العراق يستعيد مطار بغداد.. وزارة الداخلية تتولى مسؤولية أمنه بعد انتهاء التعاقد مع "بزنس أنتل" الكندية
انفوبلس..
بعد أكثر من عقدين على مصادرته أجنبياً بحجج وذرائع مختلفة، عادت مسؤولية تأمين مطار بغداد الدولي إلى العراق بشكل تام وذلك بعد تولي وزارة الداخلية المسؤولية عقب نهاية عقد شركة بزنس أنتل الكندية المثيرة للجدل.
منذ احتلاله عام 2003 من قبل القوات الأمريكية، بقي مطار بغداد تحت سلطة جيشها المحتل حتى انسحابه عام 2011، ثم انتقلت مسؤولية حمايته لشركة سيركو البريطانية التي تُوجت فترة وجودها بالتواطئ وتسهيل مهمة الطائرة الأمريكية التي استهدفت قادة النصر في المطار فجر الثالث من كانون الثاني عام 2020، لتستلمه بعدها الشركة الكندية التي انتهى عقدها مع العراق وعلى إثره تسلمت وزارة الداخلية مسؤولية حماية المطار وتأمينه.
يوم أمس، كشف مصدر مطلع، عن تولي وزارة الداخلية تأمين مطار بغداد الدولي.
وقال المصدر، إن "وزارة الداخلية تولَّت تأمين مطار بغداد الدولي، بعد أن كانت خاضعة لشركة بزنس انتل الكندية في إدارة تأمين المطار".
وبحسب مصدر من داخل الوزارة تحدث لـ"انفوبلس"، فإنه "منذ فترة طويلة هنالك نية لتسلم وزارة الداخلية مسؤولية حماية المطار وكانت بانتظار انتهاء مدة التعاقد مع الشركة الكندية وهذا ما حدث فعلا"، مضيفاً، أنه "خلال الأشهر الماضية عملت الوزارة على زجّ كوادرها وضباطها الأكفاء بداخل المطار بشكل تدريجي تمهيدا لتسلم المهمة".
وأشار إلى، أن "الوزارة تمتلك القدرة الكافية والإمكانات لإدارة أمن المطار"، مؤكداً بأنه "مؤسسة سيادية هامة وحان الوقت لنقلها كلياً لسلطة البلاد وإبعادها بشكل تام عن أي نفوذ أو تدخل أو سيطرة أجنبية".
يشار إلى إن الشركة العامة لإدارة المطارات والملاحة الجوية التابعة لوزارة النقل، كانت قد أعلنت فتح مطار بغداد الدولي أمام المواطنين، بشكل جزئي، اعتباراً من يوم 27 حزيران لكنها أجّلت فيما بعد موعد الافتتاح للفترة القريبة المقبلة.
وقال بيان للمكتب الإعلامي للوزارة، إن "الشركة العامة لإدارة المطارات والملاحة الجوية ستباشر فتح المطار، لمدة ست ساعات يومياً، من الساعة 10:00 صباحاً وحتى الساعة 4:00 عصراً".
وأضاف البيان، إنه "سيكون هناك ممر خاص للسيارات التي لا تحمل حقائب، حيث يمكنها الخضوع لعملية التفتيش مباشرة دون الحاجة إلى الفحص بالأشعة السينية، أما السيارات التي تحمل حقائب السفر، فستتم عملية تفتيشها باستخدام جهاز الفحص بالأشعة السينية".
ونوه البيان، بأنه "لن يُسمح لعجلات الأجرة أو الحمل بالدخول الى المطار، عدا سيارات الخصوصي".
وأكد مدير عام الشركة عباس البيضاني، "إنجاز كافة الاستعدادات الإدارية والتدابير الامنية بالتنسيق مع الجهات الساندة، لفتح مطار بغداد الدولي أمام المواطنين، استنادا لتوجيهات دولة رئيس مجلس الوزراء المهندس محمد شياع السوداني، مشيرا الى أنه سيكون للمسافر حرية اصطحاب او مرافقة أي شخص الى المطار".
