عملية "خاطئة" للشرطة الاتحادية في ميسان.. إطلاق نار ضد "تاجر مخدرات" يتحول إلى مأساة.. طفل قتيل وآخر مصاب مع والدته وهذه أبعاد القضية
عملية "خاطئة" للشرطة الاتحادية في ميسان
إطلاق نار ضد "تاجر مخدرات" يتحول إلى مأساة.. طفل قتيل وآخر مصاب مع والدته وهذه أبعاد القضية
انفوبلس/..
عملية خاطفة أصبحت خاطئة بعدما خاضت قوة تابعة للشرطة الاتحادية في ميسان تبادلاً لإطلاق النار بين مع أحد المطلوبين، كان قد نُصِب له كمين خلال مرور عائلة، ليل الخميس الماضي، في منطقة سيد جميل شرق مركز العمارة، ما أسفر عن مقتل طفل وإصابة آخر مع والدته.
*تفاصيل
يروي شاهد عيان تفاصيل ما حدث، ويقول إن "طفلاً قُتل وأُصيب آخر مع والدته أثناء عملية تبادل النيران بين الشرطة الاتحادية وأحد المطلوبين الذي لاذ بالفرار في منطقة سيد جميل".
وأضاف، أن "الشرطة الاتحادية كانت قد نصبت كميناً لأحد المطلوبين وبعد عملية تبادل النيران هرب المتهم بسيارته إلى جهة مجهولة".
وتابع، أن "الطفل والسيدة من عشيرة “البو بخيت”، وبعد وصول الخبر للعشيرة، خرج أبناؤها باستعراض مسلح في منطقتي حي الحسين ومنطقة سيد جميل كونها مناطق تواجدهم".
وتابع، أن "المنطقة شهدت توتراً أمنياً، وإطلاق نار من قبل عشيرة الضحية، فيما انسحبت القوات الأمنية بعد هروب المتهم الذي كانت تلاحقه".
*معلومات لاحقة
في السياق ذاته، كشف مصدر محلي مطلع في ميسان، تفاصيل تتعلق بمقتل وإصابة 3 أشخاص بنيران الشرطة الاتحادية وسط المحافظة.
وقال المصدر، إن "سيطرة أمنية للشرطة الاتحادية حاولت إيقاف عجلة بداخلها عائلة أحد تجار المخدرات الكبار بمنطقة سيد جميل وسط مدينة العمارة مركز المحافظة"، لافتاً إلى أن "العجلة لم تستجب للنداء الأمني بالتوقف، فقام عناصر الشرطة بإطلاق النار عليها بكثافة".
وأضاف المصدر، إن "إطلاق النار أدى لمقتل طفل وإصابة اثنين آخرين بجروح بليغة، فيما هرب سائق العجلة (تاجر المخدرات) إلى جهة مجهولة الهوية، بعد اشتباك مسلح مع القوات الأمنية".
وأوضح، إن "عشيرة الأطفال المقتولين والمصابين، قامت بالنزول إلى الشارع والاستعراض بالأسلحة التي تملكها من خلال إطلاق النار بكثافة في الهواء طلبا للثأر"، مبيناً أن "القوات الأمنية انتشرت بشكل كبير في عدد من الطرقات تحسباً لأي صدام مسلح مع أفراد العشيرة خلال الساعات المقبلة".
*عمليات ميسان تدخل على الخط
وفي وقت لاحق، وجه قائد عمليات ميسان اللواء الركن صباح العزاوي، بتشكيل لجنة تحقيقية مشتركة، لكشف ملابسات حادث منطقة سيد جميل.
وأمر العزاوي، بحسب البيان بـ"حجز مفرزة الشرطة الاتحادية التي أطلقت النار، لحين اكتمال التحقيق"، مؤكداً عزمه "محاسبة المقصرين وفق القانون".
*الانتشار مستمر
من جهته، أكد ضابط في قيادة عمليات ميسان، أن الانتشار الأمني في المنطقة ما زال مستمرا، وأن وجهاء عشائريون يعملون على ضبط تحركات عشيرة الضحايا، مبينا أنه "تم احتجاز آمر القوة وجميع العناصر وهم حاليا رهن التحقيق".
وأشار إلى ان "الوضع تحت السيطرة، لكن هناك مخاوف من توترات قد تحدث في المنطقة في حال لم تستجب العشائر للتهدئة".
