أفكار أولية عن (الامبراطورية الشيعية)
من هنا تظهر الحاجة الى تصحيح ما نتج عن رسم الحدود، بحسب مزاجية ومصالح اتفاق (سايكس - بيكو)، والذي جعل المنطقة منقسمة على نفسها جغرافياً، ومن ثم متصارعة سياسياً، وحتى متخاصمة عسكرياً، وهو ما حوّلها الى مجرد سوق استهلاكية للسلاح، الامر الذي يتسبب سنوياً بخسا
كتب / سلام عادل
المقومات التي في متناول يد أبناء الطائفة الشيعية، بلا شك تعتبر أشبه بمواد بناء تسمح بإنشاء اتحاد أقاليم مترامي الأطراف في مناطق الشرق الأوسط وغرب آسيا والخليج، وهو ما يعني في المحصلة النهائية تأسيس امبراطورية تتمتع بالسيادة على أرضها، وبالاستقلال السياسي والاقتصادي والعسكري.
وهو موضوع يثير خيال الفرد الشيعي بكل تأكيد، باعتباره يدفع محركات الرغبة التاريخية في داخله للتخلص من جميع أشكال الهيمنة التي فُرضت عليه، سواء الهيمنة التي جرى فرضها من قبل (الشقيق) الذي تمثله الطائفة الأكبر في الإسلام، وهي هيمنة معروفة منذ لحظة انتزاع الخلافة من أحفاد النبي، او الهيمنة التي جرى فرضها تحت لوائح النظام الدولي الحديث من قبل المنتصرين في الحرب العالمية الاولى.
ومن هنا تظهر الحاجة الى تصحيح ما نتج عن رسم الحدود، بحسب مزاجية ومصالح اتفاق (سايكس - بيكو)، والذي جعل المنطقة منقسمة على نفسها جغرافياً، ومن ثم متصارعة سياسياً، وحتى متخاصمة عسكرياً، وهو ما حوّلها الى مجرد سوق استهلاكية للسلاح، الامر الذي يتسبب سنوياً بخسارة موارد اقتصادية فادحة كان ينبغي استغلالها في عملية التنمية بدل هذا الضياع.
وعلى الرغم من جميع أشكال المحاولات لإنشاء تكتل يجمع بلدان المنطقة، بهدف خلق مظلة موحّدة تُدار من تحتها مصالحهم، إلا أن تلك المساعي فشلت من ناحية الإطار الجامع تحت يافطة الانتماء للإسلام، او تحت مشروع جامعة الدول العربية، الذي تحول هو الآخر الى منصة للمناكفات والملاسنات وإنتاج الوعود والبرامج غير القابلة للتحقق.
وتبقى كيانات الاوطان الحالية، بشكلها ونوعها وتعدد انواع الحكم فيها مجرد مشاريع سياسية جرى تأسيسها قبل 100 سنة، لا يوجد ضامن ولو 1% على ديمومتها وبقائها كحاضنة للمجتمعات التي تعيش على المساحات المخصصة لها، والمعترف بها لدى الأمم المتحدة، بدليل أن حدود الدولة العراقية، التي تعتبر أول دولة معترف بها من قبل عصبة الأمم، مازالت تتعرض حدودها للجزر والتلاعب من قبل دويلات صغيرة كانت قبل سنوات مجرد أقضية ونواحٍ.
وتبقى النوازع الانفصالية المتنامية داخل المكونات الاجتماعية العراقية لوحدها كفيلة بحالة عدم الاستقرار السياسي والأمني الذي تعيشه البلاد منذ عام 1960 على الاقل، بل وأخذ هذا الشعور الانفصالي يتطور أكثر في عراق ما بعد 2003 الذي بنى نظامه السياسي إرادة القوى المحتلة بقيادة الولايات المتحدة الامريكية، وهو نظام تسبب باندلاع نزاعات أهلية وخصومات لا حد لها نتج عنها خسائر فادحة بالأرواح والأموال والبنى التحتية.
وصارت تشترك مع العراقيين في مثل هذه الهموم والمعاناة شعوب دول الجوار، مثل السوريين واللبنانيين واليمانيين، الى جانب الايرانيين الذين يتعرضون من جانبهم الى حصار قاتل منذ سنوات على خلفية تمسكهم بنظام حكم ينسجم مع متبنّياتهم الثقافية والفكرية والدينية.
وعموما .. ظل حلم الدولة الشيعية على الدوام واحداً من أحلام الشيعة وطموحاتهم المرتبطة بعقيدتهم، وسبق أن جرى التنظير لهذه الدولة من قبل نُخب الطائفة، سواء المعمّمين منهم أو الأفندية، خصوصاً بعد أن تبلور مفهوم الجمهورية الاسلامية الآخذ بالتطور في ايران منذ 40 سنة، وهو بحد ذاته يعتبر تجربة ملهمة، ويشكل في نفس الوقت دافعاً لرفع سقف الطموحات الى الدرجة التي تسمع بتأسيس امبراطورية شيعية مترامية الاطراف، في ظل وجود المقومات السكانية والجغرافية والموارد الطبيعية، وفوق كل ذلك رابط العقيدة الدينية.
#الوتر_الموتور
#شبكة_انفو_بلس