القضاء على 9 من أهم قيادات التنظيم التكفيري خلال الثلث الأول من 2025.. تعرف على أبرزهم

ضربة نوعية لجناح التنظيم
انفوبلس/..
تواصل القوات العراقية، مدعومة بالجهود الاستخباراتية المتطورة، تحقيق إنجازات نوعية في ملاحقة فلول تنظيم "داعش" الإرهابي، عبر عمليات دقيقة تستهدف قياداته الفاعلة في مناطق متفرقة من البلاد.
ويأتي هذا التقدم في إطار المساعي المستمرة لتعزيز الاستقرار الأمني وترسيخ السيطرة على المناطق المحررة، لاسيما مع تصاعد عمليات الرصد والملاحقة للعناصر الإرهابية في عمق الصحراء والمناطق الوعرة.
وخلال الثلث الأول من عام 2025، شهد العراق تصفية عدد من أبرز قادة التنظيم، ما مثّل ضربة قاصمة لبنيته العملياتية والتنظيمية، إذ أكدت لجنة الأمن والدفاع النيابية، السبت، القضاء على تسعة من أهم قيادات عصابات "داعش" الإرهابية خلال الثلث الأول من عام 2025.
وقال عضو اللجنة، النائب صلاح التميمي، إن "الجهد الاستخباري في مكافحة الإرهاب ورصد نشاط قيادات وعناصر داعش في عدد من المحافظات العراقية شهد تطوراً ملحوظاً خلال الأشهر الماضية، من خلال النجاح في القضاء على تسعة من أهم قيادات العصابات الإرهابية عبر ضربات نوعية، سواء من قبل القوة الجوية أو التشكيلات الميدانية للنخبة".
وأضاف التميمي أن "الوصول إلى مضافات تقع في عمق الصحراء ومناطق نائية وبعيدة جداً، يدل على تطور كبير في عمليات الرصد والتعقب وصولاً إلى تنفيذ الأهداف المباشرة"، مؤكداً أن "اصطياد رؤوس الشر له انعكاسات إيجابية كبيرة على القضاء على ما تبقى من فلول العصابات الإجرامية، وبالتالي إنهاء ما تشكله من تهديدات مباشرة للأمن والاستقرار، خاصة في المدن والقرى والقصبات المحررة".
يُذكر أن الأجهزة الأمنية العراقية نجحت خلال الثلث الأول من عام 2025 في تصفية أسماء مهمة ضمن هيكلية عصابات داعش الإرهابية عبر ضربات نوعية، أبرزها نفذتها القوة الجوية العراقية.
أبرز الشخصيات المستهدفة
ووفقاً لتقارير أمنية، فقد أسفرت الحملة العراقية المستمرة ضد عصابات "داعش" خلال الأشهر الأولى من عام 2025 عن تصفية تسعة من أبرز قيادات التنظيم.
ففي 31 كانون الثاني (يناير)، نفذت طائرات "إف-16" العراقية عملية نوعية استهدفت مضافة إرهابية في منطقة الزركة جنوب غربي صلاح الدين، وأسفرت عن مقتل ثلاثة من كبار عناصر التنظيم. ومن بين القتلى:
دحام محمد عليوي الملقب بـ"أبو سعيد الدندوشي"، المعروف بوالي كركوك، والمسؤول عن التخطيط لعمليات إرهابية وقتل مدنيين في وادي الشاي وجبال حمرين والحويجة.
شحاذة علاوي صالح الملقب بـ"أبو عيسى"، قائد قطاع جبال حمرين، والمتورط في تنفيذ عمليات إرهابية وجرائم قتل ضد المدنيين في قاطع كركوك.
باسم ربيع البطوش، أحد العناصر المهمة ضمن هيكلية التنظيم.
وأعلنت قيادة العمليات المشتركة العثور على سبع جثث إرهابية في موقع الضربة، شملت إضافةً إلى والي كركوك (أبو سعيد) والي الحويجة وأحد قادة قطاع حمرين.
وأكد بيان العمليات أن المضافة الإرهابية دُمرت بالكامل، وعُثر في الموقع على أسلحة متنوعة ومواد لوجستية وحزامين ناسفين.
ويُعد هذا الهجوم الجوي أبرز إنجاز في الحملة الأمنية، إذ أسفر عن مقتل أربعة مسلحين من "داعش" عند الحدود بين محافظتي صلاح الدين وكركوك عبر ضربة دقيقة نفذتها القوة الجوية العراقية.
وفي منتصف آذار (مارس) 2025، أعلنت مصادر عراقية مقتل عبد الله مكي مصلح الرفيعي الملقب بـ"أبو خديجة"، أحد أخطر قادة التنظيم على الصعيد العالمي. وكان الرفيعي قد شغل عدة مناصب، منها مسؤول أمني لكركوك، ثم والي "ولاية العراق والشام"، ويُعتبر نائب زعيم "داعش" السابق، وقد كان خاضعاً لملاحقة استخباراتية حثيثة منذ سنوات.
