قواعد تركية وميليشيات محلية.. تحذيرات من مشروع توسعي يهدد السيادة ويعيد سيناريو إدلب بنسخة عراقية

انفوبلس/..
بينما يُجمع العراقيون على حماية سيادتهم ورفض التدخلات الخارجية، تواصل تركيا لعب أدوار مشبوهة في المنطقة، وهذه المرة تحاول تصدير تجربة ملوّثة إلى الداخل العراقي، عبر السعي لتكرار نموذج “الجولاني” القائم على الارتزاق السياسي وتوظيف الإسلام كغطاء لمشاريع تجزئة وتطويع. فبعد أن حوّلت هيئة تحرير الشام إدلب إلى وكر للمخابرات التركية ومسرح لتصفية المعارضين، تسعى أنقرة لزرع نسخة مشابهة داخل العراق، عبر أدوات محلية تدّعي الاعتدال، لكنها ترتبط عمليًا بخيوط مشروع مشبوه يهدف إلى إضعاف الدولة وتشظية النسيج الوطني كما فعلا الجولاني في سوريا عندما اصبح رئيساً للدولة وبدل اسمه إلى "أحمد الشرع".
*بداية لتجربة "الجولاني"
وفي تطور يعكس تصاعد القلق العراقي من التدخلات التركية، دعا المستشار ورئيس لجنة مساندة عمليات “أم الربيعين” سابقًا، زهير الجلبي، دعا الحكومة العراقية إلى التحرك العاجل لإغلاق معسكر زليكان التركي الواقع ضمن حدود محافظة نينوى، محذرًا من أن وجود هذا المعسكر قد يمثل خطوة أولى نحو تكرار تجربة “الجولاني” داخل العراق.
وقال الجلبي، إن “وجود هذا المعسكر يمثل انتهاكًا صارخًا للسيادة العراقية، وتهديدًا مباشرًا للأمن الوطني”، مشيرًا إلى أن المعسكر يضم الآلاف من مقاتلي ما تُعرف بـ”قوات حرس نينوى”، في إشارة إلى تشكيلات محلية مدعومة من أنقرة.
*معسكر زليكان.. وجود عسكري مشبوه
يقع معسكر زليكان على بعد نحو 10 كيلومترات من الحدود الإدارية لمحافظة نينوى، وقد أثار وجوده جدلًا واسعًا منذ سنوات، حيث تُتهم تركيا باستخدامه كمنصة استخبارية وعسكرية لتعزيز نفوذها في شمال العراق. وتتهم أطراف عراقية أنقرة بمحاولة إنشاء مناطق نفوذ دائم، على غرار ما فعلته في شمال سوريا، تحديدًا في إدلب حيث كانت تدعم الجولاني.
*تجربة الجولاني.. هل يُراد تصديرها للعراق؟
وبحسب الجلبي، فإن خطر زليكان لا يقتصر على كونه انتهاكًا للسيادة، بل يكمن في مشروع أوسع تسعى تركيا لتنفيذه، يتمثل في تكرار “تجربة الجولاني” التي حوّلت إدلب إلى كيان شبه مستقل تديره جماعة متطرفة بغطاء سياسي تركي. ويتخوّف مراقبون من أن يكون “حرس نينوى” هو النموذج المحلي الذي يُراد استخدامه لأداء هذا الدور في العراق.
*دعوات إلى تحرك رسمي
وطالب الجلبي الحكومة العراقية باتخاذ موقف واضح، داعيًا إلى “إغلاق المعسكر فورًا، ومنع أي محاولات لتحويل محافظة نينوى إلى ساحة نفوذ تركي أو ساحة تصفية حسابات إقليمية”. وأكد أن صمت الدولة عن هذه الخروقات قد يشجّع على التمادي في سياسات فرض الأمر الواقع.
ورغم التحذيرات المتكررة من شخصيات أمنية وسياسية حول مخاطر الوجود التركي في نينوى، لا تزال ردود الفعل الرسمية خجولة، ما يطرح تساؤلات حول مدى جدية بغداد في التعامل مع هذه التهديدات، خصوصًا في ظل تكرار الاعتداءات التركية عبر القصف الجوي في مناطق إقليم كردستان، ووجود قوات تركية تتنقل بحرية في أراضٍ عراقية.
*تحذيرات كردية
ووسط تزايد المخاوف من التوسع التركي داخل الأراضي العراقية، أطلق القيادي في الاتحاد الوطني الكردستاني شيرزاد صمد، اليوم الأربعاء، تحذيرات شديدة اللهجة من تنامي خطر ما وصفه بـ”الميليشيات التركية” التي تسعى، بحسب قوله، إلى الهيمنة على ولاية الموصل وكركوك.
وأكد صمد أن “تشكيل أي قوة عسكرية خارج منظومة الدفاع العراقية، وخصوصًا تلك المرتبطة بدول إقليمية مثل تركيا، يمثل تهديدًا مباشرًا لوحدة العراق وسيادته”، مشيرًا إلى أن أنقرة تمضي بخطى واضحة لتنفيذ مشروعها القديم في ولاية الموصل وكركوك، وهو ما اعتبره أمرًا مقلقًا وجاري العمل عليه فعليًا، لا مجرد تصريحات أو نوايا.
*قواعد عسكرية أم بوابات نفوذ؟
وحذر صمد من أن وجود قواعد عسكرية تركية في شمال العراق، وعلى رأسها قاعدة زليكان، يُعد انتهاكًا صارخًا للسيادة الوطنية، منتقدًا في الوقت ذاته تباطؤ الحكومة الاتحادية في اتخاذ موقف حاسم إزاء هذه الخروقات.
وقال: “نأسف لأن رد الحكومة على هذا التوغل ما يزال خجولًا، ولا يرقى إلى مستوى خطورة المشروع التركي الذي بات واضح المعالم”.
*مشروع ميليشياوي بأذرع تركية
وأشار صمد إلى أن تشكيل أي فوج أو لواء مسلح تابع لدولة إقليمية، سواء بشكل مباشر أو عبر واجهات محلية، ستكون له مردودات سلبية على الأمن الوطني، موضحًا أن “السكوت عن مثل هذه المشاريع يفتح الباب أمام صراعات إقليمية تُدار على الأرض العراقية”.
ورغم تحذيراته، أبدى صمد ثقة كبيرة بأن تكرار السيناريو السوري في العراق غير ممكن، مستشهدًا بـ”استقرار الدولة العراقية ومتانة تشكيلاتها الأمنية والدفاعية”، على عكس ما جرى في سوريا حيث انهارت مؤسسات الدولة وبرزت جماعات إرهابية مدعومة من الخارج.
*نوايا مبيتة وتمدد صامت
وتأتي هذه التصريحات في ظل تصاعد التوتر بين بغداد وأنقرة، لا سيما مع استمرار تركيا بعملياتها العسكرية في شمال العراق، وتوسيعها نطاق القواعد دون تنسيق مع الحكومة الاتحادية. ويرى مراقبون أن ما يجري ليس مجرد مطاردة لمسلحي حزب العمال الكردستاني، بل خطوات استراتيجية تركية لبناء نفوذ عسكري واستخباري دائم، يتقاطع مع مشروع “الميليشيات المحلية” التي قد تتحول لاحقًا إلى أدوات سياسية وعسكرية لأنقرة في الداخل العراقي.