تعليقات على وزير خارجية الإقليم فؤاد حسين
كما يعرف العراقيون أن إسرائيل تضع العراق على رأس قائمة الأعداء، وأن العراق محلّ استهداف دائم للكيان، بما فيها السنوات الأخيرة، التي سبقت طوفان الأقصى، حين قصفت الطائرات الإسرائيلية أربع مواقع عسكرية عراقية في 2019
كتب / سلام عادل
أخطأ وزير خارجية الإقليم فؤاد حسين حين يشير إلى (المادة 61 / تاسعا / أ) من الدستور العراقي، والخاصة باتخاذ قرار الحرب ضد الكيان الإسرائيلي، باعتبار أن العراق أصلاً في حالة حرب منذ سنة 1948، وهو يقف بالضد من جميع اتفاقيات السلام والتسوية في المنطقة، بما فيها اتفاقية أوسلوا، فضلاً عن كافة محاولات التطبيع.
والموقف العراقي هذا لم يتغير خلال جميع الحقب الملكية والجمهورية، بما فيها القوانين، التي ما زالت نافذة، مثل قانون إسقاط الجنسية عن اليهود سنة 1953، وآخرها قرار رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني المبني على سلسلة المواقف تلك، والذي أكد من خلاله على ضرورة اعتماد تسمية (الكيان الصهيوني)، وليست (إسرائيل)، في الخطابات والمخاطبات الرسمية للدولة.
ومن هنا صار يتطلب من مجلس النواب والقوى السياسية الحريصة في البلد، وضع حد لبعض التصريحات، التي تصدر من على لسان بعض المسؤولين، أمثال فؤاد حسين أو قاسم الاعرجي وآخرين، الذين يضعون العراق في خانة دول الحياد في هذا الصراع، لأن العراق التاريخي، على المستوى الشعبي والسياسي والديني، ما زال متمسكاً بموقف الآباء والأجداد الرافض للكيان جملةً وتفصيلاً.
وكما يعرف العراقيون أن إسرائيل تضع العراق على رأس قائمة الأعداء، وأن العراق محلّ استهداف دائم للكيان، بما فيها السنوات الأخيرة، التي سبقت طوفان الأقصى، حين قصفت الطائرات الإسرائيلية أربع مواقع عسكرية عراقية في 2019، طالت معسكر أشرف ومعسكر آمرلي وقاعدة بلد ومعسكر جنوب بغداد، وقد أوصل السفير الامريكي ماثيو تولر رسالةً واضحة لحكومة عادل عبد المهدي من كون إسرائيل كانت وراء القصف.
ولم يتقدم العراق في حينها بشكوى رسمية لدى الأمم المتحدة، باعتبار أن الشكوى تعطي للكيان شرعيةً دولية، وهو ما لا يريده العراق، وباعتبار أن الجهود الدبلوماسية لطالما فشلت في وضع حد للصراع مع الكيان، الذي لا توقفه غير معادلات الردع وموازين القوى.
ولهذا بات يوجد استغراب واستنكار لتصريحات وزير خارجية الإقليم فؤاد حسين، الذي حشر (المادة 61/ تاسعاً/ أ) بصورة غير مناسبة ولا متناسبة مع ما يجري من تصعيدات في المنطقة، ضمن مفردات تصريحه خلال المؤتمر الصحفي المنعقد أخيراً في بغداد بمشاركة وزير خارجية إيران.
ونشير هنا إلى أن حالة الحرب العراقية مع الكيان تسبق أي موقف إيراني، باعتبار أن إيران دخلت على خط العداء لإسرائيل ما بعد الثورة الإسلامية سنة 1979، وأن إيران ليست ضمن خارطة طموحات إسرائيل في المنطقة، التي أعلن عنها النتن ياهو مؤخراً من على منصة الأمم المتحدة، والتي وضع فيها العراق ضمن مخطط إسرائيل الكبرى.
ومع ذلك كان وزير خارجية إيران عباس عراقچي أكثر وضوحاً وتعاطياً مع المشهد بمسؤولية، وذلك حين قال "إن إيران لا تريد الحرب ولكنها مستعدة لها"، وهو أقل ما يمكن أن تقوله أي دولة في مواجهة التحديات، وهو خطاب الدبلوماسية الواقعية وليست دبلوماسية الانبطاح.
وبالتالي، حين يتم تصنيف إيران باعتبارها جبهة إسناد، فالعراق يعتبر جبهة مواجهة لأمور وجودية ترتبط بكيان الدولة العراقية، الأمر الذي يفرض في هذه الأيام إلزام جميع المسؤولين العراقيين بتوحيد الخطاب العراقي الرسمي، ولو تطلّب الأمر الذهاب للمحكمة الاتحادية بخصوص تفسير (المادة 61/ تاسعاً/ أ)، حتى لا يبقى هناك أي مجال لاجتهادات المفسّرين السياسيين.