سفرات لمدربين مقابل جلب المحترفين.. الكشف عن اسرار خطيرة تخص الدوري العراقي
انفوبلس/..
تتطور ظاهرة تواجد اللاعبين المحترفين في الدوري العراقي الممتاز لكرة القدم، ويزداد عدد الأندية التي تستقطبهم سواء من دول عربية أو افريقية وحتى أوروبية ومن أمريكا الجنوبية كذلك، حتى أصبح بعض اللاعبين المحترفين ركيزة مهمة في فرق الدوري، فيما لم ينجح آخرون.
رفع الاتحاد العراقي لكرة القدم عدد اللاعبين المحترفين في الفريق الواحد
وعلى سبيل المثال، تدين جماهير نادي الشرطة في الموسم الماضي للسوري محمود المواس الذي قاد الفريق لخطف درع الدوري، حيث أصبح أول محترف يحقق لقب الهداف في تاريخ الدوري العراقي.
ملف "المحترفين" شائك" من نواح عدة، أبرزها كيفية تأقلم المحترف مع البيئة العراقية أولًا، ونجاحه في الفرق التي يأتي إليها ثانيًا، وهو أمر مرتبطة بملف آخر، يتعلق بمن يجلب المحترف وبعض الاتفاقات التي تعقد بين السماسرة وأعضاء من الهيئات الإدارية والمدربين أيضًا.
وتبدو القصة الأصعب في قضية اللاعبين المحترفين، هي كيفية مشاهدة اللاعب، لأن الاعتماد الأساس يكون على مقاطع مصوّرة، ما يعني إمكانية دخول جانب الغش والخداع، فمقاطع الفيديو التي تصل إلى المدرب قد تكون قديمة، أو مصوّرة في مباراة بين فريق قوي وآخر ضعيف، لذا تفشل الكثير من صفقات المحترفين في الدوري العراقي الممتاز.
مؤخرًا، زاد عدد اللاعبين المحترفين في الدوري العراقي إلى ستة لاعبين، إذ "سيكون لكل فريق ستة لاعبين، مع الحق فيزج خمسة لاعبين وهو رقم كبير"، بحسب مدرب نادي الكرخ أحمد عبد الجبار، "فإذا حصلت على محترفين بقيمة عالية فبالتأكيد سيكون الفريق جيدًا لك، لكن شخصيًا اعتبر هذا العدد مبالغ به لأنه يقلل من حظوظ اللاعب المحلي ونحن نريد لاعبين يلعبون بفترة أكبر في الدوري".
وعن كيفية اختيار اللاعبين المحترفين، يقول مدرب الكرخ الفائز ببطولة الكأس، في حديث صحفي، إن "اختيار اللاعبين يتم عبر مقاطع الفيديو ووكلاء وسماسرة يعرضون مجموعة كبيرة من المقاطع المصوّرة على مدربين الدوري، سواء تعرف هذا الوكيل أو لا تعرفه فأنك تحصل عبر تطبيق واتساب على مئات الفديوات للاعبين وأغلب هؤلاء المحترفين مستواهم غير جيد، لذا عليك أن تختار المحترف الذي سبق وأن لعب في فرق الدوري لأن المحترفين أصحاب المستوى العالي تستقطبهم الأندية الكبيرة".
مال تحت الطاولة بين إدارات وسماسرة
وبحسب أحمد عبد الجبار، لاعب نادي الزوراء والمنتخبات الوطنية سابقًا، فأن مشكلة مقاطع الفيديو تكمن في أن "وكيل اللاعب يعطي ملخص من خمسة دقائق على سبيل المثال بينما اللاعب قد يكون غير مشارك سوى بمباريات قليلة في الدوري وهو جليس دكة الاحتياط، فأي لاعب مهما كان مستواه الفني ضعيف فبالإمكان أن تقوم بعمل فيديو جيد له".
يشير أحد الوكلاء إلى وجود مجاملات بين بعض المدربين وسماسرة
ولم يتعرض عبد الجبار إلى قضية فرض لاعب محترف عليه لكنه لا ينفي هذه القضية، إذ يقول إن "هناك بعض وكلاء الأعمال الذين يفرضون اللاعبين على الأندية وهناك نسبة لعضو الإدارة من المحترف".
ويضيف مدرب الكرخ: "أسمع في بعض الأندية أن هناك محترفًا يأتي إلى الفريق بفرض من عضو في الإدارة وهو يكون قد اتفق مسبقًا مع وكيل اللاعب، حيث هناك تعاملات مالية تخدم الطرفين".
سفرات لمدربين مقابل جلب محترفين
لا تشير أصابع الاتهام إلى إدارات الأندية في تعاقدات اللاعبين المحترفين فقط، بل هناك من يحمّل بعض المدربين مسؤولية الاتفاق مع محترف عبر سمسار محدد والحصول على سفرة سياحية أو بعض الأموال، كما يقول وكيل اللاعبين وسام الهاشمي.
ويذكر الهاشمي في حديث صحفي، أن "بعض المحترفين ليسوا بالمستوى المطلوب لأن بعض المدربين يجاملون السماسرة بحكم علاقتهم بهم حيث لا يوجد معيار حقيقي للاختيار".
