في العراق .. موديل هجين لفيدرالية ناقصة

يُعتبر المرجع الديني الأعلى في النجف سماحة السيد السيستاني من أشد المناصرين للدستور العراقي، الذي جرى تشريعه في 2005، ودعا إلى تطبيق الدستور نصاً وروحاً في العديد من البيانات الرسمية
كتب / سلام عادل
من الواضح أن النظام العراقي ما بعد 2003 ليس اتحادياً ولا مركزياً، بلحاظ وجود إقليم واحد في الشمال شبه مستقل، إلى جانب 15 محافظة بصلاحيات محددة ومحدودة منخرطة جميعها مع العاصمة الاتحادية، وهو ما يعني أن الاتحاد الفيدرالي في العراق ناقص وهجين وليس مثله شبيه في العالم، من ناحية عدم وجود أقاليم متعددة قررت الاتحاد فيما بينها، ولا يمكن بهذه الحالة اعتمادة إقليم واحد في اتحاد مع الدولة بأكملها.
وكان الدستور العراقي قد نص في ست مواد مدرجة في الفصل الخامس على آلية تشكيل الأقاليم، وهي عملية متاحة لمحافظة واحدة أو اكثر، ولكن رغم مرور 20 سنة على تشريع الدستور بقي الفصل الخامس مجمداً، وهي حالة تسببت بتجميد عملية تشريع قوانين أخرى ساندة لتنظيم شؤون الاتحاد، من بينها صلاحيات الحكومة الاتحادية مقابل حكومات الأقاليم، وأخرى تتعلق بتوزيع الثروات الطبيعية، فضلاً عن قضايا عديدة ترتبط بالأمن والعلاقات الخارجية.
ويُعتبر المرجع الديني الأعلى في النجف سماحة السيد السيستاني من أشد المناصرين للدستور العراقي، الذي جرى تشريعه في 2005، ودعا إلى تطبيق الدستور نصاً وروحاً في العديد من البيانات الرسمية، وبحسب أطراف مشاركة بكتابة الدستور، كانت قريبة من المرجعية آنذاك، أكدت عدم ممانعة المرجعية لفكرة تشكيل (إقليم شيعي) يضم المحافظة التسع، وهي محافظات الوسط والجنوب، بحكم التكاملية والروابط الجامعة لسكان هذه المحافظات.
ويروي أصحاب الذاكرة السياسية تفاصيل عديدة حول صواب فكرة الأقاليم خلال فترة النقاشات حولها، في حال لو جرى تشكيلها مبكراً، باعتبارها الخيار الأمثل لتوزيع الثروات والصلاحيات بصورة عادلة، بل كان يمكن أن تكون المانع دون حدوث صراعات مجتمعية ومذهبية ودينية تسببت بإغراق البلد بالأزمات والنكبات وضياع فرص التنمية والتقدم والبناء.
وعلى الرغم من كل ما جرى خلال فترة النظام العراقي الجديد، ما زالت المراجعات شحيحة وضعيفة وخجولة، والأكثر من ذلك تنامي التفاوت الطبقي الآخذ بالزيادة بين المحافظات، حيث تبدو بعض المحافظات فقيرة على الرغم من كونها منتجة، وخصوصاً الوسطى والجنوبية، لكونها تتحمل المسؤولية الأكبر في تغذية الموازنة الاتحادية من مواردها، مقابل محافظات كسولة في الشمال والغرب لا تساهم بأي شيء يرافق ذلك تزايد في الطلب.
وبالتالي بدأت تتزايد الدعوات النخبوية في الآونة الأخير باتجاه القيام بعملية إصلاح ضرورية، كاستحقاق طبيعي بعد التراكمات الحاصلة، باتجاه تعديل الوضع الأعوج، الذي تعيشه البلاد تحت ظل نظام لا هو اتحادي فيدرالي ولا هو مركزي، مطالبة بنفس الوقت بالذهاب نحو خيار تشكيل أقاليم متعددة، أو إلغاء النظام الفيدرالي بالكامل، وما يترتب عليه من نهاية للإقليم الوحيد، وهو إقليم كوردستان، باعتباره شاذاً عن الحالة، وتنطلق هذه الدعوات تلبيةً لنداء مرجعية السيد السيستاني الأخير، الذي دعا فيه النخب والكفاءات إلى أخذ دورها في عملية الإصلاح وإدارة شؤون البلاد.
#شبكة_انفو_بلس