الأبرز "أبو خديجة" و"والي كركوك".. استراتيجية جديدة و24 عملية نوعية.. قراءة بالأرقام عن أسباب تراجع هجمات "داعش" خلال 2025

انفوبلس/ تقرير
شهد العام الجاري 2025 تراجعا ملحوظا لتحرّكات عناصر تنظيم "داعش" الإرهابي في المحافظات العراقية وانحسرت هجماته، في إشارة على تقدّم واضح للقوات الأمنية والحشد الشعبي واستقرار الوضع الأمني العام في العراق على عكس ما يتم الترويج له في بعض الدول الخارجية، فما هي الاستراتيجية الأمنية التي أدت الى تلك النتائج؟ وما هي أبرز العمليات خلال العام الحالي؟
كثّفت القوات الأمنية عملياتها الأمنية لمنع تحركات عناصر تنظيم "داعش" خاصة في المحافظات المحررة، وقد أعلنت قيادة الجيش العراقي مؤخراً أن أعداد "الإرهابيين" الموجودين في العراق حالياً لا تزيد عن 400.
وتُعد المحافظات المحررة من قبضة التنظيم الإرهابي (كركوك وديالى وصلاح الدين والأنبار ونينوى)، من أكثر المحافظات التي تسجل تحركات لعناصر "داعش" وأعمال عنف في البلاد.
لكن المحافظات العراقية عموماً، شهدت خلال الأشهر الماضية، هدوءًاأمنياً نسبياً مع تراجع هجمات تنظيم "داعش"، التي كانت تستهدف القوات الأمنية والمدنيين، خصوصاً في المحافظات المحررة (ديالى، كركوك، صلاح الدين، نينوى، الأنبار) لاسيما بعدما نفذ الجيش، بما في ذلك عبر الطيران، ضربات نوعية ضد التنظيم.
استراتيجية جديدة
وبحسب مسؤول أمني رفيع المستوى، فإن "سلاح الجو ينفذ استراتيجية الضربات الدقيقة المنتقاة في استهداف تحركات "داعش"، مبيناً أنه "بالاعتماد على المعلومة الاستخبارية الدقيقة التي تحدد مكان وزمان تحركات التنظيم في المناطق التي ما زال له وجود فيها، تُوجّه الضربات الجوية الدقيقة".
وأوضح أنه "لا تُستهدف كل تحركات العناصر في الغالب، ضمن الاستراتيجية التي تهدف أساساً إلى إخراج عناصر التنظيم من أماكن اختبائها في الكهوف وغيرها، ومن ثم انتقاء الأهداف التي تهاجمها الطائرات بحسب الأهمية"، مبيناً أن "الضربات قتلت أعداداً غير قليلة من قيادات وعناصر التنظيم، وحاصرت تحركاته".وشدد على أنّ "تحركات التنظيم اليوم مكبّلة جداً في عموم مناطق البلاد، وهو فاقد لزمام المبادرة".
ووفقاً لخبراء أمنيين، فإنه في الأشهر الثلاثة الأخيرة تراجعت تحرّكات عناصر تنظيم داعش في المحافظات العراقية، وانحسرت هجماته بشكل ملحوظ، في مؤشر على تقدّم واضح للقوات العراقية، التي مسكت زمام المبادرة في مناطق وجود عناصره، وسط تأكيدات بأنّ الضربات الجوية المنتقاة حاصرت التنظيم.
والجمعة، أعلنت قيادة العمليات المشتركة للجيش العراقي، استهداف ستة عناصر من "داعش" بضربات جوية ضمن قاطع محافظة صلاح الدين وسط العراق، مشيرة إلى أنّ "العملية استمرت فيها المراقبة والرصد على مدار أكثر من شهرين متواصلين من وكالة الاستخبارات والتحقيقات الاتحادية في وزارة الداخلية لمجموعة إرهابية في وادي الشاي ضمن قاطع صلاح الدين"، مبينة أنه "مع المراقبة، وإثر المعلومات الدقيقة، نفذت طائرات إف 16 وسيزنا كرفان، ضربات جوية على المكان الموجودة فيه هذه المجموعة المكونة من ستة عناصر إرهابية، ودمّرته بالكامل". وأشارت إلى أنّ "القطعات لا تزال مستمرة بالمراقبة والمتابعة في هذا القاطع".
