الغانمي يفضح أسرار تأسيس الجيش العراقي بعد 2003: الأمريكان عاملونا بقساوة ويقطرون السلاح تقطيرا
انفوبلس/ تقرير
"الأمريكان وقوات التحالف والقوات متعددة الجنسيات شكلوا الجيش العراقي على أساس الطائفية والمناطقية والقومية وكانوا يقطرون السلاح والعتاد الأجهزة الأمنية العراقية تقطيرا خلال معاركنا ضد تنظيم "داعش" الإرهابي".. بهذه العبارات، هاجم وزير الداخلية السابق عثمان الغانمي، القوات الأجنبية المحتلة التي دخلت بعد غزو العراق 2003.
تسلط شبكة "انفوبلس"، الضوء على أبزر ما تحدث به عثمان الغانمي عن قوات الاحتلال الامريكي ومجريات تأسيس الجيش العراقي بعد العام 2003.
الجيش العراقي تشكل على أساس الطائفية والمناطقية والقومية
ويقول الغانمي في لقاء متلفز تابعته "انفوبلس"، إنه "بعد احتلال العراق عام 2003، كان قرار حل الجيش العراقي خاطئاً 100 في المئة، وللأسف الأمريكان وقوات التحالف والقوات متعددة الجنسيات شكلوا الجيش على أساس الطائفية والمناطقية والقومية، لذلك انضم للجيش أحزاب وسجناء مشمولون بعفو المقبور صدام حسين".
ويضيف، إنه "في بداية التشكيل كان هناك تخوف كبير من ضباط ومنتسبي الجيش السابق، لذلك رفضوا العودة والانضمام للجيش الجديد، ولاحقاً حاولنا تشكيل الجيش على أسس علمية لكن لم نكن أصحاب قرار للأسف". مشيرا الى أنه في عام 2005 و2006 استطعنا إدخال عناصر شابة جيدة وواعية وتتطلع لخدمة البلد، وبدأنا بتشكيل نواة في 5 محافظات، لكن مُنع وقتها الانتساب إلا من داخل المحافظة نفسها، لم نكن مقتنعين لكن ليس باليد الحيلة".
ويتابع، إن "التشكيل في بداية الأمر لواء في كل محافظة ثم قيادة الفرقة الثامنة "حرس وطني" في الديوانية وهي مسؤولة عن محافظات الفرات الأوسط، واستطعنا استقطاب ضباط من الجيش العراقي السابق إلى الفرقة الثامنة، وشكلنا صنوف خدمات واستلمنا مقراً كاملاً في الديوانية، ثم بدأ تشكيل قيادة العمليات، وهي غير دستورية لكن المرحلة تطلبت ذلك، وأعتقد أن الحاجة انتفت لها اليوم في أغلب المحافظات".
تسمية "الحرس الوطني" في بداية الأمر جاءت على غرار السياقات والتسمية الأميركية، ثم غيّرناه لاحقاً، وفقا للغانمي.
ويكشف، إنه "في عهدي عندما تسلمت رئاسة الأركان، أخبرت الكاظمي بضرورة إلغاء الكثير من القيادات، وسلمت ملفات بابل والنجف وواسط إلى وزارة الداخلية وأبقينا كربلاء لتأمين الزيارات المليونية، فمثلاً ذي قار لا تحتاج قيادة عمليات".
ويوضح، إنه "عندما سقط العراق في يد "داعش" كنت قائداً لعمليات الفرات الأوسط، فتم نقلي كمعاون أركان الجيش للإدارة، في العام 2014 وكان الجيش بحالة انهيار تامة 100%، عدا 3 فرق فقط في محيط بغداد ومعنوياتها منخفضة، والسبب هو المناطقية التي تم تشكيل الجيش على أساسها".
منذ العام 2003 وحتى العام 2014 لم يكن لدى الجيش عقيدة، إنما العقيدة كانت اجتهاداً من القادة
ويردف الغانمي، إنه "عند معارك "داعش"، كنا إذا رغبنا بتحريك فوج نحو المعركة يقوم بالتظاهر ويترك سلاحه ويذهب، وكل ذلك بسبب التأسيس الخاطئ من قبل القوات الأميركية، ومنذ العام 2003 وحتى العام 2014 لم يكن لدى الجيش عقيدة، إنما العقيدة كانت اجتهاداً من القادة".
