العراق يوقع عقودا استثمارية مع "توتال الفرنسية" ضمن "مشروع الجنوب المتكامل" لتطوير حقول النفط والغاز.. تعرف على تفاصيلها
انفوبلس/..
يسعى العراق في الأمد الطويل، إلى تعزيز الإنتاج النفطي، الذي كبحته عقود الحرب والعقوبات، خاصة بكونه ثاني أكبر مصدِّر للنفط في أوبك، واقترب من توقيع اتفاق في مجال الطاقة مدته 30 عاما بقيمة 53 مليار دولار، حيث صوت مجلس الوزراء في أيار 2019، على (مشروع جنوب العراق المتكامل) عندما أعلن رئيس مجلس الوزراء الأسبق، عادل عبد المهدي، أن العراق سيحصل بحسب التقديرات الأولية لمشروع جنوب العراق المتكامل على إيرادات تتجاوز 400 مليار دولار.
عبد المهدي أضاف، أن هذا المشروع الضخم سيوفر عشرات الآلاف من فرص العمل، مشيرا إلى أن العراق بحاجة إلى ضخ مياه البحر للحقول لإنجاح ما يُعرف بالضغط المكمني في الآبار، ويهدف أيضا إلى تطوير حقول ارطاوي وابن عمر وزيادة إنتاجهما للنفط إلى أكثر من 500 ألف برميل يوميا وإنتاج 900 مقمق من الغاز.
عقود مع توتال
ووقع العراق وشركة توتال إنرجيز الفرنسية العملاقة للنفط، اليوم الاثنين، اتفاقا مؤجلا منذ فترة طويلة بقيمة 27 مليار دولار لتنفيذ أربعة مشروعات للنفط والغاز والطاقة المتجددة، بهدف زيادة إنتاج النفط وتعزيز قدرة البلاد على إنتاج الكهرباء.
كان الاتفاق قد جرى توقيعه في عام 2021 باستثمارات مبدئية حجمها عشرة مليارات دولار في جنوب العراق، لمدة 25 عاما، ولكنه تأجل بشكل متكرر بسبب خلافات سياسية بشأن شروط الصفقة.
وأعلن العراق في نيسان الماضي، موافقته على تقليص حصته في المشروع، إلى 30 بالمئة بدلا من 40 بالمئة التي كان يُصر عليها سابقا، مع حصول شركة توتال إنرجيز على حصة 45 بالمئة وقطر للطاقة على 25 بالمئة، وهو ما أحيا الاتفاق الذي تأمل بغداد في أن يجذب الاستثمار الأجنبي للعودة إلى بلد يشهد استقرارا نسبيا بعد صراع وتوترات لسنوات.
سوف يتيح الاتفاق بين الكونسرتيوم الذي تقوده "توتال" بناء أربعة مشاريع للنفط والغاز والطاقة المتجددة في جنوب العراق على مدى 25 عاما.
ويهدف مشروع تطوير ونمو الغاز المتكامل إلى تحسين إمدادات الكهرباء في البلاد، بما في ذلك عن طريق الاستفادة من الغاز المصاحب للعمليات النفطية في تشغيل محطات الكهرباء.
وقالت شركة توتال إنرجيز، إنها ستطور أيضا محطة لتوليد لكهرباء من الطاقة الشمسية بقدرة واحد غيغاواط لإمداد شبكة محافظة البصرة بالكهرباء، ودعت شركة أكوا باور السعودية للانضمام إلى هذا المشروع.
ووقع باتريك بويان رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة توتال إنرجيز، الاتفاق مع وزير النفط العراقي حيان عبد الغني خلال حفل أُقيم في بغداد حيث أشاد بويان بالاتفاق قائلا، إنه "يوم تاريخي".
وقال بويان، إن العمل في المشروع سيبدأ في هذا الصيف، وسيجري استثمار عشرة مليارات دولار على مدى الأعوام الأربعة المقبلة.
وأضاف، "هذا هو يوم البداية، سننفذ المشروع في الأعوام الأربعة المقبلة لمصلحة الجميع في العراق".
وزير النفط يفصّل العقود
من جانبه، فصّل وزير النفط العراقي، حيان عبد الغني، عقود العراق مع الشركات العالمية لتطوير الحقول النفطية والغازية، وفيما أشار إلى أن جولة التراخيص السادسة تستهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز خلال 5 سنوات، وأكد أن القرارات الحاسمة التي أقرّتها أوبك وأوبك بلس ستحافظ على استقرار السوق عالمياً.
