قراءة للمشهد الإيراني من ميدان وليّ عصر
تضيف المؤشرات السياسية ملاحظات اخرى تعكس حالة الوحدة غير المسبوقة في الشارع الايراني، الذي غابت عنه بشكل لافت مؤخراً مختلف الصراعات التقليدية، التي كنا نسمعها بين الاصلاحيين والمحافظين، او حتى بعض الطروحات، التي يجري تسويقها من على منصات خارجية
كتب / سلام عادل
تعطي مؤشرات السوق الإيرانية معطيات تكشف عن طبيعة المتغيرات ما بعد الضربة الاسرائيلية، حيث تراجع سعر صرف الدولار الواحد من 70 الف تومان إلى 65 الفاً، بعد فترة من الزيادة المتواصلة على مدار السنوات الماضية، فيما انخفضت في نفس الوقت اسعار المسكوكات الذهبية، إلى جانب ارتفاع نسبة التداول في البورصات، وهي جميعها تكشف عن كون ايران لم تتأثر بقدر ما خرجت مستفيدة.
وتضيف المؤشرات السياسية ملاحظات اخرى تعكس حالة الوحدة غير المسبوقة في الشارع الايراني، الذي غابت عنه بشكل لافت مؤخراً مختلف الصراعات التقليدية، التي كنا نسمعها بين الاصلاحيين والمحافظين، او حتى بعض الطروحات، التي يجري تسويقها من على منصات خارجية، عن وجود خلافات بين قطبية الدولة وقطبية المرشد الأعلى.
وفي هذا الصدد برز تصريح للسيد الخامنئي في أعقاب الضرب، وضع من خلاله صلاحية الرد العسكري على إسرائيل من عدمه بيد القيادة الإيرانية، وبحسب تقديراتها للمصلحة، الأمر الذي جرى تفسيره على كون المرشد بدأ يمنح الثقة للرئيس بزشكيان وأطراف حكومته، للدرجة التي يتيح لهم فيها التحكم بقرارات كبرى كانت تعتبر حمراء، لكونها من صلاحيات المرشد حصرياً.
وتمثيلاً لهذا التوجه تم رفع لافتة كبيرة على ميدان ولي عصر وسط طهران، وهذا الميدان عادة يمثل وجهة نظر الثوريين في ايران، ولأول مرة تظهر صورة رئيس إصلاحي جنباً إلى جنب مع صورة رئيس أركان القوات المسلحة، وهو كبير جنرالات الحرس الثوري، في مواجهة صورتين واحدة للرئيس الأمريكي بايدن مع رئيس وزراء الكيان نتنياهو.
والملاحظ أيضاً في لافتة ميدان ولي عصر الشعار المرفوع، والذي يمثل ايران باعتبارها (محارباً قديماً - Veteran) يجيد المواجهة حال فُرضت عليه، ولا يخشاها او يخاف منها، وبين شعار يمثل امريكا واسرائيل باعتبارهما (مؤججتَي حروب - warmonger)، لا يسعيان لوقف اطلاق النار.
وفي كل الاحوال يبدو أن الجمهورية الاسلامية في ايران جعلت حق الرد ورقة ضغط بيد حزب الله، خصوصاً حين لوحت بقدرتها على توجيه ضربة ثالثة للكيان، تبقى قيد التنفيذ في حال لم يتوصل المفاوض اللبناني إلى نتائج مفيدة، تجعل الكيان يخضع لشروط ومطالب المقاومة الفلسطينية واللبنانية، على رأسها إطلاق سراح المعتقلين في السجون الاسرائيلية والانسحاب الكامل من غزة، وتعويض كل ما حصل من اضرار في الجنوب اللبناني والقطاع.
وبالتالي تظهر ايران مرة اخرى بكونها دولة محورية متماسكة، مقابل حالة إسرائيل، التي تراجعت عن تنفيذ تهديداتها بقصف المفاعلات النووية الإيرانية، او حتى محطات الطاقة وآبار النفط، او اي هدف عسكري استراتيجي مهم، واكتفت بضربة صغيرة ومحدودة اضطرت إلى تسويقها على نحو مضخم عبر وسائل الإعلام، واتخذت قرارها من تحت الملاجئ، حتى إنها صارت محل سخرية المحللين العسكريين حين ادعت مشاركة 100 طائرة في الضربة، او حين لم تجد أجواء تحلق بها غير اجواء اقليم كردستان العراق، وهي منطقة هشة خارج المجال الجوي الايراني.
#شبكة_انفو_بلس