بداية مرحلة (حرب المنصات)
على خطى البحث عن بديل لمنصة (إكس)، بدأت تظهر منصة (بلوسكاي)، التي شهدت زيادة بعدد المشتركين، لدرجة بلغت مليون عضو جديد خلال أسبوع واحد ما بعد الانتخابات الأمريكية
كتب / سلام عادل
أعلنت صحيفة "ذي غارديان" البريطانية في بيان، أنها ستتوقف عن نشر مقالاتها عبر حسابها الرسمي في منصة (إكس)، التابعة لرجل الأعمال الأمريكي إيلون ماسك، واصفةً إياها بأنها "منصة إعلامية مسمومة" حيث تنشر محتويات "غالباً ما تكون مثيرة للاضطرابات"، إضافة إلى أن "مساوئ النشر في إكس باتت الآن تفوق منافعه".
وانضمت لحملة الاعتراض على منصة (إكس)، كُبريات الصحف الفرنسية، مثل (لوموند، لوفيغارو، لو بارزيان)، اللاتي قررن رفع دعوى قضائية أمام محكمة باريس، باعتبار أن (إكس)، تستخدم المحتوى الخاص بهذه الصحف من دون دفع ثمن، وبالتالي يعتبر ذلك تعدياً على حقوق الملكية والنشر، في ظل وجود قانون يكفل حقوق الملكية الفكرية للمنصات الرقمية في كافة دول الاتحاد الأوروبي، والذي جرى إقراره سنة 2019.
وفي العام 2022، اشترى إيلون ماسك، المقرب من دونالد ترامب وأثرى أثرياء العالم، موقع "تويتر" مقابل 44 مليار دولار، وأعاد تسميته إلى "إكس"، قبل أن تغرق المنصة في الأخبار المضللة ونظريات المؤامرة، فيما جرى اتباع رؤية راديكالية لحرية التعبير، تسعى إلى عدم الاهتمام بجميع أشكال الرقابة على المحتوى.
وعلى خطى البحث عن بديل لمنصة (إكس)، بدأت تظهر منصة (بلوسكاي)، التي شهدت زيادة بعدد المشتركين، لدرجة بلغت مليون عضو أمريكي جديد خلال أسبوع واحد ما بعد الانتخابات الامريكية، ليصل العدد الإجمالي إلى 15 مليون مشترك بدعم من الرئيس التنفيذي السابق لـ"تويتر" جاك دورسي، الذي اعتمد شكلاً ورموزاً في (بلوسكاي) تحاكي (تويتر)، من خلال رمزية (الفراشة الزرقاء) التي تشبه (العصفور الأزرق).
والملاحظ في هذا السياق زيادة عدد المشتركين في البرازيل على منصة (بلوسكاي) ليصل إلى 2،6 مليون مشترك خلال أسبوع واحد بعد قرار حكومة البرازيل حظر استخدام منصة (إكس)، بسبب مزاعم حول نشرها أخباراً مضللة للرأي العام.
وكان الرئيس الامريكي دونالد ترامب أكثر المنتقدين لمنصة (تويتر)، قبل أن يشتريها إيلون ماسك، الأمر الذي دعاه إلى تأسيس منصة (تروث سوشيال)، التي تحولت إلى مساحة تعبير عالمية لجأت إليها الحركات الشعوبية واليمينية من كافة دول العالم، وهي موجة رافقت الولاية الأولى لترامب، وتعززت أكثر في أوروبا الغربية، بما فيها بعض الدول الإسكندنافية المعتدلة مثل السويد، وربما ستزداد هذه الموجة اتساعاً مع ولاية ترامب الثانية.
ولذلك تمثل (حرب المنصات)، انعكاساً للصراع العالمي المحتدم، وهي تتحرك بدوافع الهيمنة على العقول واتجاهات التفكير، ويزداد الأمر خطورة مع تنامي (الذكاء الاصطناعي)، الذي مازالت الضوابط الخاصة به تائهة وتبحث عن مُنظّرين، يأخذون بعين الاعتبار القيم الإنسانية والقواعد الأخلاقية، بعيداً عن الطموحات السياسية المنفلتة في هذه الأيام.