ويلفت الوكيل في حديثه عن المدربين، إلى أن "بعضهم يبحث عن سفرات إلى خارج العراق بحجة اختيار محترفين عن طريق سمسار من المتواجدين هناك، وهذا يتم بالاتفاق بين الطرفين"، ويشير إلى أن "التعامل مع قضية المحترف مثل الذهاب إلى سوق لا تعرف بضاعته فتأخذ سلعة جميلة ولكن عند ذهابك إلى المنزل تجدها عاطلة".
أزمات اللاعبين "المحترفين"
وللمحترفين أيضًا مشاكل كثيرة مع إدارات الأندية، حيث ترفض بعض هذه الإدارات إعطاء مبلغ عقدهم بشكل كامل، فيلجأ بعضهم إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) لتقديم شكوى، وهناك من فاز بالقضية فيما يقرر آخرون توقيع العقد، وعند استلامهم للدفعة الأولى من العقد يقرر الهروب دون إخطار الإدارة.
ترفض بعض الأندية فرض لاعبين محترفين بعينهم على فريقها
على سبيل المثال لا الحصر، فأن القوة الجوية من الأندية التي حصلت معها مشاكل مختلفة مع المحترفين، حيث قرر النيجيري (موسى كابيرو) عام 2017 عدم الالتحاق بالفريق مجددًا بعد إجازة تم منحها من قبل إدارة فريقه، فخاطب النادي، الاتحاد النيجيري، لإيجاد مخرج لهذه الأزمة.
في المقابل، فآن آخر لاعب كسب قضية ضد نادٍ عراقي هو المحترف النيجيري (ايبوكا) الذي طالب بدفع مستحقاته من قبل إدارة القوة الجوية، وبالفعل سيتوجب عليهم دفع ما بذمتهم للاعب.
أندية ترفض فرض المحترفين
تختلف الأندية في قضية استقطابها للمحترفين، وهناك إدارات لا يمكن فرض لاعب عليها، حيث القرار يكون بالدرجة الأساس للكادر الفني الذي يقرر ما يريده.
ويعتبر نادي الزوراء من أوائل الأندية التي بدأت بجلب المحترفين، ولهم تجارب ناجحة في ذلك، حتى أن بعض اللاعبين المحترفين حملوا شارة قيادة النادي.
وعن هذه التجربة، يقول عضو المكتب الإعلامي للنادي يحيى محمد في حديث صحفي، إن "التعامل مع قضية المحترفين بدأ مع لاعب أو لاعبين، وكان الاعتماد على العرب وبالأخص السوريين، ونجحنا في هذا الملف مع (زاهر ميداني) و(حسين جويد) وأيضًا المهاجم (رحيم اولابي)".
تعتمد بعض الأندية على مقاطع مصوّرة لللاعبين محترفين قبل استقطابهم
و يشير يحيى محمد إلى أن "فشل المحترف في الفريق لا يتحمله وكلاء اللاعبين لأن الزوراء ليس من الفرق التي تسمح لبعض وكلاء اللاعبين من تمرير صفقاتهم، حيث أن جميع المحترفين الذين قدموا إلى النادي كانوا من اختيار الكادر الفني، وجلب اللاعب يتم حسب الحاجة الفنية للفريق وبما يناسب الأسلوب الفني للمدرب، فيما عمل الإدارة يكون بتنظيم العقود فقط".
وعن سبب الفشل الحقيقي، يقول الإعلامي الزورائي: "هناك لاعب يمتلك سيرة ذاتية (C.V) جيد وبفرق أفضل من دورينا، ولكن لا يمكنه الدخول في الأجواء، وهذه مشكلة كبيرة وواجهناها بصورة كبيرة".
المشاهدة أساس نجاح المحترف
بعض المدربين يقررون التفكير طويلًا حتى حسم ملف المحترفين من أجل استقطاب لاعب يسهم برفع مستوى الفريق ولا يكون عبءًا إضافيًا عليهم، وهذا ما يؤكده المدرب والمحلل الفني الحالي جبار هاشم، ويرى أن "المحترفين، قضية مهمة وحساسة لذلك نجد في اختيار المحترف نحتاج فترة لأن حسب المراكز التي تفتقدها، ونفتقد للمراكز الهجومية لذلك نبحث عن لاعبين من خلال مشاهدة مباريات وأيضًا بطولات إفريقية وكأس العرب، وإذا لم يحدث ذلك نتعامل مع بعض السماسرة الثقاة في جلب اللاعبين لكن الأهم هو مشاهدة مباراة حديثة له ورؤية وضعه في المباراة".
وعن المخاوف من التعامل مع السماسرة، يذكر هاشم أنه خلال تواجده مع الكادر الفني مع المدرب راضي شنيشل فأن "التعامل يكون مع أشخاص محددين، واحد أو اثنين، وحسب رغبتنا يتم التعاقد مع المحترف لأن إدارات الأندية تعطينا حرية في اختيار اللاعبين فلا يمكن تمرير لاعب من قبلهم وهذه مسؤولية كبيرة".
الاختيار في المحصلة يكون وفق معطيات يحتاجها الكادر الفني ومنها بحسب جبار هاشم، أن "المقياس هو المستوى ونشاهد له مباراة، وفق معايير التحركات ودقة التمرير والجانب الدفاعي وحسب هذه المعايير يتم اختيار اللاعبين، فالمباراة تعطي الحانب الحقيقي للاعبين والأدوار التي يقوم بها وهكذا".