*انتقادات
الشيخ علي اللامي، وهو أحد وجهاء المحافظة، أكد أن "ذوي الضحايا يريدون تحقيقا ومحاكمة عادلة لعناصر الأمن، وأنه تمت الاستجابة لمطلبهم"، مضيفا: "نعمل حاليا على التهدئة واستيعاب الموقف"، ومشددا في الوقت ذاته على "أن عناصر الأمن مسؤولة عن تصرفها غير المهني، ويجب عليها التعامل بحذر خاصة في المناطق المزدحمة، وعدم إطلاق النار إلا بدقة نحو الهدف".
*المخدرات في العراق
ارتفعت أعداد المُدمنين بشكل كبير منذ 2017 بسبب انخفاض أسعار المخدرات ووفرتها، مما أدى إلى زيادة بنسبة 40 % في أعداد المُدمنين منذ عام 2017، وزيادة بنسبة 30 % في أعداد تجّار المخدرات.
وكانت وزارة الداخلية العراقية قد أعلنت، صدور أحكام بحق أكثر من 7 آلاف مدان بجرائم تتعلق بالاتجار والتعاطي والترويج للمخدرات في العام 2023.
وقال المتحدث باسم الداخلية مقداد ميري في إحصائية نشرها عبر بيان، إن عدد المحكومين بجريمة المخدرات بلغ 7 آلاف و397 خلال العام الماضي، مبينا أن تلك الأحكام توزعت بين السجن المؤبد والإعدام والأحكام الأخرى.
وبحسب ميري، فإن "عدد الملقى القبض عليهم خلال هذا العام بلغ 17249 شخصاً بتهمة حيازة المواد المخدرة، وأن "حجم ما ضُبط بلغ ثلاثة أطنان ونصف فضلاً عن ضبط 15 طناً من المؤثرات العقلية".
وبيَّن ميري، إن "الحملات مستمرة للحد من انتشار المخدرات، لاسيما أن من أبرز أولويات الوزارة هو التصدي والحد من هذه الجريمة واتخاذ الإجراءات القانونية بحق المدانين بتجارة أو حيازة المواد المخدرة وفق المادة 27 من قانون المخدرات والتي تصل عقوبتها إلى الإعدام".
وتشهد غالبية المدن العراقية تفشي ظاهرة انتشار المخدرات، رغم التدابير الأمنية المشددة من قبل السلطات للحد من هذه الظاهرة الخطيرة، حيث تعلن وزارة الداخلية بشكل شبه يومي، عن إلقاء القبض على مهربين وتجار ومتعاطين للمخدرات في مختلف المدن.
وكان العراق يفرض عقوبة الإعدام على متعاطي المخدرات وتجارها، لكنه سنّ قانوناً في عام 2017 يمكن بمقتضاه علاج المتعاطين في مراكز التأهيل، أو الحكم بسجنهم فترة تصل إلى 3 سنوات.
مفوضية حقوق الإنسان كانت قد صرّحت في وقت سابق، بأن أكثر المخدرات تعاطياً في العراق هو الكريستال، بنسبة (37.3%) ثم الحبوب المسمّاة (صفر-1) بنسبة (28.35%)، تليها الأنواع المختلفة من الأدوية المهدّئة.
وفي الآونة الأخيرة بدأت تتعالى الأصوات المطالبة بتشكيل لجنة خاصة وجهاز أمني مستقل لمكافحة المخدرات، حيث كشف مسؤول أمني، عن قرب الانتهاء من خطوات تشكيل جهاز أمني مستقل لمكافحة انتشار المخدرات، على غرار جهاز مكافحة الإرهاب.
وأضاف، إن الحكومة تستعد لوضع اللمسات الأخيرة لتشكيل الجهاز، الذي سيكون أساسه مديرية مكافحة المخدرات بوزارة الداخلية حاليا، وسيتم تزويدهم بمختلف المستلزمات والبنى التحتية، لضمان تمكن البلاد من مواجهة خطر المخدرات المتزايد.
ويأتي تشكيل هذا الجهاز الأمني في ظل تطور أساليب نشر المخدرات في العراق، وتوريط أكبر عدد من المجتمع فيها، وصولاً إلى مراحل وصفتها السلطات بـ"الخطيرة"، بعد ضبطها مواد مخدرة في حلوى للأطفال، كانت في طريقها للعراق، وهي سابقة تحدث لأول مرة في البلاد، فيما أكد ناشطون ومتخصصون أن الدول المنتجة للمخدرات تسعى إلى تحويل العراق إلى بلد "مدمن".