سيناريوهات جميعها مقلقة.. تجوال فرق أمريكية خاصة في شوارع بغداد مقدمة للتخريب والطائفية والفوضى.. تعرف على أبعاد الملف

انفوبلس..
أثارت تحركات فرق عسكرية أمريكية بزيّ مدني في شوارع بغداد خلال الأيام الماضية قلقاً أمنياً واسعاً، وسط ترجيحات بمحاولات لإرباك الوضع المستقر. وتم ضبط أربعة أمريكيين بحوزتهم جهازاً مشبوهاً، ما أعاد للأذهان أدواراً سابقة مثيرة للجدل، ودفع لمطالب بتوضيحات رسمية حول طبيعة مهامهم.
ورصدت مصادر أمنية، تحركات لفرق عسكرية أمريكية جابت شوارع العاصمة بغداد بسيارات مدنية خلال الأيام الماضية، فيما رجحت المصادر ذلك الحراك الى وجود محاولات لإرباك الوضع الأمني في العاصمة.
ومارست الفرق الخاصة الامريكية خلال السنوات الماضية أدواراً خبيثة لزعزعة أمن بغداد، واستهداف المدنيين، ولازالت أذهان العراقيين تستعيد الذكريات المأساوية التي خلفتها الشركات الأمنية الامريكية ومنها “بلاك ووتر”.
وحصلت شبكة "انفوبلس" على معلومات من مصادر أمنية تفيد برصد تحركات تلك الفرق الامريكية، مبينة أن تلك الفرق قد تُقدِم على ارتكاب بعض الجرائم لبث الفتنة أو إشعال الوضع الأمني الذي يشهد استقراراً تاماً.
وتضغط الإدارة الامريكية على بغداد لإيجاد صيغة تمكنها من الحفاظ على تواجدها العسكري الذي شارف على الانتهاء، بموجب المطالبات المسبقة التي نصت على ضرورة طرد القوات الأمريكية من العراق.
التفاصيل المتاحة
وفي مساء يوم الإثنين الماضي، كشف مصدر أمني، عن تفاصيل القبض على 4 اشخاص امريكيين بالكرادة وبحوزتهم جهاز غريب.
وقال المصدر: "قامت احدى دوريات الكرادة بإيقاف 4 اشخاص يحملون الجنسية الامريكية مستقلين عجلة مدنية، وبحوزتهم جهاز غريب وقد تم اخذهم الى مركز شرطة المسبح".
وأشار الى انه "اتضح بعد ذلك ان الأشخاص يعملون ضمن السفارة الامريكية، ولديهم باج تجوال في العاصمة مختوم من المشتركة".
وتابع، أنه "بعد ذلك قاموا بالاتصال بالسفارة الامريكية، والتي بدورها قامت بالاتصال بالمشتركة وتم ارسال عجلات خاصة رافقتهم الى المشتركة دون حادث يذكر"، مبيناً أن "الجهاز الذي كان بحوزتهم هو لتحديث الخرائط".
وتداولت عشرات صفحات مواقع التواصل الاجتماعي الخبر وكتبت بعضها إنه في الساعة 1800 من مساء يوم الاثنين الموافق 5-5-2025 ، واثناء تجوال مفارز شعبة استخبارات الكرادة تم رصد عجلة نوع "توسان" بيضاء اللون مظللة تحمل الرقم 79795 /ن بغداد خصوصي بداخلها اربعة أشخاص مسلحين تبين لاحقاً انهم يحملون الجنسية الامريكية ومعهم باجاتدبلوماسية صادرة عن قيادة عمليات بغداد، ويستخدمون جهاز اتصالات سري يستخدم للتنصت الميداني، وقد قام هؤلاء الاشخاص بتصوير وتحديد مناطق حساسة في منطقة عرصات الهندية.
لا توضيحات رسمية
وحول ذلك، رأى الباحث في الشؤون الأمنية إبراهيم السراج، اليوم الخميس، أن الحكومة العراقية وقيادة العمليات ووزارة الداخلية بحاجة إلى تقديم توضيحات بشأن المجموعة الأمريكية المسلحة التي تجولت مؤخراً في شوارع العصمة بغداد.
وقال السراج إن "وجود هذه المجموعة الأمريكية المسلحة في شوارع بغداد، وتحديداً في سيارة مدنية، يثير العديد من التساؤلات حول طبيعة المهام التي تقوم بها هذه القوة".
وأضاف ان "المجموعة التي رُصدت عبر كاميرات المراقبة كانت تحمل أسلحة متطورة وأجهزة تكنولوجية حديثة، مما يطرح علامات استفهام حول الهدف من وجودها في العاصمة العراقية وسبب تجوالها في الشوارع بهذه الطريقة".
