البنك المركزي العراقي لصاحبه (بريمر)
صار البنك المركزي بعد أن تبرأ من (الورقة البيضاء)، سيئة السمعة والصيت، يلجأ لمعالجة الفشل من خلال إطلاق معالجات يصفها بـ(الحزم الاصلاحية)، بلغ عددها اربع حزم، وصارت تتسبب هي الاخرى بمزيد من المشاكل نتج عنها بيع دولارات تساوي (40 مليار دينار) يومياً
كتب / سلام عادل
لا يعمل البنك المركزي العراقي منذ عشرين سنة بشرعية الدولة العراقية، وإنما بشرعية الأمر الإداري الصادر عن سلطة الاحتلال الأمريكي التي كان يديرها (بريمر)، وذلك وفق (الأمر 56 لسنة 2004) الذي تأسس البنك بموجبه، وهو ما يعني أن البنك المركزي العراقي يعمل بقانون امريكي جرى فرضه وفق مشتهيات الإدارة الامريكية، وتم فيه منح إدارة البنك حصانة لا يملكها غير رب العالمين.
وحتى هذه اللحظة لم يقم مجلس النواب العراقي بدوراته الأربع الماضية، وحتى الدورة البرلمانية الحالية وهي الخامسة، بإجراء تعديل على قانون بريمر، من باب (تعريق قوانين سلطة الاحتلال) أي جعلها عراقية، ولا حتى تعطيل بعض المواد التي تُفرض على الدولة العراقية تبني سياسة اقتصادية محددة، وهي سياسة (السوق المفتوحة) التي فُرضت بحسب (الأمر 56).
وتنص ديباجة (الأمر 56) على "إيجاد مناخ اقتصادي مواتٍ لتأسيس نظام اقتصادي يعتمد على عوامل السوق وعلى المنافسة"، وحتى يومنا هذا لم تتحقق بالشكل الرصين على الإطلاق هذه النظرية، منذ لحظة إصدار هذا الامر قبل 20 سنة، إلا في حدود تطبيق إجراءات فوضوية جعلت البلاد عبارة عن معبر تهريب وتبييض أموال، وهي حالة تَيْه يعيشها العراق منذ 2003.
ويشهد عمل البنك المركزي إخفاقاً كبيراً في عمله، على الاقل في حدود الغرض الذي تأسس لأجله، بحسب القسم الاول من (الامر 56)، الذي ينص على أن وظيفة البنك الاساسية توفير "استقرار الاسعار في البلاد والمحافظة على استقرارها وثباتها"، وهو ما لم يحصل.
ورغم الاخفاقات الكبيرة الحاصلة في الاسواق العراقية على خلفية سياسات البنك النقدية خلال السنوات الثلاث الماضية في أقل تقدير، تنعدم القدرة على محاسبة إدارة البنك، واعضاء مجلس الإدارة، وحتى الموظفين والوكلاء، وذلك بحسب الحصانة القانونية التي توفرها (المادة 23/ أولاً من الامر 56).
وتفيد (المادة 23/ أولاً من الامر 56) بأن "لا يتعرض أي عضو من أعضاء المجلس أو أي موظف أو وكيل للمصرف للمساءلة القانونية، أو يعتبر مسؤول مسؤولية شخصية عن أي أضرار وقعت بسبب أي إهمال أو إجراء صدر منه أثناء تأديته لمهامه، أو في سبيل تأديته للمهام الرسمية التي تقع في نطاق وظيفته والتزاماته المحددة له بمقتضى هذا القانون".
وبالتالي وفق المادة اعلاه تتمتع إدارة البنك وموظفيه بحصانة قانونية من نوع (VIP)، لا يتمتع بها اعضاء مجلس النواب او القضاة او حتى اصحاب أعلى الرتب الكبيرة والرئاسات، حيث من غير المعقول رفع القدرة عن محاسبة الموظف حتى لو تسبب بأضرار.
ومن هنا يبدو البنك المركزي في حالة محمية من رقابة المؤسسات الرقابية المختصة، وسلطة القضاء، ويشمل ذلك السلطة التشريعية والتنفيذية، وكل ما له علاقة بالدولة العراقية، باستثناء قدرة (الخزانة الامريكية) على فرض إملاءات خارجية على البنك واجبة التنفيذ، كالذي يجري الان، وهي حالة أقل ما يمكن ان توصف بأنها تثير العجب فعلاً !.
وباتت الأوضاع تزداد تعقيداً في سوق الصرف على خلفية تبني البنك المركزي لسياسات اقتصادية عشوائية فاشلة من نوعية (الورقة البيضاء)، التي تم استيرادها من الخارج كوصفة غير مجربة وغير مكتملة وغير دقيقة، وقد ثبت فشلها بعد مرور ثلاث سنوات على تطبيقها.
وصار البنك المركزي بعد أن تبرأ من (الورقة البيضاء)، سيئة السمعة والصيت، يلجأ لمعالجة الفشل من خلال إطلاق معالجات يصفها بـ(الحزم الاصلاحية)، بلغ عددها اربع حزم، وصارت تتسبب هي الاخرى بمزيد من المشاكل نتج عنها بيع دولارات تساوي (40 مليار دينار) يومياً في سوق الصرف من دون أي فائدة تذكر، جعلت الثقة تنعدم بالدينار وبالدولار على حد سواء.
وفي الختام .. يبدو (الامر 56) الذي تأسس بموجبه البنك المركزي العراقي، هو فعلاً (56) ويستحق أن يتم تطبيق (المادة 456) من قانون العقوبات العراقي عليه، وهي مادة خاصة بالنصب والاحتيال، لأن البلاد تعرضت، على ما يبدو، الى نصب واحتيال امريكي منذ عام 2003 ينبغي وضع نهاية له.
#الوتر_الموتور
#شبكة_انفو_بلس