وقال البيضاني، إنّ "صالات المطار ستكون مجهزة بكافة الخدمات التي يحتاجها المسافرون والمواطنون، بما يضمن راحتهم ورفاهيتهم".
وعدَّ المدير العام هذا الإنجاز بأنه يعكس التزام حكومة الخدمات برئاسة محمد شياع السوداني بتطوير قطاع النقل في البلاد، وحرص الوزارة ممثلة بوزير النقل على تقديم أفضل الخدمات للمواطنين والمسافرين.
ونوّه البيضاني بأن إدارة الشركة قررت عدم السماح بمبيت أية سيارة في مرآب المطار.
يذكر أن المرحلة الأولى من إجراءات السماح لدخول المواطنين إلى مطار بغداد الدولي، اقتصرت على دخول المغادرين بعجلاتهم الخاصة إلى داخل المطار والسفر. أما المرحلة الثانية فستكون للمغادرين ولمن يريد أن يستقبل مسافراً في مطار بغداد الدولي.
سيركو
في شباط من العام الماضي، وبعد عمل لجان التحقيق للكشف عن تفاصيل وحيثيات جريمة المطار اتجهت أصابع الاتهام إلى شركة "سيركو" البريطانية العاملة في مطار بغداد حيث تُتَّهم الشركة بتقديم معلومات مهمة للإدارة الأمريكية أدت إلى اغتيال قادة النصر في المطار.
وسيركو، شركة تسيطر على أجواء العراق، وتفرض نفسها لاستملاك اموال وإيرادات شركة الملاحة الجوية العراقية، واستحصال رواتب لموظفيها تُقدر بنحو 300 مليون دينار شهريا لكل موظف، بالمقابل فإن الشركة وموظفيها لا تفعل شيئا، وليست هناك أية حاجة لها في قسم المراقبة الجوية.
ورغم المخاطبات والتأكيدات واتفاق جميع الجهات المعنية على ذلك، إلا أنها مستمرة بتجديد عقدها لمدة 10 أعوام، وعملت للحصول على عقد طويل الأمد يمتد لـ15 عاما قادمة، وسط رضوخ الجهات العليا في العراق دون معرفة السر وراء ذلك.
أسرار سيركو..
أجواء مافيوية تخيم على شركة الملاحة الجوية العراقية، في جبهة يمثل طرفها الأول موظفون عراقيون ممنوعون من الحديث، مقابل شركة "سيركو" البريطانية، ونفوذها "الغامض" الذي يجعل العراق وسلطاته وأجواءه رهن رغباتها المستمرة منذ عشرة أعوام وتأمل أن تحصل على عقد طويل الأمد تجني من خلاله مليارات الدولارات بوصفها "شريكاً" مع خزينة الدولة العراقية، وبلا مقابل، بل كل ما ستفعله الشركة هو وضع موظفيها في مكاتب لتتقاضى قرابة 16 مليون دولار سنويا، فضلا عن 70% من إيرادات العراق الملاحية أو قد تصل لـ100%، وبما يقارب الـ50 مليون دولار سنويا.
بدأت قصة سيركو في عام 2011، وبفعل نقص المراقبين الجويين العراقيين، وهم الأفراد المسؤولون عن مراقبة وتنظيم حركة الطائرات التي تهبط او تطير من العراق، أو تمر بأجوائه حتى، للتنقل بين الدول الأخرى، حيث تم توقيع عقد مع سيركو بمبلغ 57 مليون دولار لمدة عامين لتدريب 200 مراقب جوي عراقي، إلا أن هذا الهدف لم يتحقق بالرغم من مرور 10 أعوام.