"التحالف الدولي" بقيادة الولايات المتحدة الامريكية هو من زرع الفساد بالمؤسسة العسكرية العراقية
وفي ردٍ له على سؤال مقدم برنامج تلفزيوني، عن الجهة التي أدخلت الفساد إلى الجيش العراقي، يؤكد عثمان الغانمي، إنها "التحالف الدولي"، موضحًا إن "الجيش في السابق لا يتعامل مع المقاولين والشركات في التغذيات والإطعام، حيث كان يطبخ عبر المذاخر والأرزاق الجافة والطريّة".
ويلفت، إن "قوات الاحتلال جاءت بالمقاولين وعقدت معهم الاتفاقات، مشيرًا إلى أن قوات التحالف بمختلف مسّمياتها الشرقية والغربية، هي مَن زرعت الفساد عبر "الكومنشات" والاتفاقات والصفقات".
الأمريكان كانوا يقطرون السلاح والعتاد للجيش العراقي تقطيرا خلال معاركنا ضد "داعش"
أما بالنسبة طريقة التعامل الأمريكي مع العراق، فقد بين الغانمي أن الأمريكان كانوا يقطرون السلاح والعتاد للجيش العراقي تقطيرا خلال المعارك ضد "داعش" الإرهابي وقد عاملونا الأمريكان بقساوة خلال فترة "داعش"، حيث كانت قذائف البرامز تصلنا بعد عناء كبير بسببهم.
وبحسب خبراء أمنين تحدثوا لـ"انفوبلس"، فإن تصريحات عثمان الغانمي، الرئيس السابق لأركان الجيش العراقي، تُسلط الضوء على اتهامات "خطيرة" تتعلق بدور التحالف الدولي وعملياته في العراق. ويوضح هذا التصريح الصورة الحقيقية للتعاون والتنسيق بين الجيش العراقي والتحالف الدولي، والطريقة التي كان يتم فيها توفير الإمدادات الغذائية واللوجستية، خلافاً لما يُعلن.
ووفقاً للخبراء فإن تصريحاته تشير إلى تغييرات سلبية في طريقة إدارة المؤسسة العسكرية العراقية عبر التحالف الدولي. ويُظهر أن هناك استحواذاً للشركات والمقاولين الخاصين على جوانب محددة من الإمدادات والخدمات الأساسية للجيش، ما يشير إلى وجود مشاكل في الإدارة والشفافية.
كما تحمل هذه التصريحات تداعيات سلبية على صورة التحالف الدولي وعملياته في العراق، وتُعزز التساؤلات حول التدخلات والتأثيرات غير المرغوبة في هيكلية وعملية الجيش العراقي، ومثل هذا التصريح يجب أن يفتح بابًا لتحقيقات أو دراسات أكثر عمقًا حول دور التحالف وتأثيراته على المؤسسات العسكرية في البلاد، بحسب الخبراء.
*من هو عثمان الغانمي؟
عثمان علي فرهود مشير الغانمي، مواليد عام 1958 من الديوانية، حائز على ماجستير علوم عسكرية (كلية الأركان) وبكالوريوس علوم عسكرية وبكالوريوس هندسة كهرباء.
شغل الفريق أول ركن عثمان الغانمي منصب وزير الداخلية العراقي للفترة بين 2020 إلى 2022، وكان يشغل قبل أن يصبح وزيرا للداخلية منصب قائد الفرقة الثامنة في الجيش العراقي ثم عُين قائدا لعمليات الفرات الاوسط، وفي 2014 عُين نائباً لرئيس أركان الجيش العراقي، وعُين بعد فترة وجيزة رئيسا لأركان الجيش العراقي.
حصل الغانمي على وسام الاستحقاق العالي من الولايات المُتحدة، ووصل إلى بريطانيا ليحل كضيف شرف الاستعراض العسكري الملكي.
سيرته الذاتية أدناه: