أراضي البلد".