وتضاعفت المبالغ من 57 مليون دولار، لتحصل شركة سيركو منذ 2011 وحتى 2020، على قرابة 250 مليون دولار (ربع مليار دولار)، ولم تدرب سوى 70 مراقبا جويا فقط، ما يعني أن تدريب المراقب الجوي الواحد كلف الدولة العراقية أكثر من 3.5 مليون دولار (أكثر من 4 مليارات دينار عراقي)، في حين أن كلفة 6 ملايين دولار (كلفة تدريب مراقبين جويين اثنين فقط) كان من الممكن «تدريب 200 مراقب جوي بواسطتها في أرقى أكاديميات العالم»، هكذا يقول أحد المراقبين الجويين في شركة الملاحة الجوية.
وبحسب وثائق صادرة من ديوان الرقابة المالية لعام 2021، تؤكد عدم إتمام شركة سيركو لشروط العقد وعدم وجود خطة من قبل الشركة لتدريب المراقبين الجويين وعدد المتدربين او نوع الدورات التدريبية المراد إقامتها منذ 2011، وحتى 2020، وهو العام الذي انتهى فيه عقد سيركو رسميا، قبل تجديده في 2021.
ويشير مراقب جوي رفض الكشف عن اسمه إلى أن الـ”250 مليون دولار (قرابة 300 مليار دينار) التي أُنفقت خلال الـ10 سنوات الماضية على شركة سيركو، لو أنفقنا نصفها فقط على الملاحة الجوية لتدريب الكوادر والبنى التحتية، سيكون إيرادنا اليومي 350 مليون دولار تذهب لميزانية الدولة عبر جذب الطائرات العالمية للمرور بأجوائنا، وبدلا من 450 دولارا لكل طائرة كان من الممكن أن نستحصل 800 دولار لكل طائرة، حيث إن اتحاد النقل الجوي الدولي، (الاياتا) هي التي تحدد أسعار مرور الطائرات، وكان سعر مرور الطائرة الواحدة في أجواء العراق 350 دولارا على كل طائرة، ثم قامت (الاياتا) برفعه لـ100 دولار اضافي، وأصبح 450 دولارا للطائرة منذ سنتين، لكنها اشترطت استثمار هذه الـ100 دولار، في البنى التحتية لشركة الملاحة، لكي تقوم بدورها فيما بعد برفع الأجرة لـ800 دولار على كل طائرة”.
وتدفع كل طائرة تعبر الأجواء العراقية 450 دولارا للعراق كإيرادات لشركة الملاحة الجوية العراقية، في حين تمر قرابة 300 طائرة يوميا في سماء العراق، ما يعني أن مجموع ما يدخل العراق من هذه العملية نحو 135 ألف دولار يوميا، وهي عملية مربحة، الأمر الذي يجعل هذه العملية هدفا لجهات سياسية بالاتفاق مع شركة «سيركو» البريطانية.
ويستشهد المراقب الجوي، بعدم الحاجة لشركة سيركو بأنه «من المفترض ان شركة سيركو وعبر تدريبها للكوادر العراقية طوال 10 سنوات، فإن كل الكوادر من المفترض أصبحت تمتلك شهادة دكتوراه في المراقبة الجوية ولا تحتاج الى المزيد من التدريب، فاستمرار التعاقد مع سيركو يعني إما أنها لم تدرب الكوادر جيدا طوال السنوات الماضية وهذا يجب فتح تحقيق به ضد الشركة والجهات السياسية المتعاقدة معها، أو أن وجود الشركة لا يتعلق بالتدريب او الحاجة لها بل لاستنزاف الأموال العراقية فقط، وهذا بالضبط ما يحصل».
وطوال هذه السنوات، لا تفعل شركة «سيركو» شيئا سوى الجلوس بالمكاتب، فيما تتولى الكوادر العراقية مهام مراقبة الأجواء وإدخال الايرادات لخزينة الدولة، الأمر الذي دفع كوادر شركة الملاحة الجوية العراقية للاعتراض وتسجيل الشكاوى لإنهاء التعاقد مع هذه الشركة، التي كانت تأخذ 25 مليون دولار سنويا طوال السنوات الماضية، وبكوادر لا تتجاوز الـ20 شخصا أو أقل، ما يعني أن كل موظف من موظفي «سيركو» يتقاضى أكثر من 100 مليون دينار شهريا دون أن يعملوا شيئا، في الوقت الذي يتقاضى فيه المراقب الجوي العراقي، الذي يدير هو العمل، مليون دينار عراقي فقط.