الى ذلك، يقول خبير أمني، إن العراق اعتمد أخيراً في مهمة القضاء على ما تبقى من عناصر وقيادات تنظيم "داعش" الارهابي داخل أراضيه، على الضربات الجوية النوعية بشكل متزايد، ضمن مسعى منه لتقليل الخسائر البشرية بين أفراد الأمن التي قد تنجم عن التحرّك برّاً باتجاه بقايا التنظيم، حيث عادة ما يكون بين أفراد التنظيم انتحاريون، أو يكونون موجودين في مناطق مفخخة مسبقاً، كالمنازل والكهوف في المناطق الجبلية.
ويختبئ ما تبقى من عناصر التنظيم في مناطق وعرة، لكن السلطات الأمنية العراقية تقول إنها "تحت المراقبة"، ويستهدف الطيران الحربي العراقي باستمرار خطوط الإمداد لهذه الجماعات، وتحديداً على حدود محافظات نينوى وديالى وكركوك وصلاح الدين والأنبار، وفي مناطق تقع على حدود محافظتي كركوك والسليمانية، مثل وداي زغيتون، ووادي الشاي، وجبال الشيخ يونس، ووادي حوران، بحسب الخبير.
أبرز العمليات في 2025
*ضربات جوية في جبال حمرين: استهدفت طائرات "إف-16" العراقية مواقع للتنظيم في سلسلة جبال حمرين، مما أدى إلى مقتل ستة عناصر، بينهم نائب "والي كركوك" بالتنظيم في 10 من يناير/كانون الثاني الماضي.
*مقتل ما يُسمى "والي العراق وسوريا": أعلنت قيادة العمليات المشتركة في 14 من مارس/ آذار الماضي، عن مقتل الإرهابي عبد الله مكي، المعروف بـ"أبو خديجة"، خلال عملية أمنية بالتنسيق مع جهاز المخابرات الوطني وقوات التحالف الدولي.
*عمليات وادي حاوي العظيم: في 8 أبريل/نيسان الماضي، نفذت القوات الامنية عمليات تفتيش وملاحقة عناصر التنظيم في وادي العظيم بين محافظتي صلاح الدين وديالى، المعروف بـ"وادي الموت"، مما أسفر عن تدمير مقرات سرية وقتل عدد من القادة والعناصر.
وبحسب مصادر أمنية رفيعة المستوى، فانه إنه تم تنفيذ قرابة 24عملية عسكرية ضد تنظيم داعش من بداية العام الجاري، شملت تدمير أوكار ومعدات للتنظيم والقبض على عناصر بينهم "أمير" في محافظة صلاح الدين". وتقول المصادر أن العمليات العسكرية ضد "داعش" مستمرة، مشيدة بالدور البارز لمديرية الاستخبارات العسكرية في تنفيذ مهام المراقبة والتخطيط الدقيق.
وتضيف أن القوات الأمنية تعمل على إنهاء عصابات "داعش" الإرهابية في العراق، مؤكدة تحقيق إنجازات أمنية كبيرة من خلال قتل واعتقال قادة بارزين في التنظيم، الذي لا يزال يحتفظ بقدرات محدودة على التمويل والتحرك، ويحاول إعادة تجميع صفوفه، لكن جهود القوات العراقية تمنعه من التمدد. وتتابع أن "التنظيم فقد قدرته على السيطرة على مدن أو شن عمليات واسعة، لكن خلاياه ما تزال تنشط في مناطق وعرة"، لافتة إلى أن "نمط هجماته قد تغير منذ هزيمته".
وتشير إلى أن "العمليات باتت تعتمد على الكمائن، والعبوات الناسفة، وقنص عناصر أمنية، واغتيالات محلية، ويركّز على إثارة الفوضى الأمنية أكثر من محاولة العودة إلى المدن".
