حديث هادئ مع (الدولة العميقة)
تعتبر هيئة المستشارين بمثابة (الدولة العميقة)، وفق مفهوم الأنظمة الدستورية التي تعتمد في عملها على المؤسسات المهنية، وليست الاحزاب او التشكيلات الأمنية الخاصة، كما كان سائداً خلال حقب الحكومات الجمهورية السابقة، والتي قضت إلى حد ما على سياقات العمل المهني
كتب / سلام عادل
نظمت هيئة المستشارين العراقيين قبل أيام جلسة حوارية مصغرة في قصر الزقورة ببغداد، مع مجموعة من صناع الرأي والمحللين، بحضور رئيس الهيئة د. عبدالكريم الفيصل، والمستشار السياسي لرئيس الوزراء الاستاذ فادي الشمري، إلى جانب مدير الدائرة الإعلامية في مجلس الوزراء الاستاذ ربيع نادر.
وتعتبر هيئة المستشارين بمثابة (الدولة العميقة)، وفق مفهوم الأنظمة الدستورية التي تعتمد في عملها على المؤسسات المهنية، وليست الاحزاب او التشكيلات الأمنية الخاصة، كما كان سائداً خلال حقب الحكومات الجمهورية السابقة، والتي قضت إلى حد ما على سياقات العمل المهني، التي تأسست في العهد الملكي على شكل مجلس الإعمار.
ويعود الفضل في نهضة الدولة العراقية الحديثة، التي بدأت في الخمسينيات، إلى خطط مجلس الإعمار العراقي، وهو الدولة العميقة في تلك الفترة، التي مازال بعضها محل اهتمام، لكونها مخرجات مدروسة ومحسوبة على يد نخبة أكاديمية كانت تفكر وتخطط وتعمل بعلميّة، الأمر الذي دفع حكومات عراق ما بعد 2003 إلى إعادة تفعيل مجلس الإعمار بصيغة (هيئة المستشارين).
وابتداءً من حكومة المالكي ووصولاً إلى حكومة السوداني تعمل (هيئة المستشارين)، التي يديرها د. عبد الكريم الفيصل، على تقديم المقترحات والخطط للجهاز التنفيذي، ويبدو تحت يدها الآن سبع استراتيجيات وطنية كبرى، تبدأ من التعليم وصولاً إلى الصناعة والزراعة ومروراً بالصحة والسكن والنقل والطاقة، فضلاً عن قطاعات واسعة اخرى مدرجة ضمن مفردات المنهاج الحكومي والبرنامج الوزاري.
ولكن مع كل هذا العمل المهني المستمر منذ سنوات توجد معوقات سياسية ومصالح فئويّة وفساد، تعتبر جميعها معوقات تحول دون إتمام عملية البناء والتنمية، التي تحتاجها البلاد بعد عقود من الخراب والتخريب، مما يجعل عمل (هيئة المستشارين)، عرضة للطعن من تحت الحزام او الضرب من الخلف، وخصوصاً حين لا يكون للهيئة مخالب إعلامية تدافع عنها أمام مختلف أشكال الجيوش الإلكترونية والمنصات.
وبالتالي لا تسير أعمال الدولة بالشكل المسترخي، الذي يتيح تنفيذ المشاريع بأوقات سريعة من دون معرقلات، وهي حالة تقود إلى الشعور بالإحباط أحياناً، وحتى الانزعاج والألم، وهو ما نتلمسه في الحوارات غير المعلنة مع المسؤولين التنفيذيين، حيث من غير المعقول يقضي المستشار، أي مستشار كان، ساعات طويلة من الدراسة والتدقيق والحسابات على مشروع معين، ومن ثم يجد نفسه مادة إعلامية صفراء يتم تداولاها على صفحات السوشيال ميديا من دون أي معايير إنسانية حتى.
#شبكة_انفو_بلس