وبالرغم من تأكيد عدم حاجة شركة الملاحة الجوية العراقية بكافة أقسامها إلى أية شركة اجنبية، ومن ضمنها شركة “سيركو”، إلا أن الحكومة العراقية، وخلال 2021، قررت في شهر آب التعاقد مجددا مع شركة سيركو ولمدة عام كامل و”بأثر رجعي” من 1 كانون الثاني 2021، وعبر تكليف مدير عام العقود والتراخيص في وزارة النقل مؤيد حسن بإدارة شركة الملاحة الجوية، وهو التغيير الرابع لإدارة الشركة خلال فترة قصيرة، فقط لتمرير العقد.
حين انتهى عقد الشركة الأخير في 31 كانون الأول 2020، أصرّت الوحدات التابعة لشركة الملاحة الجوية وموظفوها على عدم الحاجة لتجديد التعاقد مع الشركة وتكليف الدولة أموالا طائلة بلا أية خدمة تذكر، استمرت المشاكل القانونية وتهديدات شركة سيركو حتى صوت مجلس الوزراء في 16 آب 2021 على تجديد العقد مع سيركو، وتم بالفعل وفي 14 تشرين الاول (اكتوبر) 2021، توقيع العقد من قبل مدير شركة الملاحة الجوية مؤيد حسن ياسين مع شركة سيركو وذلك بعد تغيير 5 مديرين عامين لشركة الملاحة الجوية لغرض إنجاز العقد مع سيركو، حيث يشغل مؤيد حسن منصب مدير عام دائرة العقود والتراخيص في وزارة النقل وتم تكليفه بإدارة شركة الملاحة الجوية، وهو الأمر الذي تفسره مصادر بأن تكليفه جاء لهدف واحد وهو لإتمام صفقة توقيع العقد مع سيركو.
ويقضي العقد بدفع 15.6 مليون دولار لشركة سيركو لمدة عام كامل وبأثر رجعي لعام 2021، ويتم التباحث خلال 3 اشهر مع الشركة لـ"تنظيم إطار العمل مع شركة سيركو بما يحفظ المال العام وتسيير حركة الملاحة الجوية"، حسبما تظهر وثيقة صادرة من مجلس الوزراء، والتي تظهر أيضا التباحث مع سيركو خلال هذه الأشهر الثلاثة على اتفاقية إطارية لمدة 15 عاما، الأمر الذي أثار حفيظة موظفي شركة الملاحة الجوية، حتى أدت إلى إقالة أحد المراقبين الجويين خلال العام 2021 بسبب رفضه وحديثه المستمر الرافض لهذا الاتفاق.
وبالعودة للاتفاقية الإطارية، ستقضي هذه الاتفاقية بأخذ سيركو 15.6 مليون دولار سنويا، فضلا عن 70% من إيرادات شركة الملاحة الجوية ولمدة 15 عاما، بل قد تصل إلى 100%، حيث أن شركة “سيركو” اذا ما تسنمت مهام إدارة الملاحة الجوية في العراق بالكامل فأنها ستفرض أموالا على الطائرات العراقية التابعة للخطوط الجوية فضلا عن طائرات الناقل الوطني شركة فلاي بغداد وغيرها، حالها كحال طائرات الدول الأخرى، في الوقت الذي لا تأخذ شركة الملاحة الجوية العراقية هذه الأموال من الطائرات العراقية وتقدم لها الخدمات مجانا، ما يعني أنها من المحتمل ستأخذ جميع الايرادات المتحققة لشركة الملاحة الجوية.