وعن تفوق القوات الامنية، تؤكد المصادر الأمنية أن "هناك تفوقا استخباراتيا عراقيا كبيرا ويعود ذلك بفضل تعاون الأجهزة الأمنية وتكنولوجيا المراقبة، كما أن هناك دورا حاسما لطيران الجيش في ضرب المقرات والتجمعات، وتفكك الحاضنة الاجتماعية بعد الجرائم التي ارتكبها التنظيم".
وكان رئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني قد أصدر توجيهات إلى القيادات الأمنية بالتأهب وإجراء مراجعات شاملة للخطط العسكرية، مشدداً على تغيير التكتيكات العسكرية المتبعة في المناطق التي تشهد نشاطاً لتنظيم "داعش"، واتباع أساليب غير تقليدية للمواجهة، بهدف إضعاف قدرات عناصر التنظيم والحدّ من حركاتهم.
ويؤكد الخبير الأمني والعسكري جلال سعيد المحمداوي إن أكثر نشاط لتنظيم داعش هو في محافظات ديالى والأنبار وصلاح الدين وكركوك كما يركز على المناطق الصحراوية والوعرة والمعقدة جغرافياً. ويضيف أن "التنظيم بعد الهزيمة التي تعرض لها في عام 2017 بات يشن عمليات مفاجئة عبر خلايا نائمة تستغل حالة التراخي الأمني والخلافات السياسية".
ويشير الخبير الأمني إلى أن من أبرز العوامل التي تسهم في تجدد تهديدات داعش، هي هشاشة الحدود العراقية، التي يستغلها التنظيم لإعادة بناء قدراته البشرية والعسكرية. ويبين أن "تفكك المنظومة الأمنية بسبب الانقسامات السياسية، وكذلك انشغال بعض القيادات الأمنية بقضايا جانبية بعيدة عن مهمة الردع، يفتحان المجال أمام التنظيم لاستعادة نشاطه".
ويؤكد، أن غياب مجالس المحافظات، ولا سيما في ديالى وكركوك، ساهم في تعقيد المشهد الأمني، مشددا على أن "هذه المجالس كانت تلعب دوراً مهماً في التنسيق المحلي ومعالجة التحديات الأمنية الميدانية".
ووفق الخبير الأمني رائد الحامد، فإن التنظيم الإرهابي "لا يزال يحتفظ بإمكانية تهديد الأمن والاستقرار في العراق وسوريا وتنفيذ هجمات نوعية، لكنها بالتأكيد ليست على مستوى السيطرة أو إعادة السيطرة على المدن والمناطق في المناطق ذاتها التي خضعت لسيطرته بعد عام 2014".
وتواصل القوات الأمنية منذ عدة أشهر ما تصفه بعمليات استباقية ضد خلايا وجيوب من بقايا تنظيم "داعش"، تنشط في الجانب الشمالي ضمن محافظات صلاح الدين والانبار وكركوك ونينوى وأجزاء من ديالى، مستغلة المناطق الجبلية الوعرة للاحتماء والتخفي فيها.
وأعلن العراق الانتصار على "داعش" الارهابي في 2017، فيما خسر التنظيم الارهابي آخر معاقله عام 2019 في سوريا، لكن عناصره لا يزالون ينشطون في مناطق ريفية ونائية ويشنون هجمات متفرقة.
يعيش العراق حالياً الأمن والاستقرار والعمران والوضع الاقتصادي المستقر، بفضل فتوى الجهاد الكفائي التي أطلقتها المرجعية الدينية العليا المتمثلة بالسيد علي الحسيني السيستاني (دام ظله)، وتأسيس الحشد الشعبي الذي أعطى دماء كثيرة وعظيمة استطاع من خلالها أن يصنع النصر وأن يستمد من الفتوى كل البطولات والتضحيات وأعطى هؤلاء الشهداء من أجل هذا الوطن.