ضربة نوعية لجناح التنظيم
استهداف "رؤوس الإرهاب" بهذه الدقة يُضعف بشكل كبير الشبكات الأمنية والعملياتية للتنظيم، ويقلل من قدرته على شن هجمات مستقبلية داخل العراق.
على الرغم من فقدان "داعش" السيطرة الإقليمية على ما كان يُعرف بـ"عاصمة الخلافة" منذ عام 2017، إلا أن المصادر الأمنية تؤكد أن القضاء على هذه القيادات شكل ضربة نوعية لجناح التنظيم المسلح.
ويشير خبراء إلى أن استهداف "رؤوس الإرهاب" بهذه الدقة يُضعف بشكل كبير الشبكات الأمنية والعملياتية للتنظيم، ويقلل من قدرته على شن هجمات مستقبلية داخل العراق.
وترافقت العمليات الجوية والأمنية العراقية مع جهود استخباراتية مكثفة، تم خلالها تتبع مقرات قيادات التنظيم في المناطق النائية، ما أسهم في تضييق الخناق على فلول داعش وتعزيز استقرار المناطق المحررة.
خطورة الوديان في الأنبار
على الرغم من الضربات الموجعة التي تلقاها تنظيم "داعش" الإرهابي مؤخراً، إلا أن طبيعة الجغرافيا العراقية ما تزال تمنحه بعض الفرص للتموضع وإعادة تنظيم صفوفه، خاصة في المناطق الصحراوية والوديان الوعرة التي يصعب السيطرة عليها بشكل كامل.
ويستغل التنظيم عدداً من العوامل لصالحه، أبرزها التضاريس المعقدة في وسط وغرب البلاد، إضافة إلى المساحات الواسعة غير المأهولة بالسكان، وغياب الانتشار الأمني الكثيف في بعض المناطق الجبلية والأودية.
وتنشط خلايا "داعش" حالياً في ثلاث مناطق رئيسية داخل العراق، وفق تقارير أمنية: وهي جزيرة الأنبار، الممتدة من وادي حوران حتى صحراء الرطبة، وتلال حمرين، وصولاً إلى مناطق الحويجة وجنوب كركوك، وسلسلة تلال قراجوغ، الواقعة في قضاء مخمور شرقي محافظة نينوى.
ويؤكد الخبير الأمني فاضل أبو رغيف أن بعض المناطق في صحراء الأنبار، مثل عكاشات ووادي حوران، تُمثّل بيئة خصبة لعودة نشاط التنظيم، مستغلاً صعوبة وصول القوات العراقية إليها.
في السياق ذاته، كشفت مصادر أمنية عن وجود معسكرات تدريبية لعناصر "داعش" في عمق صحراء الأنبار، وعلى طول الشريط الحدودي مع سوريا، ما يشكل تهديداً مستمراً للأمن الوطني.
بدوره، أوضح مستشار محافظة الأنبار السابق عزيز الطرموز أن "أعداد عناصر داعش في الأنبار لا تزال كبيرة"، مشيراً إلى أنهم "يختبئون في الصحاري والوديان"، مؤكداً أن "القضاء عليهم يعتمد بشكل أساسي على الجهد الاستخباري"، نظراً لاتساع المساحات الصحراوية، التي "تعادل مساحة كوريا الجنوبية" حسب تعبيره.
ولفت الطرموز إلى أن عناصر التنظيم يحتاجون بشكل مستمر إلى الإمدادات اللوجستية مثل المؤونة والوقود، مما يجعل تتبع تحركاتهم عبر العمل الاستخباري أمراً ضرورياً وحاسماً.
أشباح الصحراء
من جهة أخرى، كشف القيادي في الحشد الشعبي جعفر الحسيني عن معلومات مثيرة تتعلق بنشاط جماعات مسلحة أخرى في الأنبار، مشيراً إلى ظهور تنظيم جديد يُعرف بـ"أشباح الصحراء"، قال إنه "تابع للولايات المتحدة وسيكون بمثابة الوجه الآخر لتنظيمي القاعدة وداعش". وأضاف الحسيني أن هؤلاء المسلحين قد تم تزويدهم بنحو 200 عربة مدنية وعسكرية، إلى جانب تجهيز 500 عنصر بأسلحة خفيفة ومتوسطة، بعضها يعود إلى ترسانة داعش السابقة، مشيراً إلى أن هذه المعلومات موثقة لدى الأجهزة الاستخباراتية العراقية.
وتُعد محافظة الأنبار الأكبر مساحة في العراق، إذ تبلغ مساحتها نحو 138,500 كيلومتر مربع، أي ما يعادل ثلث مساحة البلاد، ولها حدود طويلة مع ثلاث دول من الجهة الغربية: السعودية، الأردن، وسوريا، ما يزيد من تعقيد المهام الأمنية ويضاعف التحديات أمام تحقيق استقرار دائم فيها.