وعلى هذا الأساس، فإن شركة سيركو ستأخذ قرابة 50 مليون دولار سنويا، او نحو 740 مليون دولار خلال السنوات الـ15 القادمة في حال مرَّ التعاقد على اتفاقية الشراكة الإطارية لمدة 15 عاما، بل قد تتضاعف هذه الأموال إلى ضعفين وسط توقعات بأن يزداد عدد الطائرات المارة في الأجواء العراقية من 300 طائرة إلى اكثر من ألف طائرة يوميا خلال السنوات القادمة مع تزايد نشاط الحركة التجارية العالمية، حيث أن هذه الألف طائرة فيما اذا بقي سعر مرور الطائرة 450 دولارا للطائرة الواحدة، هذا يعني أن العراق سيدخل له يوميا 450 ألف دولار او نحو 165 مليون دولار سنويا، جميعها ستذهب لشركة “سيركو” ولن يتحصل العراق سوى على “فتات”.
ويمثل الشرط الجزائي الذي تطالب به سيركو في حال تم فسخ العقد معها، والبالغ 250 مليون دولار، ما يعادل ما حصلت عليه من العراق طوال السنوات العشر الماضية، أو ايرادات 5 سنوات قادمة التي قد تحصل عليها في حال تم التعاقد معها عقد شراكة طويل الأمد.
سيركو وحكومة السوداني..
بعد أن رحلت حكومة الكاظمي وجاءت حكومة السوداني بدأ العمل على هذا الملف بشكل جدي، حيث كانت الخطوة الأولى تتمثل بتغيير مدير عام شركة الملاحة الجوية سيئ الصيت مؤيد حسن، وإعادة المدير السابق -الرافض لتواجد سيركو- علي محسن هاشم استناداً إلى قرار مجلس الوزراء الذي يترأسه السوداني المرقم 280 لسنة 2022 الذي تضمن إلغاء أوامر نقل تمت بموجب قرارات حكومة الكاظمي المنتهية الصلاحية.
لجنة النقل والاتصالات النيابية، طالبت في بيان لها صدر بتاريخ 21/2/2023، بـ"بضرورة تطوير نظام المراقبة الجوية لتوفير افضل خدمة مقدمة من قبل الشركة، والكشف عن الملابسات القانونية التي تخص شركة سيركو البريطانية التي كانت متعاقدة مع شركة الملاحة الجوية العراقية والمنتهي عقدها في نهاية 2021 والتبعات القانونية لهذا العقد الذي كلّف الدولة العراقية اكثر من 299 مليار دينار عراقي"، بحسب البيان.
كما وجه النائب داوود العيدان سؤالاً برلمانيا لكل من الحكومة وسلطة الطيران المدني والشركة العامة لخدمات الملاحة الجوية مطالباً فيه بالكشف عن السند القانوني لتواجد شركة سيركو في العراق على الرغم من وجود الكثير من مؤشرات الفساد والمخالفات القانونية.
سيركو وجريمة المطار..
المتحدث باسم الحراك الشعبي محمد الصحاف في تصريح له قال، إن "هناك شكّاً في ضلوع شركة سيركو للملاحة الجوية بتورطها في جريمة اغتيال قادة النصر".
وأضاف الصحاف، أن "الحراك مستعد لتقديم ما لديه من معلومات إلى القضاء العراقي وجهاز الادعاء العام عن الشركات الأجنبية والأفراد والشخصيات المتورطة بحادثة المطار".
وأشار إلى أن "تلك الجريمة الجبانة تمت بعلم رئيس جهاز المخابرات السابق مصطفى الكاظمي ومدير العمليات ضياء الموسوي وعدد من الضباط الآخرين"، مبينا أن "دعاوى قضائية ستلاحق شركة سيركو البريطانية للملاحة الجوية بتهم عديدة من بينها الاشتراك بحادثة مطار بغداد الدولي".
وفي عام 2020 أصدر نائب الأمين العام لحركة النجباء نصر الشمري، بيانا رفض فيه تجديد عقد شركة سيركو وذكر أن "في العراق كوادر وطنية مدرَّبة وذات كفاءة وجاهزة للعمل، ولسنا بحاجة للأجنبي"، مضيفا أن "مسألة التجديد تعتبر شرعنة لاحتلال بريطاني طويل الأمد، وهذا ما لن نسمح به بحزم".
