تفاصيل جديدة عن فتاة النجف المقتولة.. الجاني "خطيب مرفوض" وليس "رصاصة طائشة"
انفوبلس/ تقارير
تتكرر الجرائم ضد النساء بوتيرة أكبر تبعاً لعامل مشترك بينها، هو هشاشة وضع النساء الضحايا إما لعوامل مرتبطة بالفقر الاقتصادي أو لوجود سلطة ونفوذ لدى الجاني، فلم يُعد غريبًا أن يصبح الدم ثمنًا وردًّا على النساء العراقيات لقولهنّ "لا" لشخص تقدّم لخطبتهن، وهذا الذي حدث بالفعل في محافظة النجف الأشرف يوم أمس، حين تم الإجهاز على حياة طالبة جامعية لرفضها الزواج من شاب تقدّم لخطبتها أكثر من مرة، فيما تم تسويف الجريمة على أنها قُتِلت برصاصة طائشة!.
*تفاصيل الحدث
يوم أمس، أفاد مصدر أمني في شرطة النجف، بمقتل طالبة جامعية أثناء خروجها من جامعة الإمام الصادق (عليه السلام)، زاعما أن عملية القتل تمت عبر رصاصة طائشة استقرت في رأسها.
*جامعة الكوفة تبرّأ نفسها
في ذات الصدد، ذكرت جامعة الكوفة في بيان، أن الطالبة التي أُصيبت بطلق ناري طائش أثناء خروجها من الدوام ثم توفيت في المستشفى فيما بعد هي من جامعة الإمام الصادق "ع" وليس من جامعة الكوفة.
*ليست رصاصة طائشة
بعد ذلك، كشف مصدر أمني في النجف، تفاصيل جديدة عن حادث مقتل الطالبة الجامعية في المحافظة يوم أمس، مشيرا إلى أن الحادث "جنائي" وليس "طلقة طائشة".
وقال المصدر، إن حادث قتل الطالبة جنائي وقتل متعمّد وليس طلق ناري طائش، مشيرا إلى أن هناك تصويرا بالمنطقة التي حصل فيها الحادث وتم ضبط "مسدس كولمبي" استُخدِم في ارتكاب الجريمة.
*الجاني هو شخص تقدّم لخطبة الفتاة 4 مرات
وبيّن المصدر، أن الجاني هو شخص تقدّم لخطبة الفتاة 4 مرات لكن تم رفضه، ثم تم خطبتها لأحد الأشخاص وتمت الموافقة عليه، فما كان من الجاني إلا قتلها والهروب إلى مكان مجهول.
*يُطفئ ناره
من الجانبين النفسي والاجتماعي، ترى الاختصاصية النفسية علياء الشمّاط أن الجريمة تكون محصّلة لعملية تفكير، وربما قد تستغرق لحظات أو فترة طويلة، وأن هناك "صراعًا" يدور في ذهن الجاني بين قوتَين: قوة الدافع لارتكاب الجريمة وتتعلق بالغرائز الأساسية كالرغبة في البقاء أو الانتقام، وقوة المانع للتراجُع عن الجريمة بما تبقّى من إحساس بالرحمة أو بعض المشاعر المتبقية تجاه الضحية إن وجدت.
وتقع الجريمة متى تغلّبت قوة الدافع على قوة المانع، وتقول الاختصاصية، مشددةً على أنه "كلما كان سلوك الجريمة مبرَّرًا قابلًا للتبرير بالنسبة إلى الجاني، أضعفَ ذلك قوة المانع"، ضاربةً بذلك مثال ما يُعرَف بـ"جرائم الشرف" المبرَّرة بغسل العار، وتُرتكب بكثرة وسهولة لوجود مسوّغات تنفي عن المجرم الإحساس بالذنب أو لوم الذات، بل يسارع لارتكاب الجريمة لـ"يطفئ ناره" كما يُقال.
*رغبة في التملك وليس حباً
ومن ناحية أخرى، تنفي المعالجة النفسية ستيفاني غانم أن يكون "الحُب" دافعًا لهذه الجريمة أو جرائم مماثلة، فهذه الحالات لا تعكس حبًّا وإنما رغبة في التملُّك أو تعلُّقًا مرضيًّا، إذ لا يقود الحب إلى القتل أو التعنيف، وهؤلاء الذين يقتلون فتاة لرفضها الزواج هم ببساطة لا يؤمنون بحقّ المرأة في اتخاذ القرار، ويتذرّعون بالحب لتبرير جريمتهم.
*حالة إرباك
من جانب ذي صلة، تقول الناشطة الحقوقية، رولا المصري، إن واقع المنظمات النسائية في عملها من أجل تحسين أوضاع النساء منذ عام 2011 مُربَك، حيث منذ حينه ومعظم البلدان العربية تعيش على وقع نزاعات وحروب، في العراق وسوريا ومصر وليبيا واليمن ولبنان وغيرها من البلدان العربية.
وتضيف الناشطة، في مقالٍ لها، إن واقع النساء مأزوم وواقع منظمات المجتمع المدني النسائية في حالة إرباك. فبين ضرورة الاستجابة للحاجات الإغاثية واللاجئات وضحايا الحروب (والتي تُعدّ أولوية)، والحاجة إلى التمسُّك بالمكتسبات السابقة والعمل بشكل استراتيجي لمناصرة قضايا النساء، تبرز حالة الإرباك.
*علاقة الوضع السياسي
وتخلص بالقول، إن جذور الإرباك تبرز بسبب المنظومة السياسية العامة، وأنظمة الحكم الذكورية التي تُعيد خلط الأولويات، حيث هي في المبدأ لا تدرج حقوق النساء ضمن سُلَّم الأولويات بشكل عام، فكيف بأوقات النزاعات والحروب؟ ويضيف ذلك عبئًا على المنظمات النسوية في العمل بشكل مضاعف من أجل تسليط الضوء وحشد الاهتمام السياسي والشعبي من أجل حقوق النساء الإنسانية.
*انتشار السلاح
ولأن السلطة الأبوية هي انعكاس للسلطة السياسية في البلاد التي تحكمها أنظمة ديكتاتورية، نعلم أن رفض فتاة الزواج بشابّ قد يدفعه إلى قتلها، حيث باتت هذه الظاهرة رائجة واعتيادية، ففي فوضى انتشار السلاح تحوّل الموت إلى نكتة وقتل النساء إلى مُزحة، وقد بات الكثير من النساء يعرفنَ أن كلمة "لا" واحدة قد تعني نهاية حياتهن، في ظل عدم تدخُّل الدولة بشكل جدّي، ويبقى السؤال الأهم عن العنف الكامن والجاهز للانفجار، لذلك لابدَّ من تفكيك حلقات العنف المتأصِّلة في العقول، لتتعطّل الأيادي القاتلة عن زهق أرواح النساء دون استحياء.