وقال عبد الغني، إن "أوبك وأوبك بلس أقرّتا مجموعة من القرارات الحاسمة التي لا تستهدف فقط أسعار النفط، بل المحافظة على استقرار سوق النفط عالمياً، بما يضمن مصلحة المنتج والمستهلك إضافة إلى مصالح المستثمرين".
وأضاف، إن "الخفض الطوعي للإنتاج سيُسهم في تعزيز استقرار سوق الطاقة العالمي"، مشيراً إلى أن "دخول دول جديدة إلى أوبك، يستهدف تعزيز الجهود المبذولة للمحافظة على استقرار السوق العالمية، وسيسهم في تعميم الفائدة على دول المنظمة والمستثمرين كافة".
وأوضح، إن "مساهمة النفط تشكل الجزء الأكبر في الناتج المحلي الإجمالي للعراق، إذ إن 90% من واردات الدولة تعتمد على الثروة النفطية" مشيراً إلى "الحرص على توفير هذه الموارد للدولة العراقية في ظل وجود العديد من المشاريع الاستراتيجية في مجالات الصناعة والزراعة وغيرها من القطاعات لتعزيز موارد العراق".
ولفت إلى، أن "العراق طرح الكثير من الفرص الاستثمارية في القطاع النفطي من خلال طرح جولة التراخيص الخامسة التكميلية والتي تتضمن أكثر من 10 حقول، قسم منها حقول غازية تقع في الجانب الشرقي للحدود العراقية وأيضا تتضمن حقولاً نفطية تقع ضمن 3 محافظات، حيث توفر هذه الجولة من التراخيص أكثر من 800 مليون قدم مكعب من الغاز الذي يحتاجه العراق لتوليد الطاقة الكهربائية، إضافة إلى زيادة إنتاج النفط من الحقول النفطية".
تراخيص غازية لتحقيق الاكتفاء الذاتي
وأشار إلى أن "الجولة السادسة من عقود التراخيص التي تم إطلاقها، تتضمن رقعاً استكشافية غازية تقع على الحدود الغربية للعراق، إذ يُقدر حجم الاستثمارات بعشرات المليارات من الدولارات في 13 رقعة استكشافية للغاز، تمكن العراق من إنتاج أكثر من 1500 مليون قدم مكعب من الغاز بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي خلال السنوات الخمس المقبلة".
وأكد أن "العراق اتخذ خطوات كبيرة في الاستثمار بالغاز الطبيعي حيث يتركز الاستثمار في جنوب العراق، عبر شركة غاز البصرة وهي شركة مشتركة بين شركة غاز الجنوب وشركة شل وميتسوبيشي وتمكنت منذ تأسيسها في تنفيذ مشاريع واعدة على رأسها مشروع البصرة "أن جي إل" والذي يتضمن استثمار 400 مليون قدم مكعب من الغاز".
ونبّه إلى "افتتاح المرحلة الأولى من المشروع خلال شهر أيار الماضي بطاقة تصل إلى 200 مليون قدم مكعب من الغاز، بينما من المتوقع أن يتم إنجاز المرحلة الثانية من المشروع بنهاية العام الجاري 2023، بما يسهم في الوصول إلى 400 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي".
مشروع جنوب العراق المتكامل
ونوه إلى أن "العراق أطلق مشروعاً آخر وهو (مشروع جنوب العراق المتكامل) والذي يتضمن الاستثمار بالنفط بشكل محدود بما لا يزيد عن 250 ألف برميل يومياً إضافة إلى وجود استثمارات في 5 حقول نفطية ستوفر 600 مليون قدم مكعب من الغاز، وهو الأمر الذي سيعزز من المساهمة في تلبية احتياجات الطاقة الكهربائية"، متوقعاً "وصول العراق للاكتفاء الذاتي من الغاز خلال 5 أعوام".
وأكد أن "العراق يمتلك احتياطياً نفطياً كبيراً يصل إلى 144.5 مليار متر مكعب من النفط، وأكثر من 133 تريليون قدم مكعب قياسي من الغاز"، مشيراً إلى أن "العراق لديه العديد من الحقول التي تنتج كميات كبيرة من النفط والغاز من خلال التعاون مع العديد مع الشركات العالمية".
ولفت إلى أن "هناك عقداً مع شركة بريتيش بتروليوم لتطوير حقل الرميلة الذي يعد من الحقول الكبيرة في العراق وينتج حالياً مليون و380 ألف برميل من النفط يومياً، إضافة إلى ما يصاحبه من الغاز بكميات كبيرة"، مؤكداً أن "معظم الغاز المنتج في العراق مصاحب لإنتاج النفط".