عضو اللجنة الأمنية السابقة النائب السابق كريم عليوي، أوضح أن اللجنة دعت الحكومة الى ايقاف عمل الشركة البريطانية العاملة في مطار بغداد الدولي (سيركو) بعد حادثة استشهاد قادة النصر الا انه تم تجاهل طلبها, مبينا ان التحقيقات الأولية اثبتت تورط الشركة بجريمة المطار .
وقال عليوي : إن ".تجديد عمل شركة سيركو البريطانية في مطار بغداد الدولي امر خطير لكون الشركة لها يد في عملية المطار التي أدت الى استشهاد قادة النصر ورفاقهما".
وأضاف، إن "اللجنة الأمنية السابقة دعت الحكومة الى إيقاف عمل الشركة البريطانية العاملة في مطار بغداد الدولي بعد حادثة استشهاد قادة النصر، إلا أن الحكومة السابقة وحكومة الكاظمي تجاهلت الدعوة".
وأوضح عليوي، إن "التحقيقات الأولية أثبتت تورط الشركة بعملية المطار مع جهاز الاستخبارات الأمريكي”، مشيرا الى أن “تجديد عقد الشركة سوف يعرض الشخصيات الى تهديد واستهداف مستقبلا".
من جانبه حذر الخبير الأمني، هيثم الخزعلي، من التعاقد مرة أخرى مع شركة سيركو البريطانية لمنحها السيطرة على سماء واجواء العراق، لافتا الى أن الحكومة يجب ألا تسمح باستمرار عمل هذه الشركة خصوصا بعد جريمة اغتيال قادة النصر.
وقال الخزعلي، إن “العقد مع شركة سيركو البريطانية المسيطرة على الأجواء يمثل سلب لسيادة العراق ولا يمكن أن نقع بهذا الخطأ الكبير خصوصا بعد جريمة اغتيال قادة النصر في مقتربات مطار بغداد”.
وأضاف، إن "تكرار الخطأ يجب ألا يتكرر من حيث السماح باختطاف أجواء العراق وسمائه ورهنها لصالح شركة بريطانية سمحت بحدوث جريمة المطار".
وبين، إن "الحكومة المقبلة لابد لها أن تقوم بإجراء تعاقدات لرفد العراق بمنظومات دفاع جوي متطورة، لبسط السيطرة على الأجواء والبر والبحر، وإلا فإن التعاقد من جديد مع الشركة المذكورة يمثل خرقا كبيرا للدستور وسيادة العراق ما يوجب محاسبة الحكومة على هكذا تعاقد".
بزنس أنتل
في مطلع العام الجاري، كشف تحقيق استقصائي لمشروع الإبلاغ عن الفساد والجريمة المنظّمة (OCCRP) فضح القدرات الحقيقية للشركة الكندية "بزنس إنتل" التي تم تعيينها لتأمين مطار بغداد الدولي، ما أجبر السلطات الأمنية العراقية على نشر عناصر من قواتها الخاصة "فرقة التدخل السريع" لتعزيز الطوق الخارجي لمطار بغداد الدولي والمناطق الاستراتيجية المحيطة به.
وذكر التحقيق، أن شركة "بزنس إنتل" لم تدفع رواتب الموظفين منذ خمسة أشهر على الأقل، ويبدو أنها مَدينة لما يقرب من مائة موظف مجتمعين بأكثر من نصف مليون دولار.
ويقول إنوسنت أودار، 37 عاماً، متعاقد أمني أوغندي وخبير كلاب بوليسية، إنه طُرد من العراق في أواخر أيلول/ سبتمبر بعدما اشتكى هو وخمسة من زملائه للشرطة بسبب ظروف عملهم، وحاولوا إخبارها بأن أكبر مطار في البلاد يواجه خطراً.
