كيف عبّدت المقاومة العراقية الطريق أمام جموع المتطوعين بعد نكبة حزيران؟
أنفوبلس/..
لقد مثّل الثالث عشر من حزيران 2014 وما تلاه من أحداث ووقائع مَرَّ بها العراق في أصعب مرحلة يشهدها التأريخ الحديث، نقطة تحول محورية في مجريات الأحداث داخل بلاد ما بين النهرين.
فالهجمة الداعشية التي وصلت إلى تخوم بغداد بعد سقوط ثلث مساحة العراق بيد أعتى جماعة إرهابية بربرية كادت أن تطيح بها في العاشر من حزيران 2014، لولا بسالة “رجال المقاومة الإسلامية الذين هبّوا دفاعًا عن الأرض والعرض والمقدسات”.
وفي العاشر من حزيران أعلن السقوط المدوّي لمدينة الموصل بيد تنظيم “داعش” الإرهابي، بفعل “مؤامرات” محلية ودولية أرادت الإطاحة بالنظام السياسي برمته، لولا فتوى ”الجهاد الكفائي” وبسالة رجال المقاومة الإسلامية التي حالت دون ذلك.
وبين العاشر والثالث عشر من حزيران، ثلاثة أيام فقط هي التي فصلت سقوط الموصل، عن التطور الذي أطلق صفارة البدء لانتظام عدد كبير من الشباب في إطار مسلّح، كانت له اليد الطولى في هزيمة التنظيم الإجرامي، ومنعه من السيطرة على بلاد الرافدين.
وتمثل ذلك بدعوة آية الله السيد علي السيستاني، العراقيين، إلى الجهاد دفاعاً عن “الوطن والمقدسات والحرمات”، والتي كان لها الدور الأبرز في دفع الآلاف نحو معسكرات التدريب، التي ولدت من رحمها لاحقاً هيأة الحشد الشعبي.
وشهد العراق في تلك الحقبة، معارك ضارية بين القوات الأمنية والحشد الشعبي وفصائل المقاومة الإسلامية من جهة، والإرهابيين الذين ساهمت في صناعتهم الولايات المتحدة والكيان الصهيوني ودول خليجية في مقدمتها السعودية.
وخلفت المعارك حامية الوطيس التي جرت في جبهات عدة، قوافل كبيرة من الشهداء، حتى أعلنت القوات العراقية في التاسع من كانون الأول 2017 تحرير أرض العراق بالكامل من قبضة الإرهابيين، وذلك بعد تكبيدهم خسائر فادحة.
وعلى الرغم من أن العراقيين قضوا على أكثر التنظيمات تطرّفاً، إلا أن عوامل عودته لا تزال قائمة، بدءاً بالفساد المستشري في مؤسسات الدولة، وافتقاد الثقة بها لعجزها عن النهوض بنفسها، وهشاشة الواقع الأمني، وارتخاء العملية السياسية، وصولاً إلى استمرار تخييم شبح التقسيم الذي زرع الاحتلال بذوره في “دستور المكوّنات” الطائفية والعرقية.
وتمر اليوم الذكرى الثامنة التي هب العراقيون فيها لاسيما أبناء محافظات الوسط والجنوب نحو التطوع للجهاد، عقب فتوى السيد السيستاني في خطبة الجمعة بالصحن الحسيني الشريف، والتي جاءت عقب اجتياح جماعات داعش الاجرامية لمساحات شاسعة من الاراضي العراقية والسيطرة على الموصل بالكامل، فضلا عن الغالبية العظمى من صلاح الدين والانبار وديالى وارتكبت الجرائم المروعة فيها، ومن ثم التوسع في عدد من مناطق حزام العاصمة بغداد، مهددين بهتك المقدسات الدينية.
وعن ذلك يقول المحلل السياسي مؤيد العلي إن “العراق شهد بعد العاشر من حزيران 2014 تحولات مفصلية، حيث كادت الهجمة الداعشية أن تطيح بالنظام السياسي برمته، وبالتالي تحقيق المؤامرة الأمريكية التي نفذت بأدوات خليجية، لولا بسالة أبطال المقاومة الإسلامية”.
ويضيف العلي، أن “فصائل المقاومة الإسلامية كانت تقاتل على تخوم بغداد والمحافظات الأخرى، لاسيما منطقة مطيبيجة التي شهدت معارك ضارية ضد التنظيم الإرهابي”، مشيرًا إلى أن “فتوى المرجعية الدينية بالجهاد الكفائي جاءت معززة للمقاتلين وأعطت زخمًا كبيرًا، عندما هبّت جموع المتطوعين وانخرطت في صفوف المقاومة الإسلامية.
وقد تحول هذا التشكيل الشعبي الكبير، إلى هيأة رسمية تُعرف حاليًا باسم هيأة الحشد الشعبي، والتي صوت مجلس النواب في السادس والعشرين من تشرين الثاني عام 2016، على قانونها ليصبح الحشد بذلك مؤسسة أمنية رصينة تخضع للسياقات الرسمية.