وأشار إلى أن" وجود مثل هذه المجموعات المسلحة يثير القلق ويحتاج إلى تفسير واضح حول المهام المكلفة بها والغرض من وجودها في العاصمة بغداد".
وأكد السراج على "ضرورة أن توضح الحكومة العراقية، بالإضافة إلى قيادة العمليات ووزارة الداخلية، طبيعة هذه المجموعة المسلحة"، لافتا إلى أهمية أن "تُقدم الجهات الحكومية شرحاً رسمياً حول ماهية أعمالهم، والغرض من تحركاتهم في بغداد وهم يحملون أسلحة متطورة وأجهزة تجسس".
والتحركات المريبة التي شهدتها شوارع العاصمة بغداد في الأيام الماضية أثارت موجة من القلق والاستفهام داخل الأوساط الأمنية والشعبية، وأعادت إلى الأذهان صفحات دامية من تاريخ العراق الحديث، حيث لعب الوجود الأمريكي دوراً محورياً في تعميق الفوضى وزرع الانقسامات.
رغم التصريحات الأمنية التي أكدت أن الأشخاص الأربعة الذين تم إيقافهم في منطقة الكرادة يعملون ضمن السفارة الأمريكية، إلا أن الملابسات المحيطة بالقضية، وطبيعة المعدات التي كانوا يحملونها، تفتح الباب أمام شكوك عميقة بشأن طبيعة المهام التي تقوم بها هذه "الفرق الخاصة"، والتي كانت تلتقط صوراً لمناطق حساسة وتستخدم أجهزة يُشتبه بأنها مخصصة للتنصت الميداني.
تخمين الأهداف
ومن غير المعقول أن تكون هذه التجاوزات قد حدثت دون تنسيق أو علم مسبق من الجهات العليا، ما يطرح سؤالاً مركزياً: هل نحن أمام نشاط استخباري يستهدف الأمن الوطني، أم محاولة أمريكية لإرسال رسائل ضغط سياسي وأمني إلى الحكومة العراقية؟
ولا يمكن قراءة هذه التحركات بمعزل عن سجل الولايات المتحدة في العراق، والذي تخللته حوادث دامية ارتكبتها شركات أمنية أمريكية تحت غطاء دبلوماسي، وأشهرها مجازر شركة "بلاك ووتر".
واليوم، ومع رصد تحركات مسلحة أمريكية مشابهة، تزداد المخاوف من أن تكون واشنطن قد بدأت فعلاً بتنشيط أدوات الفوضى لإعادة إنتاج سيناريوهات العنف والتفكك، في وقت بات فيه تواجدها العسكري في العراق مرفوضاً شعبياً وسياسياً، وتقترب مهلة انسحابها من نهايتها.
ورقة الطائفية
من أبرز ما تخشاه الأوساط العراقية أن تكون هذه التحركات مقدمة لإعادة تأجيج الطائفية، التي نجح العراق بالحد منها وتحجيمها. فالولايات المتحدة طالما استخدمت ورقة الانقسام الطائفي كأداة لتكريس نفوذها، إما عبر دعم جهات على حساب أخرى، أو من خلال افتعال أزمات أمنية في مناطق مختلطة.
إن زرع الخوف، وتوجيه أصابع الاتهام بين المكونات، وتمكين المجاميع المجهولة من تنفيذ هجمات أو عمليات اغتيال تحت غطاء التحركات المريبة، كلها أساليب مجربة في معادلة الاحتلال والهيمنة، ولا يُستبعد أن تعود مجدداً إذا ما شعرت واشنطن أن مصالحها مهددة بفعل انسحابها الوشيك.
واجب الحكومة... ووعي الجمهور
السكوت الرسمي حتى الآن مثير للريبة. المطلوب ليس فقط تقديم توضيحات تقنية عن الباجات الدبلوماسية أو الأجهزة المحمولة، بل موقف سياسي واضح من هذا العبث الأمني الذي تمارسه قوة أجنبية داخل العاصمة، تحت عيون كاميرات المراقبة.
كما أن على الجمهور العراقي أن يتحلى بأعلى درجات الحذر والوعي، وألا يسمح بإعادة تدوير مشاهد الانقسام والاحتراب التي كلفت البلاد أنهاراً من الدماء. فكل صمت شعبي عن هذه الخروقات هو تفويض غير مباشر للفوضى القادمة.
وتحاول الولايات المتحدة، عبر أدواتها الاستخبارية والميدانية، أن تفرض واقعاً جديداً في العراق يعيد إنتاج تبعيتها وهيمنتها، تحت غطاء دبلوماسي زائف. لكن العراق الذي قدم الآلاف من الشهداء لطرد المحتل، لن يسمح بإعادة الاحتلال من الباب الخلفي. المعركة اليوم ليست عسكرية فقط، بل معركة وعي وموقف، وعلى الجميع أن يكون على قدر هذا التحدي.