وتابع عبد الغني: أن "وزارة النفط لديها عقود مع شركة إيني لتطوير حقل الزبير النفطي الذي ينتج حالياً 450 ألف برميل من النفط يومياً وكذلك عقود في غرب "القرنة 1" مع شركة إكسون موبيل لإنتاج 380 ألف برميل من النفط يومياً إضافة إلى عقود مع شركة لوك أويل في منطقة غرب "القرنة 2" لتطوير حقل بإنتاج يصل إلى 410 آلاف برميل يوميا إضافة إلى العقود الأخرى في مناطق مختلفة".
وأضاف، أن "الطاقة الإنتاجية للنفط في العراق حالياً تصل إلى 5 ملايين و400 ألف برميل يومياً، فيما يصل إجمالي الإنتاج الحالي بموجب حصة "أوبك" إلى 4 ملايين و430 ألف برميل يومياً، مع تطلع العراق ضمن خطط واعدة لرفع الطاقة الإنتاجية إلى 6 ملايين برميل يومياً وذلك من خلال عقود التراخيص المبرمة مع الشركات خلال المرحلة المقبلة".
تفاصيل العقود الأربعة
ووقعت وزارة النفط، اليوم الاثنين، أربعة عقود مع شركة توتال الفرنسية لمشاريع تطوير ونمو النفط والغاز المتكامل، فيما أوضحت تفاصيل المشاريع.
وقال وزير النفط حيان عبد الغني في كلمة له خلال احتفالية التوقيع على العقود، اليوم الاثنين، إن "توقيع هذه العقود مع شركة توتال الفرنسية وشركائها مهمة، إذ إن هذه الجهود تقع ضمن مشروع الجنوب المتكاملة والتي تتضمن أربعة مشاريع رئيسة وكبيرة لقطاعي النفط والغاز"، مبيناً، أن "أولى هذه المشاريع هو استخدام البحر لأغراض الدعم المكمني وهو من المشاريع ذات الجدوى الاقتصادية الكبيرة ويهدف إلى توفير مياه البحر لدعم الضغط المكمني في الحقول النفطية المختلفة".
وأضاف، أن "المشروع الآخر هو استثمار الغاز المصاحب بطاقة 600 مليون قدم مكعب قياسي في اليوم ويقسم بين مرحلتين لكل مرحلة 300 مقمق"، مشيرا إلى أن "هذا المشروع يأتي ضمن مشاريع وخطط واستراتيجية الحكومة والوزارة لتحويله إلى طاقة كهربائية، إذ إن جميع الصناعات مرتبطة به فضلا عن الحفاظ على البيئة والصحة".
وذكر، أن "المشروع الثالث يتمثل في تطوير حقل ارطاوي النفطي وزيادة الإنتاج من هذا الحقل إلى أكثر من 210 آلاف برميل في اليوم"، لافتاً إلى، أن "الحقل ينتج نفطاً خاصاً خفيفاً بدرجة تزيد على أربعين درجة ويعتبر من الوقود الممتازة في المنطقة"، لافتاً إلى، أن "مشروع العقد الرابع يمثل إضافة مهمة لقطاع الطاقة المتجددة في العراق وهو استثمار الطاقة الشمسية بطاقة واحد غيغاواط أي 1000 ميغاوات ويعد أحد أكبر مشاريع توحيد الطاقة في المنطقة والبداية حقيقية لاستثمار الطاقة المتجددة في العراق".
وذكر، أن "إنجاز متطلبات هذه الحقول قد حظي بالكثير من العمل والدراسة والنقاش وأخذ الكثير من الوقت والجهد وقد بذلت الفرق والمجاميع الخاص بالتفاوض والتدريب للفريق الذي يمثل الوزارة والفريق الذي يمثل شركة توتال الكثير من الجهد والعمل الشاب، وصولا للسير الذي يرضي جميع الأطراف المعنية"، مشيرا إلى أن "هذه العقود تمت بعناية مجلس الوزراء وعلى رأسه رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني الذي حرص على المتابعة والتركيز لجميع الجهات المعنية لتذليل المعوقات والصعوبات والإجراءات لإنجاز متطلبات هذا الوقود".
وبين: "إننا سنمضي مع شركة توتال ومع جميع الشركاء إلى التعاون الجاد والمثمر من أجل المباشرة في تنفيذ هذه العقود على أرض الواقع لقطف ثمرة هذا التعاون والنجاح وتحقيق الإنجاز الكبير خدمة للمصلحة المشتركة بما ينعكس إيجابا على واقع الصناعة النفطية والخارجية والطاقة والعراق".