سُنة العراق .. عقدة الفاقد للحضارة

لم تكن الدولة الأموية غير (سُلطة) مستبدة تشبه إلى حد كبير الدولة العثمانية، والدولتان في كتب المؤرخين لا تصنّفان ضمن سلسلة الحضارات الإسلامية
كتب / سلام عادل
يقتصر مفهوم الدولة عند الطائفة السُنية في العراق بكونها مجرد (سُلطة)، ولهذا حين يفقد السُني هذه السُلطة ينتهي لديه الانتماء للدولة، بل يتحول إلى طرف عدواني داخلها، ولهذا يردد السُني مع نفسه ومع الآخرين، الذين حوله بالطبع، بأن الدولة، التي ليست تحت سلطته، لا تعتبر دولته، وهو شعور متنامٍ بين أوساط السُنة العراقيين منذ تغيير النظام الدكتاتوري السُني السابق في عام 2003.
ولهذا اقتصر حراك القوى السياسية السُنية خلال العشرين سنة الماضية على محاولات زعزعة الاستقرار السياسي والأمني والاقتصادي في البلاد، وفوق كل ذلك التخادم مع الدول المنزعجة من التجربة الديمقراطية في العراق، وهو واقع مستمر حتى هذه اللحظة، لدرجة جعلت النخبة السُنية مع السياسيين والإعلاميين يروجون إلى التغيير في سوريا باعتباره النموذج الأفضل مقارنة بالعراق، بل ويقدمون متغيرات سوريا باعتبارها إعادة إحياء للدولة الأموية.
ولم تكن الدولة الأموية غير (سُلطة) مستبدة تشبه إلى حد كبير الدولة العثمانية، والدولتان في كتب المؤرخين لا تصنّفان ضمن سلسلة الحضارات الإسلامية، التي انطلقت من الكوفة وصولاً إلى القاهرة، وذلك لكون الدولة الأموية والعثمانية مجرد سلطة سيف وقهر خالية من المعايير والقيم الحضارية، وكانتا تفتقدان للعناصر الإبداعية والثقافية والعمرانية وما يرتبط بها من ازدهار بشري ومعرفي وتنوع سكاني.
ومن هنا لا تجد الطائفة السُنية في العراق نفسها منسجمة مع النسيج العراقي المتنوع والمتعدد الأعراق والمذاهب والأديان، بل تجد نفسها منهوبة ومسلوبة لكونها تحت سلطة أبناء مكون آخر مثل الشيعة، الذين ينظر لهم بكونهن ليسوا عراقيين أصلاً، ويفضل إسقاط الجنسية عنهم، كما حصل خلال حقبة صدام حسين وتنظيرات خيرالله طلفاح، حينما اعتبروا التبعية العثمانية جذراً للمواطنة العراقية مقابل ترحيل وتسفير وإعدام أصحاب التبعية الإيرانية.
وبالتالي يبدو أن العقل السُني يفتقد للمحتوى الحضاري، حينما لا يقبل بالآخر إلا إذا خضع لسلطته، الأمر الذي يفرض على المكون الأكبر في العراق، وهم الشيعة، إلى جانب الكورد والفيلية والمسيحيين والايزيديين والمندائيين، إدخال أبناء الطائفة السُنية في مدارس الاندماج، كما هو مطبّق في دول العالم المانحة للجنسية، وذلك بهدف تربية الفرد السُني على أن يكون منتمياً للدولة بروابط حضارية وليس مجرد عضو في سلطة.
#شبكة_انفو_بلس