وتعاقدت الحكومة العراقية في العام الماضي مع الشركة الكندية "بزنس إنتل" Biznis Intel لتأمين مطار بغداد الدولي، الذي يتعامل مع أكثر من مليوني مسافر سنوياً.
ومنذ ذلك الحين، كما يقول أودار وأكثر من عشرة آخرين، لم تدفع الشركة رواتب الموظفين منذ خمسة أشهر على الأقل، ويبدو أنها مَدينة لما يقرب من مائة موظف مجتمعين بأكثر من نصف مليون دولار، وفقاً لمحضر داخلي للشركة سُرِّب إلى OCCRP.
وقال الموظفون للشرطة العراقية في رسالة تعود إلى 11 أيلول الماضي، إن "عدم دفع رواتب الموظفين يُعد خرقاً أمنياً"، إذ أصبحوا "ضعفاء ومحبطين"، ولم يعودوا قادرين على التركيز في العمل. ولفتوا الى أن تحركاتهم كانت مراقَبة من الشركة، التي يُزعم أن لديها "اتصالات في كل مكان".
وفي الأسبوع التالي، زعم أودار أن ضابطاً مناوباً في "بيزنيس إنتيل" رافقه من المطار، وأعاده إلى أوغندا من دون دفع ثلاثة أشهر من مستحقاته (راتبه).
ويواصل مشروع تتّبع الجريمة المنظمة والفساد العابر للحدود OCCRP مع أكثر من 12 موظفاً سابقاً وحالياً في "بيزنيس إنتيل"، بعضهم لا يزال في بغداد. قالوا لـ OCCRP (طلب عدم كشف هوية المتعاقدين ممن لا يزالون في العراق أو الذين يشعرون بالتهديد) إن الأزمة التي تمر بها الشركة أثرت بشكل كبير على معيشتهم وتشكل تهديداً لأمن المطار. كما أشاروا الى أن الكثير من الموظفين ليست لديهم تأشيرات إقامة، ويشعرون بأنهم محاصرون وغير قادرين على دعم عائلاتهم مالياً. وأضافوا، أن أكثر من نصف الموظفين غادروا، ما ترك الكثير من المناصب الحيوية شاغرة.
آندي هيغينز، خبير طيران بريطاني عمل في "بيزنيس إنتيل" لأكثر من ستة أشهر، أكد أنه و"بمجرد أن تتوقف عن دفع رواتب موظفيك، فإنهم يصبحون عرضة للرشوة والضغوطات، الأمر بسيط للغاية. هذه تهديدات مباشرة للطيران".
يزعم الموظفون أن المواطن الأفغاني حفيظ أوكي، الرئيس التنفيذي للشركة، قام بـ"ترهيبهم ومضايقتهم وتوجيه تُهم كاذبة ضد موظف"، ما أدى إلى سجنه لفترة وجيزة.
بينما زعم الموظفون الباقون أن الشركة بدأت بتقليص حصتهم من الطعام والمياه. وأخبر ثلاثة موظفين OCCRP أنهم وزملاؤهم يواجهون خطر فقدان مساكنهم بسبب عدم دفع رواتبهم في الوقت المناسب، وأضافوا: "نحن نعمل من دون أي ملاءة مالية لتغطية عملنا. الجميع تحت ضغط كبير وعددنا أقل من الحد الأدنى المطلوب".
وعلى رغم هذه "الشبهات"، حصلت "بيزنيس إنتيل" في أوائل تشرين الأول/ أكتوبر على إذن لتجديد عقدها لمدة ستة أشهر أخرى لمواصلة تأمين أمن مطار بغداد الدولي وسلامته. ويذكر أن المطار يخدم ما لا يقل عن ست شركات طيران بما في ذلك طيران الإمارات والخطوط الجوية القطرية والخطوط الجوية التركية والملكية الأردنية.
