رسالة المرجعية إلى الإطار المعلن أكثر من المخفي

مع كون المرجع الأعلى في حالة قطيعة مع زعماء القوى السياسية بشكل عام، وذلك منذ قرابة خمس سنوات على الأقل، إلا أن هذه القطيعة ليست عدوانية كما يتم تصويرها
كتب / سلام عادل
استمع قادة الإطار التنسيقي لمسودة نصوص غير منتظمة، وُصفت بأنها رسالة، في اجتماع يوم الثلاثاء الماضي، ادعى موظف كبير في الحكومة نقلها من كربلاء والنجف، تنطوي على شروحات وتوضيحات لمقربين من المرجعية، فضلاً عن آراء سبق للمرجع الأعلى سماحة السيد السيستاني التعبير عنها في الأول من محرم خلال مراسم تبديل الراية، وهي جميعها مبانٍ تربط ما بين الشؤون العامة العراقي وما يجري في المنطقة عموماً.
وعلى الرغم من تفاعل قادة الإطار مع هذه النصوص، من ناحية الذهاب نحو تشكيل لجنة للرد، إلى جانب لجنة أخرى من قادة تنسيقية المقاومة تبادر إلى كتابة رد إضافي، ليس من باب الرد وإنما حرصاً على التواصل مع المرجع الأعلى، الإ أن حامل الرسالة تحفظ على نشر مضامين النصوص، أو أي خبر يتعلق بها، لكن هذا الاتفاق لم يدُم أكثر من ثلاثة أيام، حيث تم تسريب الخبر إلى منصات ومدونين من طرف غير محدد، ما جعل أمين عام الإطار عباس العامري يكذّب الموضوع جملةً وتفصيلاً.
وكما هو معتاد عن المرجعية أنها توصل ما تريد من رسائل عبر استخدام عدة أساليب، من بينها بشكل علني على لسان المعتمدين لديها، وأخرى في بيان يُنشر على الموقع الرسمي، وأيضاً برسالة مكتوبة تحمل ختم المرجع، وفي بعض الأحيان من خلال اتصال تلفوني مباشر، وذلك تجنباً للبس والغموض، والحيلولة دون سعي البعض لتقديم نفسه مفضلاً لدى المرجعية ومحل ثقتها، وفي ذلك مكاسب لطالما استفاد منها البعض.
وأتذكر بهذا الصدد، في فترات سابقة، أشخاصاً لعبوا دور ناقل الرسائل المقرب من مكتب المرجع، شاع من بينهم في حينها اسم مدير مكتب رئيس الوزراء (طارق نجم)، وهي فترة تشابكت فيها الأحداث وكثر فيها القيل والقال، وصار اسم المرجع يُتداول في أجواء بوليسية تسببت بتعقيد المعقد أكثر، بل وخلفت خلافات لا تزال تداعياتها محل جدل، ومن ثم تراكمت عليها الأخطاء ذاتها في حكومة الكاظمي، عندما أدلى المتحدث باسمها (هشام داود) بتصريح خطير نُسب للمرجع الأعلى.
ولعل (طارق نجم)، جراء قيامه بلعب هذا الدور بات أشبه بـ(المرشح الدائم لرئاسة الوزراء)، واليوم، على ما يبدو، هناك من يريد المنافسة للحصول على اللقب ذاته.
ومع كون المرجع الأعلى في حالة قطيعة مع زعماء القوى السياسية بشكل عام، وذلك منذ قرابة خمس سنوات على الأقل، إلا أن هذه القطيعة ليست عدوانية كما يتم تصويرها، بقدر ما هي تحفظ أبوي لغرض الضغط باتجاه تصحيح وإصلاح مسار الدولة، وبهدف الوصول إلى الحكم العادل والرشيد، يتمثل بالحد من الفساد وضبط النفقات وتقوية المؤسسات وحصر السلاح، والأخير مطلب عام يخص جميع أنواع وأشكال الأسلحة في البلاد من الشمال إلى الجنوب، والحصر لا يعني السحب والإتلاف، الذي يؤدي إلى إضعاف المنظومة الأمنية، وإنما السيطرة والتحكم.
ويؤشر آخر ظهور للمرجع حضوره في مجلس العزاء السنوي، الذي يقام في مكتبه بالنجف يوم السادس من محرم، كما يؤشر آخر خطاب للمرجعية في الأول من محرم، دعا فيه إلى الحفاظ على المكتسبات الدستورية في العراق الجديد وعدم العودة إلى الوراء، مع التركيز على التحديات الكبرى، التي تشهدها المنطقة، سيما بعد العدوان الصهيوني على غزة ولبنان وسوريا واليمن، وآخرها الجمهورية الإسلامية في إيران، باعتبار أن مصالح شعوب المنطقة مترابطة ومتشابكة، وأن وجودها واحد.
وفي الختام .. تعودنا من المرجعية الدينية في النجف سماع المواقف والتوجيهات بلُغة عربية واضحة ومفهومة، لا تحتاج إلى تفسير المفسرين ولا إلى تأويل المؤولين في الداخل والخارج، ولطالما سمعنا التوجيهات من دون وسطاء أو ناقل رسائل، وذلك لكون التكليف الشرعي يشمل الجميع وليس فئة معينة، لهذا تكون التوجيهات في الغالب معلنة وليست مخفية في نصوص غير منتظمة ينقلها موظف في الحكومة.