وحصلت "بيزنيس إنتيل" على عقد الحماية الأمنية للمطار في تشرين الأول 2022، بعدما أقصت سلطة الطيران المدني العراقية (ICAA) شركة الأمن البريطانية G4S. وكانت خطوة مثيرة للجدل – إذ تُعد G4S واحدة من أكبر شركات الأمن في العالم وحرست المطار لمدة 12 عاماً.
وقت التعاقد معها كانت "بيزنيس إنتيل" مسجلة في أونتاريو، وفقاً لسجلات شركات الأعمال الكندية. وأدرجت مواقع أخرى، الشركة، كمنشأة سياحية أو شركة إلكترونيات. واتهم برلماني عراقي الشركة بأن لديها موظفين فقط، وليست لديها خبرة معروفة في أمن الطيران عندما فازت بعقد توفير الأمن والحماية لمطار بغداد. وشملت أعمال أوكي السابقة بيع أغطية الأسرّة للفنادق وإدارة منظمة غير حكومية لصناعة الأطراف الصناعية في قندهار في تسعينيات القرن العشرين، وفقا للتحقيق الذي اطلعت عليه شبكة "انفوبلس".
في أغسطس/ آب الماضي، طلبت النائبة عالية نصيف، من هيئة النزاهة العراقية التحقيق في عقد "بيزنيس إنتيل"، قائلةً إن الأخيرة لم تقدم اعتماداً لأصولها الرأسمالية أو خبرتها أو عملها الأمني السابق. وقالت نصيف، إن "بيزنيس إنتيل" لم يكن لديها ترخيص أمني خاص في الوقت الذي فازت فيه بالعقد، وهو ادعاء تكرر في تقارير إعلامية لاحقة. يبدو أن بيزنيس إنتيل حصلت على ترخيص أمني بحلول تشرين الأول 2023 وليس قبل ذلك، وفقاً لصورة الترخيص التي حصلت عليها OCCRP.
أحد مديري "بيزنيس إنتيل" قال إن ما لا يقل عن ست حرائق اندلعت في المطار العام الماضي، بما في ذلك حريق دمر وثائق وجزءاً من صالة المطار. وأشار أولئك الذين عملوا مع وحدة الكلاب البوليسية في الشركة، بمن فيهم أودار، الى أنها الشركة ليس لديها ما يكفي من الكلاب لاكتشاف المتفجرات، وأن الكلاب المتوافرة كبيرة في السن ومريضة.
وقال خبير الأمن الهندي، إن الطائرات كانت تُزود بالوقود من دون إشراف كافٍ أثناء وجود الركاب على متنها، ومن دون اتباع إجراءات السلامة الدولية. وأكد رولاندو هارو، وهو خبير أمني بيروفي يعمل مدرباً أرضياً في المطار، إنه راجع أمن المطار بناءً على طلب الإدارة، وكتب تقريراً في بداية العام. وقال للصحافيين: "يمكنك الدخول إلى داخل المطار، إلى وسط المطار، من دون أي تفتيش أمني. هناك ثلاث أو أربع ثغرات كبيرة".
الموظفون الحاليون والسابقون، لفتوا الى أنهم عندما أثاروا مشاكل واسعة النطاق مع أوكي، لم يتعامل معها بجدية. وغالباً ما كان يصبح عدوانياً، ويقوم بكيل الإهانات لمن يواجهه. وأضاف الموظفون، أنه كان يطلق تعليقات عنصرية متكررة ضد الموظفين الأفارقة أمام الكثير من الشهود، ويُهين الموظفين من وراء ظهورهم.
وفي أيار الماضي، حدثت ضجة كبيرة تداولتها وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي خاصة بمطار بغداد، حيث ظهرت إلى الملأ مشاكل وفساد متعلق بالشركة الأمنية الكندية المسؤولة عن أمن المطار "بزنس إنتل" ومديرها المفوّض فراس العزاوي الذي هرب بعد سرقته 12 مليون دولار في وقت أنهت الشركة الكندية تعاقدها معه واتهمت الجانب العراقي بإبقائه رغم علمه بفساده.